استبق الرئيس التركي رجب طيب إردوغان القمة الأوروبية التي ستعقد بعد غد (الخميس) بفتح الباب أمام الطرق الدبلوماسية للتوصل إلى حل دائم في منطقة شرق البحر المتوسط. بينما تصاعدت التحركات من اليونان وألمانيا لفرض حظر سلاح وعقوبات على أفراد وشركات وكيانات ترتبط بنشاط التنقيب «غير القانوني» عن النفط والغاز في المنطقة. ودعا إردوغان الاتحاد الأوروبي إلى التخلص مما سماه «العمى الاستراتيجي»، لافتا إلى أن الحل الدائم في شرق المتوسط يتطلب منح الدبلوماسية فرصة وجلوس جميع الأطراف في المنطقة إلى طاولة المفاوضات.
وقال إردوغان، في كلمة متلفزة خلال ورشة عمل حول شرق المتوسط في أنطاليا (جنوب تركيا) أمس (الاثنين): «لا يمكننا الوقوف مكتوفي الأيدي أمام التطورات في البحر المتوسط، إذا كان يراد إيجاد حل دائم لمشكلة البحر المتوسط فيجب منح الدبلوماسية فرصة... على الاتحاد الأوروبي التخلص من العمى الاستراتيجي، وألا يتصرف حيال شرق المتوسط حسب أهواء اليونان وقبرص». وأشار إلى أن مقترح بلاده حول تنظيم مؤتمر تشارك فيه جميع البلدان المطلة على المتوسط بما في ذلك القبارصة الأتراك ما زال قائما، مضيفا «لن نرضخ للتهديدات والضغوط، ولن نسمح للتوسعية الإمبريالية، وننتظر من نظرائنا الاستجابة لدعوات تركيا للحوار وحل الخلافات بالمفاوضات».
من جانبه، اعتبر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أن بلاده تدافع عن العدالة في شرق المتوسط وليبيا وإقليم قره باغ.
وقال جاويش أوغلو، في كلمة متلفزة إلى المؤتمر: «لا نقول إننا نريد كل شيء لأننا أقوياء ميدانيا وعلى طاولة المفاوضات في ليبيا وشرق المتوسط وقره باغ، نحن ندافع عن العدالة والتقاسم العادل، وما جرى في قره باغ سيكون لصالح أرمينيا أيضا».
وقيم وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، أمس، أسباب فرض عقوبات على تركيا، بسبب نزاع على الغاز في البحر المتوسط قبل أن يقرر قادة الاتحاد ما إذا كانوا سينفذون تهديدهم بفرض إجراءات عقابية عليها بسبب أنشطة التنقيب «غير القانونية» عن النفط والغاز في شرق المتوسط.
ولم يتخذ الوزراء قرارات في اجتماعهم، انتظارا لقمة قادة الاتحاد بعد غد، والذين طلبوا من تركيا في قمتهم السابقة، في أكتوبر (تشرين الأول) التوقف عن التنقيب في المياه المتنازع عليها في شرق البحر المتوسط أو مواجهة العواقب. وفي تصريح، قبل الاجتماع، قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، إن بلاده تبذل جهوداً لتطوير الحوار بين تركيا والاتحاد الأوروبي، لافتا إلى أن أنقرة تقوم بـ«تصرفات استفزازية»، وأن المشاركين في الاجتماع سيناقشون نتائج تلك الممارسات التركية. وسحبت تركيا في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) سفينة البحث «أوروتش رئيس» إلى أنطاليا، في خطوة تهدئة استباقية لتجنب عقوبات محتملة خلال القمة الأوروبية.
ودعا رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، الذي يرأس قمم الاتحاد الأوروبي، تركيا الأسبوع الماضي إلى التوقف عن ممارسة لعبة «القط والفأر»، من خلال تقديم تنازلات تتراجع عنها بعد ذلك (في إشارة إلى تكرار سحب وإعادة سفن البحث والتنقيب إلى شرق المتوسط في مناطق النزاع مع اليونان وقبرص). وكشفت وسائل إعلام يونانية، أنَّ أثينا ستدعو الاتحاد الأوروبي لفرض حظر سلاح على تركيا. وقال وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس، الأحد، إن تركيا تقوم بعمليات عسكرية على أراض أجنبية وتحتل أراضي في دول مجاورة وتهدد بإشعال حرب، مؤكدا أنها تهدد استقرار أوروبا والعرب والقوقاز، وتنازع الدول الأوروبية على السيادة والحقوق السيادية، وتنقل المتطرفين وتتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى بدعم الحركات المتطرفة. في السياق ذاته، ذكرت وسائل إعلام تركية أن ألمانيا، الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي، تقود حملة أوروبية ضد تركيا، بسبب زيادة الانتهاكات الحقوقية في ظل حكم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وأنه تم عرض مشروع قرار في هذا الصدد أمس على وزراء الخارجية، تمهيدا لإقراره خلال القمة الأوروبية.
وتطالب حكومة أنجيلا ميركل، الاتحاد الأوروبي بتوقيع عقوبات على الأفراد والشركات والمنظمات التركية بأوروبا، وهو المقترح الذي وافق وزراء الخارجية الأوروبيون على طرحه، لتجميد أصول المتورطين في جرائم التعذيب أو العنف الجنسي، كما سيتم منع هؤلاء الأشخاص من دخول الاتحاد الأوروبي. وبحسب وسائل الإعلام، تم اختيار قانون «ماغنيتسكي» الأميركي كمعيار لتوقيع عقوبات على أنقرة، ولن تكون تركيا الوحيدة المدانة وفقا لذلك القانون، إذ سيتم مناقشة توقيع عقوبات على الدول التي ارتكبت جرائم استخدام الأسلحة الكيميائية. ووافقت دول الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي على اللائحة الجديدة التي نصت على اختيار قانون «ماغنيتسكي» الذي أقر عام 2012، كنموذج لتوقيع العقوبات على الدول التي تنتهك مواثيق وقوانين الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وينص القانون على معاقبة الشخصيات الروسية المسؤولة عن وفاة محاسب الضرائب سيرجي ماغنيتسكي في سجنه في موسكو عام 2009، بسبب سوء المعاملة والرعاية الطبية غير الكافية.
إردوغان: لن نقف مكتوفي الأيدي أمام ما يجري في البحر المتوسط
إردوغان: لن نقف مكتوفي الأيدي أمام ما يجري في البحر المتوسط
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة