فوز ترمب يزيد من المخاطر في وجه «بنك اليابان» مع تجدد هبوط الين

طوكيو تتأهب لرفع قريب للفائدة وتحذر مجدداً من الانخفاض المفرط لعملتها

خبر فوز ترمب بالانتخابات الأميركية يهيمن على صدارة الصحف اليابانية (أ.ف.ب)
خبر فوز ترمب بالانتخابات الأميركية يهيمن على صدارة الصحف اليابانية (أ.ف.ب)
TT

فوز ترمب يزيد من المخاطر في وجه «بنك اليابان» مع تجدد هبوط الين

خبر فوز ترمب بالانتخابات الأميركية يهيمن على صدارة الصحف اليابانية (أ.ف.ب)
خبر فوز ترمب بالانتخابات الأميركية يهيمن على صدارة الصحف اليابانية (أ.ف.ب)

قد يؤدي ارتفاع الدولار الناجم عن فوز الجمهوري دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية إلى زيادة الضغوط على «بنك اليابان» لرفع أسعار الفائدة في أقرب وقت ممكن من ديسمبر (كانون الأول) المقبل؛ لمنع الين من الانزلاق مرة أخرى نحو أدنى مستوياته في 3 عقود.

وأطلق فوز ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية العنان لمكاسب حادة للدولار، حيث دفعت توقعات خفض الضرائب، ورفع الرسوم الجمركية على الواردات، التفاؤل بشأن النمو الاقتصادي، في حين غَذَّيَا المخاوف بشأن التضخم.

وقد دفعت قوة الدولار الأميركي الين إلى أدنى مستوياته في 3 أشهر عند 154.71 ين للدولار يوم الخميس، وهو مستوى أقل كثيراً من أعلى مستوى له عند 140.62 الذي سجله في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي.

وفي حين أن ضعف الين يعطي دفعة للصادرات، فإنه أصبح مصدر إزعاج لصناع السياسات اليابانيين من خلال دفع تكاليف استيراد الوقود والأغذية إلى الارتفاع، وبالتالي الإضرار بالاستهلاك. وقد عُدّ ارتفاع التضخم على نطاق واسع أحد العوامل وراء التحول الهائل في أصوات الناخبين ضد الائتلاف الحاكم في الانتخابات العامة الشهر الماضي.

وصعد كبير المسؤولين اليابانيين عن شؤون العملة، أتسوشي ميمورا، تحذيره من الانخفاضات الحادة للين يوم الخميس، قائلاً إن السلطات مستعدة لتحرك مضاد للتحركات «المفرطة» في العملة.

ويتمثل «السيناريو الكابوسي» الذي يواجه صناع السياسات في انخفاض متجدد للين نحو أدنى مستوياته في 3 عقود عند 162 مقابل الدولار الذي وصل إليه في يوليو (تموز) الماضي، وهي الخطوة التي دفعت «بنك اليابان» إلى رفع أسعار الفائدة إلى 0.25 في المائة يوم 31 يوليو.

وفي ذلك الوقت، أدى انخفاض الين إلى دعوات من جانب نواب الحزب الحاكم إلى مطالبة «بنك اليابان» برفع أسعار الفائدة، أو إرسال إشارات أكثر وضوحاً بنيته رفع تكاليف الاقتراض.

وفاجأ رئيس الوزراء، شيغيرو إيشيبا، الأسواق في 2 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بقوله إن الاقتصاد غير مستعد لمزيد من رفع أسعار الفائدة، وإن كان قد خفف من حدة رسالته في وقت لاحق ليقول إنه لن يتدخل في سياسة «بنك اليابان».

وقال تسويوشي أوينو، كبير خبراء الاقتصاد في معهد «إن إل آي» للأبحاث: «لا يريد الساسة يناً ضعيفاً؛ لذا، فإنه حتى أولئك الذين حثوا (بنك اليابان) على توخي الحذر بشأن رفع أسعار الفائدة قد يوافقون على رفع أسعار الفائدة إذا تسارع هبوط الين. وبهذا المعنى، قد يدفع ضعف الين (بنك اليابان) إلى رفع أسعار الفائدة بشكل ثابت».

