الجنائية الدولية تفتح تحقيقا أوليا حول جرائم حرب في فلسطين

شريف بسيوني لـ «الشرق الأوسط» : التحقيق سيكون رادعا لوقف الانتهاكات الإسرائيلية كما سيثير مسألة مسؤولية القادة

شريف بسيوني
شريف بسيوني
TT

الجنائية الدولية تفتح تحقيقا أوليا حول جرائم حرب في فلسطين

شريف بسيوني
شريف بسيوني

قال مكتب الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية، أمس، إنه فتح تحقيقا أوليا في جرائم حرب محتملة وقعت على الأراضي الفلسطينية، وذلك في أول خطوة رسمية قد تؤدي إلى توجيه اتهامات لمسؤولين هناك، أو في إسرائيل، وهو ما خلف ارتياحا لدى القادة الفلسطينيين الذين باركوا هذه الخطوة. وأوضح مكتب الادعاء في بيان أن «المكتب سيجري تحليله باستقلال تام وحيادية»، مضيفا أن من سياساته المعمول بها أن يفتح تحقيقا أوليا بعد أن يتلقى مثل هذه الإحالة.
من جهته، قال نبيل أبو زيد، رئيس الوفد الفلسطيني في لاهاي، إن «القضية الآن في يدي المحكمة. وهي مسألة قانونية الآن، ونحن نثق بنظام المحكمة». ولم يتسن على الفور الحصول على تعليق من مسؤول بالسفارة الإسرائيلية في لاهاي مقر المحكمة.
من جانبه، شدد خبير القانون الجنائي الدولي البروفسور شريف بسيوني على أن أهمية فتح التحقيق الأولي في جرائم الحرب في فلسطين، تكمن في أنه سيكون فعلا رادعا لوقف الانتهاكات التي يقوم بها الإسرائيليون في غزة، كما أنه سيثير مسألة قانونية مهمة أخرى وهي مسؤولية القادة، وأوضح «أبو القانون الجنائي» قائلا: «فمثلا عند صدور أمر بإطلاق النار على منزل، ويتضح أن من أصدر الأمر هو رئيس الأركان فبالتالي هنا يصبح طرفا في المسؤولية الجنائية، وإذا اتضح أن رئيس الأركان طلب التأييد من رئيس الوزراء وحصل عليه يصبح رئيس الوزراء أيضا مسؤولا»، وأضاف في كلامه الذي خص به «الشرق الأوسط» أمس «نقطة البداية تكون من الضابط الذي أطلق النار، لكن هذا سيؤدي إلى سلسلة، توصل إلى مسؤولية القادة».
وبين بسيوني من مقره في شيكاغو, أن مسار التحقيق في مكتب الادعاء بمحكمة الجنايات يبدأ مع وصول الشكوى المقدمة من جانب الدولة الطرف في النزاع، مؤكدا أنه ليس من حق النائب العام رفض أي شكوى مقدمة من دولة طرف وتستطيع الدولة الطرف أن تقدم شكوى أمامه والتحقيق في موضوع عام عن انتهاكات عامة في هذه الدولة، أو لها إمكانية تخصيص الشكوى في انتهاكات معينة في فترة زمنية ما.
فبالتالي وفي الحالة الفلسطينية الدولة تقدمت بطلب الذي يعتبر شكوى تستوجب البدء في التحقيق، بعدها يحول الموضوع للمدعي العام الذي تكون له السلطة التقديرية. وحين يقرر المدعي العام توجيه الاتهام ويصرح بذلك عليه وقتها تحويل القرار إلى غرفة في محكمة الجنايات مكونة من 3 قضاة، الذين ينظرون في القرار ويؤيدونه.
وفي حال تأييد القرار يصدر قرار اتهام يحول أيضا لغرفة القضاة الذين يتولون الإقرار بالقبض على المتهمين فيه في هذه المرحلة.
وأوضح بسيوني في الاتصال الهاتفي الذي أجرته معه «الشرق الأوسط» أن قرارات الاتهام توجه للأفراد وليس للدول، وعند سؤاله عن المدة التي قد يستغرقها مثل هذا التحقيق أجاب أن الأمر متوقف على الوقت الذي سيستغرقه تجميع الأدلة، ثم بعد ذلك رد الطرف الثاني عليها (إسرائيل في هذه الحالة).
