مقترح قمّتَي «مجموعة العشرين» سيسهم في حل الإشكاليات وحلحلة الملفات الآنية

مختصون لـ «الشرق الأوسط»: ما طرحه الأمير محمد بن سلمان حل عملي لاتخاذ القرار والمتابعة والتنفيذ خلال عام الرئاسة

خادم الحرمين الشريفين لدى ترؤسه الجلسة الختامية لقمة قادة مجموعة العشرين افتراضياً أول من أمس (تصوير: بشير صالح)
خادم الحرمين الشريفين لدى ترؤسه الجلسة الختامية لقمة قادة مجموعة العشرين افتراضياً أول من أمس (تصوير: بشير صالح)
TT

مقترح قمّتَي «مجموعة العشرين» سيسهم في حل الإشكاليات وحلحلة الملفات الآنية

خادم الحرمين الشريفين لدى ترؤسه الجلسة الختامية لقمة قادة مجموعة العشرين افتراضياً أول من أمس (تصوير: بشير صالح)
خادم الحرمين الشريفين لدى ترؤسه الجلسة الختامية لقمة قادة مجموعة العشرين افتراضياً أول من أمس (تصوير: بشير صالح)

أجمع مختصون في السياسة والاقتصاد، على أهمية المقترح الذي طرحه الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، خلال كلمته إبان انعقاد قمة قادة مجموعة العشرين التي اختتمت أعمالها برئاسة السعودية أول من أمس، والذي تضمن طرح مقترح بعقد قمة مجموعة العشرين مرتين خلال العام، بأنها ستسهم في تسريع اتخاذ القرارات وتكثف متابعة النتائج التي تخرج عن لجان المجموعة وأعمالها.
وطرح الأمير محمد بن سلمان، مقترحاً في ختام اجتماعات قادة مجموعة العشرين بأن تعقد قمة العشرين من الآن فصاعداً مرتين، قمة في منتصف العام افتراضية، وأخرى حضورية في نهاية العام، وهو ما يراه مراقبون مهماً وضرورياً للوقوف على آخر المستجدات التي تحدث على الساحة الدولية وآلية علاجها دون الانتظار حتى نهاية العام.
ووفق مختصون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» حول هذا المقترح، لفتوا إلى أنه سيساعد قادة دول العشرين في متابعة الملفات المطروحة للنقاش بشكل أوسع وأدق، كما تتيح لهم القمة الافتراضية حلحلة بعض الأمور إن وجدت قبل انعقاد القمة الختامية، إضافة إلى أن إلقاء النصفي يعطي مساحة للمراجعة والتدقيق، ويتيح للدول إيجاد بدائل لبعض الملفات وطرح أخرى تتواكب مع المرحلة المقبلة.
التجربة السعودية
وتعد التجربة السعودية حاضرة ومتمثلة للجميع حول إمكانية عقد قمتين منفصلتين، لكل قمة قواعدها وآلياتها؛ فقد نجحت السعودية في جمع قادة مجموعة العشرين والمنظمات الدولية إبان جائحة كورونا، وكانت قمة يترقبها العالم بشغف انتظاراً لمخرجاتها نتيجة ما تمر به الدول من انتكاسات وخسائر نتيجة الجائحة.
ويأتي مقترح ولي العهد السعودي في وقت يمكن الاستفادة منه ضمن إطار عمل قمم مجموعة العشرين المقبلة، واعتماد تجمع القادة منتصف العام، خاصة أن القمتين جرى تنفيذهما وإدارتهما بكوادر سعودية متخصصة في مجال التنقية وإنترنت الأشياء.
متابعة التقلبات
يقول الدكتور فهد الشليمي، الخبير الاستراتيجي لـ«الشرق الأوسط»، إن اقتراح الأمير محمد بن سمان، مهم جداً في ظل ما يمر به العالم من تقلبات متعددة وكثيرة؛ فهذا الاقتراح يساهم في الاطلاع بشكل دوري على هذه المشاكلة لأن مجموعة العشرين تعد الهيئة التمريضية لمعالجة الإشكاليات كافة التي قد تقع، فبالتالي لقاؤهم مرتين أفضل ويخفف من التعقيدات، كما أنه يوجد فعالية ومرونة في تنفيذ الاستراتيجيات بدلاً من الانتظار عاماً كاملاً لاتخاذ القرار.