وخرج «بنك اليابان» من برنامج التحفيز الجذري الذي استمر لعقد من الزمن في مارس (آذار) الماضي، ورفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة خلال يوليو الماضي، على أساس اعتقاد بأن اليابان تحرز تقدماً نحو تحقيق هدف التضخم بنسبة اثنين في المائة بشكل مستدام.

وفي حين يتوقع كثير من المحللين أن يرفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة مرة أخرى بحلول مارس المقبل، فإنهم منقسمون بشأن ما إذا كان سيتخذ إجراء في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، أم ينتظر حتى يناير (كانون الثاني) أو مارس، لجمع مزيد من البيانات.

وأبقى «بنك اليابان» أسعار الفائدة ثابتة الشهر الماضي، ولكنه أزال في تقريره التحذيرات من الحاجة إلى التركيز على المخاطر الخارجية، تاركاً احتمال رفعها في الأمد القريب مفتوحاً.

ويقول المحللون إن انخفاضات الين المتجددة قد تزيد من احتمال تحرك «بنك اليابان» في ديسمبر المقبل، نظراً إلى حساسية «بنك اليابان» نحو ضعف العملة الذي يدفع بتكاليف الاستيراد إلى الارتفاع.

وكانت توقعات رفع أسعار الفائدة في الأمد القريب من جانب «بنك اليابان»، إلى جانب ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأميركية، من أسباب دفع العائد القياسي لسندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات إلى ما يزيد على واحد في المائة لأول مرة منذ أكثر من 3 أشهر يوم الخميس.

وقال شينيشيرو كوباياشي، كبير خبراء الاقتصاد في شركة «ميتسوبيشي يو إف جيه» للأبحاث والاستشارات: «لم يقل (بنك اليابان) ذلك بوضوح، لكن رفع أسعار الفائدة في يوليو كان مدفوعاً على الأرجح جزئياً بقلقه إزاء الانخفاضات المفرطة للين». وأضاف: «إذا اتجه الين نحو 160 مقابل الدولار مرة أخرى، فإن احتمال رفع أسعار الفائدة بحلول نهاية العام سيزداد».

ويرى تومويوكي أوتا، كبير خبراء الاقتصاد في شركة «ميزوهو» للأبحاث والتكنولوجيا، أيضاً أن مستوى 160 يناً مقابل الدولار يمثل خطاً فاصلاً للسلطات يزيد من احتمال رفع أسعار الفائدة من جانب «بنك اليابان»، وتدخل الحكومة في العملة لدعم الين.

وقال أوتا: «لا شك في أن السوق تتجه نحو ضعف الين. وإذا تسارع هبوط الين، فإن احتمال رفع أسعار الفائدة في ديسمبر سيزداد. ومن المرجح أن تتحرك الحكومة و(بنك اليابان) بسرعة؛ وضمن تحركاتهما التدخل في العملة».

وفي المعركة السابقة مع انخفاض الين، بدا أن الحكومة و«بنك اليابان» يعملان جنباً إلى جنب. وأنفقت السلطات اليابانية 5.53 تريليون ين (35.8 مليار دولار) للتدخل في سوق الصرف الأجنبي خلال يوليو الماضي لرفع الين من أدنى مستوياته في 38 عاماً قرب 162 مقابل الدولار. وفي ذلك الشهر، رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة، وأكد عزمه على مواصلة دفع تكاليف الاقتراض إلى الارتفاع.

وكانت التلميحات المتشددة التي أطلقها محافظ «بنك اليابان»، كازو أويدا، بشأن رفع أسعار الفائدة في الأمد القريب خلال «اجتماع السياسة» الشهر الماضي، قد دفعت بالدولار إلى الانخفاض نحو 150 يناً.

وفي الأسواق، بدد المؤشر «نيكي» الياباني المكاسب التي سجلها في وقت مبكر من الجلسة، ليغلق منخفضاً يوم الخميس مع إقبال المستثمرين على بيع الأسهم لجني الأرباح بعد المكاسب الكبيرة التي حققتها في الجلسة السابقة.

وهبط المؤشر «نيكي» 0.25 في المائة ليغلق عند 39381.41 نقطة، بعد أن ارتفع 2.6 في المائة يوم الأربعاء إلى أعلى مستوى عند الإغلاق منذ 3 أسابيع. وأنهى المؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً الجلسة مرتفعاً واحداً في المائة عند 2743.08 نقطة، مع صعود سهم «تويوتا موتور» 2.89 في المائة.


