الإقامة في «دار السعادة للمسنين» كانت حلاً مؤقتاً اختاره المخرج السوري علاء الدين كوكش عام 2014 على أمل العودة إلى بيته بريف دمشق الذي نزح عنه إلى حي المزة. إلا أن الحرب التي واصلت اشتعالها في سوريا واعتقال ابنته الممثلة سمر كوكش من زوجته الأولى الفنانة الراحلة ملك سكر أواخر عام 2013. ثم اضطراره لقبول التحاق أصغر أبنائه بوالدته المغربية التي كان قد انفصل عنها، جعل اللجوء إلى دار المسنين الخيار الآمن للبقاء في دمشق: «ولدت في سوريا وسوف أموت في سوريا»، هذا كان قراره الذي دأب على تأكيده في حواراته الإعلامية ومع الأصدقاء.
انتقل للعيش في دار السعادة للمسنين التي تحولت خلال الحرب إلى ملاذ لعدد من نجوم الفن والإعلام يمضون فيه سنواتهم الأخيرة كالفنان التشكيلي ممتاز البحرة والمخرج رياض ديار بكرلي اللذين رحلا العام الماضي، والمذيعة هيام الطباع وغيرهم، ومع أن كوكش عبر عن ارتياحه للإقامة في دار المسنين «كل شيء متوافر لي والخدمة ممتازة… ولكنني بانتظار العودة إلى بيتي». عندما أدركه اليأس من العودة إلى البيت تبرع كاتب مسرحية «إنهم ينتظرون موتك» بمكتبته الضخمة للمكتبة التربوية بدمشق، وانكفأ على القراءة والتواصل مع الأصدقاء عبر السوشيال ميديا يشاركهم ما ينال إعجابه من قصص وأخبار وفيديوهات ليتوقف عن إرسالها قبل نحو عام. لتنعيه مساء أول من أمس وزارة الإعلام ونقابة الفنانين بدمشق أحد كبار مؤسسي الدراما السورية، وأول من قدم أعمال البيئة الشامية.
المخرج علاء الدين كوكش المولود حي القيمرية بدمشق القديمة، عام 1942 أخذه العمل في التلفزيون السوري لدى تأسيسه، فقطع دراسته في قسم الدراسات الاجتماعية والفلسفية بجامعة دمشق، وسافر إلى ألمانيا لاتباع دورة في الإخراج عام 1966. لتتالى بعدها أعماله التلفزيونية التي تجاوزت الثلاثين مسلسلاً ما تزال حية في ذاكرة السوريين منها مذكرات حرامي - حارة القصر - أولاد بلدي - أسعد الوراق - رأس غليص - سيرة بني هلال - وضاح اليمن - تجارب عائلية - حصاد السنين - الذئاب - أبو كامل - أمانة في أعناقكم - حي المزار - الرجل سين - حكايا الليل والنهار. عن تلك الفترة التأسيسية قال كوكش: «في ذلك الوقت لم يكن هناك دراما سوريا، وحتى المسرح كان بسيطاً جداً. كان مطلوباً منا القيام بالتأسيس وكان همنا خلق دراما بنكهة سورية وأرضية سورية، واستطعنا شد الجمهور إلى أعمال تمثّل بيئتهم، علماً بأن الناس كانت معتادة اللهجة المصرية، وقد تطلب هذا وقتاً كي يعتاد الجمهور لهجته. بعدها أصبحت الدراما السورية مطلوبة في زمن إطلاق الفضائيات وعن أول عمل بيئة شامية قال: «كان طبيعياً أن أقدم مسلسلات بيئة شامية، واعتمدت بوقتها على الكاتب الإذاعي حكمت محسن، الذي كان أبو الدراما الإذاعية الشامية، وقدمنا المسلسل الأسبوعي (مذكرات حرامي) الذي أصبح حديث الشارع. وأحدث ضجة محلياً، وفي الدول المجاورة كالأردن ولبنان».
بالإضافة لإخراج المسلسلات الدرامية أخرج كوكش ثلاثة أفلام تلفزيونية والعديد من المسرحيات منها «الفيل يا ملك الزمان» و«حفلة سمر من أجل 5 حزيران» للكاتب سعد لله ونوس وجاءتا بعد نكسة حزيران 1967. وحققتا إقبالاً جماهيراً غير مسبوق في سوريا ولبنان. كما ألف كتابين «مسرحيات ضاحكة» وقصص «إنهم ينتظرون موتك».
«البيئة الشامية» تخسر مؤسسها المخرج علاء الدين كوكش
«البيئة الشامية» تخسر مؤسسها المخرج علاء الدين كوكش
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة