السعودية تحصد 6 جوائز في الدورة الأولى من «التميز الحكومي العربي»

«التجارة» في المملكة تتوج بأفضل وزارة عربية ووزيرة التخطيط المصرية كأفضل وزير

جانب من اجتماعات الجائزة السابقة (الشرق الأوسط)
جانب من اجتماعات الجائزة السابقة (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تحصد 6 جوائز في الدورة الأولى من «التميز الحكومي العربي»

جانب من اجتماعات الجائزة السابقة (الشرق الأوسط)
جانب من اجتماعات الجائزة السابقة (الشرق الأوسط)

حازت الجهات والمبادرات الحكومية السعودية نصيب الأسد في سباق الدورة الأولى لجائزة التميز الحكومي العربي، والتي أطلقتها حكومة الإمارات بالتعاون مع جامعة الدول العربية، ممثلة في المنظمة العربية للتنمية الإدارية بهدف الإسهام في التطوير الإداري والتميز المؤسسي الحكومي، وتحفيز الفكر القيادي، والاحتفاء بالتجارب الإدارية والحكومية الناجحة في الوطن العربي.
وحصلت السعودية على 6 جوائز، حيث توجت وزارة التجارة السعودية بجائزة أفضل وزارة عربية ضمن الجوائز المؤسسية، فيما حازت هيئة الغذاء والدواء في السعودية بجائزة أفضل هيئة حكومية عربية.
وتم الإعلان عن الجوائز في حفل أقيم برعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حيث أعلن مجلس أمناء جائزة التميز الحكومي العربي عن أسماء الفائزين بجوائز الدورة الأولى، وذلك خلال حفل افتراضي شارك فيه عدد من الوزراء والمسؤولين ومن ممثلين من الحكومات العربية، وبحضور أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية وأعضاء مجلس أمناء الجائزة.

تطوير المؤسسات

وقال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي: «نبارك للفائزين، ونقول لكل من رشح ولم يفز استمر في التطوير، ولكل المسؤولين الحكوميين العرب، لا تتوقفوا عن تطوير مؤسساتكم، استقرار عالمنا العربي، وتطور اقتصاده، وازدهار حياته، وبناء مستقبل أبنائه كله بيدكم، مهمتكم عظيمة وتاريخية».
وأضاف «أبارك لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان فوز وزارة التجارة في المملكة، كأفضل وزارة في العالم العربي من بين أكثر من 5 آلاف مشاركة حكومية عربية، (رؤية 2030) التي يقودها الأمير محمد أفرزت تجارب عربية حكومية غير مسبوقة تنافس العالمية».

وزارة التجارة السعودية

وجاء فوز وزارة التجارة السعودية بجائزة التميز الحكومي العربي كأفضل وزارة عربية من بين أكثر من 5 آلاف مشاركة حكومية عربية، نتيجة للتميز المؤسسي وفق أفضل المعايير الدولية، وتبني مفاهيم الابتكار والتطوير، وحوكمة الأداء لتحقيق الأهداف والاستراتيجيات المرتبطة بالرؤية.
كما حققت الوزارة جائزة أفضل خدمة حكومية على مستوى العالم العربي عن خدمة «أسس شركتك» التي تُمكن من التأسيس الإلكتروني للشركات خلال 30 دقيقة بعد أتمتة جميع الإجراءات.
وأكد الدكتور ماجد القصبي وزير التجارة السعودي أن «فوز وزارة التجارة بجائزة التميز الحكومي العربي التي يرعاها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم كأفضل وزارة عربية إنجاز جديد لوطننا الغالي، وهو إحدى ثمار (رؤية المملكة 2030)، مشيدا بالجهود الإبداعية والعمل الدؤوب لفريق عمل التجارة».
وعملت وزارة التجارة خلال السنوات الماضية على إعادة الهيكلة واعتماد هيكل تنظيمي جديد يتواءم مع (رؤية 2030) ليشمل وكالة خاصة لخدمة العملاء، وإدارة عامة لحوكمة الأعمال ومكتب لإدارة التحول في الوزارة، كما حدثت استراتيجيتها لأعمالها للارتقاء بالبيئة التجارية ومواءمتها مع مستهدفات الرؤية، ولكي تكون نموذجا للتميز المؤسسي على مستوى المنطقة.
واستقطبت الوزارة الكفاءات المؤهلة في مختلف المجالات، وعملت على تعزيز الارتباط الوظيفي، حيث وصل إلى 80 في المائة في 2019، ويعد أعلى من المعدل العالمي، والأعلى بين الجهات الحكومية خلال 3 سنوات متتالية، وارتفعت نسبة الموظفين الذين تم تدريبهم لتتجاوز 90 في المائة، كما عززت المشاركة المجتمعية للموظفين والتوسع في تدريب وتأهيل الشباب والطلاب، وتطبيق كل بنود مواصفة المسؤولية المجتمعية «آي إس أو 2600» وحرصت الوزارة في أعمالها على تسهيل بدء وممارسة النشاط التجاري، حيث تم اختصار 5 إجراءات في خطوة واحدة لبدء العمل التجاري إلكترونيا، وتقليص مدة تأسيس الشركات من 15 يوما إلى 30 دقيقة، وأتمتة الخدمات لترتفع نسبة العملاء الذين تتم خدمتهم إلكترونيا إلى 97 في المائة، إضافة إلى التوسع في مراكز العملاء بمفهوم الموظف الشامل.
وتم تعزيز منظومة التشريعات بإعداد وتطوير قرابة 60 تشريعا، تشمل: أنظمة وتنظيمات ولوائح، أبرزها: «نظام التجارة الإلكترونية، نظام الامتياز التجاري، نظام الشركات المهنية، نظام الرهن التجاري، نظام مكافحة التستر» وغيرها.
وأسهمت الإصلاحات والتحسينات التي نفذتها الوزارة في تحقيق السعودية لقفزة نوعية بـ103 مراتب في مؤشر بدء النشاط التجاري - الذي تشرف عليه الوزارة - وصولا للمرتبة 38 عالميا، والمرتبة الـ3 عالميا في مؤشر حماية أقلية المستثمرين بحسب تقرير سهولة الأعمال 2020 الصادر عن البنك الدولي، كما تعد السعودية ضمن أبرز 10 دول نموا في التجارة الإلكترونية، وأسهمت جهود التحول الرقمي في تصنيف تعاملات الوزارة ضمن الفئة البلاتينية في نضج الخدمات الإلكترونية بحسب برنامج (يسّر) للتعاملات الإلكترونية.