مقالات ذات صلة

عودة نشاط قطاع الخدمات في اليابان إلى النمو خلال نوفمبر

الاقتصاد سيدة على دراجة تمر أمام مقر البورصة في العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)

عودة نشاط قطاع الخدمات في اليابان إلى النمو خلال نوفمبر

أظهر مسح للقطاع الخاص الأربعاء أن نشاط الخدمات في اليابان عاد إلى النمو خلال نوفمبر مع دعم تحسن الطلب للأعمال الجديدة

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد عامل توصيل يسير في أحد شوارع الحي المالي بالعاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)

الصين تمهّد إلى قبول نمو «أقل من 5 %»

قالت صحيفة «الشعب اليومية» الرسمية إن الصين ليست ملتزمة بتحقيق معدلات نمو محددة للناتج المحلي الإجمالي، وإن وتيرة نمو أقل من 5 في المائة للاقتصاد «مقبولة».

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد خط إنتاج مصنع الألعاب العلمية «ساينس فور يو» في لشبونة (رويترز)

انكماش حاد في نشاط الأعمال بمنطقة اليورو

انخفض نشاط الأعمال في منطقة اليورو بصورة حادة خلال الشهر الماضي؛ حيث انضم قطاع الخدمات المهيمن إلى قطاع التصنيع في الانكماش.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد رافعات عملاقة وحاويات بميناء قوينغداو شرق الصين (أ.ف.ب)

منظمة «التعاون والتنمية»: انتعاش التجارة مهدد بعودة الحمائية

قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن الاقتصاد العالمي على استعداد لنمو مطرد في العامين المقبلين؛ إذا لم تعرقل الحمائية المتجددة التعافي في التجارة العالمية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد يسير الناس عبر جسر لندن خلال ساعة الذروة الصباحية مع الحي المالي للمدينة في الخلفية (رويترز)

تباطؤ نمو قطاع الخدمات البريطاني بسبب زيادات الضرائب

فقد قطاع الخدمات المهيمن في بريطانيا زخمه في نوفمبر، وإن لم يكن التراجع بقدر ما كان يُخشى في البداية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

عودة نشاط قطاع الخدمات في اليابان إلى النمو خلال نوفمبر

سيدة على دراجة تمر أمام مقر البورصة في العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)
سيدة على دراجة تمر أمام مقر البورصة في العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)
TT

عودة نشاط قطاع الخدمات في اليابان إلى النمو خلال نوفمبر

سيدة على دراجة تمر أمام مقر البورصة في العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)
سيدة على دراجة تمر أمام مقر البورصة في العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)

أظهر مسح للقطاع الخاص، الأربعاء، أن نشاط الخدمات في اليابان عاد إلى النمو خلال نوفمبر (تشرين الثاني) مع دعم تحسن الطلب للأعمال الجديدة.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات النهائي لبنك أو جيبون لقطاع الخدمات إلى 50.5 نقطة في نوفمبر، من 49.7 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفقاً للمسح الذي أعدته «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس». وكان المؤشر أعلى قليلاً من القراءة الأولية البالغة 50.2 نقطة، وارتفع فوق عتبة 50.0 نقطة التي تفصل التوسع عن الانكماش.

وقال أسامة بهاتي، الخبير الاقتصادي في «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»: «شهد اقتصاد الخدمات الياباني انتعاشاً متجدداً في النمو في الشهر قبل الأخير من العام»، حيث ساعد تحسن الطلب في زيادة الإنتاج والأعمال الجديدة.

ووجد المسح أن الأعمال الجديدة توسعت للشهر الخامس على التوالي في نوفمبر مما يعكس تحسن الثقة وتوسع الأعمال. وكانت الشركات متفائلة بشأن آفاق أعمالها مع ارتفاع مؤشر النشاط المستقبلي إلى أعلى مستوى له منذ يوليو (تموز) الماضي.

وأظهر المسح أن الشركات ترى أن خطط التوسع في الأعمال الجديدة وكسب العملاء مما يزيد الطلب والعملاء، كما أوضح أن التوظيف ارتفع بأسرع وتيرة في أربعة أشهر، في حين سجلت الأعمال المعلقة أقوى نمو في ثمانية أشهر.

