«بيروت أمي» عمل فني مهدى إلى «ست الدنيا»

هدف الأغنية تزويد الشباب بـ {جرعة تفاؤل وأمل}

TT

«بيروت أمي» عمل فني مهدى إلى «ست الدنيا»

أعمال فنية كثيرة تناولت مدينة بيروت شهدتها الساحة الفنية اللبنانية إثر انفجار المرفأ في 4 أغسطس (آب) الفائت. بينها ما تحدّث عن ضحاياها والدمار الذي أصيبت به، وبعضها الآخر خاطبها بلسان المشتاق إلى عودة الحياة الطبيعية فيها.
في «بيروت أمي» التي أنتجها ولحنها الموسيقي جان ماري رياشي، نتابع شريطاً فنيّاً غنياً بالأمل يلوّنه نبض فنانين شباب أهدوا أصواتهم لمدينتهم التي يعشقون. فغنوا لها كل على طريقته ضمن صرخة تفاؤلية تدعو إلى استعادة الحياة في مدينة لا تموت. كما حمل العمل رسالة وطنية تتمحور حول ضرورة البقاء في لبنان، والتعاون في إعادة إعماره وعودته إلى ازدهاره.
كتب كلمات الأغنية الشاعر أحمد ماضي، ويشارك في غنائها 6 فنانين شباب يختلفون بأسلوبهم وتقنيتهم الغنائية. واختار رياشي، ملحن ومنتج العمل، 3 مطربين ذكور يقابلهم العدد نفسه من الإناث. فكما أنطوني خوري أحد أعضاء فرقة «أدونيس» المعروفة، كذلك يشارك كل من كاظم شمّاس أحد نجوم برنامج «إكس فاكتور»، وميشال شلهوب الذي وصل إلى نهائيات برنامج «ذا فويس». أما العنصر النسائي المشارك في العمل فيتألّف من لين حايك الفائزة بلقب «ذا فويس كيدز» في موسمه الأول. وكذلك الفنانة منال ملاّط ولها عدة أعمال مسرحية وسينمائية، إضافة إلى يمان الحاج (ابنة الفنانة فاديا طنب) وإحدى نجمات برنامج «ذا فويس».
ويرى جان ماري رياشي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن هدف هذا العمل هو تزويده لشباب اليوم بجرعة تفاؤل وأمل. ويضيف في سياق حديثه: «كفانا بكاء على الأطلال وعلى بيروت أيام زمان. فنحن اليوم بأمس الحاجة للتعاون من أجل إعمارها وعودتها إلى حياتها الطبيعية بسواعد أبنائها الشباب». وعما إذا شعر باليتم بالفعل إثر انفجار بيروت، كي يطلق على العمل اسم «بيروت أمي» يردّ: «أنا كغيري من اللبنانيين ساورنا هذا الشعور، وفي الوقت نفسه تملّكتنا القوة والصلابة للبدء من جديد. فلقد سبق ومررنا بأيام أسوأ من تلك التي نعيشها اليوم وتجاوزناها بفعل إصرارنا وتمسكنا بالحياة وببيروت التي نعشق».
ويتحدث رياشي عن ميزة هذه الأغنية نسبة إلى غيرها التي تصب في الخانة نفسها: «هناك أعمال كثيرة شهدتها الساحة في الآونة الأخيرة تكرّم بيروت وبينها تركت أثرها الطيب عندنا. ولكن في (بيروت أمي) تجاوزنا الماضي الأليم، ورحنا نفكّر بغد أفضل نحلم به وسنحققه. فجاءت عفوية صادقة بكلماتها ولحنها الدافئ وأداء مغنيها المليء بالأمل. فهؤلاء الشباب يمثلون مستقبل بيروت وفرحها الآتي من دون شك. فهناك فريقان في البلد، أحدهما لا يهمّه ما يحصل على أرضه، وآخر يحبّه ويبذل الجهد لتعميره ونحن نعدّ أنفسنا من الفئة الثانية».
لاقت أغنية «بيروت أمي» تفاعلاً كبيراً من قبل اللبنانيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فبعضهم وصفها بجرعة حبّ يفتقدونها اليوم. وآخرون رأوا فيها خروجاً عن المألوف وإضاءة على لبنان الفن والثقافة وعلى المستوى المطلوب.
