وعاد جون غاليانو إلى حضن الموضة

وعاد جون غاليانو إلى حضن الموضة
TT

وعاد جون غاليانو إلى حضن الموضة

وعاد جون غاليانو إلى حضن الموضة

يوم الاثنين الماضي، وعلى الساعة الرابعة والنصف، عاشت أوساط الموضة لحظات تاريخية سيتردد صداها طويلا. كانت المناسبة أول عرض لجون غاليانو لدار «ميزون مارجيلا»، بعد غياب أربع سنوات تقريبا.
أربع سنوات لم يتأثر فيها هو وحده، بسبب طرده من «ديور» بعد تفوهه بكلمات معادية للسامية وهو في حالة لا وعي، ومنعه إلى حد ما من ممارسة ما يتقنه في الحياة، ألا وهو تصميم أزياء درامية منسوجة بالأحلام والخيال. عاد يوم الاثنين الماضي، وأعاد لـ«هوت كوتير» بريقها. قراره أن يعرض في لندن عوض باريس، كما هي عادة «ميزون مارجيلا» في كل موسم، كان غريبا، نتجت عنه تكهنات كثيرة، لكن الكل كان مرحبا وتواقا لما سيقدمه.
غني عن القول أن الحدث كاد يغطي على أسبوع الموضة الرجالي، لولا أنه كان في آخر يوم من أيامه الأربعة. غني عن القول أيضا أنه اقتصر على عدد محدود من الحضور لا يتعدى الـ100، أغلبهم من أصدقاء غاليانو والمقربين منه، وعلى رأسهم أنا وينتور، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» الأميركية والعارضة كيت موس، بالإضافة إلى مصممين لم يريدوا أن يفوتوا على أنفسهم هذه اللحظة التاريخية، مثل كريستوفر بايلي، ومانولو بلانيك، وجاسبر كونران، وغيرهم، ثم حفنة منتقاة من وسائل الإعلام العالمي. كانت القاعة صغيرة مقارنة بما كان غاليانو معتادا عليه في دار «ديور»، عبارة عن صفين فقط من المقاعد التي غُطيت بالأبيض، وكأنها تذكرنا بأننا في دار «ميزون مارجيلا» حيث يجري كل شيء وكأنه في مختبر تجريبي، لكن دائما بلغة شاعرية تلمس القلب والعقل على حد سواء.
ماركة الدار المسجلة أنها تنتبه إلى تفاصيل لا ينتبه لها غيرها، وتبحث فيها وكأنها علم وفن على حد سواء. في هذا العرض، أكد غاليانو المثل القائل «وافق شن طبقة»، لأنه هو الآخر شاعر وباحث لا يخاف المجهول والغوص فيه، بغض النظر عن توجهات الموضة وما تتطلبه عملية تسويقها. لا شك أنه كان يعرف بأن التوقعات كبيرة، والأقلام مستعدة لإجراء مقارنات كثيرة، إلا أن المعجبين به والمتمرسين في عالم الموضة ممن يتمتعون بأصوات قوية، كانوا يعرفون هذا أيضا، وبالتالي على أتم الاستعداد للدفاع عنه، رغم أنه لم يكن يحتاج إلى أي دفاع. فتشكيلته جاءت زواجا بين أسلوبه الدرامي الجريء، وفلسفة «ميزون مارجيلا» في ابتكار الجديد، والمستقبلي المطبوع بالهدوء الراقي البعيد عن المسرحي.
من الواضح أن المصمم تجاذبته صراعات بين رغبته في إحياء أسلوبه القديم، وحاجته إلى الانسلاخ منه، مما أثمر عن قطع أزياء معقولة يمكن أن تبيع، ليس لأنها موقعة باسمه، أو لأنها تعتمد على كونها أول تشكيلة له لـ«ميزون مارجيلا»، بل لأنها بالفعل تخاطب الأسواق العالمية، بدءا من التايورات المفصلة التي تميز بعضها بياقات «نهرو» إلى جوارب النايلون بالأبيض والأسود، مرورا بالفساتين المفككة التي تنطوي على فنية عالية افتقدها عالم الموضة طوال فترة غيابه.



غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.