اتهام محمد رمضان بـ«التطبيع» لعناقه مطرباً إسرائيلياً

الفنان المصري ينفي معرفة جنسية معجبيه... و«الممثلين» تستعد للتحقيق

محمد رمضان مع المطرب الإسرائيلي
محمد رمضان مع المطرب الإسرائيلي
TT

اتهام محمد رمضان بـ«التطبيع» لعناقه مطرباً إسرائيلياً

محمد رمضان مع المطرب الإسرائيلي
محمد رمضان مع المطرب الإسرائيلي

تعرض الفنان المصري محمد رمضان لهجوم عنيف من جمهور «السوشيال ميديا» في مصر، بعد نشر إعلامي إماراتي صورة لرمضان مع المطرب الإسرائيلي عومير آدام بجانب آخرين، خلال حضوره حفلا خاصا في دبي، ليُتهم رمضان بـ«التطبيع»، من قبل متابعين مصريين، وسط مطالبات بحذفه من قائمة نقابة المهن التمثيلية المصرية التي ترفض التطبيع مع إسرائيل.
وزادت حدة الهجوم على محمد رمضان، بعد تفاعل عدد من الصفحات الإسرائيلية الشهيرة على موقع «فيسبوك» مع الصورة، وإعادة نشرها، من بينها صفحة «إسرائيل تتكلم بالعربية» التابعة للخارجية الإسرائيلية، التي علقت على الصورة قائلة: «الفن دوماً يجمعنا»، وكذلك صفحة أفيخاي أدرعي المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي الذي كتب تعليقاً على الصور «ما أجمل الفن والموسيقى والسلام... الفنان المصري القدير محمد رمضان مع الفنان الإسرائيلي المتألق عومير آدام في دبي».
ورداً على الانتقادات الحادة التي وجهت له، نشر رمضان تسجيلاً صوتياً عبر صفحته الرسمية على إنستغرام قال فيه «لا يهمني اسمك ولا لونك ولا ميلادك، يهمني الإنسان ولو مالوش عنوان»، مضيفاً «أنا لا أعلم أو أسأل على أي إنسان يلتقط صوراً معي أو أسأله على دينه أو جنسيته وربنا خلقنا واحد»، ولكنه حذف المقطع بعد دقائق، ثم نشر فيديو آخر أثناء استقباله في مطار دبي والجمهور يلتقط صوراً معه وكتب تعليقاً: «لا يوجد مجال لسؤال كل شخص عن هويته ولونه وجنسيته ودينه».
بدوره، قال أشرف زكي، نقيب الممثلين المصريين، في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس «إنه تواصل مع الفنان محمد رمضان بشكل شخصي وأكد له أنه لم يكن على علم بهوية أو جنسية من صور معهم في حفل دبي». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «سيُصدر الاتحاد العام للنقابات الفنية في مصر بيانا يوضح فيه الإجراء المناسب الذي سيُتخذ مع رمضان».
وفي محاولة ثانية لامتصاص «غضب الجمهور المصري» نشر محمد رمضان أمس عبر «تويتر» فيديو يجمعه بشاب فلسطيني، وقال «لا أسأل عن بلد الذين يطلبون التصوير معي، إلا إذا كان بمفرده، وهذا مقطع فيديو في نفس الوقت والمكان مع شاب فلسطيني، أوجه فيه التحية للشعب الفلسطيني الشقيق»، موضحاً أن «تجاهل البعض لهذا الفيديو يؤكد أن القصد ليس القضية الفلسطينية ولكنها محاولة لإيقاف نجاحي وشعبيتي». على حد تعبيره.
ويرى نقاد مصريون من بينهم خيرية البشلاوي، أن «المواقف الاجتماعية والسياسية هي من تصنع قيمة الفنان الحقيقية، لذلك يجب على الفنانين الانتباه جيداً لهذه المواقف وإلا ستصبح نقطة سوداء في تاريخهم الفني»، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «محمد رمضان شخص على قدر بسيط جداً من التعليم، لكن تصويره برفقة إسرائيليين يعد تطبيعاً صريحاً». لافتة إلى أن «رمضان بالفعل فنان موهوب، لكنه لا يدير موهبته بشكل صحيح».
وأكد المخرج عمر عبد العزيز، رئيس اتحاد النقابات الفنية في مصر أنهم يحاولون التأكد من الواقعة التي لو ثبت صحتها فإن محمد رمضان سيواجه إما شطب اسمه من نقابة الممثلين المصريين أو الإنذار، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «قوانين النقابات الفنية في مصر صريحة وترفض التطبيع شكلاً وموضوعاً، ونحن حالياً نتحرى عن صحة الصور المنشورة، ثم سنخاطب رئيس نقابة الممثلين دكتور أشرف ذكي لضرورة اتخاذ إجراء ضد رمضان، ولو لم يتخذ أي إجراء من قبلهم، فسنكون مضطرين لتطبيق اللائحة وتوجيه عقوبات بحق محمد رمضان».
في المقابل، أعرب كثيرون عن تعاطفهم مع رمضان وأوضحوا أنه من الممكن ألا يكون على دراية بهوية ضيوف الحفل فعلاً، وبعضهم ذهب أن تصوير محمد رمضان مع هؤلاء لن يحل القضية الفلسطينية وعليهم أخذ مسألة الصور ببساطة، على حد قولهم.
يشار إلى أن عدداً من الممثلين المصريين قد تعرضوا لاتهامات مماثلة بـ«التطبيع» على غرار الفنان عمرو واكد بعدما شارك في الفيلم البريطاني «بين النهرين» عن حياة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وكان الفنان الرئيسي ممثلا إسرائيليا وأوضح عمرو أنه لم يكن على علم بجنسية الممثل، كما اتهم الفنان خالد النبوي بالتطبيع أيضا بعد مشاركته في عام 2010 في الفيلم الأميركي «اللعبة العادلة» لوجود عدة مشاهد جمعته بالممثلة الإسرائيلية ليزار شاهي، ووقتها دافع النبوي عن نفسه قائلا «لا أسمح لأحد بالمزايدة على وطنيتي كفنان عربي».
وكان المطرب عمرو دياب من ضمن الفنانين المتهمين بالتطبيع بعدما شارك عام 2009 في مهرجان موسيقي بالمغرب شاركت فيه مطربة إسرائيلية، وأوضح بعدها أنه لم يكن يعلم جنسيتها.
واعتاد الجمهور المصري على «أزمات محمد رمضان» خلال السنوات الماضية، التي كان آخرها، أزمة قيادته للطائرة، وتسببه في وقف الطيار أشرف أبو اليسر عن العمل.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».