أنتوني هوبكنز يجعل الأمر يبدو سهلاً وربما ينبغي أن يكون كذلك

فيلم «الأب» أعاد له ذكرى والده وحلمه الذي لم يتحقق

في فيلم «صمت الحملان»
في فيلم «صمت الحملان»
TT

أنتوني هوبكنز يجعل الأمر يبدو سهلاً وربما ينبغي أن يكون كذلك

في فيلم «صمت الحملان»
في فيلم «صمت الحملان»

أتراني لم أسمع ما قاله أنتوني هوبكنز بشكل صحيح؟
ربما كان هناك خلل ما في مكالمتنا التي تمت عبر برنامج «زووم»، أو ربما أضفت لكنة سكان الويلز، التي تميز لغته، غموضًا على الكلمة التي كان يعنيها هوبكنز، لكنني سمعته يقولها ثانيًا مرتين. لقد قال وهو مبتسم: «لقد كان الأمر سهلا؛ نعم في غاية السهولة».
لقد كنا نتحدث عن شيء لم يبدو سهلا على الإطلاق، وهو أداؤه الرائع في فيلم «الأب»، الذي من المقرر عرضه في 18 ديسمبر (كانون الأول)، والذي قام فيه هوبكنز بدور أب في لندن يعاني من خرف الشيخوخة. ومع تحرر الشخصية من عنصر الزمن، ومحاولتها فهم الواقع المحيط بها، يتحرك هوبكنز من القسوة إلى الارتباك بطريقة مذهلة ستعيده بالتأكيد إلى سباق الـ«أوسكار» مرة أخرى.
كيف تعامل عملاق المسرح والشاشة هذا مع دور بهذا الثقل؟ هز هوبكنز كتفيه وقال: «لقد كان دورًا سهلا»، وكررها ثانيًا، وأضاف قائلا: «لأن النص كان جيدًا». وازداد الأمر سهولة حين تم اختيار أوليفيا كولمان لتؤدي دور ابنته. وأوضح قائلا: «عندما تشاهد أوليفيا، وترى وجهها يتجعد، وتنهمر الدموع من عينيها تقول لنفسك: «لا أحتاج إلى أن أمثل».
ينبغي أن أشير إلى أن المرء لن يسمع عادة مثل هذا الكلام من ممثل، وذلك لأنه مهما كان مستواه يتحدث دائمًا عن الصعوبات التي واجهها وكأنه يرتدي سترة جلدية بائسة، حيث سيخبرك ذلك الممثل بتردد اعتاد عليه وتمرن عليه جيدًا أنه ظل متقمصًا للشخصية طوال الوقت، وأن الظروف كانت عصيبة، وأنه كان على وشك الموت.
على العكس من ذلك لا يشعر هوبكنز بحاجة إلى الادعاء، فلا معنى للمعاناة من أجل دور كما قال لي؛ ففي النهاية إذا كنت ممثلا حاصلا على جائزة الـ«أوسكار»، وتتمتع بعشرات السنوات من الخبرة، ولديك نص مكتوب جيدًا، وأمامك ممثل جيد مميز، ألن يكون الأمر سهلا؟ ومن سيكون المستفيد عندما يحاول ممثل جعل مهمته صعبة؟
أحيانًا يطلب أحدهم من هوبكنز، البالغ من العمر 82 عامًا، تقديم نصيحة إلى الممثلين الشباب، ويسعده حينها إخبارهم في مكالمة مصورة بقصص من مسيرته المهنية بطريقة جيدة وسريعة. مع ذلك عندما يتساءل ممثلون شباب عما يمكنهم القيام به أيضًا لتحسين أدائهم، ينصحهم هوبكنز بالقيام بما هو أقل، حيث يقول إن أهم شيء هو الانفتاح، وإسقاط كافة الأقنعة. ويضيف قائلا: «يتطلب ذلك بعض الوقت لأننا جميعًا نريد الاختباء». ويقول وهو مبتسم: «سوف أخبرك قصة سمعتها، وهي أن سبنسر تريسي كان في لندن مع كاثرين هيبورن، ورأيا لورانس أوليفييه على خشبة المسرح وهو يشارك في مسرحية «تيتوس أندرونيكوس»، وكان أوليفييه يضع الكثير من مساحيق التجميل، وأنفًا زائفًا من أجل الدور»، وبحسب رواية هوبكنز، كان الزوجان الأميركيان يشعران بالاشمئزاز من هذا المظهر، وقال تريسي لأوليفييه: «أخبرني يا لاري ماذا يعتقد الجمهور أنك تقدم؟ إنهم يعرفون أنك أنت (لورانس أوليفييه)».
