الحكومة العراقية تقر مبدأ «الدفع المسبق» لمبيعات النفط لمواجهة أزمتها المالية

نواب وخبراء اقتصاد يحذّرون من عواقب الخطوة

TT

الحكومة العراقية تقر مبدأ «الدفع المسبق» لمبيعات النفط لمواجهة أزمتها المالية

تسعى الحكومة العراقية لمواجهة أزمتها المالية الخانقة التي أفقدتها القدرة على الإيفاء بالتزاماتها المالية في أوقاتها المحددة، خصوصاً تلك المتعلقة بدفع مرتبات القطاع العام، إلى الحصول على الأموال اللازمة عبر آلية «الدفع المسبق» لبيع مواردها النفطية التي تمثل أكثر من 95 في المائة من موازنة البلاد العامة.
وفي حين تتحدث تقارير اقتصادية عالمية عن اتجاه العراق لتوقيع صفقة بمليارات الدولارات مع شركة «تشن هوا أويل» الصينية، تحصل بمقتضاها بغداد على أموال نقدية مقابل إمدادات نفطية طويلة الأجل لمواجهة أزمتها المالية، تفضل الحكومة العراقية الحديث عن إطار عام لبيع نفطي وفق صيغة «الدفع المسبق» ولا ترهن ذلك بدولة محددة. وفي هذا الاتجاه، قال وزير النفط العراقي، إحسان عبد الجبار إسماعيل، أول من أمس، إن «العراق في طريقه للبيع المسبق لتوفير السيولة المالية، وهذه أول مرة في تاريخ وزارة النفط تعرض هذا النوع من البيع، حيث إن هذا الأمر كشف عن قدرة السوق، ومدى ثقة الزبائن بالوزارة»، وأضاف أن «شركة سومو (المسؤول عن تسويق وبيع النفط) تسلمت نتائج جيدة، وهناك أكثر من شركة متنافسة بالمناقصة، كما تشير القراءات الأولية إلى أن السعر سيكون سعر البيع نفسه في وقت السداد». ويبدو أن الخطوة الحكومية الجديدة تواجه معارضة أطراف نيابية عدة وانتقاد خبراء في الاقتصاد؛ حيث عدّ النائب صادق السليطي أن بيع النفط العراقي بطريقة «الدفع المسبق» سيسبب كارثة اقتصادية غير مسبوقة. وقال إن «شركة (سومو) أعلنت عن عرض كميات من النفط العراقي تقدر بـ(48 مليون برميل) وتعرض للبيع لمدة (5) سنوات مقبلة، وتباع بطريقة الدفع المسبق، وبسعر تقديري أولي للبرميل الواحد يساوي (المعدل الشهري أو السنوي لنفط برنت للفترة التي تسبق تاريخ العقد)».
وأضاف أن «هذا الأمر خطير جداً ومرفوض لأسباب عدة؛ منها أن الحكومة الحالية جرى تشكيلها لإعداد انتخابات مبكرة، وليس لإدخال البلد في تعاقدات (...) تكبل الثروة الوطنية لسنوات مقبلة».
وتابع السليطي أن «شركة (سومو) جهة غير سيادية ولا مالية مختصة لتخول الاقتراض ورهن النفط العراقي لجهات خارجية وتضع عنق العراق بيد تلك الشركات، وهذا الإجراء لم يرد بالنظام الداخلي لشركة (سومو). إن الثروة النفطية حق دستوري لأبناء الشعب العراقي جميعاً، وللأجيال المقبلة، ولا يُسمح لأحد بالتعدي على حقوقهم (...)، دون خطط مدروسة وحسابات مستقبلية».
بدورها؛ تقول الخبيرة الاقتصادية الدكتورة سلام سميسم، إن «ربط العراق باتفاقات طويلة الأجل مع الصين ليس في مصلحة العراق. نعم قد تكون خطوة لها مردوداتها الآنية، لكنها خطيرة على المدى البعيد؛ إذ إنها ستكرس ارتباط العراق وتجذبه اقتصادياً إلى نقطة تشاحن وتنافس اقتصادي وسياسي معروفة عالمياً؛ هو في غنى عنها». وتضيف سميسم لـ«الشرق الأوسط»: «أظن أن القضية لا تتجاوز حدود صيغة أخرى للتحايل الصيني هدفه الاستحواذ على ثروات البلاد وسيطرته على السوق العراقية على المدى البعيد، مثلما سبق أن استحوذت الصين على أسواق واقتصادات دول أفريقية. أعتقد أن الصفقة خطيرة جداً، وتبعاتها الاقتصادية أكبر بكثير من فوائدها الآنية».
من جهة أخرى؛ أكدت وزارة النفط العراقية، أمس، تعرض حقل «خباز» النفطي بمحافظة كركوك، لاعتداء إرهابي بعد تفجير بئرين نفطيتين بعبوتين ناسفتين. وقال وكيل الوزارة لشؤون الاستخراج، كريم حطاب، إن «البئر رقم (33) تعرض لتفجير بعبوة ناسفة صباح (اليوم الأربعاء)، أعقبه تفجير ثان للبئر (44) في الساعة 2.00 صباحاً، وأدى ذلك إلى اندلاع النيران فيهما». وأضاف أن «فريق السلامة والإطفاء في (شركة نفط الشمال) والجهات الأمنية تقوم بعمليات الإطفاء والسيطرة على حرائق الآبار».
وتقول الوزارة إن «إنتاج الآبار المذكورة لا يتجاوز الألفي برميل في اليوم».



