الصين في طليعة سباق اللقاحات لكنها «ليست مستعجلة»

لقاح «فايزر» المضاد لـ«كورونا» (أ.ف.ب)
لقاح «فايزر» المضاد لـ«كورونا» (أ.ف.ب)
TT

الصين في طليعة سباق اللقاحات لكنها «ليست مستعجلة»

لقاح «فايزر» المضاد لـ«كورونا» (أ.ف.ب)
لقاح «فايزر» المضاد لـ«كورونا» (أ.ف.ب)

في حين تتسارع الاستعدادات في الدول الأوروبية لاستقبال الدفعات الأولى من اللقاحات المضادة لفيروس «كورونا» وإنجاز التحضيرات اللوجيستية لتخزينها ونقلها، تفيد دراسة نشرتها مجلة «Science» العلمية الرصينة في عددها الأخير، إلى أن الغلبة في سباق اللقاحات لن تكون من نصيب إحدى الشركات الثلاث: «فايزر» أو «موديرنا» أو «أسترازينيكا»؛ بل من نصيب الصين التي منذ بداية الجائحة تعمل بصمت وتكتّم متقدمة أشواطاً على الدول الأخرى.
ويشير واضع الدراسة؛ الباحث الأميركي جون كوهين، إلى أنه فيما تنتظر اللقاحات الثلاثة الموافقة النهائية من الهيئات الناظمة في أوروبا والولايات المتحدة، كانت الصين قد حقنت لقاحها الأول في نهاية فبراير (شباط) الماضي لعالمة الفيروسات واللواء في «الجيش الأحمر» تشين واي، ولستة من العلماء العسكريين، عندما كانت الدول الغربية لا تزال تعتقد أن الفيروس مقصور انتشاره على الشرق، ولن يتجاوز قلاعها العلمية الحصينة.
ويذكّر كوهين بأن تشين واي، التي رُفعت إلى مصاف البطلة القومية بفضل البحوث التي أجرتها لتطوير لقاح ضد فيروس «إيبولا»، كانت أول من توجّه مع فريقها إلى بؤرة ظهور الوباء في مدينة ووهان للمساعدة في الأبحاث التي كانت بدأتها شركة «CanSino Biologics» لتطوير علاج أو لقاح ضد الفيروس، وتناولت اللقاح مع 6 من أعوانها من غير بيانات صحافية أو تغطية إعلامية واسعة.
وتنكبّ شركات صينية ثلاث على صلة وثيقة بالسلطات الرسمية، منذ ظهور الوباء وتحديد هويّته الجينيّة، على تطوير لقاحات ضد «كوفيد19» في جهد بحثي ضخم على غرار العملية التي أطلقتها الإدارة الأميركية تحت عنوان «Operation Warp Speed (فائقة السرعة)» وخصصّت لها 10 مليارات دولار. وحسب آخر البيانات المتوفرة لدى منظمة الصحة العالمية، فإن هذه الشركات الثلاث بلغت الشوط الأخير من المرحلة الثالثة لإجراء التجارب السريرية على 4 لقاحات بين متطوعين في أكثر من 15 بلداً، وينتظر الخبراء أن تعلن عن نتائجها النهائية في الأسابيع القليلة المقبلة، أي قبل أن يتضّح الجدول الزمني للموافقة على اللقاحات الغربية ومواقيت نزول الدفعات الأولى منها إلى الأسواق.
لكن الخبراء يلفتون إلى أن «اللقاحات الصينية» التي يجري تطويرها حالياً تواجه عقبة غير منتظرة هي مفارقة من منظور الدول الأخرى التي تطوّر لقاحات، وناجمة عن النجاح الذي حققته الصين في احتواء الوباء؛ بحيث إن نسبة المصابين تضاءلت إلى حد بات من الصعب معه إيجاد الأعداد الكافية للتجارب السريرية. وهذا تماماً عكس ما يحدث في الولايات المتحدة؛ حيث أدى «تسونامي» انتشار الوباء إلى عدد غير متوقع من الإصابات ساهم في تسريع التجارب السريرية. يضاف إلى ذلك، أن الاستراتيجية الصينية لتطوير اللقاحات، بعكس الأميركية، تعتمد التقنيّة القديمة التي تقوم على تعطيل الفيروس أو التخفيف من قوّته لحقنه في المتطوعين.
ويذكر أن الصين قد وقّعت اتفاقات مع أكثر من 15 دولة، خصوصاً في العالم العربي والبرازيل حيث تجري تجارب على السكان الأصليين في المجاهل الأمازونية. ويشير الخبراء إلى أن الصين لا تشعر بالحاجة للإسراع في تطوير اللقاحات وإنتاجها، نظراً للنجاح الذي حققته تدابير الحجر وبروتوكولات التجارب التي وضعتها لاحتواء الوباء والسيطرة عليه، وأن اهتمامها ينصبّ على أن تصبح المركز العالمي لتطوير اللقاحات والقوة العلمية الكبرى التي يحتاج العالم إليها للتغلّب على هذه الجائحة ومواجهة الجائحات المقبلة، وهي استراتيجية لا تختلف كثيراً عن تلك التي تنهجها في مجالات أخرى مثل البيانات الكبرى والاتصالات والعلوم الفيزيائية المتطورة.
- عقود إيطاليا
في غضون ذلك، صرّح وزير الصحة الإيطالي روبرتو سبيرانزا، أمس الثلاثاء، بأنه يتوقّع وصول الدفعة الأولى من لقاح «فايزر» في أواسط الشهر المقبل بعد الموافقة النهائية من «وكالة الأدوية الأوروبية»، وقال إن الحكومة تعاقدت على شراء نحو 120 ثلاجة خاصة لتخزين اللقاحات وتوزيعها على المستشفيات ومنها على مراكز التلقيح التي قدّر أن عددها يقارب الثلاثمائة.
وأشار سبيرانزا إلى أن شركة «فايزر» ستسلّم إيطاليا 27 مليون جرعة لقاح في العام المقبل، منها 1.7 مليون جرعة دفعة أولى توزّع على أفراد الطواقم الصحية والمسنّين والمصابين بأمراض مزمنة. وقال إن اللقاحات قابلة للتخزين لفترة لا تزيد على أسبوعين، وبالتالي فإن توزيعها يقتضي خطة لوجيستية دقيقة تفادياً لإتلافها. وأضاف أن شركة «موديرنا» تعهدت بتسليم إيطاليا 10 ملايين جرعة قبل نهاية الفصل الأول من العام المقبل.
وبعد أن تقدمّت شركة «موديرنا» الاثنين الماضي بطلب من «الوكالة الأوروبية للأدوية» للموافقة على استخدام لقاحها في الحالات الطارئة، مؤكدة أن له فعالية بنسبة 100 في المائة في معالجة الإصابات الخطرة و94.1 في المائة في معالجة الحالات الأخرى، قال ناطق باسم «الوكالة الأوروبية» إن فاعلية اللقاحات هي التي تحددها نتائج الاختبارات التي يجريها خبراء الهيئة الناظمة.
وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون در لاين، قد أعلنت مساء الاثنين أنها وقّعت عقداً، هو الخامس، مع شركة «كيورفاك» التي تطوّر لقاحاً ضد «كوفيد19» ينتظر أن تطلب الموافقة على تسويقه أواسط الشهر الحالي.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.