«العدول»... أساس الشعر وشرطه

مفهومه ودلالته في كتاب صدر حديثاً عن «المجلة العربية» السعودية

«العدول»... أساس الشعر وشرطه
TT

«العدول»... أساس الشعر وشرطه

«العدول»... أساس الشعر وشرطه

كتاب الناقد الدكتور سعيد بكور «مفهوم العدول»، الصادر حديثاً عن «المجلة العربية» بالرياض، له قيمة نقدية وأدبية جديرة بالاهتمام والمتابعة، فهو يسلط الضوء على مفهوم «العدول» ووظيفته وقوته الاصطلاحية، كما يتناول أهميته بصفته أساس الشعر وشرطه، ويناقش العلاقة الجدلية بين قانونية اللغة ومطلب الدلالة، والعلاقة بين الأصل والفرع، ويتطرق بعد ذلك إلى دواعي العدول وضوابطه، كما حضوره في التراث مفهوماً وتطبيقاً.
ويعرض المؤلف لمفهوم العدول، فيرى أنه الميل والصرف والحياد والانحراف عن الجادة، وفي الاصطلاح يقصد بالعدول مجاوزة السنن المألوفة بين الناس في محاوراتهم وضروب معاملاتهم لتحقيق سمة جمالية في القول تمتع القارئ السامع، وبها يصير نصاً أدبياً، فالعدول انحراف عن الأصل والقياس، ونزوع إلى التعبير الخارج عن المألوف، وهو بذلك خرق وانتهاك وإضفاء للسمت الجمالي على التعبير، عملاً بقاعدة المعاني تتلعب بالألفاظ.
ويتبين لدى المؤلف أن العدول يشكل الشرط الأساسي الضروري لكل شعر، ولا يوجد شعر يخلو منه، ولا وجود له خارج الشعر، فبه تتحقق شعرية الشعر، وعن طريقه يتعالى عن الخطابية والنثرية والجفاف ليصير كلاماً عالي الطبقة، بعيداً عن الابتذال، فاعلاً في النفوس فعل السحر، سواء في تركيبه أو تصويره أو إيقاعه.
ويرى أن أشمل وظيفة يطلع بها العدول هي خلق الدهشة والغرابة التي تمنحه أفضلية على التعبير العادي الذي لا يحقق مفاجأة تذكر، وينجم هذا الأثر في حقيقته عن سلوك طريقة لم يعهدها المتلقي أو لم يتوقعها، كما أن الأمر يتعلق بنفسية الإنسان المتلقي الذي يأنس للغريب.
والعدول من صيغة إلى صيغة أخرى يكون لدواعٍ إبداعية يقتضيها المعنى، وتستدعيها حركة المشاعر، ويفرضه مأزق الدلالة، فيجد الشاعر نفسه مدفوعاً لاستثمار الترخيص البلاغي المناسب للسياق والمقام، فيعدل إلى الصيغة التي يراها تمتلك القدرات الكافية على حمل المعنى، ويدع الأخرى التي فقدت قدرتها التأثيرية الأدائية، أو غير القادرة على حمل المعنى بالطريقة الأمثل، أو غير المناسبة للسياق الخاص، ولم يعد بمقدورها أداء المعنى بالشكل المطلوب، وتحقيق القيمة الجمالية والدلالية.
إن لجوء الشاعر إلى العدول ما هو إلا مسعى إبداعي جمالي ودلالي في الأساس، ذلك أن السعي وراء تحقيق الغاية الفنية والمعاني الإضافية هو الذي يحدو بالشاعر إلى سلوك طريق العدول.
والشعر يكتسب صفة التأثير الجمالي من كمية العدول المتوفرة فيه، فكلما ارتفع منسوب العدول كان تأثيره أقوى وأبلغ، وهكذا يمكن التمييز في العدول بين درجات ومراتب ومستويات، يُعمل الشعراء قدراتهم ومواهبهم في الارتقاء بها إلى المستوى الأعلى، وفي سعيهم هذا يحصل بينهم التفاوت في استثمار إمكانات العدول الجمالية، والإتيان بالشكل المبهر المحدث للذة والإعجاب.
ويتناول المؤلف بعض المصطلحات المرتبطة بالحقل الدلالي للعدول، نذكر منها: «الصرف» الذي استخدمه ابن القيم هو والعدول بمعنى واحد، هو «صرف الكلام أو العدول به عن جهة إلى جهة، سعياً وراء تحقيق غايات فنية، والتماساً لمعانٍ إضافية لا يتوصل إليها إلا عن طريق العدول». وإلى جانب الصرف، أكثر القدماء من إيراد مصطلح «الالتفات» الذي ارتبط أكثر بتغيير الضمائر في الخطاب تلويناً للتعبير وتطرية للسامع، وهنالك مصطلح «المجاز» الذي يقع في الجهة المقابلة للحقيقة، ومصطلح «التبديل»، وأيضاً «الاختيار»، وغيرها من المصطلحات التي تدخل ضمن دائرة الحقل الدلالي، كما مر آنفاً.
ويفرق المؤلف بين العدول والانزياح، فيرى أن الانزياح يفتقر لأهم ميزة تتوفر في العدول، وهي النية والقصد، لأن العدول اختيار متعمد مدروس بعناية وتروٍ، أما الانزياح فإن اتساع مفهومه وتعدد أوجهه يجعل بعض أنواعه جمالياً، وبعضها الآخر ليس كذلك.
ويختتم المؤلف كتابه الحالي بالقول: «تتعدد أوجه العدول وأجناسه مستفيدة من طواعية اللغة، ومؤدية ما في نفس المتكلم من حاجات، متجاوزة انحصار التراكيب فيما قرر سلفاً من أساليب فاقدة للتأثير الجمالي».