بالتأكيد سوف يعرف جمهور «الأب» أنه هوبكنز، بل إنه حتى الشخصية تحمل اسمه الحقيقي، وسوف تجعل عشرات السنوات، التي قضيناها نستمتع بالذكاء الزئبقي لذلك الممثل على الشاشة، المحنة التي تعيشها الشخصية أكثر إثارة للمشاعر. مع ذلك لا ينبغي أن يسيء المرء فهم الأمر، فعندما قال هوبكنز إنه كان من السهل القيام بالدور، لم يكن ذلك إنكار للذات، بل كان فعليًا عكس ذلك. لقد قال: «لن أكون متواضعًا عند الحديث عن هذا الأمر. عليك أن تعرف كيف تبدأ هذا التيار الكهربائي، وأنا أعلم كيف أفعل ذلك، فأنا أقوم بهذا منذ مدة طويلة».
يحب هوبكنز رؤية الساحل والسيارات من منزله في حي «باسيفيك باليسيدز»، حيث يمكث منذ بضعة أشهر في الحجر المنزلي. العامل المشترك بين الساحل والسيارات هو أن كلا منهما يتعجل الوصول إلى مكان ما؛ وقد كان هو أيضًا قليل الصبر في الماضي. حين كان طفلا صغيرًا يقيم في ضاحية «بورت تالبوت» الكئيبة في الويلز، كان هوبكنز مغمورًا؛ ولم يكن مقبلا على الدراسة أو ممارسة الألعاب الرياضية، وكان يشك والده القاسي، الذي كان ينتمي إلى الطبقة العاملة، في إمكانياته. ويقول هوبكنز عنه: «فليرحمه الله، لكني أتذكر جيدًا قوله لي إني شخص ميؤوس منه».
وقد حفزته المصادفة ومقابلة الممثل ريتشارد بورتون، الذي نشأ أيضًا بالقرب من «بورت تالبوت»، وأصبح من عمالقة هوليوود، على الاتجاه إلى التمثيل. وقد وجد هوبكنز، الذي كان يجيد التقليد، في مسيرة بورتون الكثير من الأمور التي رغب في محاكاتها. ويقول هوبكنز: «لقد أردت أن أكون مشهورًا وثريًا وناجحًا، وأعوض ما كنت أظنه ماضيا خاويا فارغا. وقد حققت بالفعل ما أردته». لقد امتدت رغبته في تحقيق المزيد إلى مستوى أدائه أيضًا، فقد اكتشف المخرج جون ديكستر خلال إنتاج فيلم «إيكوس»، أن هوبكنز كتب تعليقات على هوامش نسخته من النص. وسأله ديكستر: «ما هذه الترهات؟ احفظ دورك فحسب». كذلك نصحته هيبورن، التي كانت تمثل أمامه في فيلمه المميز الناجح «ذا ليون إن وينتر» «الأسد في الشتاء» عام 1968، بالالتزام بالبساطة.
ومع بلوغ هوبكنز سن الثامنة والثلاثين، أصبح سلوكه أبسط وعمله أسهل؛ فحتى أداؤه المرعب في إطار شخصية هانيبال ليكتر في فيلم «صمت الحملان» (1991) كان سهلا بحسب ما قال. وإذا ما شاهد المرء ذلك الفيلم مرة أخرى، سوف يلاحظ على الأرجح كيف كان هوبكنز يستمتع بأداء الدور، حيث يوضح هوبكنز قائلا: «عليك أداء تلك الأدوار بلطف وخفة ظل». الجدير بالذكر أن ذلك الفيلم قد وضع هوبكنز في مصاف النجوم البارزين، وهو ما كان يتمناه منذ زمن طويل.