وتنفيذ المشاريع الاستراتيجية، والحديث للشليمي، لا ينتظر الوقت إذا توافقت جميع الرؤى؛ لذلك وجود هاتين القمتين في منتصف العام وآخره عامل مهم في سرعة اتخاذ القرار وسرعة التنفيذ دون الانتظار حتى نهاية العام، كما أنهما تساعدان في حلحلة الكثير من الملفات، كذلك تتيحان مساحة للجان في الرفع أولاً بأول عن المشاكل القائمة في العالم، ولا تنتظر حتى موعد اجتماع قادة المجموعة لمراجعة تلك التقارير، فهاتان القمتان تساعدان في مناقشة المشاكل والحلول.
وأضاف، أن القمة الافتراضية تعطي مساحة في تقريب وجهات النظرة، كما أنها تعطي تأهيلاً ناجحاً ومؤشراً لما سيخرج من القمة الواقعية وتسهل أوجه التباين، وتصل بجميع الأطراف إلى الوجهة العامة لبلورة البيان الختامي، أيضاً اجتماعات القمة الافتراضية أسهل بكثير ومريحة لقادة مجموعة العشرين كافة ومسؤوليهم في القطاعات كافة لتواجدهم أثناء القمة الافتراضية لتوضيح الصورة وطرح المقترحات بشكل مباشر.
المقترحات السعودية
إلى ذلك، قال الخبير والمحلل السياسي، نايف الرقاع، لـ«الشرق الأوسط»، إن السعودية دولة مسؤولة بقيادتها لقمة العشرين؛ لذا «نجد أولى الأطروحات التي طرحتها هي تنمية الدول الأكثر فقراً والأقل نمواً على مستوى العالم، وهو المحور الإنساني الذي يعنى بالإنسان، والمحافظة على الأمن والسلم الدوليين كان من أولويات السعودية حتى قبل جائحة كورونا».
وتابع الرقاع، بأنه بعد الجائحة استمرت السعودية في نهجها، وتبين أن هناك ضعفاً وثغرات حتى في الدول الكبرى جعل من المستحيل أن تتحمل أي دولة بمفردها نتائج هذه الجائحة التي قد تتكرر، ليأتي دور السعودية مع تسارع الأحداث الدولية، التي تتطلب التشاور وانعقاد قمة نصف سنوية؛ إذ لا يعقل في ظل هذه الأحداث الجسيمة والتحولات الكبرى أن ينتظر العالم من مجموعة العشرين التي يصنفها كـ«إدارة العالم الحديث» إلى عام كامل للنظر في المشكلة.
ولفت إلى أن الاقتراحات التي تقدمها السعودية والمشاريع يستفيد منها العالم، والتي كان آخرها دعوتها بتأجيل دفع الديون المستحقة على الدول الأقل نمواً أو الأكثر فقراً، والتي استفاد من المقترح السعودي أكثر من مليار شخص حول العالم، خاصة أن بعض الدول تعطلت فيها آلية التواصل حتى بين أجهزتها المعنية في ظل جائحة كورونا التي كان لها انعكاس على الدول الكبرى.
التقنية والشباب
قدم الأمير محمد بن سلمان، والحديث للرقاع، اقتراحاً عملياً مهماً يصب في مصلحة الجميع، والذي تمثل في قمة افتراضية عن بعد وأخرى بشكل مباشر، وللسعودية هنا تجربة ناجحة وقوية يمكن الاستفادة منها في القمم المقبلة، كما أنها رسالة للعالم أن التواصل الرقمي والتعليم الرقمي، والاقتصاد الرقمي الإدارة الرقمية، والصحة الرقمية هي خيار العالم في الأعوام المقبلة، ومن لم يلتحق سيكون متخلفاً عن العالم.
وأشار الرقاع، إلى أن الذين يعملون ضد التنمية على مستوى العالم يهمهم أن تفشل قمم التنمية؛ لذلك تعرضت القمة لمليونَي هجوم إلكتروني لتعطيلها أو لإظهار عجز السعودية، إلا أن السعودية نجحت في إدارة القمة الافتراضية العالمية، وإفشال هذه الهجمات الإلكترونية بسواعد الشباب السعودي.
وهنا، بحسب الرقاع، نعرج على رسالة خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده، للعالم بأن السعودية تقدم نموذجاً حياً للعالم في هذه المجالات، موضحاً أن مقترح ولي العهد نبع من تجربة سعودية في هذا الجانب، وتمكنت من عقد قمتين في عام واحد، وهو ما لم يحدث في تاريخ مجموعة العشرين من قبل.


