«داعش» لا يزال حاضراً بقوة بعد 20 شهراً على «إعلان هزيمته»

خلاياه تواصل نشاطها في البادية السورية ومناطق «قسد»

صورة أرشيفية لعناصر «داعش» في سوريا
صورة أرشيفية لعناصر «داعش» في سوريا
TT

«داعش» لا يزال حاضراً بقوة بعد 20 شهراً على «إعلان هزيمته»

صورة أرشيفية لعناصر «داعش» في سوريا
صورة أرشيفية لعناصر «داعش» في سوريا

لا يزال تنظيم داعش يثبت وجوده بقوة كبيرة على الأراضي السورية، خلافاً لإعلان قيادة التحالف الدولي هزيمته في شهر مارس (آذار) من العام الماضي، بحسب تقرير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس.
ويتضح حضور التنظيم من خلال تصاعد الهجمات التي يشنها على قوات النظام و«قوات سوريا الديمقراطية»، كل في مناطق نفوذه الخاص. وفي المقابل، تتزايد العمليات العسكرية التي تشنها «قسد»، بالتعاون مع التحالف الدولي، إضافة إلى العمليات الأمنية التي تشنها قوات النظام، بالتعاون مع القوات الروسية، بهدف مواجهة خلايا التنظيم.
ويواصل التنظيم نشاطه المتصاعد بشكل كبير ضمن مناطق متفرقة من البادية السورية، مستهدفاً قوات النظام والميليشيات الموالية لها، فتارة ينصب لهم الكمائن، وتارة يباغتهم بهجمات خاطفة وتفجيرات واستهدافات، موقعاً في كل مرة خسائر بشرية ومادية. ويأتي ذلك رغم المشاركة المكثفة للطائرات الروسية وطائرات النظام الحربية باستهداف مناطق انتشار التنظيم. وشهد الشهر الفائت تصاعداً متواصلاً في المعارك والقصف والاستهدافات، ضمن مثلث حلب - حماة - الرقة، بالإضافة لباديتي حمص ودير الزور، إذ تشهد تلك المنطقة عمليات عسكرية بشكل يومي، في إطار محاولات النظام السوري والروس للحد من نشاط التنظيم. ووفقاً لإحصائيات «المرصد السوري»، فإن تنظيم داعش تمكن خلال الشهر الفائت من قتل 92 عنصراً من قوات النظام والميليشيات الموالية لها، عبر كمائن واستهدافات وقصف واشتباكات ضمن البادية السورية. وبذلك، بلغت حصيلة الخسائر البشرية، خلال الفترة الممتدة من 24 مارس (آذار) 2019 حتى يومنا هذا، 1020 قتيلاً من قوات النظام والمسلحين الموالين من جنسيات سورية وغير سورية، بينهم اثنان من الروس على الأقل، بالإضافة لـ140 من الميليشيات الموالية لإيران من جنسيات غير سورية، قتلوا جميعاً خلال هجمات وتفجيرات وكمائن لـ«داعش» غرب الفرات وبادية دير الزور والرقة وحمص والسويداء. ووثق «المرصد السوري» أيضاً استشهاد 4 مدنيين عاملين في حقول الغاز، و11 من الرعاة، بالإضافة لمواطنة، في هجمات التنظيم، كذلك مقتل 562 من التنظيم، خلال الهجمات والقصف ضده في الفترة ذاتها.
أما في مناطق «قسد» والتحالف الدولي، فيقول تقرير «المرصد» إن خلايا التنظيم «تسرح وتمرح»، رغم الحملات التي لم ترقَ للمستوى المنشود. وقد أحصى «المرصد» خلال شهر، يبدأ من 29 أكتوبر (تشرين الأول)، مشاركة التحالف الدولي في 6 عمليات «أمنية» مشتركة مع «قسد» ضمن دير الزور، تمثلت بمداهمات وإنزال جوي، أسفرت عن اعتقال 31 شخصاً في كل من الصبحة وغريبة شرقية وأبريهة وخشام وجديد عكيدات والعزبة والمعيزيلة الواقعة بريفي دير الزور الشمالي والشرقي، بتهم الانتماء للتنظيم. كما تمكنت «قسد» والتحالف من قتل قيادي سابق في «داعش» بعد مداهمة منزله في قرية «غريبة الشرقية» بتاريخ 7 من الشهر الحالي، وينحدر هذا القيادي من مدينة البوكمال في ريف دير الزور الشرقي.
ولم تعق الحملات الأمنية نشاط خلايا التنظيم الذي أقدم على عمليات متفرقة، من قتل واستهدافات وتفجيرات وهجمات، فضلاً عن مطالبة تلك الخلايا للمواطنين بدفع «زكاة» عبر رسائل تصل لهم على تطبيق «واتساب».
ووثق «المرصد» خلال الشهر الفائت مقتل واستشهاد 21 شخصاً، هم 6 مدنيين و15 من «قسد»، قتلوا جميعاً في استهدافات للتنظيم عبر تفجيرات وإطلاق نار.
ويلفت التقرير إلى مصير المختطفين لدى التنظيم، رغم انقضاء نحو 20 شهراً على الإعلان الرسمي للتحالف الدولي القضاء على «داعش»، بصفته قوة مسيطرة شرق نهر الفرات، ودون تقديم إجابة عن مصير آلاف المختطفين، بينما تتواصل المخاوف على حياة كثير منهم، مثل الأب باولو داولوليو والمطرانين يوحنا إبراهيم وبولس يازجي، وعبد الله الخليل، وصحافي بريطاني وصحافي «سكاي نيوز» وصحافيين آخرين، إضافة لمئات المختطفين من أبناء منطقة عين العرب (كوباني) وعفرين، بالإضافة لأبناء دير الزور.


