انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا يزيد الضغوط على الاقتصاد

وسط احتمالات الركود

الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)
الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)
TT

انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا يزيد الضغوط على الاقتصاد

الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)
الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)

من المتوقع أن يؤدي انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا إلى زيادة معاناة الاقتصاد في الأشهر المقبلة. ورغم ذلك، هناك بصيص أمل في إمكانية تشكيل حكومة جديدة أقل تشتتاً قادرة على تقديم سياسات أكثر انسجاماً قد تعيد الزخم للاقتصاد الألماني.

وجاء هذا الانهيار في وقت بالغ الحساسية بالنسبة للاقتصاد الأكبر في أوروبا، بعد ساعات فقط من فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، مما أثار احتمالية نشوب حرب تجارية بين الولايات المتحدة وألمانيا، وهو ما يزيد القلق على مستوى السوق العالمية، وفق «رويترز».

أزمة داخلية تزيد من الضغط الاقتصادي

ويوم الأربعاء، أقال المستشار أولاف شولتز وزير المالية، مما يمهد الطريق لإجراء انتخابات مبكرة بعد شهور من المشاحنات داخل ائتلافه المكون من ثلاثة أحزاب، ما أثر سلباً على الثقة في الاقتصاد الذي يعاني من ارتفاع تكاليف الطاقة وتآكل القدرة التنافسية.

ويُتوقع أن ينكمش الاقتصاد الألماني للسنة الثانية على التوالي في 2024، مما يجعله الأسوأ أداءً بين اقتصادات مجموعة السبع الكبرى. كما يُحتمل أن يتسبب انهيار الائتلاف في مزيد من الضرر للاستهلاك والاستثمار في الأشهر المقبلة التي من المتوقع أن تشهد تراجعاً، حيث أشار ثلث الشركات الألمانية في استطلاع حديث إلى خطط لتقليص الإنفاق.

وقال رئيس الاقتصاد الكلي في بنك «آي إن جي»، كارستن برزيكي: «بالإضافة إلى فوز ترمب، من المرجح أن تتراجع الثقة الاقتصادية بشكل كبير، مما يجعل الانكماش في الربع الرابع أكثر احتمالاً». لكنه أشار إلى أن هناك أيضاً إمكانية للحصول على دفعة جديدة إذا تم تشكيل حكومة أكثر استقراراً.

وأوضح برزيكي أنه مع اقتراب الانتخابات في مارس (آذار)، يُتوقع أن تكون الحكومة الجديدة قادرة على إنهاء حالة الركود الاقتصادي وتقديم توجيه سياسي اقتصادي أكثر وضوحاً. ويخطط شولتز لإجراء تصويت على الثقة في حكومته في 15 يناير (كانون الثاني)، ما قد يؤدي إلى انتخابات مبكرة في نهاية مارس. وحتى ذلك الحين، من المتوقع أن يرأس حكومة أقلية تضم الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر، مع الاعتماد على تحالفات مؤقتة في البرلمان لتمرير التشريعات.

وهناك مَن يرى أنه يمكن لحكومة جديدة أن تمنح الاقتصاد بعض الزخم. وقال كبير الاقتصاديين في بنك «بيرنبرغ»، هولغر شميدينغ: «بمجرد أن تستقر الأوضاع ويتسلم الحكومة الجديدة التي تحمل أجندة جديدة زمام الأمور بعد الانتخابات المبكرة، من المحتمل أن يكون التأثير إيجابياً».

وقد يسمح رحيل وزير المالية كريستيان ليندنر بتخصيص مزيد من الأموال لدعم الاقتصاد الضعيف. وكان ليندنر، من الحزب الديمقراطي الحر، يعارض خطط شولتز لتعليق «فرامل الديون» التي تحد من الدين العام.

وبحسب شولتز، فإن ألمانيا لديها مجال كافٍ للإنفاق دون التأثير على صحة ماليتها العامة. وقال: «من بين جميع الديمقراطيات الاقتصادية الكبرى، لدينا أقل دين بنسبة بعيدة». وأضاف: «هناك حلول لكيفية تمويل مؤسساتنا العامة ومسؤولياتنا بشكل سليم».

ترمب يشكل تهديداً إضافياً للاقتصاد

الأزمة الداخلية في ألمانيا تتزامن مع وصول ترمب إلى البيت الأبيض مجدداً، مما يضيف مزيداً من الضغط على الاقتصاد الألماني. فقد أشار تقرير صادر عن معهد الاقتصاد الألماني «آي دبليو» إلى أن فرض إدارة ترمب رسوماً جمركية بنسبة 20 في المائة على السلع الأوروبية، كما لمح خلال حملته الانتخابية، قد يتسبب في تقلص الاقتصاد الألماني المعتمد على الصادرات بنسبة تصل إلى 1.5 في المائة بحلول عامي 2027 و2028.

وتشير التوقعات الحالية إلى أن الاقتصاد الألماني في طريقه إلى الركود أو مزيد من الانكماش في العام المقبل، ما يجعله يشهد أطول فترة من دون نمو اقتصادي منذ إعادة توحيد ألمانيا في عام 1990.


