الحوار الليبي يتواصل اليوم في طنجة المغربية... والنواب إلى غدامس غداً

العبيدي: وجهات نظر المشاركين تكاد تكون متقاربة جداً لتذويب الجليد

جانب من الجلسة الافتتاحية للحوار الليبي- الليبي في طنجة أمس ( ماب)
جانب من الجلسة الافتتاحية للحوار الليبي- الليبي في طنجة أمس ( ماب)
TT

الحوار الليبي يتواصل اليوم في طنجة المغربية... والنواب إلى غدامس غداً

جانب من الجلسة الافتتاحية للحوار الليبي- الليبي في طنجة أمس ( ماب)
جانب من الجلسة الافتتاحية للحوار الليبي- الليبي في طنجة أمس ( ماب)

انطلقت أمس بمنتجع «هيلتون هوارة»، الواقع في ضواحي مدينة طنجة المغربية (شمال)، جولة جديدة من الحوار الليبي - الليبي بين وفدين يمثلان المجلس الأعلى للدولة في ليبيا (طرابلس)، ومجلس النواب الليبي (طبرق).
ويقود وفد المجلس الأعلى للدولة محمد أبو سنية، فيما تقود وفد مجلس النواب عائشة شلابي. وتروم هذه الجولة من الحوار، التي تندرج في سياق جلسات «13 + 13»، التشاور حول الحوار الجاري في تونس، وتوحيد الرؤى حول المسارين السياسي والدستوري بليبيا.
وتأتي هذه الجولة الجديدة من الحوار بعد جولتين سابقتين بمدينة بوزنيقة في شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، تُوجتا بالتوصل إلى «تفاهمات شاملة حول ضوابط وآليات ومعايير اختيار شاغلي المناصب القيادية للمؤسسات السيادية، المنصوص عليها في المادة 15 من الاتفاق السياسي الليبي، الموقع في ديسمبر (كانون الأول) 2015 بمدينة الصخيرات» المغربية. كما تأتي هذه الجولة بعد يومين فقط من انتهاء لقاء طنجة التشاوري بين أعضاء مجلس النواب، وتفاهم أعضائه على عقد اجتماع بمدينة غدامس، الواقعة عند الحدود التونسية - الجزائرية، بعد سنوات من الانقسامات، توصل خلالها المجتمعون إلى نتائج ملموسة، أبرزها إنهاء المرحلة الانتقالية بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال سنة.
وتتصدر المناصب السيادية محاور النقاش في طنجة من أجل الوصول إلى حل متوافق عليه لعرضه لاحقاً على مجلس النواب للتصويت عليه.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن الحوار الليبي - الليبي سيتواصل اليوم (الثلاثاء) في طنجة بعدما جرى الإعلان أنه سينتقل إلى منتجع بوزنيقة، على أن يغادر النواب المغرب غداً (الأربعاء) في اتجاه مدينة غدامس؛ حيث سيعقد أول اجتماع رسمي لمجلس النواب الليبي بعد مدة طويلة من عدم الالتئام.
في سياق ذلك، قال عبد القادر الحويلي، عضو المجلس الأعلى للدولة، في تصريح صحافي: «نحن هنا في طنجة على أساس ما اتفق عليه في تونس بأن المجلس الأعلى للدولة مناطة به المناصب السيادية والمسار الدستوري، وذلك للتفاهم والتشاور بين المجلسين بهدف دفع مسار الحوار إلى أقصى درجة لينجح هذه المرة في حل الأزمة الليبية».
من جهته، أبدى النائب حماد العبيدي عن دائرة درنة، وعضو لجنة الحوار المنبثقة عن مجلس النواب، تفاؤله بنتائج اجتماع طنجة، مشيراً إلى أن الاجتماع يأتي بعد جلسات حوار سابقة في تونس شابها شيء من التعقيد.
وأضاف العبيدي موضحاً أن وجهات النظر تكاد تكون متقاربة جداً لتذويب الجليد، متوقعاً الوصول إلى نتيجة جيدة تختصر المسافات في الحوار المقبل.
بدوره، قال النائب محمد الرعيض، عضو لجنة الحوار عن مجلس النواب: «نحن اليوم سعداء من أجل الذهاب إلى الحوار السياسي بشكل أقوى يجعل للجسمين الشرعيين (مجلس النواب ومجلس الدولة) دوراً أكبر في دعم الاستقرار في ليبيا، وتوحيد كلمة الليبيين لاختيار الجسم التنفيذي الذي يستطيع قيادة البلاد».
وأضاف الرعيض أن مجلس النواب اليوم يختلف عن مجلس النواب قبل لقاء طنجة التشاوري، الذي انتهى السبت، لأن وجود أكثر من 125 نائباً، واستعدادهم للذهاب إلى غدامس «يعني الكثير والكثير»، مشيراً إلى أن «لقاءنا اليوم سيكون هدفه الأسمى هو مصلحة الشعب الليبي، وحل الأزمات الموجودة في ليبيا».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.