صراع الأجنحة الحوثية على المنهوبات يمتد إلى قادة الأجهزة الأمنية

تصفيات في الحديدة ومحاولات اغتيال في صنعاء

TT

صراع الأجنحة الحوثية على المنهوبات يمتد إلى قادة الأجهزة الأمنية

أخذ الصراع بين الأجنحة الحوثية على الأموال المنهوبة والنفوذ منحى تصاعدياً في الأيام الأخيرة، وصولاً إلى احتدامه بين قادة الأجهزة الأمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، وانتهاء بتصفيات بينية في محافظة الحديدة، ومحاولات اغتيال واختطافات متبادلة في العاصمة المختطفة، بحسب ما أفادت به مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».
وبينما تصاعدت أخيراً حدة تلك التوترات بين أجنحة الانقلابيين، ووصلت بعضها حد الاغتيالات والتصفيات، كشفت المصادر عن تعرض ابن عم زعيم الجماعة محمد علي الحوثي، الحاكم الفعلي لمجلس حكم الانقلاب، لمحاولة اغتيال بمنطقة دار سلم جنوبي صنعاء، أدت إلى مقتل أحد مرافقيه.
ونقلت المصادر عن مقربين من الميليشيات في صنعاء، أن الحوثي نجا من عملية الاستهداف، بينما اعترفت الجماعة بمصرع أحد قادتها الأمنيين، في منطقة دار سلم التي تتبع إدارياً مديرية سنحان وبني بهلول التابعة لمحافظة صنعاء (أرياف صنعاء).
وأشار بيان بثه مركز الإعلام الأمني التابع للميليشيات بصنعاء، إلى أن القيادي الحوثي المدعو أسامة صالح عبده الحضاري الذي ينتحل رتبة نقيب، قتل في منطقة دار سلم، أثناء تصديه لما وصفته الجماعة «بـعصابة خارجة عن النظام والقانون».
وفي سياق هذا الصراع بين الأجنحة الحوثية الذي اتجه في الآونة الأخيرة صوب عمليات التصفية الجسدية والاعتقالات وتبادل الاتهامات بارتكاب جرائم وقضايا فساد، كشفت المصادر في صنعاء عن نشوب خلافات حادة مؤخراً بين قيادات ما يسمى «جهاز الأمن الوقائي» التابع للجماعة من جهة، وقيادات الميليشيات فيما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» من جهة ثانية.
وقالت المصادر إن المسؤول عن «الأمن الوقائي» المدعو عزيز الجرادي المكنى «أبو طارق» قام أخيراً عبر عربات مسلحة تابعة له، باختطاف المسؤول المالي لـ«جهاز الأمن والمخابرات» الذي يقوده المدعو الكرار الخيواني وإيداعه أحد سجونه السرية، على خلفية أموال منهوبة رفض الخيواني تقاسمها مع «أبو طارق».
وتحدثت المصادر لـ«الشرق الأوسط» عن أن كافة الموارد المالية الخاصة بأجهزة الميليشيات الاستخباراتية، تورد إلى خزينة «أبو طارق»، وهو المكلف بتوزيعها على بقية القيادات الحوثية في الأمن والمخابرات.
وأشارت إلى أن الخيواني قام بتوجيه طلب لهيئة الزكاة الحوثية، بمنحه مبالغ مالية بعيداً عن التي تصرف عبر «أبو طارق»، وهو ما أثار حفيظة الأخير، وتسبب في اندلاع مشادات كلامية بينهما وخلافات وصلت حد الاختطافات المتبادلة لعناصر الطرفين.
وأوضحت المصادر أن وزير داخلية الميليشيات المدعو عبد الكريم الحوثي، قام باستدعاء «أبو طارق» والكرار الخيواني إلى مكتبه قبل أيام، لمحاولة حل الخلاف الدائر بينهما، وكشفت عن أن المدعو «أبو طارق» رفض أن يتدخل الكرار الخيواني في المبالغ المالية، وطالب بعدم منحه أي صلاحيات للتخاطب مع الجهات الإيرادية تحت أي ظرف كان؛ مؤكداً أن «الأمن والمخابرات» يتبعان «جهاز الأمن الوقائي» تحت قيادته.
في غضون ذلك تصاعدت حدة الخلافات التي قادت إلى اندلاع اشتباكات بين قادة ومشرفي الجماعة الميدانيين، وأفادت لـ«الشرق الأوسط» مصادر مطلعة في الحديدة بأن قيادياً حوثياً بارزاً لقي مصرعه قبل أيام إثر اشتباكات اندلعت بين مسلحي الجماعة، بعد نشوب خلاف على منهوبات تخص مواطنين بمديرية حيس الواقعة جنوب شرقي مدينة الحديدة.
وأكدت المصادر أن القيادي الحوثي المدعو فهد المنصوب، وهو مشرف مجموعة حوثية في منطقة المحجر جنوب حيس، لقي مصرعه على يد ابن عمه، جراء خلافات نشبت بين صفوف عناصر الميليشيات حول عوائد عمليات ابتزاز ونهب مارستها الجماعة بحق مواطنين وسكان محليين في المنطقة.
وعلى المنوال نفسه، وعقب الصراع الحوثي في حيس بأيام، تحدثت تقارير محلية في الحديدة عن نشوب خلافات حوثية أخرى بالمنطقة ذاتها، وتحديداً بين مشرفي ومسلحي الجماعة، تطورت في الأخير إلى اندلاع مواجهات مسلحة وصفت بـ«العنيفة».
وقالت بعض التقارير إن مجموعة حوثية في بلدة المحجر، بقيادة مشرفها المدعو فارس عريك، قامت بنصب كمين في منطقة الحدقة للمدعو فضل أحمد راجح جعاشي الذي يشغل مشرف منطقة حاضية، وأسفر الكمين عن مصرع أحد مرافقيه وإحراق سيارته.
وأضافت أن الكمين جاء عقب قيام المدعو فضل جعاشي بتصفية أحد العناصر التابعة للجماعة من أبناء بلدة المحجر، في نقطة أمنية بمنطقة ظمي.
وتحدثت المصادر عن أنه في الوقت الذي تتواصل فيه الاشتباكات الحوثية البينية في أكثر من مكان بمديرية حيس، على خلفية ثارات وتصفيات جسدية وتقاسم منهوبات، لا تزال عمليات الابتزاز والنهب والعبث التي يقودها مشرفو ومسلحو الجماعة مستمرة بحق القاطنين في تلك المنطقة.
وكان الصراع بين أجنحة وصفوف الانقلابيين في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتهم قد دخل طوراً جديداً؛ خصوصاً عقب وصول الحاكم العسكري الإيراني حسن إيرلو إلى صنعاء قبل أسابيع، بصفته سفيراً مزعوماً.
ووجَّه يمنيون كُثر في وقت سابق اتهامات مباشرة لـ«سفير» إيران في صنعاء، بوقوفه وراء تغذية صراعات أجنحة الميليشيات الحوثية، ووقوفه بذلك الصراع كطرف داعم ومساند للجناح الحوثي العقائدي القادم من صعدة، على حساب جناح السلالة في كل من صنعاء وعمران وذمار وإب.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.