أكبر تخارجات أجنبية من الأسواق الآسيوية في عامين ونصف

رجلان يمران أمام مقر «بورصة بومباي» في مدينة مومباي الهندية (أ.ف.ب)
رجلان يمران أمام مقر «بورصة بومباي» في مدينة مومباي الهندية (أ.ف.ب)
TT

أكبر تخارجات أجنبية من الأسواق الآسيوية في عامين ونصف

رجلان يمران أمام مقر «بورصة بومباي» في مدينة مومباي الهندية (أ.ف.ب)
رجلان يمران أمام مقر «بورصة بومباي» في مدينة مومباي الهندية (أ.ف.ب)

شهدت الأسهم الآسيوية، باستثناء الصين، تدفقات أجنبية للخارج بصفة حادة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ إذ تفاعل المستثمرون الحذرون من نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية مع المخاوف بشأن أرباح الشركات الأضعف من المتوقع، والأسهم المبالغ في قيمتها، وارتفاع عائدات السندات.

وفقاً لبيانات بورصة لندن، تخلّص الأجانب من أسهم قوية بقيمة 15.38 مليار دولار في الهند وكوريا الجنوبية وتايلاند وتايوان وإندونيسيا وفيتنام والفلبين، مسجلين أكبر مبيعات صافية شهرية لهم منذ يونيو (حزيران) 2022.

وقادت الأسهم الهندية عالية الأداء التدفقات الخارجية الإقليمية بانسحاب بلغ 11.2 مليار دولار، وسط مخاوف بشأن أرباح الشركات الضعيفة، وتحوّل في تفضيل المستثمرين نحو الأسهم الصينية بعد إعلان بكين التحفيز.

وقالت استراتيجية الأسهم في بنك «إتش إس بي سي»، بريرنا غارغ: «أصبحت الأسواق مشروطة بنمو الأرباح المرتفع في الهند؛ حيث نمت الأرباح لكل سهم بمعدل سنوي بلغ 25 في المائة على مدى السنوات الثلاث الماضية. لكن يبدو أن النمو يفقد الزخم»، مضيفة: «تزامن هذا مع مجموعة من الإعلانات السياسية في الصين التي غيّرت معنويات المستثمرين في السوق».

كما دفعت النتائج المخيبة للآمال في الربع الثالث المستثمرين إلى تقليص تعرضهم للأسهم الآسيوية؛ حيث فشل نحو 57 في المائة من الشركات الكبيرة والمتوسطة الحجم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في تلبية تقديرات صافي الدخل، وفقاً لبيانات «مجموعة بورصة لندن».