مقالات ذات صلة

منسق الأمم المتحدة يطلق «استراتيجية التعافي المبكر» في سوريا

المشرق العربي نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية ديفيد كاردين يتفقد مشروع معالجة مياه الصرف الصحي في قرية بحورة بمحافظة إدلب السورية يوم 14 مايو الماضي (أ.ب)

منسق الأمم المتحدة يطلق «استراتيجية التعافي المبكر» في سوريا

قال المنسق الأممي بدمشق إن «خطة التعافي» تغطي كل المحافظات السورية، وتشمل قطاعات الصحة والتعليم ومياه الشرب والصرف الصحي، و«من دون الكهرباء لا يمكن إنجاز شيء».

«الشرق الأوسط» (دمشق )
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

تشاد تنفي استهداف مدنيين خلال عملية ضد «بوكو حرام»

نفت الحكومة التشادية «بشدة» استهداف مدنيين خلال عمليتها ضد جماعة «بوكو حرام» في حوض بحيرة تشاد

«الشرق الأوسط» (نجامينا)
أفريقيا وحدة من جيش بوركينا فاسو خلال عملية عسكرية (صحافة محلية)

دول الساحل تكثف عملياتها ضد معاقل الإرهاب

كثفت جيوش دول الساحل الثلاث؛ النيجر وبوركينا فاسو ومالي، خلال اليومين الماضيين من عملياتها العسكرية ضد معاقل الجماعات الإرهابية.

الشيخ محمد (نواكشوط)
تحليل إخباري مقاتلو «داعش» في شمال أفغانستان (وسائل الإعلام الأفغانية)

تحليل إخباري لماذا ينتج تنظيم «داعش - خراسان» محتوى إعلامياً باللغة الطاجيكية؟

لماذا تصدر خلية «داعش» الإعلامية نشرة جديدة باللغة الطاجيكية للمواطنين في طاجيكستان والعرقيات الطاجيكية في أفغانستان؟ هل لها تأثير ناجح على الرأي العام؟

عمر فاروق (إسلام آباد)
المشرق العربي عناصر من الجيش الأميركي بريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا (أ.ف.ب)

الجيش الأميركي يعلن مقتل 35 إرهابياً بضربات في سوريا

قال الجيش الأميركي، اليوم (الأربعاء)، إنه نفذ ضربات أدت إلى مقتل ما يصل إلى 35 عضواً بتنظيم «داعش» في سوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«دواء مر»... مخاوف عميقة وشراكة قلقة تجمع مصريين بـ«النقد الدولي»

السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

«دواء مر»... مخاوف عميقة وشراكة قلقة تجمع مصريين بـ«النقد الدولي»

السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)

رغم قناعتهم بأنه الملجأ وقت الأزمات، وأنه الطريق الذي «لا بديل عنه» عندما تعصف التحديات الاقتصادية بالدولة، تجمع شراكة «قلقة» مصريين بـ«صندوق النقد الدولي»، وسط مخاوف عميقة من تبعات الالتزام بشروطه وتأثيرها في قدرتهم على تلبية احتياجاتهم اليومية، حتى باتت صورة الصندوق لدى كثيرين أشبه بـ«الدواء المر»، يحتاجون إليه للشفاء لكنهم يعانون تجرعه.

على قارعة الطريق جلست سيدة محمود، امرأة خمسينية، تبيع بعض الخضراوات في أحد شوارع حي العجوزة، لا تعلم كثيراً عن صندوق النقد وشروطه لكنها تدرك أن القروض عادةً ما ترتبط بارتفاع في الأسعار، وقالت لـ«الشرق الأوسط» ببساطة: «ديون يعني مزيداً من الغلاء، المواصلات ستزيد والخضار الذي أبيعه سيرتفع سعره».

وتنخرط مصر حالياً في تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي مع صندوق النقد الدولي تم الاتفاق عليه في نهاية 2022، بقيمة ثلاثة مليارات دولار، قبل أن تزيد قيمته في مارس (آذار) الماضي إلى ثمانية مليارات دولار، عقب تحرير القاهرة لسعر الصرف ليقترب الدولار من حاجز الـ50 جنيهاً. وتلتزم مصر في إطار البرنامج بخفض دعم الوقود والكهرباء وسلع أولية أخرى، مما دفع إلى موجة غلاء يشكو منها مصريون.

«دواء مر»، هكذا وصف الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، قروض صندوق النقد الدولي، مشيراً إلى ما يثيره «الصندوق»، في نفوس المصريين من «قلق»، ارتباطاً بما تولِّده «الديون والقروض» في نفوسهم من «أعباء ومخاوف».

يقول بدرة لـ«الشرق الأوسط» إن «المصريين دائماً ما يتحفزون ضد الصندوق نظراً لمتطلباته التي عادةً ما تؤثر في حياتهم وتزيد من أعبائهم المالية». وفي الوقت نفسه يؤكد بدرة أنه «لم يكن هناك باب آخر أمام الدولة المصرية إلا الصندوق في ظل أزمة اقتصادية بدأت عام 2011، وتفاقمت حدتها تباعاً».

كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد أكد خلال لقائه ومديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، الأحد، في القاهرة أن «أولوية الدولة هي تخفيف الضغوط والأعباء عن كاهل المواطنين».

وتأتي زيارة غورغييفا للقاهرة عقب دعوة السيسي، نهاية الشهر الماضي، لمراجعة قرض صندوق النقد مع مصر «حتى لا يشكل عبئاً على المواطن» في ظل التحديات الجيوسياسية التي تعاني منها البلاد، وأعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن «المراجعة الرابعة للقرض ستبدأ الثلاثاء»، وهي واحدة من أصل ثماني مراجعات في البرنامج.

الوصفة الاقتصادية القياسية التي يقدمها صندوق النقد عادةً ما ترتبط بالسياسة النقدية والمالية، لكنها «لا تشكل سوى ثلث المطلوب لتحقيق الإصلاح الاقتصادي والهيكلي»، حسب الخبير الاقتصادي هاني توفيق الذي أشار إلى أنه «لا ينبغي ربط كل الأعباء والتداعيات الاقتصادية بقرض صندوق النقد».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «اشتراطات صندوق النقد أو متطلباته أمور منطقية لكن لا بد أن تمتزج بخطوات إصلاح هيكلي اقتصادي لتحفيز الاستثمار والنظر في الأولويات».

بدوره، قال الخبير الاقتصادي المصري، مدحت نافع لـ«الشرق الأوسط» إن «صندوق النقد كأي مؤسسة مالية أخرى هو جهة مقرضة، لديها شروط مرتبطة بحجم مخاطر الدين وبأجندتها التي قد لا تتوافق دائماً مع أجندة الدولة وأولوياتها الوطنية».