كذلك كان لهوبكنز أدوار متميزة أخرى خلال حقبة التسعينيات مثل دوره في «هواردز إيند»، و«ريمينز أوف ذا دي» (بقايا اليوم)، إلى جانب بعض أدواره الخفيفة المرحة في أفلام مثل «ذا إيدج» (الحافة)، وكذلك انغمس في شخصية هانيبال ليكتر من خلال عدد من الأفلام مثل «ثور» و«ترانسفورمز».
مع ذلك مر هوبكنز خلال السنوات القليلة الماضية بما يشبه بالصحوة أو النهضة، حيث يصف دوره في فيلم «الأب» بأفضل دور له منذ سنوات، وذروة نجاحاته المتأخرة التي شملت أدواره في «ذا تو بوبس» (البابوان) خلال العام الماضي، و«ذا دريسر»» أمام إيان ماكيلين، وفيلم «كينغ لير، الذي شارك فيه كوكبة من النجوم، إلى جانب مشاركته في موسم كامل من مسلسل «ويستورلد» «العالم الغربي».
سوف يبلغ هوبكنز الثالثة والثمانين عشية رأس السنة؛ ويقول: «أعلم أني أتقدم في السن، وأعتني بنفسي جيدًا، وأتمتع باللياقة البدنية والقوة. مع ذلك لا توجد أي ضمانات؛ فانظروا إلى شون كونري». ترى هل تدفعه الأحداث المأساوية في فيلم «الأب» نحو تأمل حياته، أو النظر في تلاقي وامتزاج الماضي مع الحاضر، وأثره في النفس؟ ربما على نحو ما. عندما شاهد هوبكنز الفيلم مرة أخرى، كان كل ما تمكن من ملاحظته في أدائه هو أبيه؛ ذلك الخباز العجوز القاسي الذي توفي عام 1981.
حين كان يصور هوبكنز مشهد عاطفي قرب نهاية الفيلم بدأ في البكاء بالفعل؛ وطلب من المخرج فلوريان زيلر منحه بعض الوقت لتمالك نفسه، وتصوير اللقطة التالية. لقد كان يعرف أنه قد بالغ في أدائه، لكن لم يكن بمقدوره فعل غير ذلك؛ فقد تركز ناظراه على شيء بسيط، وهو نظارة قراءة أعادت إلى خاطره ذكرى والده الراحل. وقال: «لقد شعرت بالاختناق حين فكرت في الأمر»، فحين توفي والد هوبكنز، وجد في غرفته نظارة مشابهة لتلك النظارة إلى جوار خريطة لأميركا، ولم تتحقق خطط الخباز للسفر أبدًا. ويقول هوبكنز: «إنه أمر يفطر القلب. لقد عمل بجد طوال حياته، وهكذا كانت النهاية». ويضيف قائلا: «أتذكر كيف كنت أقف إلى جوار سريره وأفكر في نفسي وأقول لها: لم تكن أنت أيضًا ناجحًا، فهكذا كانت نهايته، ويوم ما ستكون تلك نهايتك أيضًا».
مع ذلك آمل ألا يكون ذلك اليوم قريب، فهوبكنز من أشد المؤمنين بالتقدم، والزخم، والنهوض، والمضي قدمًا، ولا يقترب من مآسي الماضي إلا قليلا من أجل التفكر في العبرة والدرس المستفاد منها، والمضي قدمًا. وفي نهاية اللقاء سألت هوبكنز عن الأمر الذي يتمنى إنجازه في العقد التاسع من عمره؟ ابتسم وقال: «إنه أمر بسيط جدًا، وهو البقاء لعشرين عامًا أخرى».
* خدمة {نيويورك تايمز}



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».