كيف تعمل اللقاحات على تحفيز جهازك المناعي؟

ممرض يقوم بتجهيز جرعة من لقاح مضاد لكورونا في بريطانيا (رويترز)
ممرض يقوم بتجهيز جرعة من لقاح مضاد لكورونا في بريطانيا (رويترز)
TT

كيف تعمل اللقاحات على تحفيز جهازك المناعي؟

ممرض يقوم بتجهيز جرعة من لقاح مضاد لكورونا في بريطانيا (رويترز)
ممرض يقوم بتجهيز جرعة من لقاح مضاد لكورونا في بريطانيا (رويترز)

رغم أننا نسمع كثيرًا عن اللقاحات في الأخبار مؤخرًا، إلا أنها كانت معنا منذ مئات السنين، وفقاً لشبكة «إيه بي سي نيوز».
وبدأت قصة اللقاحات والتحصينات في عام 1796 عندما أجرى الدكتور إدوارد جينر، الذي يعد عمله حجر الأساس لعلم المناعة الحديث، أول لقاح في إنجلترا. قام بتلقيح صبي صغير ضد جدري البقر، وهو مشابه للجدري ولكن له تأثيرات أخف بكثير. بعد ستة أسابيع، عرض جينر الصبي للجدري، ولم يصب الطفل بالمرض القاتل.
منذ ذلك الحين، أصبحت اللقاحات أداة قوية لمنعنا من الإصابة بالعديد من الأمراض المعدية، مثل الحصبة والتهاب الكبد والإنفلونزا الموسمية.
وتعمل اللقاحات عن طريق تحفيز نظام المناعة لديك، دون أن تجعلك مريضًا، وتمنح جسمك ميزة تنافسية لمكافحة الأمراض.
ويمكننا وصف الجهاز المناعي بالجيش. ينقسم جهاز المناعة إلى كتيبتين. يتم استدعاء الفريق الأول في جسمك من قوات نظام المناعة بسرعة للعمل دون معرفة من هو العدو بالضبط. تهاجم هذه الخلايا الغزاة عن طريق القيام بكل شيء بدءًا من التسبب في حمى يمكن أن تجعل العدو المعدي ساخنًا بشكل غير مريح داخل جسمك، إلى تحفيز الخلايا المناعية الأخرى لإطلاق إشارات مدمرة كيميائية سامة مباشرة لمسببات الأمراض.
إذا اخترق الجسم المعدي خط الدفاع الأول، يتم استدعاء الكتيبة الثانية، التي تسمى الاستجابة المناعية التكيفية، للعمل. هذا هو خط الدفاع الذي تطلقه اللقاحات وتتدرب لمعرفة شكل العدو مثل كورونا بالضبط. في هذه الكتيبة، يطلق على الجنود اسم الخلايا البائية والخلايا التائية.
ينسق نوع واحد من الخلايا التائية، يسمى الخلايا التائية المساعدة، قوات المناعة التكيفية. عندما تجد الخلايا التائية المساعدة آثارًا للغزاة في جسمك، فإنها تنسق الاستجابة المناعية التكيفية عن طريق تجنيد الخلايا البائية ونوع آخر من الخلايا التائية يسمى الخلية التائية القاتلة. عندما تواجه الخلايا البائية فيروسًا عدوًا، فإنها تبدأ في عملية إنتاج التكوين الصحيح للأجسام المضادة التي ستهاجم أو تحيد أو تساعد في تسهيل تدمير الفيروس بواسطة كتيبة جهاز المناعة الأولى.
في الوقت نفسه، تركز الخلايا التائية القاتلة على تدمير الخلايا المصابة بالفعل بالفيروس. نظرًا لأن الخلايا المريضة تظهر أجزاء من فيروس العدو على سطحها، يتم تدريب الخلايا التائية القاتلة على استهداف وتدمير هذه الخلايا المحددة دون الإضرار بالخلايا السليمة الأخرى.
وبمجرد أن يهزم جيش جهاز المناعة الخاص بك العدو بنجاح، يخزن جسمك هذه المعرفة في قوات تسمى خلايا الذاكرة، والتي يمكن استدعاؤها في المستقبل إذا واجه جسمك نفس العدو مرة أخرى.
وهذه هي الطريقة التي تعمل بها اللقاحات. إنها توفر طريقة آمنة وفعالة لجسمك لمحاربة غزاة محددين، مثل فيروس كورونا، ويقومون بإعداد «جيش» المناعة لديك ليتم استدعاؤه للتدخل عند الحاجة.


