وفاة تشاك ييغر... أول طيار يخترق حاجز الصوت

الطيار الراحل تشاك ييغر (أ.ب)
الطيار الراحل تشاك ييغر (أ.ب)
TT

وفاة تشاك ييغر... أول طيار يخترق حاجز الصوت

الطيار الراحل تشاك ييغر (أ.ب)
الطيار الراحل تشاك ييغر (أ.ب)

توفي أمس (الاثنين)، عن 97 عاماً تشاك ييغر طيار الاختبار الذي اشتهر برباطة جأشه ونقل عالم الطيران إلى حافة الفضاء الخارجي، عندما أصبح أول إنسان يخترق حاجز الصوت قبل أكثر من 70 عاماً.
وبحسب وكالة «رويترز» للأنباء، فقد أعلنت زوجته فيكتوريا وفاته في تغريدة على حسابه على «تويتر» قالت فيها: «أبلغكم بأسى عميق أن حب حياتي الجنرال تشاك ييغر توفي قبيل التاسعة مساء. حياة مدهشة عاشها طولاً وعرضاً أعظم طيار أميركي. إرث من القوة والمغامرة والوطنية سيظل في الذاكرة إلى الأبد».
وانضم ييغر، الذي لم يكن يبدو عليه أنه سيصبح واحداً من أشهر الطيارين في التاريخ، إلى سلاح الجو الأميركي في 1941 للعمل في صيانة محركات الطائرات لا للطيران بها. بل إنه تقيأ في أول مرة ركب فيها الطائرة. ونُقل ييغر إلى برنامج الفضاء الأميركي في بداياته.
وشغف المؤلف توم وولف بذلك الرجل قوي البنية القادم من هاملين في وست فرجينيا، حتى إنه جعله شخصية بارزة في كتابه «ذا رايت ستاف» (المقومات الملائمة) الذي نشر في عام 1979 عن الأيام الأولى في برنامج الفضاء. وقال وولف إن ييغر كان يملك «المقومات الملائمة» التي جعلت منه طيار اختبار أسطورياً.
وفي الحرب العالمية الثانية قاد طائرة موستانغ من طراز بي-51 أطلق عليها اسم «جلينيس المبهرة» تيمناً باسم حبيبته جلينيس ديكهاوس. وينسب إليه الفضل في إسقاط 12 طائرة ألمانية منها خمس في معركة جوية واحدة.
وبعد الحرب أصبح طيار اختبار وكُلف بالعمل في قاعدة موروك الجوية في كاليفورنيا ضمن مشروع إكس إس-1 السري الذي كان يهدف للطيران بسرعة تعادل سرعة الصوت.
وكان عمره 24 عاماً عندما اخترق سرعة الصوت للمرة الأولى في 14 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1947 بطائرة بيل إكس-1 ذات لون برتقالي. وحقق ذلك الإنجاز بعد يومين من كسر ضلعين له أثناء حادث وقع خلال ركوب الخيل لكنه لم يخبر رؤساءه بذلك.
وحملت قاذفة من طراز بي-29 الطائرة إكس-1 إلى ارتفاع 7925 متراً، وأطلقتها فوق صحراء موهافي بكاليفورنيا. ولم يكن ييغر أو المهندسون يعلمون ما إذا كانت الطائرة ستتحمل السرعة غير المسبوقة دون أن تتفتت.
وحلق ييغر بالطائرة التي يبلغ طولها عشرة أمتار بسرعة 1.06 ماك أي 1126 كيلومتراً في الساعة على ارتفاع 13 ألف متر. ثم هبط بالطائرة، التي سماها غلينيس أيضاً باسم حبيبته التي كان قد تزوجها، على قاع بحيرة جافة بعد 14 دقيقة.
وتوفيت غلينيس في 1990 بالسرطان بعد أن أنجبت لييغر أربعة أبناء. ثم تزوج فيكتوريا في 2003.



تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
TT

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)

أمَّنت الإقامة في باريس للفنانة اللبنانية تانيا صالح «راحة بال» تُحرِّض على العطاء. تُصرُّ على المزدوجَين «...» لدى وصف الحالة، فـ«اللبناني» و«راحة البال» بمعناها الكلّي، نقيضان. تحطّ على أراضي بلادها لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه إلى الأطفال. موعد التوقيع الأول؛ الجمعة 6 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. والأحد (8 منه) تخصّصه لاستضافة أولاد للغناء والرسم. تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة.

تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة (صور تانيا صالح)

وطَّد كونها أُماً علاقتها بأوجاع الطفولة تحت النار؛ من فلسطين إلى لبنان. تُخبر «الشرق الأوسط» أنها اعتادت اختراع الأغنيات من أجل أن ينام أطفالها وهم يستدعون إلى مخيّلاتهم حلاوة الحلم. لطالما تمنّت الغناء للصغار، تشبُّعاً بأمومتها وإحساسها بالرغبة في مَنْح صوتها لمَن تُركوا في البرد واشتهوا دفء الأحضان. تقول: «أصبح الأمر مُلحّاً منذ تعرُّض أطفال غزة لاستباحة العصر. لمحتُ في عيون أهاليهم عدم القدرة على فعل شيء. منذ توحُّش الحرب هناك، وتمدُّد وحشيتها إلى لبنان، شعرتُ بأنّ المسألة طارئة. عليَّ أداء دوري. لن تنفع ذرائع من نوع (غداً سأبدأ)».

