«القاهرة السينمائي» يدعم التجارب المحلية المستقلة «معنوياً»

يعرض 10 أفلام منها في أقسامه المختلفة

TT

«القاهرة السينمائي» يدعم التجارب المحلية المستقلة «معنوياً»

على الرغم من تراجع حجم الإنتاج السينمائي المصري خلال السنوات الأخيرة، فقد نجح مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الحالية في استقطاب عشرة أفلام دفعة واحدة، تنتمي معظمها إلى السينما المستقلة، ويعد أغلبها تجارب أولى لمخرجيها، لتشارك السينما المصرية في جميع مسابقات المهرجان في مفاجأة غير متوقعة، لا سيما أن المهرجان ظل يبحث خلال دوراته الماضية عن فيلم مصري واحد يشارك فيه، في الوقت الذي كان يُنتقد مستوى الأعمال التي كانت ترشحها مصر لتمثيلها في المحافل الفنية العالمية.
وحسب نقاد، فإن مشاركة هذه الأفلام بمهرجان القاهرة السينمائي لمخرجين شباب في تجاربهم السينمائية الأولى، تعد دفعة معنوية كبيرة لهم؛ إذ باتت أعمالهم تمثل رهاناً كبيراً على مستقبل السينما المصرية، بالإضافة إلى الجوائز التي تنتظر بعضهم، خلال حفل الختام مساء اليوم (الخميس).
شاركت في المسابقة الرسمية ثلاثة أفلام مصرية، من بينها وثائقي طويل «عاش يا كابتن» للمخرجة مي زايد في أول أعمالها الطويلة الذي تنافس به أيضاً على جائزة العمل الأول، وقد تميز بمستواه الفني وموضوعه الإنساني من خلال بطلته زبيبة الفتاة السكندرية ذات الـ14 ربيعاً، التي تحلم بأن تكون بطلة عالمية في رفع الأثقال وتخوض تحديات كبيرة مع مدربها، وقد مزجت المخرجة الشابة ببراعة ما بين الوثائقي والروائي في الفيلم، لتقدم تجربة إنسانية وفنية ممتعة، حسب وصف النقاد.
ويشارك أيضاً، فيلم «حظر تجول» من بطولة إلهام شاهين وأمينة خليل وأحمد مجدي، والممثل الفلسطيني كامل الباشا، وإخراج أمير رمسيس، ويتعرض الفيلم لأول مرة في السينما المصرية لقضية «زنا المحارم»، لكنه يطرحها بمشهد عابر، من خلال بطلته التي تغادر السجن بعد عشرين عاما ويصادف خروجها حظر التجول الذي فرضته السلطات خلال الثورة المصرية، وتصطدم المرأة بعد خروجها بمشاعر متبلدة وعنيفة من ابنتها الوحيدة.
أما الفيلم الثالث فعنوانه «عنها»، للمخرج إسلام العزازي في أول أفلامه الطويلة، من بطولة ندى الشاذلي، وفدوى عابد وصلاح فهمي، وكلهم من الوجوه الجديدة فيما عدا الفنان الشاب أحمد مالك، ويستعيد المخرج في فيلمه عشرينات القرن الماضي خلال احتدام الصراع الشعبي لمقاومة الاحتلال الإنجليزي لمصر، من خلال بطلته المرأة الأربعينية التي تفرض حالة من العزلة على نفسها بعد اغتيال زوجها.
وفي مسابقة «آفاق عربية” يشارك الفيلم الوثائقي الطويل «ع السلم» للمخرجة نسرين الزيات في أول تجاربها الطويلة، بعد أن أنجزت فيلمين روائيين قصيرين هما «وارد رقم 6” و«الفستان الأسود»، وتنتقل في فيلمها الجديد بين الماضي والحاضر حيث بيت العائلة القديم الذي ترممه الأسرة من أجل الحفاظ على رائحة الماضي، وذكرياته التي تعشش في وجدانها ما بين فقد الأب وطيبة الأم.
وتحظى فئة «أفلام الغد» بوجود خمسة أفلام مصرية، من بينهما فيلمان (خارج المسابقة)، وهما فيلم «16» الحائز سعفة مهرجان «كان» الذهبية لأفضل فيلم قصير لهذا العام، وهو من إخراج سامح علاء وإنتاج مشترك بين مصر وفرنسا وبلجيكا، كما يعرض فيلم «واحدة كده» خارج المسابقة أيضاً وهو من إخراج مروان نبيل، ويعد الفيلم باكورة أفلامه، وتلعب بطولته ريهام عبد الغفور.
وداخل المسابقة تتنافس ثلاثة أفلام مصرية من بين 19 فيلماً من مختلف بلدان العالم، وهي أفلام «حنة ورد» من إخراج مراد مصطفى في أول أفلامه القصيرة، ويتناول فيه قصة حليمة السودانية التي تصطحب طفلتها ورد إلى بيت عروس لترسم لها الحنة، ويمثل الفيلم تجربة شديدة الثراء لشخصيات تقترب من الواقع. كما يشارك فيلم «الحد الساعة خمسة» للمخرج شريف البنداري، وآخر الأفلام هو «الراجل اللي بلع الراديو» للمخرج ياسر شفيعي الذي يقدم أحداثه في إطار عبثي حين يسقط راديو قديم داخل معدة رجل نتيجة لخطا طبي.
ويرى نقاد مصريون، من بينهم رامي عبد الرازق، أن سبب عرض عدد كبير من الأفلام المصرية في المهرجان العام الحالي، يعود إلى تراكم عدد كبير من الأعمال التي تنتمي إلى فئة «الأرت هاوس»، بعد إلغاء بعض دورات المهرجانات العالمية الكبرى بسب جائحة (كورونا)، ليصبح في النهاية مهرجان القاهرة نافذة مناسبة لعرضها».
ويؤكد عبد الرازق في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أن «عدد الأفلام المصرية الكبير المشارك بالمهرجان هذا العام لا يعني حدوث انفراجة في أزمة الفيلم المصري خلال المستقبل القريب، بسبب عدم انتظام الإنتاج، الذي يتميز ببعض الجهود الفردية»، مشيراً إلى أنه بعد انتهاء أزمة «كورونا» ستعود كثير من هذه الأفلام للمشاركات الخارجية.
وعن المستوى الفني للأفلام المصرية المشاركة بالمهرجان، يقول «مستوى الوثائقية منها أفضل من الروائية الطويلة، والروائية القصيرة تتفوق على الطويلة أيضاً من حيث الرؤية والفكرة، على غرار فيلم (الرجل اللي بلع الراديو)».


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)