هادي: اليمن يتعرض لحملة إعلامية مسيسة وظالمة والعملية السياسية في الطريق نحو تحقيق أهدافها

لجنة رئاسية تناقش الأوضاع في مأرب مع القيادات العسكرية والأمنية

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي
TT

هادي: اليمن يتعرض لحملة إعلامية مسيسة وظالمة والعملية السياسية في الطريق نحو تحقيق أهدافها

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي

قال الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي إن بلاده تتعرض لحملة إعلامية دولية على خلفية الحادث الإرهابي الذي شهدته العاصمة الفرنسية باريس، مؤخرا، في الوقت الذي تواصل لجنة رئاسية عملها الميداني في محافظة مأرب لتجنيب المحافظة المواجهات العسكرية المسلحة بين الحوثيين وقبائل المحافظة.
وقال هادي، خلال لقائه، أمس، السفيرة البريطانية في صنعاء، جين ماريوت، إن اليمن يتعرض لحملة «إعلامية مسيسة وظالمة تستهدفها بناء على معلومات مغلوطة عقب الحادثة الإرهابية التي وقعت في باريس»، مؤخرا وأكد أن الشخص «الذي قيل بأنه جاء اليمن ليتعلم خلال 3 أيام الرمي بالمسدس كان مسجونا ورهن التحقيق لمدة عامين في فرنسا»، وتساءل هادي: «لماذا تأتي العناصر المشبوهة إلى اليمن ثم تعود دون أي مساءلة عن مهمتها؟»، وأضاف الرئيس اليمني أن «الحملة الظالمة التي يتعرض لها اليمن ربما لأهداف ومقاصد لها ما بعدها وأنه يتم إرسال إرهابيين إليه من مختلف الأصقاع وهم مشبوهون لدى دولهم وأجهزة الأمن في بلدانهم»، مؤكدا أن بلاده تتحمل «أعباء ومشاكل جمة أثرت على الحياة العامة الاقتصادية والاستثمار جراء أعمال الإرهاب».
وتطرق الرئيس اليمني إلى العملية السياسية الجارية في بلاده وقال: إنها «تمضي صوب تحقيق أهدافها الكاملة خصوصا بعد إنجاز مسودة الدستور الأولى التي ستمثل النقلة النوعية إلى النظام الجديد لليمن الاتحادي وفقا لمقتضيات المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة»، وأشار إلى أن الخطوة المقبلة هي «مناقشة وإقرار الدستور ومن ثم الاستفتاء عليه ليكون الطريق سالكا إلى الانتخابات البرلمانية والمجالس المحلية والرئاسية على مستوى العاصمة الاتحادية والأقاليم»، وأن اليمن «في طريقه إلى إنجاز منظومة التغيير السياسي المرتكزة على الحكم الرشيد والعدالة والحرية والمساواة وطي صفحة الماضي بكل تفاصيلها وماسيها»، وطالب المجتمع الدولي بـ«دعم اليمن لتنفيذ هذه المهام الوطنية نظرا لمقتضيات الحاجة وما تمر به البلاد من ضعف اقتصادي».
إلى ذلك، تواصل لجنة رئاسية برئاسة وزير الدفاع اللواء الركن محمود الصبيحي، عملها الميداني في محافظة مأرب من أجل التوصل إلى صيغة لتطبيق اتفاق السلم والشراكة وتجنيب المحافظة المواجهات العسكرية في ظل المعلومات عن استعداد الحوثيين لاجتياح المحافظة كمثيلاتها من المحافظات في شمال البلاد، وقالت مصادر محلية في مأرب لـ«الشرق الأوسط» إن اللجنة، التقت، أمس، بالقيادات العسكرية والأمنية بالمحافظة وإن اللقاء ركز على مناقشة المناطق التي يتواجد فيها الحوثيون وما يطرح حول سعيهم لاجتياح المحافظة عسكريا والاستعدادات العسكرية والجاهزية القتالية لدى قوات الجيش والأمن، إضافة إلى مناقشة الأوضاع في مأرب «وما تمر بها من تفاعلات وأوضاع سياسية وأمنية غير مستقرة تؤثر تأثيرا سلبيا مباشرا على حياة المواطنين في عموم الوطن واستقرارهم الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي».
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) عن وزير الدفاع نقاشه لطبيعة «عمل لجنة معالجة قضايا مأرب والجوف المنطلق من اتفاق السلم والشراكة الوطنية وطبيعة الخطوات العملية والإجرائية التي سوف تقوم بها لنزع فتيل الأزمة والتوتر الذي تشهده محافظتا مأرب والجوف»، ودعا الوزير اليمني إلى «ضرورة أن يتسلح الجميع بمنطق الحكمة ورجاحة العقل وتغليب مصلحة الوطن فوق المصالح السياسية الضيقة»، وإلى أن يكون قادة الوحدات العسكرية والأمنية في المحافظتين «خير سند وعون لإخوانهم المواطنين في الحفاظ على أمن وسكينة المجتمع ومحاربة كافة مظاهر الاختلالات الأمنية وحوادث الإرهاب والتقطع باعتبار ذلك ثقافة دخيلة على عادات وتقاليد شعبنا الحميدة الموسوم بها عبر التاريخ».
وفي الوقت الذي يحشد أبناء قبائل مأرب آلاف المقاتلين لمواجهة احتمال اجتياح المحافظة النفطية الهامة من قبل ميليشيا الحوثيين، دعا وزير الدفاع «أبناء مأرب والجوف وشخصياتها الاجتماعية ونخبها السياسية والحزبية والاجتماعية إلى العمل مع اللجنة بروح الوطن الواحد والأهداف والمصالح المشتركة المتمثلة ببناء وتجذير مداميك الثقة والمصداقية ونزع فتيل التوتر والمكايدات والمهاترات السياسية والإعلامية والعمل بمخرجات الحوار واتفاق السلم والشراكة الوطنية على قاعدة لا ضرر ولا ضرار ولا غالب ولا مغلوب وأن ينتصر الجميع لوطن تسوده قيم العدالة والإخاء والحرية والمساواة والحكم الرشيد الذي يلبي طموحات وتطلعات كل فئات وشرائح المجتمع».
وأعربت شخصيات قبلية لـ«الشرق الأوسط» عن استغرابها لسعي الحوثيين إلى الشراكة في مأرب والجوف، في الوقت الذي يجعلون من محافظتي صعدة وعمران مغلقتين أمام القوى السياسية الأخرى ويسعون إلى التوسع والتواجد في المحافظات والمناطق التي ليس لهم فيها وجود. وتعد مأرب من أهم المحافظات اليمنية ففيها ثروات نفطية كبيرة وثروات غاز وبها محطات توليد الطاقة الكهربائية التي تغذي معظم المحافظات اليمنية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.