السعودية: إقرار «البنك المركزي» بديلاً عن «مؤسسة النقد» لدعم النمو وجلب الاستثمارات

تترقب الأوساط الاقتصادية في الداخل والخارج آلية العمل والتحرك للبنك المركزي السعودي باسمه الجديد، خلال الأيام الفترة المقبلة، وما سيحققه من خطط تحفيزية للقطاع المصرفي والمحافظة على الاستقرار النقدي، كذلك دعم استقرار القطاع المالي وتعزيز الثقة فيه، إضافة إلى أهم مرتكز للبنك الجديد في دعم «النمو الاقتصادي» و«جلب الاستثمارات».
وكان مجلس الوزراء السعودي وافق، خلال جلسته التي عُقدت أول من أمس، على نظام البنك المركزي السعودي، ويحل اسم «البنك المركزي السعودي» محل اسم «مؤسسة النقد العربي السعودي».
ويرى مختصون في الاقتصاد أن تغير تسمية ونظام للبنك المركزي الجديد، سيعطي للسعودية أبعاداً دولية أكبر في تعاملاتها الخارجية تتوافق مع دورها البارز على المستوى المحلي والدولي، كما سيعطي مساحة للبنك في لعب دور مهم في جلب الاستثمار على المستوى الخارجي.
وينص النظام الجديد للبنك المركزي، على ارتباطه بشكل مباشر مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، مع استمرار تمتع البنك المركزي بالاستقلال المالي والإداري، لمواكبة الممارسات العالمية للبنوك المركزية، كما تضمن النظام حكماً يقضي بحلول «البنك المركزي السعودي» محل «مؤسسة النقد العربي السعودي» في جميع حقوقها والتزاماتها.
وسيقوم «البنك المركزي» بدوره في وضع وإدارة السياسة النقدية واختيار أدواتها وإجراءاتها، بالإضافة إلى توضيح علاقة البنك بالحكومة والجهات الدولية الخارجية ذات العلاقة، ووضع النظام إطاراً لحوكمة أعمال البنك وقراراته، فيما سيحتفظ البنك الجديد بالاختصار القديم «ساما» (SAMA)، كما أنّ الأوراق النقدية والعملات المعدنية من جميع الفئات التي تحمل اسم «مؤسسة النقد العربي السعودي» ستستمر في الاحتفاظ بصفة التداول القانوني والقوة الإبرائية.
وهنا تحدث محافظ البنك المركزي السعودي (ساما)، أحمد الخليفي، عن التعديلات الجديدة في «البنك المركزي» بالقول: «إن (البنك المركزي) سيظل مشرفاً على القطاعات التي تشرف عليها (مؤسسة النقد) وكذلك السياسة النقدية»، مؤكداً أن القطاعات الخاضعة لرقابة المركزي لن تتغير، والسياسة النقدية لن تتغير مع إقرار النظام الجديد للبنك المركزي إسناد كل ما يتعلق بتقنيات المالية ليكون من مسؤوليات (المركزي)». وشدد على أن هذه التغيرات تواكب التطور بالقطاع، لافتاً إلى أنه يوجد 190 مليار ريال حالياً النقد المتداول.
وقال في تصريحات أطلقها أمس إن البنك يدرس تمديد العمل بخطط التحفيز الخاصة بالبنك المركزي السعودي، لافتاً إلى أن القطاع المصرفي مثل القطاعات الأخرى تأثر بجائحة «كورونا»، ولكن «البنك المركزي السعودي» تدخّل وقام بضخ السيولة، مما خفف الأثر على القطاع المصرفي، وهناك دراسة لتمديد دعم بعض القطاعات لنهاية الربع الأول 2021.
وأضاف الخليفي في لقاء مع قناة «العربية»، أن ما يقلق هو في حالة الأزمات جودة الأصول وما زال البنك يراقبها عن كثب في جميع الأنشطة، مبيناً أنه لاحظ ارتفاع القروض من 1.9 في المائة إلى 2.3 في المائة، مضيفاً: «ما زلنا نأمل في تخفيض أثر الجائحة عبر البرامج التي ضخها البنك»، مشيراً إلى أنه جارٍ مناقشات داخل «البنك المركزي» عن تأجيل المدفوعات، كما أن السيولة عالية جداً في القطاع المصرفي ولا توجد حاجة حاليا لضخ سيولة جديدة، ووصفها بأنها «فائضة».
ولفت محافظ «البنك السعودي المركزي» إلى ربحية البنك قائلاً: «كنا نتحدث عن 1.8 في المائة بينما الآن واحد في المائة العائد من الربحية مقارنة مع الأصول»، مشيراً في بيان صدر أمس إلى أن «مؤسسة النقد العربي السعودي» عملت خلال الفترة الماضية على دراسة أفضل الممارسات الدولية في قوانين البنوك المركزية والتوصيات ذات العلاقة، وإخضاع تلك الدراسات للتحليل لضمان انسجامها مع البيئة المحلية واقتصاد المملكة؛ مما نتج عنه مشروع تحديث لنظام «مؤسسة النقد العربي السعودي» (ساما) ليصبح نظام البنك المركزي السعودي.
إلى ذلك قال الدكتور صلاح الشلهوب الخبير في المصرفية لـ«الشرق الأوسط» إن التحول أمر متوقع ومنتظر، فـ «مؤسسة النقد» غالباً لا تعطي معنى كامل لوظائف «البنك المركزي»، خاصة بعد جملة من الأحداث والقمم التي تبنتها السعودية وأصبح دورها عالمياً وليس محلياً.
وأضاف: «كان لا بد أن تأخذ شكل التسميات الشائعة والموجودة في العالم وهي البنوك المركزية، التي تؤدي وظائف متعددة منها إصدار النقود، وتسعير الفائدة، إدارة تسعير العملة، وإدارة السيولة والعمل مع البنوك لتقديم الدعم لها سواء الودائع أو إقراض البنوك».
وسيلعب البنك المركزي، وفقاً للشلهوب، دوراً محورياً في الاستثمار على المستوى المحلي والعالمي، خاصة أن هناك انفتاحاً أكبر لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية، إذ أصبحت البنوك المحلية تتوسع بينما هناك اندماجات ونمو في العوائد، مستطرداً: «نلاحظ أن هناك توسعاً نوعياً في مجالات وأنشطة في قطاع التأمين قطاع التمويل (التأجير والعقار) في نشاط كبير في التمويل الإسلامي، وهنا يتطلع البنك لأن يكون الوجهة الأولى للاستثمارات التي تتوافق مع الشريعة»، لافتاً إلى وجود استثمارات نوعية في التمويل الرقمي، التي أصبح لها تراخيص متعددة.
وتابع الشهلوب أن التغير لا يتعلق فقط بالاسم، وإنما أيضاً بالوظائف سيكون للبنك المركزي نشاط أكبر، كما أن التغير سيسهل عملية التواصل الخارجي لمعرفة وظيفة البنك على المستوى العالمي مع عدم وجود أي عواق مرتبطة بالتسمية لأن التسمية مرتبطة به وظائف متعددة تمكنه من لعب أدوار مختلفة في تنمية الاقتصاد والبيئة الاستثمارية في السعودية.