«لما بنتولد» يمثل مصر في «الأوسكار» رغم الاعتراضات

سينمائيون رفضوا مبدأ المشاركة لضعف مستوى الأفلام

لقطة من الفيلم المصري {لما بنتولد}
لقطة من الفيلم المصري {لما بنتولد}
TT

«لما بنتولد» يمثل مصر في «الأوسكار» رغم الاعتراضات

لقطة من الفيلم المصري {لما بنتولد}
لقطة من الفيلم المصري {لما بنتولد}

اختارت مصر الفيلم الروائي الطويل «لما بنتولد» ليمثلها في النسخة الـ92 لمسابقة الأوسكار العالمية لفئة أفضل فيلم عالمي، رغم رفض بعض أعضاء «لجنة الاختيار» مبدأ المشاركة لضعف مستوى الأفلام وعددها 17 صوتاً، فيما حظي الفيلم في التصويت النهائي على 13 صوتاً من أعضاء اللجنة المشكلة بقرار من نقيب السينمائيين مسعد فودة، والمكونة من 43 عضواً، وتضم خبرات سينمائية متباينة من كتاب سيناريو ومخرجين ومديري تصوير ومونتيرين وموسيقيين ونقاد. وكانت اللجنة قد بدأت عملها بتحديد قائمة الأفلام التي سيتم الاختيار منها مما ينطبق عليها شروط العرض السينمائي خلال الفترة من أول أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وحتى 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 التي بلغت 22 فيلماً، وبسبب «ضعف مستوى» تلك الأفلام، طالب بعض أعضاء اللجنة بالاعتذار عن ترشيح فيلم مصري العام الجاري، لعدم قدرة أي فيلم مصري على المنافسة في مسابقة عالمية مثل الأوسكار، فيما شدد آخرون على أهمية ترشيح فيلم مصري للمسابقة، من بينهم الناقد أحمد شوقي الذي قال خلال عملية التصويت إن هناك 80 دولة في العالم ترشح أفلامها للمنافسة سنوياً، من بينها 60 دولة على الأقل تدرك أن ترشيحها غير قادر على المنافسة، لكنه في النهاية تكريم للأفضل في السينما المحلية، ومنحه بعض الاهتمام الإعلامي، فهذه ليست منافسة كأس عالم لكرة القدم، بل مسابقة سنوية نقول فيها إن هذا أفضل ما لدينا خلال السنة».
فيلم «لما بنتولد» فيلم مستقل، من تأليف نادين شمس، وبطولة عمرو عابد، ومحمد حاتم، وأمير عيد، وابتهال الصريطي، ودانا حمدان، وحنان سليمان، وسلمى حسن، وسامح الصريطي، ويتعرض الفيلم لقصص 3 شبان... الأول يسعى في مسيرته الفنية كمطرب، والثاني يقع في حب فتاة مسيحية، والثالث يبيع جسده من أجل الوفاء بالتزاماته الأسرية. وكان الفيلم قد فاز بعدة جوائز محلية منها أربع جوائز من «جمعية الفيلم» لأفضل إخراج وأفضل ممثلة دور أول لسلمى حسن وأفضل ممثلة دور ثان لحنان سليمان، وأفضل سيناريو للمؤلفة الراحلة نادين شمس.
ووسط تباين الآراء بشأن ترشيح الفيلم أو الاعتذار هذا العام، تم إجراء التصويت «أونلاين» على ثلاث مراحل، إذ جرى في البداية تصويت أولي على مبدأ المشاركة من عدمه ووافقت الأغلبية على المشاركة، وعلى إثر ذلك تم الاتفاق على أن يقوم كل عضو بترشيح ثلاثة أفلام، وأسفر ذلك عن اختيار قائمة قصيرة تصدرها فيلم «لما بنتولد» إخراج تامر عزت، الذي حصل على 23 صوتا، تلاه فيلم «صندوق الدنيا» إخراج عماد البهات، وحصل على 21 صوتا، وأخيرا فيلم «رأس السنة» للمخرج محمد صقر، وحصل على 7 أصوات، وأقيم عرض خاص للأفلام الثلاثة بسينما الهناجر حتى يتاح مشاهدتها لمن فاته ذلك، وبعدها جرى التصويت للمرة الثالثة بين أعضاء اللجنة لاختيار فيلم واحد من بين الأفلام الثلاثة، إذ حصل فيلم «لما بنتولد» على أعلى الأصوات (13 صوتا)، وحصل فيلم «صندوق الدنيا» على ثمانية أصوات وامتنع خمسة أعضاء عن التصويت في اللجنة البالغ عدد أعضائها 43 عضوا. وكان المخرج أمير رمسيس أحد المؤيدين لفكرة عدم ترشيح أفلام لهذا العام، مبرراً ذلك في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «لم أجد من بين قائمة الأفلام فيلما حقق نجاحا دوليا بمشاركته في مهرجانات عالمية ليكون جسرا للوصول للأوسكار، ولا شركة إنتاج يكون لديها القدرة لدعم الفيلم دعائياً، ومع ضعف الفرص فإن اختيار الأغلبية لفيلم (لما بنتولد) فهذا اعتراف بأنه أفضل أفلام السينما المصرية هذا العام». فيما عبر تامر عزت مخرج فيلم «لما بنتولد» في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عن شعوره بالفخر كون فيلمه يمثل مصر في الأوسكار قائلاً: «كنت أحلم بأن يقترن اسمي بالأوسكار، ولم أتوقع أن يحدث ذلك مع ثاني أفلامي فهذا شرف كبير بالنسبة لي».
وكشف عزت أنه انتظر عشر سنوات حتى يرى فيلمه النور ولم يكن ليحدث ذلك لولا مشاركته والمنتج معتز عبد الوهاب في الإنتاج، بينما ماتت مؤلفته نادين شمس قبل أن تشاهده، مؤكداً أن الفيلم مستمد من فيلمه الوثائقي الأول «مكان اسمه الوطن».
وعن مدى قدرة فيلمه على المنافسة الدولية قال: «لقد حصل الفيلم على 17 جائزة، وكل من شاركوا به حصلوا على جوائز، وأرى أن الأفلام المصرية لا تقل جودة عن الأفلام الأخرى، بدليل فوزنا بسعفة كان الذهبية لأفضل فيلم قصير هذا العام (فيلم ستاشر).
وقد حصلنا على شرف المشاركة بالأوسكار لكن الوصول للقائمة القصيرة يتطلب جهوداً تسويقية ودعائية تقع على عاتق جهات أكبر مني بالكتابة عنه في أهم المجلات السينمائية».
وكانت تونس قد رشحت فيلم «الرجل الذي باع ظهره» للمخرجة كوثر بن هنية ليمثلها في مسابقة الأوسكار لأفضل فيلم عالمي، بينما رشح الأردن الفيلم الفلسطيني «200 متر» للمخرج أمين نايفة ليمثلها نظراً لمساهمتها الإنتاجية به، فيما رشح السودان فيلم «ستموت في العشرين» لأمجد أبو العلاء للفئة نفسها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».