المفوضية الأوروبية تدعو إلى تلقيح المولودين الجدد بالبلازما

يتوقع أن تكسبهم مناعة مدى الحياة

المفوضية الأوروبية تدعو إلى تلقيح المولودين الجدد بالبلازما
TT

المفوضية الأوروبية تدعو إلى تلقيح المولودين الجدد بالبلازما

المفوضية الأوروبية تدعو إلى تلقيح المولودين الجدد بالبلازما

مع اقتراب المواعيد المرتقبة للمباشرة بالمراحل الأولى من حملات التلقيح ضد «كوفيد-19»، رفع «المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منها» تقريراً إلى المفوضية الأوروبية، يدعو فيه إلى وضع خطة لتلقيح المولودين الجدد، ليكتسبوا مناعة مدى الحياة ضد هذا الفيروس الذي يرجح خبراء المركز أنه لا بد من التعايش معه إلى الأبد.
ويشير التقرير الذي وضعه اختصاصيو الوبائيات في المركز إلى أن موجات الوباء قد تتكرر في المستقبل، وتصبح موسمية مثل الفيروسات التنفسية الأخرى، ولا يستبعد إعطاء جرعات إضافية إلى الذين يتلقون اللقاح بعد سنوات، على غرار بعض اللقاحات الأخرى. ويقارن التقرير بين «كوفيد-19» والجدري، وهو المرض الساري الوحيد الذي تم استئصاله وليس حيواني المصد، ويخلص إلى أن سريان فيروس «كورونا» المستجد عبر إصابات لا تظهر عليها عوارض سيواصل انتشاره عبر حيوانات كثيرة تتحول إلى «خزانات» له في شتى أنحاء العالم.
ويتوقع خبراء الوبائيات في المركز أن تنخفض الإصابات بشكل جذري مع بداية حملات التلقيح الكثيفة، والمناعة التي ستنجم عنها، بدءاً من عام 2022، مع انخفاض كبير في عدد الوفيات. وتفيد الدراسة التي يستند إليها التقرير الذي أعده المركز بأن البيانات العلمية المتوفرة حتى الآن عن اللقاحين اللذين تطورهما شركتا «فايزر» و«مودرنا» تشكل اختراقاً مذهلاً في العلوم اللقاحية، وترجح أن يساعد هذا اللقاحان على الحد من عدد وشحنة الفيروسات التي يولدها المصابون، وعلى اختصار المدة لتوليدها. وإذ تتوقع الدراسة توزيع هذين اللقاحين من غير عراقيل كبيرة في معظم أنحاء أوروبا والولايات المتحدة، ترى أن توزيعها في البلدان النامية سيشكل تحدياً لوجيستياً وتقنياً ضخماً، وتنصح باللجوء إلى لقاحات أخرى لا تحتاج إلى التبريد بدرجات منخفضة جداً.
وينوه التقرير بالقرار الذي اتخذته قمة مجموعة العشرين التي انعقدت نهاية الأسبوع الماضي، برئاسة المملكة العربية السعودية، لتمويل برنامج عالمي للقاحات، لأن هذه الجائحة تحتاج إلى جهود واسعة وحلول شاملة، والسبيل الوحيد لعودة الحياة إلى طبيعتها السابقة هو بلوغ المناعة الجماعية التي لن تتحقق قبل أن تشمل 70 في المائة على الأقل من سكان العالم.
ويقدر خبراء المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية أنه يوجد حالياً أكثر من 320 ألفاً من الفيروسات مجهولة المواصفات التي يمكن أن تصيب الثدييات، وثمة تقديرات أخرى ترفع هذا العدد إلى المليون. ويشرف المركز، بالتعاون مع نظيره الأميركي، على مشروع دولي للتعاون يخصص 6 مليار دولار لتوصيف هذه الفيروسات المجهولة، وتحديد تلك التي يمكن أن تنتقل إلى الإنسان. ويركز هذا المشروع على دراسة الحيوانات البرية والأليفة، وتلك التي توجد في حدائق الحيوان، لرصد فيروسات جديدة قد تكون في مراحل السريان الأولى.
ويقول الخبراء إن الرصد المبكر للفيروسات يعد حيوياً لاستباق الجائحات التي لا تظهر عادة إلا بعد فترة طويلة من سريان الفيروس بشكل صامت، كما حصل في الماضي مع فيروس الإيدز، وكما يرجح أن يتبين لاحقاً من أن «كوفيد-19» كان يسري منذ سنوات، قبل أن تظهر الإصابات الأولى في مقاطعة ووهان الصينية أواخر العام الماضي.
ويعتمد الرصد المبكر للفيروسات على تقنيات التشريح الدقيق، وتحليل البلازما الدموي، لكشف وجود مضادات الأجسام التي تدل على وجودها، وتساعد على تحديد مواصفاتها. وينصح خبراء المركز بإجراء مزيد من الدراسات على علاج مرضى «كوفيد-19» بالبلازما المستخرج من المعافين، بعد أن بينت التجارب السريرية أن هذا العلاج على المصابين الذين تظهر عليهم عوارض خفيفة يمنع انتشار الإصابة في الجسم خارج موقع دخول الفيروس، ويحول دون ردة الفعل المفرطة لنظام المناعة التي تؤدي إلى تفاقم خطورة الإصابة، ثم إلى الوفاة.
ويقترح التقرير المرفوع إلى المفوضية الأوروبية توثيق التعاون مع برنامج «كوفاكس» لمنظمة الصحة العالمية، ومع المنظمات الإقليمية في البلدان النامية، لوضع خطط متكاملة من أجل تعميم توزيع اللقاحات على أوسع نطاق ممكن، وعدم ترك الدول الفقيرة لمصيرها في مواجهة الجائحة التي لن تُعرف مواعيد خواتيمها قبل التحقق من فاعلية اللقاحات، وتعميمها على كل البلدان.
ومن التوصيات التي يتضمنها التقرير، استعداداً للمرحلة التالية من الجائحة التي لا يستبعد الخبراء أن تتزامن فيها حملات التلقيح مع موجة ثالثة للوباء، تعزيز الخدمات الصحية الأساسية، وتأهيل الأعداد الكافية من الممرضين المتخصصين في تقنيات التلقيح المتطورة، وإدارة معدات وحدات العناية الفائقة. وكان المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية قد رصد عجزاً في الكفاءات التمريضية لدى معظم البلدان الأوروبية، ومنها تلك التي تتمتع بنظام صحي قوي، مثل ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا وإسبانيا.


مقالات ذات صلة

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

صحتك صورة توضيحية لفيروس «كوفيد-19» (أرشيفية - رويترز)

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

منذ ظهور العوارض عليها في عام 2021، تمضي أندريا فانيك معظم أيامها أمام نافذة شقتها في فيينا وهي تراقب العالم الخارجي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».