رواية غرائبية تنال جائزة «غونكور» الفرنسية

3 كتّاب وكاتبة أفريقية تنافسوا للفوز

المتنافسون الأربعة
المتنافسون الأربعة
TT

رواية غرائبية تنال جائزة «غونكور» الفرنسية

المتنافسون الأربعة
المتنافسون الأربعة

عد تأجيل إعلانها تضامناً مع إغلاق المكتبات بسبب «كورونا»، أعلن في باريس، أمس، فوز الروائي هيرفيه لوتيلييه (63 عاماً) بجائزة «غونكور» عن روايته «الشذوذ» الصادرة عن «غاليمار». وتعتبر الجائزة التي تأسست عام 1903 الأرفع بين ما يناله الأدباء الذين يكتبون باللغة الفرنسية مهما كانت جنسياتهم. وخلافاً للعادة المتبعة منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، أُعلنت النتيجة عبر موقع إلكتروني وليس من مطعم «دروان» العريق الذي يجتمع فيه المحكمون على مائدة غداء. فالمطاعم ما زالت مغلقة في فرنسا وفقاً لضرورات التباعد.
المؤلف متخصص في الرياضيات. وهو صحافي سابق ورئيس لجمعية تدعى «الفتاحة المحتملة للأدب». وهو قد نال 8 أصوات من مجموع 10 محكمين يشكلون «أكاديمية غونكور». وقد توقع معظم النقاد فوز «الشذوذ» لما تتضمنه من غرابة وتشويق. وهي رواية من نوع الخيال الواقعي، تقع أحداثها في العام المقبل، تتناول عدة شخصيات كانت في رحلة بالطائرة متجهة من باريس إلى نيويورك. بينهم رب عائلة يعمل قاتلاً مأجوراً، ومغن أفريقي شهير سئم العيش في الأكاذيب، ومحامية تقع في فخ أخطائها، وكاتب اشتهر فجأة. وقد كانت لكل منهم حياة سرية لكن حادثاً كشفهم بشكل غير متوقع. أو كما يقول المؤلف: «هناك أمر يثير الإعجاب يتجاوز المعرفة والذكاء وحتى العبقرية. إنه عدم الفهم».
ومن بين 500 رواية صدرت في فرنسا خلال موسم 2020. وصلت إلى القائمة القصيرة ثلاث روايات بالإضافة إلى الرواية الفائزة. والروايات الأخرى هي: «نافذات الصبر» للكاتبة الكاميرونية جايلي أمادو أمل الصادرة عن منشورات «إيمانويل كولا». وقد شكل وصولها إلى القائمة القصيرة للجائزة مفاجأة لها.
وقالت أمل في تصريح سابق إنها كتبت رواية عن الزواج القسري وتعدد الزوجات والعنف المنزلي، وغير ذلك من التصرفات التي تعاني منها النساء في بلدها وأيضاً في 22 بلداً من بلدان الساحل الأفريقي. كان الصبر هو السر في قدرة أولئك النساء على التحمل، لكن للصبر حدوداً. كما تنافست على الجائزة رواية «تيزيه وحياتها الجديدة» لكامي دوتوليدو والصادرة عن منشورات «فيردييه». وهي عن رجل يغادر مدينته الشرقية مع أطفاله الثلاثة، ويأخذ قطار الليل هرباً من ذكريات عائلية على أمل أن يبدأ حياة جديدة في مدينة غربية. لكن الماضي يصطاده مجدداً. وكان الهرب مناسبة لأن يستعيد تيزيه ما عاشه من قبل، عندما غادر الإمبراطورية العثمانية غداة الحرب العالمية الأولى ليبدأ حياة «أوروبية» في فرنسا، لكن آماله تخيب بسبب صعود النازية وتداخل مأساته العائلية مع المأساة الجماعية لليهود.
والرواية الثالثة هي «مؤرخ المملكة» لماييل رونوار الصادرة عن منشورات «غراسيه» التي كانت المنافس الأقوى على الجائزة. وهي رواية ذات موضوع لا يخلو من تشويق، تجري على لسان طالب كان زميلاً في الثانوية الملكية للأمير الحسن الثاني الذي سيصبح ملكاً للمغرب. وهو قد اختير بعد التخرج ليكون مؤرخ المملكة، مثل الأديب راسين في عهد الملك الفرنسي لويس الرابع عشر، أو فولتير في عهد لويس الخامس عشر. وعلى غرار أساطير ألف ليلة وليلة، تأتي امرأة مجهولة لتهمس في أذن الراوي بما يحاك للملك من مؤامرة أثناء احتفاله بعيد ميلاده.
وبالتزامن مع «غونكور»، فازت الكاتبة ماري هيلين لافون بجائزة «رونودو» عن روايتها: «قصة ابن».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».