غلاف الألبوم المؤلَّف من 11 أغنية (صور تانيا صالح)

وفَّر الحبُّ القديم لأغنية الطفل، عليها، الكتابةَ من الصفر. ما في الألبوم، المؤلَّف من 11 أغنية، كُتب من قبل، أو على الأقل حَضَرت فكرته. تُكمل: «لملمتُ المجموع، فشكَّل ألبوماً. وكنتُ قد أنقذتُ بعض أموالي خشية أنْ تتطاير في المهبّ، كما هي الأقدار اللبنانية، فأمّنتُ الإنتاج. عملتُ على رسومه ودخلتُ الاستوديو مع الموسيقيين. بدل الـ(CD)؛ وقد لا يصل إلى أطفال في خيامهم وآخرين في الشوارع، فضَّلتُ دفتر التلوين وفي خلفيته رمز استجابة سريعة يخوّلهم مسحه الاستماع المجاني إلى الأغنيات ومشاهدتها مرسومة، فتنتشل خيالاتهم من الأيام الصعبة».

تُخطّط تانيا صالح لجولة في بعلبك وجنوب لبنان؛ «إنْ لم تحدُث مفاجآت تُبدِّل الخطط». وتشمل الجولة مناطق حيث الأغنية قد لا يطولها الأولاد، والرسوم ليست أولوية أمام جوع المعدة. تقول: «أتطلّع إلى الأطفال فأرى تلك السنّ التي تستحقّ الأفضل. لا تهمّ الجنسية ولا الانتماءات الأخرى. أريد لموسيقاي ورسومي الوصول إلى اللبناني وغيره. على هذا المستوى من العطف، لا فارق بين أصناف الألم. ليس للأطفال ذنب. ضآلة مدّهم بالعِلم والموسيقى والرسوم، تُوجِّه مساراتهم نحو احتمالات مُظلمة. الطفل اللبناني، كما السوري والفلسطيني، جدير بالحياة».

تعود إلى لبنان لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه للأطفال (صور تانيا صالح)

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال، تشعر أنها تستريح: «الآن أدّيتُ دوري». الفعل الفنّي هنا، تُحرّكه مشهديات الذاكرة. تتساءل: «كم حرباً أمضينا وكم منزلاً استعرنا لننجو؟». ترى أولاداً يعيشون ما عاشت، فيتضاعف إحساس الأسى. تذكُر أنها كانت في نحو سنتها العشرين حين توقّفت معارك الحرب الأهلية، بعد أُلفة مريرة مع أصوات الرصاص والقذائف منذ سنّ السادسة. أصابها هدوء «اليوم التالي» بوجع: «آلمني أنني لستُ أتخبَّط بالأصوات الرهيبة! لقد اعتدْتُها. أصبحتُ كمَن يُدمن مخدِّراً. تطلَّب الأمر وقتاً لاستعادة إيقاعي الطبيعي. اليوم أتساءل: ماذا عن هؤلاء الأطفال؛ في غزة وفي لبنان، القابعين تحت النار... مَن يرمِّم ما تهشَّم؟».

تريد الموسيقى والرسوم الوصول إلى الجميع (صور تانيا صالح)

سهَّلت إقامُتها الباريسية ولادةَ الألبوم المُحتفَى به في «دار المنى» بمنطقة البترون الساحلية، الجمعة والأحد، بالتعاون مع شباب «مسرح تحفة»، وهم خلف نشاطات تُبهج المكان وزواره. تقول إنّ المسافة الفاصلة عن الوطن تُعمِّق حبَّه والشعور بالمسؤولية حياله. فمَن يحترق قد يغضب ويعتب. لذا؛ تحلَّت بشيء من «راحة البال» المحرِّضة على الإبداع، فصقلت ما كتبت، ورسمت، وسجَّلت الموسيقى؛ وإنْ أمضت الليالي تُشاهد الأخبار العاجلة وهي تفِد من أرضها النازفة.

في الألبوم المُسمَّى «لعب ولاد زغار»، تغنّي لزوال «الوحش الكبير»، مُختَزِل الحروب ومآسيها. إنها حكاية طفل يشاء التخلُّص من الحرب ليكون له وطن أحلى. تقول: «أريد للأطفال أن يعلموا ماذا تعني الحروب، عوض التعتيم عليها. في طفولتي، لم يُجب أحد عن أسئلتي. لم يُخبروني شيئاً. قالوا لي أنْ أُبقي ما أراه سراً، فلا أخبره للمسلِّح إنْ طرق بابنا. هنا أفعل العكس. أُخبر الأولاد بأنّ الحروب تتطلّب شجاعة لإنهائها من دون خضوع. وأُخبرهم أنّ الأرض تستحق التمسُّك بها».

وتُعلِّم الصغار الأبجدية العربية على ألحان مألوفة، فيسهُل تقبُّل لغتهم والتغنّي بها. وفي الألبوم، حكاية عن الزراعة وأخرى عن النوم، وثالثة عن اختراع طفل فكرة الإضاءة من عمق خيمته المُظلمة. تقول إنّ الأخيرة «حقيقية؛ وقد شاهدتُ عبر (تيك توك) طفلاً من غزة يُفكّر في كيفية دحض العتمة لاستدعاء النور، فألهمني الكتابة. هذه بطولة».

من القصص، تبرُز «الشختورة» (المركب)، فتروي تانيا صالح تاريخ لبنان بسلاسة الكلمة والصورة. تشاء من هذه الحديقة أن يدوم العطر: «الألبوم ليس لتحقيق ثروة، وربما ليس لاكتساح أرقام المشاهدة. إنه شعوري بتأدية الدور. أغنياته حُرّة من زمانها. لم أعدّها لليوم فقط. أريدها على نسق (هالصيصان شو حلوين)؛ لكلّ الأيام».