مقالات ذات صلة

صحتك جانب من الحضور

22 عالماً وباحثاً يحصدون جائزة الشيخ زايد العالمية للطب التقليدي والتكميلي «الثالثة»

تُختتم في العاصمة الإماراتية أبوظبي، مساء الخميس 12 ديسمبر، أعمال مؤتمر جائزة الشيخ زايد العالمية، بالإعلان عن الفائزين بالجائزة في دورتها الثالثة.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (أبوظبي)
صحتك بهدف تكوين صورة بصرية ذات معنى لمشهد ما تقوم أعيننا بسلسلة من الحركات السريعة المنسقة (رويترز)

خلل بسيط في حركة العين قد يشير إلى إصابتك بألزهايمر

تبرز مؤخراً طريقة جديدة للكشف المبكر عن مرض ألزهايمر ترتبط بالاستماع إلى حركة عيون المرضى عبر ميكروفونات في آذانهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك شعار «شات جي بي تي» يظهر أمام شعار شركة «أوبن إيه آي» (رويترز)

هل يساعد «شات جي بي تي» الأطباء حقاً في تشخيص الأمراض؟ الإجابة مفاجئة

يتساءل الكثير من الأشخاص حول ما إذا كان برنامج الدردشة الآلي الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي قادراً على مساعدة الأطباء في تشخيص مرضاهم بشكل أفضل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك يرفع العلاج الجديد مستويات البروتين في الخلايا الحساسة للضوء بشبكية العين (هارفارد)

علاج جيني يُعيد القدرة على السمع ويعزّز الرؤية

طوّر باحثون بكلية الطب في جامعة «هارفارد» الأميركية علاجاً جينياً للمصابين بمتلازمة «آشر من النوع 1F»، وهي حالة نادرة تسبّب الصمم والعمى التدريجي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة، بداخلها مجموعة من المومياوات والهياكل العظمية والتوابيت، وغيرها من اللقى الأثرية.

وتوصلت البعثة المشتركة بين مصر وإسبانيا من خلال جامعة برشلونة ومعهد الشرق الأدنى القديم، إلى هذا الكشف الأثري أثناء عمليات التنقيب بمنطقة البهنسا في محافظة المنيا (251 كيلومتراً جنوب القاهرة).

وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر الدكتور محمد إسماعيل خالد، أهمية هذا الكشف، واعتبره سابقة في الاكتشافات الأثرية، قائلاً: «للمرة الأولى يتم العثور بمنطقة البهنسا الأثرية على بقايا آدمية بداخلها 13 لساناً وأظافر آدمية ذهبية لمومياوات من العصر البطلمي، بالإضافة إلى عدد من النصوص والمناظر ذات الطابع المصري القديم، والتي يظهر بعضها لأول مرة في منطقة البهنسا؛ مما يُمثل إضافة كبيرة لتاريخ المنطقة، ويسلط الضوء على الممارسات الدينية السائدة في العصر البطلمي»، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار.

لوحات ومناظر تظهر لأول مرة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأوضح أستاذ الآثار بجامعة القاهرة ومدير حفائر البعثة المشتركة الدكتور حسان إبراهيم عامر، أنه تم العثور على جعران القلب موجود في مكانه داخل المومياء، في إحدى المقابر المكتشفة، بالإضافة إلى العثور على 29 تميمة لـ«عمود جد»، وجعارين وتمائم لمعبودات مثل «حورس» و«جحوتي» و«إيزيس». في حين ذكر رئيس البعثة من الجانب الإسباني الدكتور أستر بونس ميلادو، أنه خلال أعمال الحفائر عثرت البعثة على بئر للدفن من الحجر المستطيل، تؤدي إلى مقبرة من العصر البطلمي تحتوي على صالة رئيسة تؤدي إلى ثلاث حجرات بداخلها عشرات المومياوات متراصّة جنباً إلى جنب؛ مما يشير إلى أن هذه الحجرات كانت قد استُخدمت كمقبرة جماعية.

وأضاف رئيس البعثة أنه «إلى جانب هذه البئر تم العثور على بئر أخرى للدفن تؤدي إلى ثلاث حجرات، ووجدوا جدران إحدى هذه الحجرات مزينة برسوم وكتابات ملونة، تمثل صاحب المقبرة الذي يُدعى (ون نفر) وأفراد أسرته أمام المعبودات (أنوبيس) و(أوزوريس) و(آتوم) و(حورس) و(جحوتي)».