مقالات ذات صلة

تحسن كبير في حركتي النقل البري والسكك الحديدية بالسعودية خلال 2023

الاقتصاد أحد قطارات خطوط السكك الحديدية السعودية (واس)

تحسن كبير في حركتي النقل البري والسكك الحديدية بالسعودية خلال 2023

شهدت السعودية تحسناً ملحوظاً في حركة النقل خلال العام السابق، مقارنة بعام 2022، حيث زاد عدد الركاب في السكك الحديدية بنسبة 33 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد المدير التنفيذي لبرنامج الربط الجوي ماجد خان خلال إحدى الجلسات الحوارية (الشرق الأوسط)

«الربط الجوي» السعودي يستعرض تطورات الطيران في هونغ كونغ

شارك برنامج الربط الجوي، اليوم الأربعاء، في أعمال مؤتمر كابا آسيا «CAPA» بمدينة هونغ كونغ الصينية؛ أحد أهم المؤتمرات لالتقاء قادة مجال الطيران.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ)
الاقتصاد قرر مجلس إدارة «أرامكو» توزيع أرباح بقيمة إجمالية 31.1 مليار دولار (رويترز)

«أرامكو» تحافظ على أكبر توزيعات أرباح في العالم

أبقت شركة «أرامكو السعودية» على توزيعاتها ربع السنوية بقيمة 31.1 مليار دولار، محافظةً بذلك على التوزيعات الأكبر في العالم. كما حققت دخلاً صافياً بقيمة 27.6.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد وزير التجارة السعودي متحدثاً للحضور في منتدى الأعمال التركي - السعودي (الشرق الأوسط)

السعودية تؤكد أهمية توسيع التكامل الاقتصادي بين دول «الكومسيك»

أكَّد وزير التجارة، الدكتور ماجد القصبي، أهمية مضاعفة الجهود لتوسيع آفاق التعاون المشترك، وتحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء بمنظمة «الكومسيك».

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
الاقتصاد جناح «أرامكو» في مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار العالمي» المقام في الرياض (المؤتمر)

«أرامكو» تحافظ على توزيعات بقيمة 31 مليار دولار رغم تراجع أرباحها

احتفظت «أرامكو السعودية» بأكبر توزيعات في العالم، على الرغم من تراجع أرباحها في الربع الثالث من 2024 بنسبة 15 في المائة، نتيجة ضعف الطلب العالمي على النفط.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا يزيد الضغوط على الاقتصاد

الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)
الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)
TT

انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا يزيد الضغوط على الاقتصاد

الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)
الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)

من المتوقع أن يؤدي انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا إلى زيادة معاناة الاقتصاد في الأشهر القادمة. ورغم ذلك، هناك بصيص أمل في إمكانية تشكيل حكومة جديدة أقل تشتتاً قادرة على تقديم سياسات أكثر انسجاماً قد تعيد الزخم للاقتصاد الألماني.

وجاء هذا الانهيار في وقت بالغ الحساسية بالنسبة للاقتصاد الأكبر في أوروبا، بعد ساعات فقط من فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، مما أثار احتمالية نشوب حرب تجارية بين الولايات المتحدة وألمانيا، وهو ما يزيد القلق على مستوى السوق العالمية، وفق «رويترز».