تمثال بومة «جلب السعادة» لبريطانيين... واختفى

فقدان الأثر (حساب الفنان غراهام ديرهام في «فيسبوك»)
فقدان الأثر (حساب الفنان غراهام ديرهام في «فيسبوك»)
TT

تمثال بومة «جلب السعادة» لبريطانيين... واختفى

فقدان الأثر (حساب الفنان غراهام ديرهام في «فيسبوك»)
فقدان الأثر (حساب الفنان غراهام ديرهام في «فيسبوك»)

اختفى تمثال لعائلة من طيور البوم بعد شهر فقط من عرضه خارج كنيسة في بريطانيا.

وذكرت «بي بي سي» أنه كان معروضاً في حديقة صغيرة بجانب كنيسة كالن الإنجيلية في مقاطعة ويلتشير، جنوب غربي إنجلترا؛ وقد صنعه الفنان غراهام ديرهام من دون مقابل. وعقب اختفائه، علَّق ديرهام: «الناس في حالتَي حزن وغضب، لكنهم لم يُفاجأوا. من المؤسف سماع هذا».

راح خبر اختفاء التمثال ينتشر بكثافة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فبالنسبة إلى ديرهام، فعمله هذا قد صُمِّم «لإسعاد الناس»، مضيفاً: «عندما اكتشفتُ اختفاءه، رأيتُ أنّ صلباناً تذكارية مُثبتة على جذع شجرة في أسفله قد ألقيت أرضاً أيضاً من دون اكتراث. ذلك محبط جداً».

كان ديرهام، وهو نحّات يستخدم منشاراً كهربائياً، قد صرَّح أنّ وزن التمثال يبلغ نحو 30 كيلوغراماً، وكان مثبتاً بالأرض باستخدام أوتاد معدنية طولها نحو متر. وأفاد بأنّ نقله تطلّب شخصين، مضيفاً أنّ «شخصاً واحداً لا بدَّ أن يبذل جهداً كبيراً في ذلك».

وتابع الفنان: «أشعر بالإحباط لأنّ شخصاً ما كان أنانياً حدَّ أنه سرق شيئاً جلب الفرح لكثيرين». وختم بالاعتقاد أنّ التمثال سيظهر في النهاية، سواء أُعيد أو بِيْع. وإذا لم يحدُّث، فسيصنع آخر.

بدورها، أعلنت الشرطة إغلاق القضية لنقص الأدلة، مشيرةً إلى أنه في حال توافر معلومات جديدة، ستُفتَح مرة أخرى.