ولفت نافع إلى أن «دراسات عدة أشارت إلى أن برامج صندوق النقد عادةً ما تحقق أهدافاً جيدة على المدى القصير من حيث كبح جماح التضخم وتحرير سعر الصرف، لكنها على المدى الطويل قد تؤدي إلى تداعيات سلبية على مستويات النمو الاقتصادي ونسب عجز الموازنة والبطالة».

لكن رغم ذلك يؤكد نافع أن «مصر كانت بحاجة إلى قرض صندوق النقد»، فهو على حد وصفه «شهادة دولية تتيح لمصر الحصول على تمويلات أخرى كانت في أمسّ الحاجة إليها في ظل أزمة اقتصادية طاحنة».

علاقة مصر مع صندوق النقد تاريخية ومعقدة، ويرتبط في مخيلة كثيرين بوصفات صعبة، تدفع نحو اضطرابات سياسية وأزمات اقتصادية، وربما كان ذلك ما حفَّزهم أخيراً لتداول مقاطع فيديو للرئيس الراحل حسني مبارك يتحدث فيها عن رفضه الانصياع لشروط الصندوق، حتى لا تزيد أعباء المواطنين، احتفى بها رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

وهنا يرى بدرة أن «الظروف السياسية والاقتصادية في عهد مبارك كانت مغايرة، والأوضاع كانت مستقرة»، مشيراً إلى أن «مبارك استجاب لمتطلبات الصندوق وحرَّك سعر الصرف لتصل قيمة الدولار إلى 3.8 جنيه بدلاً من 2.8 جنيه».

واتفق معه توفيق، مؤكداً أن «الوضع الاقتصادي في عهد مبارك كان مختلفاً، ولم تكن البلاد في حالة القلق والأزمة الحالية».

ووفقاً لموقع صندوق النقد الدولي، نفّذت مصر في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي أربعة برامج اقتصادية بدعم مالي من الصندوق، بقيمة 1.850 مليار دولار، لكنها لم تصرف سوى خمس المبلغ فقط، ما يعادل 421.3 مليون دولار. حيث تم إلغاء وعدم استكمال بعضها، بعد أن مكَّن الاتفاق مع الصندوق مصر من إلغاء 50 في المائة من دينها الرسمي في «نادي باريس».

ولتلافي التداعيات السلبية لقرض «صندوق النقد» أو على الأقل الحد منها، شدد نافع على «ضرورة الموازنة بين متطلبات (صندوق النقد) وبين أجندة الدولة الإصلاحية».

وقال: «تعديل شروط الصندوق أو تأجيل تنفيذ بعضها ليس صعباً في ظل أن الهدف الأساسي من الخطة، وهو كبح التضخم، لم يتحقق»، مشيراً في السياق نفسه إلى أن «الصندوق أيضاً متورط ويرى أن عدم نجاح برنامجه مع مصر قد يؤثر سلباً في سمعته، مما يتيح إمكانية للتفاوض والتوافق من أجل تحقيق أهداف مشتركة».

وانضمت مصر لعضوية صندوق النقد الدولي في ديسمبر (كانون الأول) 1945، وتبلغ حصتها فيه نحو 1.5 مليار دولار، وفقاً لموقع الهيئة العامة للاستعلامات، الذي يذكر أن «تاريخ مصر مع الاقتراض الخارجي ليس طويلاً، وأن أول تعاملاتها مع الصندوق كان في عهد الرئيس الراحل أنور السادات عامَي 1977 و1978 بهدف حل مشكلة المدفوعات الخارجية وزيادة التضخم».

وعقب أحداث 2011 طالبت مصر بالحصول على قرض من الصندوق مرة في عهد «المجلس العسكري» ومرتين في عهد الرئيس السابق محمد مرسي، لكنها لم تحصل عليه. وعام 2016 وقَّعت مصر اتفاقاً مع الصندوق مدته ثلاث سنوات بقيمة 12 مليار دولار. وعام 2020 حصلت مصر على 2.77 مليار دولار مساعدات عاجلة للمساهمة في مواجهة تداعيات الجائحة، وفقاً لهيئة الاستعلامات.