أزمة داخلية تزيد من الضغط الاقتصادي

ويوم الأربعاء، أقال المستشار أولاف شولتز وزير المالية، مما يمهد الطريق لإجراء انتخابات مبكرة بعد شهور من المشاحنات داخل ائتلافه المكون من ثلاثة أحزاب، ما أثر سلباً على الثقة في الاقتصاد الذي يعاني من ارتفاع تكاليف الطاقة وتآكل القدرة التنافسية.

ويُتوقع أن ينكمش الاقتصاد الألماني للسنة الثانية على التوالي في 2024، مما يجعله الأسوأ أداءً بين اقتصادات مجموعة السبع الكبرى. كما يُحتمل أن يتسبب انهيار الائتلاف في مزيد من الضرر للاستهلاك والاستثمار في الأشهر القادمة التي من المتوقع أن تشهد تراجعاً، حيث أشار ثلث الشركات الألمانية في استطلاع حديث إلى خطط لتقليص الإنفاق.

وقال رئيس الاقتصاد الكلي في بنك «آي إن جي»، كارستن برزيكي: «بالإضافة إلى فوز ترمب، من المرجح أن تتراجع الثقة الاقتصادية بشكل كبير، مما يجعل الانكماش في الربع الرابع أكثر احتمالاً». لكنه أشار إلى أن هناك أيضاً إمكانية للحصول على دفعة جديدة إذا تم تشكيل حكومة أكثر استقراراً.

وأوضح برزيكي أنه مع اقتراب الانتخابات في مارس (آذار)، يُتوقع أن تكون الحكومة الجديدة قادرة على إنهاء حالة الركود الاقتصادي وتقديم توجيه سياسي اقتصادي أكثر وضوحاً. ويخطط شولتز لإجراء تصويت على الثقة في حكومته في 15 يناير (كانون الثاني)، ما قد يؤدي إلى انتخابات مبكرة في نهاية مارس. وحتى ذلك الحين، من المتوقع أن يرأس حكومة أقلية تضم الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر، مع الاعتماد على تحالفات مؤقتة في البرلمان لتمرير التشريعات.

وهناك مَن يرى أنه يمكن لحكومة جديدة أن تمنح الاقتصاد بعض الزخم. وقال كبير الاقتصاديين في بنك «بيرنبرغ»، هولغر شميدينغ: «بمجرد أن تستقر الأوضاع ويستلم الحكومة الجديدة التي تحمل أجندة جديدة زمام الأمور بعد الانتخابات المبكرة، من المحتمل أن يكون التأثير إيجابياً».

وقد يسمح رحيل وزير المالية كريستيان ليندنر بتخصيص مزيد من الأموال لدعم الاقتصاد الضعيف. وكان ليندنر، من الحزب الديمقراطي الحر، يعارض خطط شولتز لتعليق «فرامل الديون» التي تحد من الدين العام.

وبحسب شولتز، فإن ألمانيا لديها مجال كافٍ للإنفاق دون التأثير على صحة ماليتها العامة. وقال: «من بين جميع الديمقراطيات الاقتصادية الكبرى، لدينا أقل دين بنسبة بعيدة». وأضاف: «هناك حلول لكيفية تمويل مؤسساتنا العامة ومسؤولياتنا بشكل سليم».

ترمب يشكل تهديداً إضافياً للاقتصاد

الأزمة الداخلية في ألمانيا تتزامن مع وصول ترمب إلى البيت الأبيض مجدداً، مما يضيف مزيداً من الضغط على الاقتصاد الألماني. فقد أشار تقرير صادر عن معهد الاقتصاد الألماني «آي دبليو» إلى أن فرض إدارة ترمب رسوماً جمركية بنسبة 20 في المائة على السلع الأوروبية، كما ألمح خلال حملته الانتخابية، قد يتسبب في تقلص الاقتصاد الألماني المعتمد على الصادرات بنسبة تصل إلى 1.5 في المائة بحلول عامي 2027 و2028.

وتشير التوقعات الحالية إلى أن الاقتصاد الألماني في طريقه إلى الركود أو مزيد من الانكماش في العام المقبل، ما يجعله يشهد أطول فترة من دون نمو اقتصادي منذ إعادة توحيد ألمانيا في عام 1990.