وحسب بعض المحللين السياسيين فإن التحقيق الأولي يمكن أن يستغرق سنوات طويلة، ويشمل قيام المدعين بتقدير قوة الأدلة المقدمة، وما إذا كانت للمحكمة ولاية على القضية، وكيف يمكنها أن تحقق العدالة فيها. وبناء على النتائج الأولية سيحدد الادعاء ما إذا كان الوضع يستحق إجراء تحقيق كامل في فظائع مزعومة، وهو ما قد يؤدي إلى توجيه اتهامات لأفراد من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني. ويمكن أن يؤدي تحقيق أولي إلى توجيه تهم بارتكاب جرائم حرب لإسرائيل، سواء اتصلت بالحرب الأخيرة على غزة، أو الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة المستمر منذ 47 عاما. كما يمكن أن يعرض التحقيق مسؤولين فلسطينيين أيضا للمحاكمة، خاصة بشأن الهجمات الصاروخية التي شنتها جماعات متشددة من قطاع غزة.
من جانبه، قال وزير الخارجية الفلسطينية رياض المالكي إنه «لا أحد يستطيع» وقف الإجراءات التي بدأت في محكمة الجنايات الدولية، معتبرا ذلك أمرا طبيعيا. وأضاف موضحا أن «الإجراءات الحقيقية بدأت في محكمة الجنايات الدولية، ولا يستطيع أحد، أو أي دولة إيقاف هذا التحرك». وتابع المالكي أن رئيس السلطة محمود عباس «وقع على وثيقتين فيما يخص المحكمة الجنائية الدولية، أولاهما معاهدة روما حول انضمامنا الذي ستناقشه المحكمة في الأول من أبريل (نيسان) المقبل». أما الوثيقة الثانية، بحسب المالكي، فهي إعلان يخول للمحكمة «البحث في جرائم» ارتكبت في 13 من يونيو (حزيران) الماضي. وأضاف المالكي أن «البحث الأولي في الجرائم حسب الوثيقة الثانية لا يحتاج الانتظار حتى أبريل المقبل، وغير مرتبط به». ويهدف التحقيق الأولي إلى تحديد ما إذا كان هناك «أساس معقول» لفتح تحقيق، كما أوضح مكتب المدعي في بيان، مضيفا أن «المدعية ستحلل على الخصوص المسائل المرتبطة بالاختصاص، وإمكانية قبول الملف ومصالح القضاء».
وكانت الحكومة الفلسطينية قد انضمت إلى معاهدة روما، المؤسسة للمحكمة، في الثاني من يناير (كانون الثاني) الجاري. وسيتيح هذا الانضمام للمدعي فتح تحقيقات في المستقبل حول جرائم محتملة. كما سبق للرئيس الفلسطيني محمود عباس أن أرسل في الوقت نفسه للمحكمة وثيقة تسمح للمدعية بالتحقيق حول جرائم مفترضة ارتكبت في «الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 13 يونيو 2014»، وهو التاريخ الذي شنت فيه إسرائيل حملة اعتقالات واسعة في الضفة الغربية المحتلة، وما تلاها من حرب في غزة. وتختص المحكمة الجنائية الدولية، التي يوجد مقرها بلاهاي، في ملاحقة المنفذين المفترضين لعمليات إبادة وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب، وقد بدأت مهامها منذ الأول من يوليو (تموز) 2002. وهناك في الإجمال 123 دولة انضمت حتى اليوم إلى معاهدة روما، لكنها لا تضم إسرائيل.
وأوضح مكتب المدعية فاتو بن سودة أن «معاهدة روما لا تفرض أي مهلة لإصدار قرار يتعلق بتحقيق أولي». وقد فتحت في الوقت الحاضر تحقيقات أولية في أفغانستان وكولومبيا، وجورجيا، وغينيا، والهندوراس، والعراق، ونيجيريا، وأوكرانيا.
ويندرج طلب الانضمام الفلسطيني إلى المحكمة الجنائية الدولية في إطار حملة دبلوماسية بدأها الفلسطينيون في الأمم المتحدة. وكرد فعل على ذلك قامت إسرائيل بتجميد دفع 106 ملايين دولار من الرسوم التي تجبيها لصالح السلطة الفلسطينية.
وعلى الجانب الإسرائيلي احتجت تل أبيب بقوة على القرار، إذ قال وزير خارجية إسرائيل افيغدور ليبرمان، أمس، إن قرار المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق أولي في جرائم حرب مفترضة ارتكبت في فلسطين منذ الصيف يعتبر أمرا «مخزيا».
وأوضح ليبرمان أن إسرائيل لن تتعاون في التحقيقات، مؤكدا أن التحقيق الأولي قرار «مخز هدفه الوحيد تقويض حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب»، بحسب مكتبه.



