توافق مصري ـ جنوب سوداني على أهمية «الاتفاق الملزم» بشأن سد النهضة

الرئيس المصري ونظيره الجنوب سوداني خلال جلسة مباحثات في جوبا أمس (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري ونظيره الجنوب سوداني خلال جلسة مباحثات في جوبا أمس (الرئاسة المصرية)
TT

توافق مصري ـ جنوب سوداني على أهمية «الاتفاق الملزم» بشأن سد النهضة

الرئيس المصري ونظيره الجنوب سوداني خلال جلسة مباحثات في جوبا أمس (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري ونظيره الجنوب سوداني خلال جلسة مباحثات في جوبا أمس (الرئاسة المصرية)

توافقت مصر وجنوب السودان على «أهمية التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ومتوازن»، حول ملء وتشغيل سد النهضة، فضلاً عن تعزيز التعاون بين دول حوض النيل على نحو «يحقق المصالح المشتركة لشعوب دوله كافة، وتجنب الإضرار بأي طرف». وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي «دعم بلاده الكامل، وغير المحدود لجهود حكومة جنوب السودان في تحقيق السلام والاستقرار، كامتداد للأمن القومي المصري». مشيرا خلال مباحثاته مع نظيره الجنوب سوداني سلفاكير في جوبا أمس إلى «أهمية البناء على قوة الدفع الحالية على الساحة السياسية في جنوب السودان، وتوافر الإرادة اللازمة من قبل جميع الأطراف، بهدف الاستمرار في تنفيذ استحقاقات اتفاق السلام».
ويرعى الاتحاد الأفريقي مفاوضات «سد النهضة» الإثيوبي منذ يوليو (تموز) الماضي. وتطالب مصر بـ«ضرورة التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن، يُحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا) حول قواعد ملء وتشغيل السد، الذي تقيمه أديس أبابا منذ عام 2011 على (النيل الأزرق)، الرافد الرئيسي لنهر النيل». لكن مصر تخشى من تأثير السد على حصتها من المياه، البالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، فيما يطالب السودان بـ«منح دور أكبر لخبراء الاتحاد الأفريقي لتسهيل التفاوض، وتقريب وجهات النظر بين الأطراف الثلاث».
وعقد السيسي جلسة مباحثات ثنائية مع رئيس جنوب السودان بالقصر الجمهوري في جوبا أمس. ووصف سلفاكير زيارة السيسي بـ(التاريخية)، خاصة أنها الأولى لجنوب السودان منذ استقلاله.
ووفق المتحدث باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي، أمس، فإن «الرئيس سلفاكير أعرب عن تقدير بلاده لعلاقات التعاون الوثيقة مع مصر»، مشيداً بـ«الجهود المصرية المخلصة، والساعية نحو المساهمة في تحقيق السلام والاستقرار بجنوب السودان، وتقديم كل سبل الدعم له وتوفير المساعدات الإنسانية».
وأكد سلفاكير «وجود آفاق رحبة لتطوير التعاون بين البلدين في العديد من المجالات، لا سيما على الصعيد الاقتصادي»، مشيداً بـ«نشاط الشركات المصرية في جوبا، ومساهمتها في جهود التنمية». كما أعرب عن «تطلع بلاده لزيادة نشاط القطاع الخاص المصري في جنوب السودان، وحرصها على توفير جميع التسهيلات والمناخ الداعم لذلك، مع التأكيد على التقدير لما تقدمه مصر من دعم فني، وبرامج بناء القدرات والتدريب على مدار السنوات الماضية للكوادر من جنوب السودان، في شتى المجالات المدنية والعسكرية».
وبحسب المتحدث الرئاسي المصري فقد أكد الرئيس السيسي أن الزيارة «تأتي استمراراً لمسيرة العلاقات المتميزة، التي تربط البلدين على المستويين الرسمي والشعبي، ودعماً لأواصر التعاون الثنائي على جميع الأصعدة»، مشيراً إلى «حرص مصر على دفع التعاون الثنائي وتعزيز الدعم المصري الموجه إلى جهود التنمية في جنوب السودان، خاصة مع وجود آفاق واسعة لتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين».
وبين القاهرة وجوبا تعاون واسع في المجالات كافة، حيث أخذت مصر على عاتقها دعم جنوب السودان منذ استقلالها عن السودان عام 2011. ويستند التعاون المائي بين البلدين إلى مذكرة التفاهم الموقعة في 18 أغسطس (آب) 2006، والتي تم تدعيمها من خلال التوقيع على بروتوكول التعاون الفني بين البلدين في 28 مارس (آذار) 2011، وتوقيع اتفاقية التعاون الفني والتنموي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 بالقاهرة، لتنفيذ حزمة مشروعات تنموية بجنوب السودان. ووفق المتحدث الرئاسي المصري، فإن المباحثات شهدت «مناقشة آفاق التعاون الثنائي بين البلدين، حيث تم الإعراب عن الارتياح لمستوى التعاون والتنسيق القائم بين الدولتين، مع تأكيد دعمه لصالح البلدين، وذلك بالاستغلال الأمثل لجميع الفرص المتاحة»، مضيفاً أنه «تم التباحث حول أهم الملفات على الساحة الإقليمية، خاصة منطقتي حوض النيل والقرن الأفريقي، حيث عكست المناقشات تفاهماً متبادلاً بين الجانبين، إزاء سبل التعامل مع تلك الملفات، بما يكفل تعزيز القدرات الأفريقية على مواجهة التحديات التي تواجه القارة كلها»، لافتاً إلى أنه «تم الاتفاق على تكثيف وتيرة انعقاد اللقاءات الثنائية بين كبار المسؤولين من البلدين بصورة دورية، قصد التنسيق الحثيث والمتبادل تجاه التطورات المتلاحقة، التي يشهدها حالياً المحيط الجغرافي للدولتين».
وقال متحدث الرئاسة المصرية إنه «فيما يتعلق بالأوضاع في جنوب السودان، فقد عرض الرئيس سلفاكير تطورات تنفيذ اتفاق السلام بالبلاد، مثمناً التحركات المصرية في المحافل الدولية والإقليمية لشرح طبيعة التحديات التي تواجه جنوب السودان، وتأكيد أهمية دعم الاستقرار والمصالحة الوطنية في البلاد، وحث المجتمع الدولي على الوفاء بتعهداته والتزاماته تجاه جنوب السودان».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.