بن فليس يتهم حكومة بوتفليقة بـ«العجز» عن مواجهة بؤر الغضب في الجنوب

مظاهرات صاخبة ضد استغلال الغاز الصخري في الصحراء الجزائرية.. وعودة الاشتباكات العرقية إلى غرداية

بن فليس يتهم حكومة بوتفليقة بـ«العجز»  عن مواجهة بؤر الغضب في الجنوب
TT

بن فليس يتهم حكومة بوتفليقة بـ«العجز» عن مواجهة بؤر الغضب في الجنوب

بن فليس يتهم حكومة بوتفليقة بـ«العجز»  عن مواجهة بؤر الغضب في الجنوب

هاجم رئيس الوزراء الجزائري الأسبق علي بن فليس، حكومة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة واتهمها بـ«العجز عن مواجهة» بؤر توتر حادة نشبت في جنوب البلاد، إحداها حديثة وقعت في عين صالح بأقصى الجنوب، حيث تظاهر سكان المنطقة ضد مشروع لاستغلال الغاز الصخري، والثانية متجددة، في غرداية (600 كلم جنوب العاصمة) حيث عادت الاشتباكات ذات الطابع العرقي، بين الميزابيين الناطقين بالأمازيغية والشعانبة الناطقين بالعربية.
وقال بن فليس أمس في مؤتمر صحافي بالعاصمة، إن «منابع وأسباب بؤر التوتر والأزمات الأخيرة، في كل من غرداية وتوقرت وعين صالح وتمنراست تكمن في المواطنة المغيبة، وفي الحوار والاستشارة الاجتماعية المغيبين، وفي الفشل الذريع الذي منيت به الوساطات بشتى أشكالها وأصنافها»، مشيرا إلى أن «النظام السياسي الحالي، يفتقد للمصداقية لدى المواطنين، كما يفتقد لثقتهم، مما يجعل الحوار الاجتماعي، ومعه الوِساطات الاجتماعية، منعدمة تماما».
وأضاف «يعتقد هذا النظام القائم أن بإمكانه أن يُقرر ويتصرف بصفة أُحادية وتسلطية بالاعتماد فقط على وساطة الأتباع والزبائن، التي حلت محل الوساطات الاجتماعية الحقيقية». وتواجه السلطات غضبا عارما في ولايات الجنوب، المعروفة منذ زمن طويل بهدوء سكانها وميلهم إلى «مهادنة» الحكومات المتعاقبة، عكس سكان الشمال الذين يتظاهرون يوميا تقريبا، ضد انعدام المرافق وضرورات الحياة مثل الماء والطرقات المعبدة والكهرباء والغاز. وتواجه السلطات أيضا انتقادات كثيرة من أحزاب المعارضة، على أساس أنها عجزت عن إيجاد حل للأزمة الطائفية التي تعصف بغرداية منذ قرابة العامين، والتي خلَفت على الأقل قتلى وحالة من الشعور بغياب الدولة في المنطقة، بشكل غير مسبوق، بينما تسعى لإجراء وساطة بين طرفي الأزمة في مالي وأطراف الأزمة في ليبيا.
وذكر بن فليس، الذي كان أحد الرجال الأوفياء للرئيس بوتفليقة، أن «النظام السياسي القائم والمؤسسات الممثلة له من القاعدة إلى القمة، يفتقد للشرعية اللازمة كي يتمكن من مواجهة المأزق الشامل الذي يمر به البلد. إن غياب هذه الشرعية، هو ما يفسر عجز هذا النظام وعدم قدرته على مواجهة التحديات الخطيرة الحالية التي سيتحتم على بلدنا مواجهتها إن آجلا أم عاجلا».
وأضاف: «عجز وعدم قدرة حكامنا السياسيين، يظهر وبشكل جلي في مواجهة الأزمة الطاقية الحالية»، في إشارة إلى تراجع مداخيل البلاد في الأشهر الـ6 الماضية، بسبب انهيار أسعار النفط. وأعدت الحكومة خطة للتقشف، وهو ما جلب لها المزيد من السخط على المستوى الشعبي، ومن جانب الطبقة السياسية.
وطالب بن فليس الحكومة بـ«أن تكفّ عن محاولة تخدير الرأي العام الوطني، وهي تزعم باطلا أن بلدنا في مأمن من آثار أزمة طاقية بالغة الخطورة. فمزاعم كهذه تؤدي إلى التساؤل والتشكيك في جدية وصدق الحكومة، في وقت يعلم فيه العام والخاص أن هذه الأزمة قد قضت على نصف عائدات مبيعاتنا البترولية». وأضاف: «كلّ الدول المنتجة للبترول شخصت الأزمة بصفة شاملة ومتجانسة، وقيمت بكل دقة تأثيراتها على اقتصادها وتبنت مخططات استعجالية للتكفل بها؛ إلا حكومة بلدنا، التي لا نعرف، لحد اليوم، تشخيصها لهذه الأزمة، كما أنها لم تعلمنا بتأثيرها، كما نجهل كل شيء عن استراتيجية التكيف مع الوضع الطاقي الجديد، إن كانت موجودة». ويرى بن فليس أن «حكامنا السياسيين ليس لهم سوى مخطط بديل واحد ومخطط إنقاذي واحد: إنه يتمثل في إفراغ صندوق احتياطات الصرف وصندوق ضبط المداخيل. فحكامنا يعولون على هذين الصندوقين لامتصاص صدمات الأزمة ولا مخطط آخر لهم».
وأقال بوتفليقة بن فليس من رئاسة الوزراء في 2003. بسبب إصراره على منافسته في انتخابات الرئاسة التي جرت في 2004. وطلق بن فليس العمل السياسي بعد هزيمته في ذلك الاستحقاق، وعاد إليه في 2014 بمناسبة انتخابات الرئاسة التي جرت في ربيع نفس العام، وهزم فيها مجددا، وأطلق أخيرا حزبا معارضا، سماه «طلائع الحريات».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.