توجّه حوثي لإنشاء كيان يتولّى مراقبة صالات الأعراس

حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء (إكس)
حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء (إكس)
TT

توجّه حوثي لإنشاء كيان يتولّى مراقبة صالات الأعراس

حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء (إكس)
حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء (إكس)

تعتزم الجماعة الحوثية في اليمن تأسيس كيان نقابي جديد يتولى مهمة تشديد الرقابة على عمل صالات الأعراس والمناسبات في العاصمة المختطفة صنعاء وبقية المدن تحت سيطرة الجماعة.

جاء ذلك خلال دعوة وجهتها ما تسمى الغرفة التجارية والصناعية الخاضعة للحوثيين في صنعاء لمُلاك صالات الأعراس والمناسبات تحضهم على حضور ما تسميه اللقاء التأسيسي لقطاع صالات الأعراس والمناسبات تحت إدارة ورعاية وإشراف قيادات في الجماعة.

جانب من اجتماع قيادات حوثية تدير أجهزة أمنية في صنعاء (إعلام حوثي)

يتزامن هذا التحرك مع شن الجماعة مزيداً من حملات فرض الإتاوات والابتزاز والاعتقال لمُلاك صالات الأعراس والفنانين والمُنشِدين بذريعة حظر الغناء والتصوير وكل مظاهر الفرح، ضمن مساعيها لإفساد بهجة السكان وتقييد حرياتهم.

ووضعت قيادات حوثية تُدير شؤون الغرفة التجارية في صنعاء شروطاً عدة للانضمام والمشاركة في اللقاء التأسيسي المزعوم، من بينها امتلاك مالك القاعة الذي سيحضر سجلاً تجارياً، وأن تكون بطاقة عضويته في الغرفة الحوثية مُجدَّدة لعام 2024، كما حدّدت الجماعة يوم 11 من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، موعداً لانعقاد اللقاء التأسيسي لمُلاك صالات الأعراس.

وسبق للجماعة الحوثية أن داهمت في أواخر مايو (أيار) العام الماضي، مقر الغرفة التجارية والصناعية في صنعاء، وعيّنت أحد عناصرها رئيساً لها بالقوة، وأزاحت رئيس وأعضاء مجلس الإدارة المنتخبين.

ويقول ناشطون حقوقيون في صنعاء إن إنشاء هذا الكيان الرقابي يندرج ضمن توجه الجماعة لفرض كامل السيطرة على القطاع، وإرغام الصالات على الالتزام بالتعليمات فيما يخص حظر الأغاني، ودفع مزيد من الإتاوات والجبايات.

دهم وخطف

أكدت مصادر محلية في محافظة عمران (شمال صنعاء) قيام الجماعة الحوثية باختطافات وإجراءات تعسفية ضد ملاك صالات الأعراس والمنشدين، كان آخرها قيام القيادي في الجماعة أبو داود الحمزي المعيّن مديراً لأمن مديرية خمر باعتقال المُنشد محمد ناصر داحش، وثلاثة من أعضاء فريقه الإنشادي من صالة عُرس وسط المدينة.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن الحمزي ومسلحيه اقتحموا صالة العُرس، وباشروا بمصادرة ونهب ما فيها من أجهزة ومعدات، وخطف مالك الصالة والمُنشد وفريقه، والزج بهم في أحد السجون.

حالة هلع بحفل زفاف اقتحمه حوثيون لمنع الغناء في عمران (إكس)

ويتهم القيادي الحمزي، وفق المصادر، المُنشد داحش بتحريض الفنانين والمُنشدين وملاك قاعات الأفراح والسكان بشكل عام على رفض القرارات التعسفية الصادرة عن جماعته، التي تشمل منع الأغاني في الأعراس.

وصعدت الجماعة على مدى الفترات الماضية من عمليات الدهم والمصادرة والخطف التي ينفّذها عناصر تابعون لها تحت اسم «شرطة الأخلاق»، ضد قاعات الأفراح والفنانين.

وأرغم الحوثيون، أخيراً، نساء يمنيات في مناطق بمحافظة إب على ترديد «الصرخة الخمينية»، والاستماع إلى الزوامل الحوثية داخل صالات الأعراس، مقابل السماح لهن بإقامة الأفراح في الصالات بعد الالتزام بالشروط كافة.

كما فرض الانقلابيون في منتصف الشهر الماضي قيوداً مُشددة على مُلاك قاعات الأعراس في ريف صنعاء، حيث حددوا وقت أعراس النساء في الصالات إلى الساعة الثامنة مساءً، ومنعوا التصوير ومكبرات الصوت، كما حظروا دخول العريس للقاعة لأخذ عروسه، ومنعوا استدعاء الفنانين والفرق الغنائية في الأعراس.