الجوائز الفرعية

وفي فئة الجوائز الفرعية للجائزة، حاز مشروع «الاستخدام الأمثل للمضادات الحيوية» من وزارة الصحة في البحرين بجائزة أفضل مشروع حكومي عربي لتطوير القطاع الصحي، وحصلت كل من خدمة حوكمة المعلومات الاقتصادية والجمركية لتسهيل التجارة «أفق» من شؤون الجمارك بوزارة الداخلية في البحرين، وخدمة «فرجت» التابعة للمديرية العامة للسجون بوزارة الداخلية في السعودية، وخدمة «الترخيص المتنقل» للأمن العام في الأردن على جائزة أفضل مبادرة لتجربة تطويرية حكومية. وحصل مشروع بنبان للطاقة الشمسية في مصر بجائزة أفضل مشروع حكومي عربي لتطوير البنية التحتية، ومشروع صناعة النخبة من وزارة شؤون الشباب والرياضة في البحرين على جائزة أفضل مشروع حكومي عربي لتمكين الشباب.
وحصد كل من مشروع الدعم التكميلي «تكافل» بصندوق المعونة الوطنية في الأردن، ومشروع خطوة للمشاريع المنزلية بوزارة العمل والتنمية الاجتماعية في البحرين على جائزة أفضل مشروع حكومي عربي لتنمية المجتمع.
ونالت منظومة الابتكار في وزارة العمل في عمان جائزة أفضل مشروع حكومي عربي لتطوير التعليم، وفي جائزة أفضل تطبيق حكومي عربي ذكي، فقد فاز بها كل من تطبيق «المستشار العقاري» من صندوق التنمية العقارية في السعودية، وتطبيق النظام الوطني للمقترحات والشكاوى «تواصل» لهيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية في البحرين، وتطبيق «أسس شركتك» التابعة لوزارة التجارة في السعودية.
قواعد وشروط عمل جديدة
وقال محمد القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء رئيس مجلس أمناء جائزة التميز الحكومي العربي خلال كلمته في الحفل: «في ظل الأوضاع التي يفرض فيها وباء (كوفيد - 19) قواعد وشروط عمل جديدة في العالم، فإنّ جائزة التميز الحكومي العربي لم تكن لتأتي في وقت أفضل، فأهداف الجائزة وآفاقها تترجم الرؤية التي انطلقت منها في الأساس؛ وهي إعادة تصميم حكومات المستقبل في الوطن العربي، بحيث تعمل على استحداث آليات عمل حديثة وتطوير أدوات وحلول مبتكرة للتصدي للتحديات المستجدة».
من جانب آخر أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أن «جائزة التميز الحكومي العربي تستهدف كافة الجهات الحكومية، والقيادات والموظفين الحكوميين في الدول العربية، ولأنها جائزة متخصصة بالتميز الحكومي العربي، وتهدف إلى نشر ثقافة الجودة والتميز في المؤسسات الحكومية العربية بما يعزز ممارسات الحوكمة الرشيدة والتوظيف الأمثل للموارد، وخلق فكر قيادي إيجابي لتبني مفهوم التميز، وتركز على تحسين الأداء والتطوير المستمر في الأجهزة الحكومية العربية، ولأنها بمثابة منصة لتبادل أفضل الممارسات والتجارب الحكومية العربية».
من جانب آخر، أكد الدكتور ناصر علي القحطاني مدير عام المنظمة العربية للتنمية الإدارية أن جائزة التميز الحكومي العربي تهدف إلى توفير خريطة طريق عربية للوصول إلى تميز المؤسسات العربية، وما كان لهذه الفكرة لترى النور لولا الدعم الذي حصلت عليه المبادرة من حكومة دولة الإمارات والرعاية الكريمة للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
الجوائز الفردية