وظلت الضغوط التضخمية قوية في نوفمبر بسبب ارتفاع تكاليف الوقود والعمالة والخدمات اللوجيستية. ونقلت الشركات أعباء الأسعار إلى العملاء، مع ارتفاع مستوى الأسعار التي تفرضها بأسرع وتيرة في ستة أشهر.

وقال بهاتي إن الشركات تتوقع أن «تتبدد المخاطر السلبية الناجمة عن التضخم، وعدم اليقين العالمي، وتوفر دفعة مرحب بها للقطاع الخاص الضعيف حالياً».

ونما مؤشر مديري المشتريات المركب، الذي يجمع بين نشاط التصنيع والخدمات، إلى 50.1 نقطة في نوفمبر، من 49.6 نقطة في أكتوبر.

وتأتي مؤشرات مديري المشتريات قبل اجتماع السياسة النقدية لبنك اليابان في 18 و19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقال محافظ بنك اليابان كازو أويدا لصحيفة «نيكي» يوم السبت إن توقيت رفع أسعار الفائدة المقبل «يقترب»، حيث تحركت المؤشرات الاقتصادية بما يتماشى مع توقعات البنك المركزي.

لكن رغم ذلك، هبطت عائدات سندات الحكومة اليابانية، الأربعاء، بعد أن أثارت تقارير إعلامية شكوكاً بشأن توقعات السوق بأن يرفع بنك اليابان أسعار الفائدة هذا الشهر. وقال محللون إن المستثمرين كانوا يتفاعلون مع تقريرين إعلاميين أشارا إلى احتمال أن يتخلى بنك اليابان عن رفع أسعار الفائدة في اجتماعه الوشيك.

ولامس العائد على سندات الحكومة اليابانية لأجل عشر سنوات أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع عند 1.04 في المائة، قبل أن يستقر منخفضاً 2.5 نقطة أساس عند 1.05 في المائة. وارتفعت العقود الآجلة للسندات لأجل عشر سنوات 0.29 نقطة إلى 143.16 ين.

وقال كيسوكي تسوروتا، كبير استراتيجيي الدخل الثابت في «ميتسوبيشي يو إف جيه مورغان ستانلي» للأوراق المالية، إن تلك التقارير كانت «المحفز» لانتعاش شراء سندات الحكومة اليابانية. وأضاف: «لقد تراجعت التوقعات التي تم أخذها في الاعتبار استجابة للمقالات، وكان هناك شراء كبير، وخاصة في منطقة الأمد المتوسط».

وانخفض عائد السندات الحكومية اليابانية لمدة عامين بمقدار 3 نقاط أساس إلى 0.58 في المائة، وعائد السندات لمدة خمس سنوات بمقدار 2.5 نقطة أساس إلى 0.715 في المائة.

وكان عائد السندات لمدة عامين، الذي يتوافق بشكل أوثق مع توقعات السياسة النقدية، قد ارتفع إلى أعلى مستوى له في 16 عاماً عند 0.625 في المائة يوم الاثنين بعد مقابلة أويدا... لكن تقارير إعلامية نُشرت يوم الأربعاء أشارت إلى أن البنك المركزي الياباني قد يتخذ موقفاً أكثر حذراً هذا الشهر. وتشهد الأسواق حالياً احتمالات بنسبة 42 في المائة لرفع أسعار الفائدة هذا الشهر، انخفاضاً من نحو 60 في المائة يوم الاثنين.

ومن جهة أخرى، حقق مؤشر «نيكي» الياباني مكاسب طفيفة يوم الأربعاء، ليرتفع لليوم الثالث على التوالي بدعم من تراجع الين وشراء الأسهم المرتبطة بقطاع التجزئة، وهو ما أسهم في تقليص الخسائر التي تكبدها المؤشر في المعاملات المبكرة بسبب جني الأرباح.

وارتفع مؤشر «نيكي» 0.1 في المائة إلى 39276.39 نقطة بعد تراجعه في بداية الجلسة، وانخفض مؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً 0.5 في المائة إلى 2740.6 نقطة. وتقدمت الأسهم المرتبطة بقطاع التجزئة في معاملات ما بعد الظهر لتعطي دفعة لمؤشر «نيكي».