مقالات ذات صلة

الصين تأمل تقليل الاتهامات الأوروبية بشأن «انفتاح الأسواق»

الاقتصاد رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خلال كلمة أمام البرلمان الأوروبي الخميس (أ.ف.ب)

الصين تأمل تقليل الاتهامات الأوروبية بشأن «انفتاح الأسواق»

أعلنت الصين أنها تأمل أن يُقلل الاتحاد الأوروبي اتهاماته، وذلك رداً على انتقادات «الاتحاد» لمحدودية وصول الشركات الأوروبية إلى السوق الصينية.

«الشرق الأوسط» (بكين - بروكسل)
الاقتصاد عمال تشغيل ماكينات أثناء أداء مهامهم في مصنع شركة «فاشن إنتر» المحدودة في لندن (رويترز)

أسعار المنتجين في بريطانيا ترتفع بأكثر من المتوقع بعد تصحيح البيانات

كشفت أرقام جديدة صادرة عن مكتب الإحصاء الوطني البريطاني عن ارتفاع معدلات التضخم في أسعار المنتجين الصناعيين بصورة أكبر من التقديرات السابقة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أوراق نقدية من فئة اليورو (رويترز)

مزاد أميركي قوي يعزز سوق السندات ويضغط على عوائد اليورو

تراجعت عوائد السندات في منطقة اليورو خلال التعاملات المبكرة من يوم الخميس، بدفع من مزاد قوي على سندات الخزانة الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مشاة وسيارات في شارع مزدحم تحت الأمطار في جزيرة هونغ كونغ الصينية (أ.ف.ب)

تحذيرات صينية من النصب باستغلال «العملات المستقرة»

حذّرت هيئة صينية من مخاطر جمع الأموال غير القانوني باستخدام العملات المستقرة، وسط تهافتٍ محموم على العملات والأصول الرقمية في السوق.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد سيدة تمر أمام لوحة إلكترونية تعرض حركة الأسهم في العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

تباطؤ «تضخم الجملة» في اليابان يُخفف ضغط رفع الفائدة

أظهرت بيانات صادرة عن بنك اليابان، يوم الخميس، أن معدَّل التضخُّم السنوي لأسعار الجملة تباطأ، في يونيو، للشهر الثالث على التوالي.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

الاتحاد الأوروبي يفتح تحقيقاً جديداً في نقل «تيك توك» بيانات إلى الصين

شعار تطبيق «تيك توك» لمشاركة المقاطع المصورة على هاتف ذكي (رويترز)
شعار تطبيق «تيك توك» لمشاركة المقاطع المصورة على هاتف ذكي (رويترز)
TT

الاتحاد الأوروبي يفتح تحقيقاً جديداً في نقل «تيك توك» بيانات إلى الصين

شعار تطبيق «تيك توك» لمشاركة المقاطع المصورة على هاتف ذكي (رويترز)
شعار تطبيق «تيك توك» لمشاركة المقاطع المصورة على هاتف ذكي (رويترز)

أعلنت هيئة ناظمة آيرلندية تُعنى بحماية خصوصية بيانات الاتحاد الأوروبي، الخميس، أنها بدأت تحقيقاً يتعلق بـ«تيك توك» على خلفية نقل بيانات شخصية لمستخدمين أوروبيين إلى خوادم في الصين.

وكانت لجنة حماية البيانات قد غرمت «تيك توك» 530 مليون يورو (620 مليون دولار) في مايو الماضي، بسبب نقل بيانات شخصية إلى الصين، رغم تأكيد عملاق التواصل الاجتماعي الصيني أن الوصول إلى هذه البيانات يتم فقط من بُعد.

وأعلنت لجنة حماية البيانات، الخميس، أنها أُبلغت من «تيك توك» في أبريل (نيسان) الماضي، بأن «بيانات محدودة لمستخدمي المنطقة الاقتصادية الأوروبية قد خُزّنت بالفعل على خوادم في الصين» بعكس الأدلة التي قدمتها الشركة.

وأضافت الهيئة الناظمة أنها عبرت عن «قلقها العميق» في تحقيقها السابق من أن «(تيك توك) قدّمت معلومات غير دقيقة».

شعار «تيك توك» خارج مقر للشركة في كاليفورنيا (رويترز)

وتطبيق «تيك توك» مملوك من شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة «بايت دانس».

ولكن نظراً لأن مقرها الأوروبي يقع في آيرلندا، فإن الهيئة الآيرلندية هي الجهة الناظمة الرئيسية في أوروبا لهذه المنصة الاجتماعية، ولشركات أخرى مثل «غوغل» و«ميتا» و«أبل».

تُكلَّف هيئة حماية البيانات الشخصية بمراقبة امتثال الشركات للائحة العامة لحماية البيانات الصارمة للاتحاد الأوروبي، والتي أُطلقت عام 2018 لحماية المستهلكين الأوروبيين من انتهاكات البيانات الشخصية.

وقد فرضت الهيئة غرامات باهظة على شركات تكنولوجيا، في إطار سعي الاتحاد الأوروبي لضبط شركات التكنولوجيا الكبرى فيما يتعلق بالخصوصية والمنافسة والتضليل والضرائب.