حالة تأهب قصوى في إسرائيل وسفاراتها

تل أبيب اعتبرت اغتيال فخري زاده يضاهي عملية سليماني

حالة تأهب قصوى في إسرائيل وسفاراتها
TT

حالة تأهب قصوى في إسرائيل وسفاراتها

حالة تأهب قصوى في إسرائيل وسفاراتها

في وقت اعتبر فيه كبار الخبراء العسكريين في تل أبيب اغتيال عالم الذرة الإيراني، محسن فخرزادة، «عملية درامية» بحجم عملية اغتيال قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني، رفعت إسرائيل من درجة التأهب في جميع أنحاء البلاد، وكذلك في سفاراتها حول العالم، والمراكز اليهودية البارزة، تحسباً لعملية انتقام من إيران أو ميليشياتها.
ومع أن الإسرائيليين يعتقدون بأن إيران ستعبر هذه الضربة من دون رد يذكر، كما في عمليات أخرى في السابق، فإنهم يأخذون في الاعتبار احتمال أن تغير طهران توجهها، «لأن هذه ضربة أليمة بشكل خاص لها، تهز هيبتها في الداخل الإيراني وفي العالم». وتناولت حالة التأهب سلاح الجو وسلاح البحرية وأجهزة المخابرات المختلفة، عوضاً عن القوات البرية المحتشدة على حدود لبنان وسوريا في حالة تأهب منذ يوليو (تموز) الماضي، حينما توقعت أن ترد إيران وحزب الله على عملية قصف نفذتها إسرائيل قرب دمشق.
وقالت مصادر أمنية في تل أبيب إن التقديرات هي أن يأتي الرد الإيراني بشكل مباشر، لأن مثل هذا الرد قد يشعل حرباً شاملة، وأن تلجأ إيران إلى ميليشياتها أو إلى خلايا نائمة تعمل لحسابها في الخارج. وقد توجهت أجهزة الأمن الإسرائيلية إلى المنظمات اليهودية في العالم، تطلب منها كذلك رفع درجة التأهب واتخاذ احتياطات أمنية مناسبة. وأجرت اتصالات بهذا الخصوص مع «أجهزة أمن صديقة» في العالم.
المعروف أن إسرائيل لم تحمل نفسها مسؤولية اغتيال فخرزادة، لكنها انطلقت في إجراءاتها من الاتهام الإيراني لها بتنفيذ العملية ومن تهديدات المسؤولين في طهران، حيث توعد الرئيس الإيراني، حسن روحاني بـ«الرد» في الوقت المناسب، وهدد الحرس الثوري الإيراني بـ«انتقام قاسٍ»، وأعلن حزب الله اللبناني، أنه «يقف بكل قوة إلى جانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية». هذا فضلاً عما نشر بشكل واسع في العالم عن دور إسرائيل. فكتبت صحيفة «واشنطن بوست»، أمس السبت، أن مصدرا استخباراتيا موثوقا في الشرق الأوسط، أكد لها أن «إسرائيل تقف وراء عملية اغتيال العالم».
وحتى في إسرائيل، التي اتخذت قرارا بحجب أي معلومات عن دورها في العملية، أبرزوا أن العالم فخرزادة، كان «الهدف رقم واحد على لائحة الموساد» وأنه ملاحق منذ سنوات، وأن عملية واحدة على الأقل كان متاحاً اغتياله فيها لكن الفرقة التي أرسلت لتنفيذ العملية فشلت في الاهتداء إليه.
وقد خرج العقيد في جيش الاحتياط والباحث في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، د. عيران ليرمان، بتقدير أن يكون هذا الاغتيال هو عبارة عن رسالة موجهة للرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، حتى يدرك أن المشروع النووي الإيراني ليس مجرد ملف سياسي آخر. وقال ليرمان، الذي شغل في الماضي منصب نائب رئيس معهد أبحاث الأمن القومي في مكتب رئيس الحكومة ومنصب رئيس قسم سري كبير في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش ويشغل اليوم منصب نائب رئيس معهد القدس للاستراتيجية والأمن، إن محسن فخرزادة، إضافة إلى كل ما نشر حول دوره في تأسيس القدرات النووي الإيرانية كان مسؤولا عن العلاقات مع كوريا الشمالية، التي تعتبر مصدرا أساسيا للخبرات النووية في طهران، وتؤدي دورا مركزيا اليوم في تطوير الصواريخ الباليستية. واعتبر اغتياله «حدثا ذا أبعاد استراتيجية لا تقل عن اغتيال قاسم سليماني، في مطلع السنة».
وأضاف: «هذه هي ضربة قاسية للقيادة الإيراني على عدة مستويات. فأولاً هو ضربة للمشروع النووي نفسه، الذي قاده بنفسه لسنين طويلة. ومع أنه لا يوجد إنسان من دون بديل، فإنه سيكون من الصعب الصحو من ضربة قاسية كهذه. وثانياً، هذا الاغتيال يبين أن إيران تعاني من أزمة حقيقية في مستوى أجهزتها الاستخبارية. فهي مكشوفة بطريقة غير عادية. ويسهل اختراقها. وبفضل هذا الاختراق تم اغتيال نائب رئيس القاعدة، محمد المصري في شهر أغسطس (آب) الماضي. وتم تفجير المفاعل النووي في نتنز في مطلع يوليو (تموز)، وهذا إضافة إلى اغتيال سليماني».
واعتبر الخبير الإسرائيلي عدم الرد الإيراني على هذه العمليات، ليس فقط «صبرا طويلا يميز الفرس، إنما هو ارتداع قوي. فهم يعرفون أن الرد على أي هجوم سيكون قاسياً».
وكانت أوساط سياسية في تل أبيب قد أكدت أن عملية الاغتيال هي رسالة إلى إدارة بايدن العتيدة مفادها أن إسرائيل مصرة على لجم المشروع النووي الإيراني بأي ثمن.