وواجهت الأسهم الكورية الجنوبية تدفقات خارجية أجنبية للشهر الثالث على التوالي مع سحب 3.4 مليار دولار، في حين شهدت الأسهم التايلاندية والإندونيسية والفيتنامية تدفقات خارجية مجتمعة بلغت 2.1 مليار دولار. وعلى العكس من ذلك اجتذبت تايوان والفلبين 1.22 مليار دولار، و106 ملايين دولار من الاستثمارات الأجنبية على التوالي.

وكانت الأسهم الآسيوية متباينة يوم الخميس؛ حيث قامت الأسواق بوزن التداعيات المحتملة لفوز دونالد ترمب الساحق على سياسات مثل التعريفات الجمركية، إلى جانب قرارات السياسة النقدية القادمة من بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنوك المركزية الأخرى.

وقال استراتيجي السوق في «آي جي»، ييب جون رونغ: «في المستقبل، قد تظل تدفقات الأسهم في الأمد القريب إلى آسيا محدودة. وفي حين لدينا الآن مزيد من الوضوح السياسي حول الانتخابات الأميركية، وهو ما من شأنه أن يدعم بيئة المخاطر، فقد يكون لدى المستثمرين بعض التحفظات بشأن مدى التعريفات التجارية التي قد تجلبها رئاسة ترمب، نظراً إلى الحساسية العالية لاقتصاد المنطقة تجاه التجارة العالمية».

وفي سياق منفصل، امتنع البنك المركزي الصيني عن شراء الذهب لاحتياطياته للشهر السادس على التوالي في أكتوبر الماضي، وفقاً لبيانات رسمية صدرت يوم الخميس.

وبلغت حيازات الصين من الذهب 72.8 مليون أوقية في نهاية الشهر الماضي. ومع ذلك ارتفعت قيمة احتياطيات الذهب إلى 199.06 مليار دولار من 191.47 مليار دولار في نهاية سبتمبر (أيلول)، مع ارتفاع سعر الذهب.

وارتفعت أسعار السبائك بنحو 33 في المائة هذا العام، في طريقها لتحقيق أكبر مكسب سنوي منذ عام 1979، مدفوعة ببدء دورة خفض أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، والتوترات الجيوسياسية، وعدم اليقين المحيط بالانتخابات الرئاسية الأميركية، والطلب القوي من البنوك المركزية.

وحسب «مجلس الذهب العالمي» فإن مشتريات الذهب من قِبل البنوك المركزية العالمية التي كانت نشطة في عامي 2022 و2023، من المقرر أن تتباطأ في عام 2024؛ لكنها تظل أعلى من مستويات ما قبل عام 2022، ويرجع هذا جزئياً إلى توقف بنك الشعب الصيني عن سلسلة الشراء التي استمرت 18 شهراً منذ مايو (أيار) الماضي.

وقال استراتيجي السلع الأساسية في «ويزدوم تري»، نيتيش شاه: «إن شهراً آخر من امتناع الصين عن الشراء يشير إلى أن بنك الشعب الصيني يبحث عن سعر أفضل لبناء احتياطياته من الذهب. لا نعتقد أن الصين غيّرت استراتيجية احتياطي النقد الأجنبي الخاصة بها، وبالتالي فهي تبحث عن مزيد من الذهب، لكن تردعها الأسعار المرتفعة».

وبلغت حصة الذهب في احتياطيات بنك الشعب الصيني الإجمالية -وهو مقياس رئيسي لممتلكات الكثير من البنوك المركزية من الذهب- 5.7 في المائة في نهاية أكتوبر، مقابل 4.9 في المائة في أبريل (نيسان) الماضي.

وتتجه الأنظار هذا الأسبوع إلى اجتماع اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، في ظل بحث المستثمرين عن مزيد من التفاصيل بشأن تدابير التحفيز المالي.