تم الإعلان عن الفائزين في الجوائز الفردية وتكريم الأفراد ذوي الأداء المميز، الذين استطاعوا ترك أثر كبير وتغيير إيجابي على الجهات التي ينتمون إليها أو على القطاعات التي يعملون بها.
وفازت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية في مصر بجائزة أفضل وزير عربي، والتي تم تقييمها من قبل شركة خارجية، كما فاز بجائزة أفضل محافظ عربي اللواء عادل الغضبان محافظ محافظة بورسعيد في مصر، وفاز في جائزة أفضل مدير عام لهيئة أو مؤسسة عربية، المهندس محمد الموكلي الرئيس التنفيذي لشركة المياه الوطنية في السعودية، وحصد أحمد المنفوحي مدير بلدية الكويت جائزة أفضل مدير بلدية في المدن العربية.
فيما نال الجائزة في فئة أفضل موظف حكومي عربي العقيد صلاح الدين الطرابشة استشاري جراحة القلب في مركز الملكة علياء لأمراض وجراحة القلب في الأردن، وجائزة أفضل موظفة حكومية عربية لمنى مشعل، وهي باحثة رئيسية ومستشارة لشؤون وقاية النبات في المركز الوطني للبحوث الزراعية في الأردن، ونهى السيد، مديرة المركز التكنولوجي بحي منتزه أول في مصر.

مصر تحتفي بحصد 4 جوائز

احتفت الحكومة المصرية، أمس، بحصد 3 من مسؤوليها وأحد مشروعاتها لأربع جوائز للتميز الحكومي العربي، والتي تنظمها دولة الإمارات العربية بالتعاون مع جامعة الدول العربية، وتلقت نحو 5 آلاف مشاركة.
وهنأ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وقال في تغريدة على حسابه الرسمي على موقع «تويتر»: «أبارك لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي فوز وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد كأفضل وزيرة في العالم العربي... التطوير الحكومي في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي يحقق قفزات مدروسة».
وقدم مجلس الوزراء المصري التهنئة للمسؤولين المصريين الفائزين في الدورة الأولى لجائزة «التميز الحكومي العربي»، والتي تم إعلان جوائزها افتراضيا عبر تقنية «الفيديو كونفرانس»، بمشاركة أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية.
ونالت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية؛ جائزة أفضل وزير في العالم العربي، واللواء عادل الغضبان، محافظ بورسعيد؛ أفضل محافظ عربي، كما فاز مشروع مجمع «بنبان» للطاقة الشمسية بجائزة أفضل مشروع حكومي عربي لتطوير البنية التحتية، وكذلك فازت مدير المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين في حي المنتزه أول بمحافظة الإسكندرية نهى السيد، بجائزة أفضل موظفة حكومية عربية.
وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إن «هناك اهتماما واسعا من الرئيس السيسي، بملفات التحول الرقمي، وتيسير أداء الخدمات الحكومية للمواطنين»، مؤكداً على «الدور المهم، الذي تقوم به جائزة التميز الحكومي العربي، والتي يتم تنظيمها برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بالتعاون بين حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة والمنظمة العربية للتنمية الإدارية بجامعة الدول العربية، في إحداث طفرة هائلة في الأداء الحكومي، إلى جانب تعزيز روح المنافسة لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين في المجتمعات العربية كافة، لا سيما مع الاتجاه بقوة نحو أداء هذه الخدمات إلكترونيا في ظل التحول الرقمي الذي تشهده الدول العربية في المرحلة الراهنة».
ودعا مجلس الوزراء جميع المسؤولين والعاملين بالجهاز الإداري للدولة إلى «استمرار تعظيم الأداء كل في موقعه، لتطوير الأداء الحكومي والنهوض بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، مع تفعيل المشاركة في هذه الجائزة بدوراتها المقبلة».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».