ويعلّق جان ماري رياشي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، «لقد نفّذنا هذه الأغنية مؤخراً في زمن (كورونا)، فأبينا أن نستسلم ونقف متفرجين على ما يحصل لبيروت. أخذنا كافة الإجراءات اللازمة في عملية تصويرها وحضور الفنانين على مسرح، وأهاليهم على مسرح فرساي في بيروت. أجرينا اختبارات الـ(بي سي آر)، وعقّمنا صالة المسرح كي لا نخاطر بصحة أي شخص من فريق العمل. والجميل أن الجميع تفاعل مع الأغنية كلّ على طريقته. فجمعية (بيروت سيتي أوف لايف) اختارتها لتشكّل نشيدها الرسمي. وأحد المخرجين السينمائيين طلب مني استخدامها في فيلم جديد يعدّ له. حتى الناس العاديون تماهوا معها عبر وسائل التواصل الاجتماعي فحققت منذ الأيام الأولى لإطلاقها نسبة مشاهدة عالية. فهي روت أمالهم وأعطتهم غمرة فرح وسعادة كانوا يحتاجونها».
تتضمن الأغنية تفاصيل صغيرة تلفت مشاهدها تتناول العلم اللبناني كهوية، واجتماع أفراد العائلة الواحدة حول بناء بيروت بأحجار صغيرة. فعمد مخرج العمل داني صليبا إلى تمرير فكرة الأمل والتعاون على إعادة إعمار المدينة ضمن أفكار إبداعية، تستخدم لأول مرة في عمل غنائي مصوّر. ويعلّق رياشي: «في الحقيقة إحدى هذه التفاصيل التي تتحدثين عنها استنبطتها من لعبة تثقيفية اشترتها زوجتي لأطفالي، وهي لبنانية الصنع وتحمل عنوان (عمّره) (Build it). وتحتوي على جميع أدوات ومستلزمات البناء من إسمنت وأحجار وغيرها. فارتأيت تمريرها في الكليب ولاقت استحساناً كبيراً من قبل الناس الذين تفاءلوا بها خيراً».
كل فنان مشارك، قدّم وصلته الغنائية بطريقة تمثّله وتظهر طبيعة حياته في العاصمة. يمان الحاج أمسكت بغيتارها وعزفت عليه بحماس، لأنه يذكّرها بطفولتها وبهوايتها التي نمت وتطورت في بيروت. وأنطوني من فريق «أدونيس» جال في الجميزة ومار مخايل لأنهما الشارعان الأحب إلى قلبه في العاصمة. فيما منال شاهدناها تحضّر الطعام في منزلها وتجتمع بأصدقائها في جلسات بيتوتية، لأنها هذه هي طبيعة حياتها في بيروت. أما موسيقى الأغنية فحملت نفحة أوركسترالية ممزوجة مع إيقاع حديث.
ويقول جان ماري رياشي: «البساطة تصنع الجمال، لا سيما في الفن. من هنا كان لا بد أن نتطرّق إلى تفاصيل صغيرة تمثل وتشبه كل واحد منا. فجاء العمل صادقاً ينقل صورة حقيقية عن واقع مدينة نحبّها ولا نشعر بالسلام إلا ونحن فيها».
ويقول مطلع الأغنية «بيروت انتي الغنية اللي ما بتموت، صوت الشوارع والبيوت، أجمل صبية يا بيروت... انتي الأمل انتي الورد، هني الزعل وهنّي الحقد رح شيلك من ايدن وعد... بيروت أمي... بيروت بيي... بيروت اختي... بيروت ملكي ردّلي هيّ».



بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
TT

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.

وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».

المخرجة تغريد أبو الحسن بين منتج الفيلم محمد عجمي والمنتج محمد حفظي (إدارة المهرجان)

سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».

وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».

وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.

قُبلة على يد بطلة الفيلم مريم شريف من الفنان كريم فهمي (إدارة المهرجان)

واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.

وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».

لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.

ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».

تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.

المخرجة تغريد أبو الحسن وبطلة الفيلم مريم شريف (إدارة المهرجان)

وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».

العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.