إسرائيل ترى تهديداً متزايداً من سوريا رغم النبرة المعتدلة لحكامها

إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)
إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)
TT

إسرائيل ترى تهديداً متزايداً من سوريا رغم النبرة المعتدلة لحكامها

إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)
إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)

قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم (الأحد)، إن التهديدات التي تواجهها إسرائيل من سوريا لا تزال قائمةً رغم النبرة المعتدلة لقادة قوات المعارضة الذين أطاحوا بالرئيس بشار الأسد قبل أسبوع، وذلك وسط إجراءات عسكرية إسرائيلية لمواجهة مثل هذه التهديدات.

ووفقاً لبيان، قال كاتس لمسؤولين يدققون في ميزانية إسرائيل الدفاعية: «المخاطر المباشرة التي تواجه البلاد لم تختفِ، والتطورات الحديثة في سوريا تزيد من قوة التهديد، على الرغم من الصورة المعتدلة التي يدّعيها زعماء المعارضة».

وأمس (السبت)، قال القائد العام لإدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، الذي يوصف بأنه الزعيم الفعلي لسوريا حالياً، إن إسرائيل تستخدم ذرائع كاذبة لتبرير هجماتها على سوريا، لكنه ليس مهتماً بالانخراط في صراعات جديدة في الوقت الذي تركز فيه البلاد على إعادة الإعمار.

ويقود الشرع، المعروف باسم أبو محمد الجولاني، «هيئة تحرير الشام» الإسلامية، التي قادت فصائل مسلحة أطاحت بالأسد من السلطة، يوم الأحد الماضي، منهيةً حكم العائلة الذي استمرّ 5 عقود من الزمن.

ومنذ ذلك الحين، توغّلت إسرائيل داخل منطقة منزوعة السلاح في سوريا أُقيمت بعد حرب عام 1973، بما في ذلك الجانب السوري من جبل الشيخ الاستراتيجي المطل على دمشق، حيث سيطرت قواتها على موقع عسكري سوري مهجور.

كما نفَّذت إسرائيل، التي قالت إنها لا تنوي البقاء هناك، وتصف التوغل في الأراضي السورية بأنه «إجراء محدود ومؤقت لضمان أمن الحدود»، مئات الضربات على مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا.

وقالت إنها تدمر الأسلحة الاستراتيجية والبنية التحتية العسكرية لمنع استخدامها من قبل جماعات المعارضة المسلحة التي أطاحت بالأسد من السلطة، وبعضها نشأ من رحم جماعات متشددة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» و«داعش».

وندَّدت دول عربية عدة، بينها مصر والسعودية والإمارات والأردن، بما وصفته باستيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة في هضبة الجولان.

وقال الشرع في مقابلة نُشرت على موقع «تلفزيون سوريا»، وهي قناة مؤيدة للمعارضة، إن الوضع السوري المنهك بعد سنوات من الحرب والصراعات لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة. وأضاف أن الأولوية في هذه المرحلة هي إعادة البناء والاستقرار، وليس الانجرار إلى صراعات قد تؤدي إلى مزيد من الدمار.

وذكر أن الحلول الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار «بعيداً عن أي مغامرات عسكرية غير محسوبة».