إلى جانب ذلك، تم تزيين السقف برسم للمعبودة «نوت» (ربة السماء)، باللون الأبيض على خلفية زرقاء تحيط بها النجوم والمراكب المقدسة التي تحمل بعض المعبودات مثل «خبري» و«رع» و«آتوم»، حسب البيان.

مناظر عن العالم الآخر في مقابر البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وكان اللافت للانتباه، وفق ما ذكرته البعثة، هو «وجود طبقة رقيقة من الذهب شديدة اللمعان على وجه المومياء التي يقوم بتحنيطها (أنوبيس)، وكذلك على وجه (أوزوريس) و(إيزيس) و(نفتيس) أمام وخلف المتوفى». وأوضحت أن «هذه المناظر والنصوص تمثل صاحب المقبرة وأفراد أسرته في حضرة معبودات مختلفة، وهي تظهر لأول مرة في منطقة البهنسا».

وقال الخبير الأثري المصري الدكتور خالد سعد إن «محتويات المقبرة توضح مدى أهمية الشخص ومستواه الوظيفي أو المادي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر وجدت الكثير من الدفنات المماثلة من العصرين اليوناني والروماني، وكانت الدفنة سليمة؛ لم يتم نبشها أو العبث بها».

ويوضح الخبير الأثري أن «الفكر الديني في ذلك الوقت كان يقول بوضع ألسنة ذهبية في فم المومياوات حتى يستطيع المتوفى أن يتكلم كلاماً صادقاً أمام مجمع الآلهة».

ألسنة ذهبية تم اكتشافها في المنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أما بالنسبة لتلابيس الأصابع (الأظافر الذهبية)، فهذا تقليد كان ينتهجه معظم ملوك الدولة الحديثة، وتم اكتشافها من قبل في مقبرة «توت عنخ آمون»، وكانت مومياؤه بها تلابيس في أصابع اليد والقدم، وفي البهنسا تدل التلابيس والألسنة الذهبية على ثراء المتوفى.

وتعدّ قرية البهنسا (شمال المنيا) من المناطق الأثرية الثرية التي تضم آثاراً تعود للعصور المختلفة من المصري القديم إلى اليوناني والروماني والقبطي والإسلامي، وقد عثرت فيها البعثة نفسها في يناير (كانون الثاني) الماضي على عدد كبير من القطع الأثرية والمومياوات، من بينها 23 مومياء محنطة خارج التوابيت، و4 توابيت ذات شكل آدمي.

مناظر طقوسية في مقابر منطقة البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وفسّر الخبير الأثري العثور على مجموعة من الأواني الكانوبية في المقابر بأنها «تحفظ أحشاء المتوفى، وهي أربعة أوانٍ تمثل أربعة من أولاد (حورس) يرفعون أطراف الكون الأربعة، وفقاً لعقيدة الأشمونيين، ويتمثلون في ابن آوى والقرد والإنسان والصقر، ويوضع في هذه الأواني المعدة والأمعاء والقلب والكبد، وكانت على درجة عالية من الحفظ، نظراً للخبرة التي اكتسبها المحنّطون في السنوات السابقة».

وأشار إلى أن «اللقى الأثرية الأخرى الموجودة بالكشف الأثري مثل الأواني الفخارية والمناظر من الجداريات... تشير إلى أركان طقوسية مرتبطة بالعالم الآخر عند المصري القديم مثل الحساب ووزن القلب أمام ريشة (ماعت)؛ مما يشير إلى استمرارية الديانة المصرية بكافة أركانها خلال العصر اليوناني والروماني، بما يؤكد أن الحضارة المصرية استطاعت تمصير العصر اليوناني والروماني».

بدورها، أشارت عميدة كلية الآثار بجامعة أسوان سابقاً الدكتورة أماني كرورة، إلى أهمية منطقة البهنسا، واعتبرت أن الكشف الجديد يرسخ لأهمية هذه المنطقة التي كانت مكاناً لعبادة «الإله ست» في العصور المصرية القديمة، وفق قولها، وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة كانت تضم العديد من المعابد والمنشآت العامة، فهناك برديات تشير إلى وجود عمال مكلفين بحراسة المنشآت العامة بها؛ مما يشير إلى أهميتها».