إقليم كردستان يسعى لوقف جرائم العنف ضد المرأة

نائب رئيس كردستان يرتدي قميصاً عليه شعار ضد العنف بحق النساء
نائب رئيس كردستان يرتدي قميصاً عليه شعار ضد العنف بحق النساء
TT

إقليم كردستان يسعى لوقف جرائم العنف ضد المرأة

نائب رئيس كردستان يرتدي قميصاً عليه شعار ضد العنف بحق النساء
نائب رئيس كردستان يرتدي قميصاً عليه شعار ضد العنف بحق النساء

عبر قوباد طالباني، نائب رئيس وزراء إقليم كردستان، عن استيائه من استمرار جرائم قتل النساء والعنف ضدهن في الإقليم، قائلاً: «للأسف، هزتنا أخبار جريمة قتل امرأة أخرى في كردستان»، متسائلاً: «متى نفهم أنه لا شرف في قتل النساء». وأثنى على دور رجال الشرطة في اعتقال الجناة الذين هم من ذوي الضحية.
تصريحات طالباني جاءت على خلفية نشر وسائل التواصل الاجتماعي عن جريمة قتل فتاة من قبل ذويها في قضاء كلار، إدارة كرميان، يوم الجمعة، بسبب مشكلات اجتماعية، كما اعترفوا بذلك بعد تمكن قوات الشرطة من اعتقالهم.
موقف نائب رئيس الوزراء جاء من خلال تغريدة على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أعقبه تدخل ومتابعة بشكل شخصي في ملابسات الحادثة والتحقيق فيها، بحسب المشرف على إدارة كرميان، جلال نوري عبد القادر، الذي قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن طالباني «منذ لحظة سماعه بالحادثة، اتصل بنا، وطلب متابعة التحقيق بشكل جدي، وهو على تواصل مستمر للاطلاع على تطورات القضية. وقد أكد ضرورة إجراء تحقيقات دقيقة لكشف الجناة، وتسليمهم للقضاء ليتم محاكمتهم وفق القانون».
وأضاف عبد القار أن «الأشقاء الثلاثة قاموا بقتل شقيقتهم شنقاً، وأظهروا الحادثة كأنها عملية انتحار، إلا أن قوات الشرطة بعد تحقيقات دقيقة كشفت الجريمة، وتم اعتقالهم وفق أحكام المادة (406) من قانون العقوبات العراقي. وخلال التحقيق الأولي معهم، اعترفوا بالجريمة على أنها غسل عار بسبب الخيانة الزوجية».
سمير هورامي، المتحدث الرسمي باسم نائب رئيس الوزراء، قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن طالباني «مهتم جداً بشكل شخصي بكل المواضيع التي تخص حقوق المرأة، وله استراتيجية واضحة في هذا المجال، حيث افتتح قسماً خاصاً بمكتبه في رئاسة الوزراء لمتابعة الإشكاليات وحلحلتها، والتوعية بالمساواة بين الجنسين، وضمان حقوق المرأة في المجتمع»، مبيناً أن «هذا القسم منذ تأسيسه يتابع عشرات القضايا الاجتماعية المتعلقة بالمرأة وحقوقها من قبل كادر هذا القسم، أو تدخل السيد طالباني بشكل شخصي إذا لزم الأمر».
هورامي أكد أن «نائب رئيس الوزراء منذ توليه المنصب وضع موضوع حقوق المرأة والمساواة بينها وبين الرجل ضمن أولويات عمله في رئاسة الوزراء، لإيمانه بأهمية دور المرأة في المجتمع، وضرورة مواجهة التقاليد البالية التي تقيد المرأة كافة، وتنتهك حريتها وحقوقها بصفتها إنساناً».
وبدورها، قالت أشتي عبد الله، مستشارة نائب رئيس الوزراء، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «عملنا يتلخص بشكل أساسي في خلق توازن بداية من مكتب نائب رئيس الوزراء وصولاً إلى مفاصل الدوائر الحكومية كافة، إضافة إلى متابعة حقوق المرأة ومشكلاتها من خلال نشاطات اجتماعية وحملات توعية مكثفة»، وأوضحت أن القسم المختص في مكتب نائب رئيس الوزراء «تمكن من حل كثير من مشكلات النساء المعنفات بالتدخل المباشر، وبالتعاون مع دوائر الدولة المعنية بهذا الخصوص».
وعن أسباب تزايد حالات العنف ضد المرأة في إقليم كردستان، قال الباحث الاجتماعي سردار حسن، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «مشكلة تعنيف النساء وانتهاك حقوقهن يرتبط بشكل أساسي بالمنظومة الاجتماعية، وما يؤثر عليها من مفاهيم بالية، تخلط بين قيم الدين والعشائرية الذكورية، لتتحول إلى قيود وقواعد تحكم المجتمع، متغاضية عن القوانين»، مبيناً أن «معالجة هذه المفاهيم البالية تحتاج إلى قوانين صارمة تجرم كل أشكال العنف ضد المرأة، ورد الاعتبار لها بصفتها جزءاً أساسياً في المجتمع، تتساوى فيه مع الرجل من حيث الحقوق والواجبات».
ويشهد إقليم كردستان تزايداً في أشكال العنف ضد النساء، حيث ارتفعت أعداد الشكاوى المتعلقة بالعنف ضد المرأة بنحو الخمس، من تسجيل 4213 حالة خلال النصف الأول من العام الماضي إلى 4970 حالة خلال النصف الأول من هذا العام، بحسب إحصائيات المرصد المركزي للمديرية العامة لمناهضة العنف ضد النساء في إقليم كردستان، الذي أظهر في تقريره الأخير عن النصف الأول من العام الحالي أن 55 امرأة في كردستان لقين حتفهن بصفتهن ضحايا للعنف خلال هذه الفترة، منهن 22 قتلن على يد أشخاص من محيطهن الاجتماعي، بينما انتحرت الباقيات، في رد فعل على أحوالهن الاجتماعية والنفسية والاقتصادية.


مقالات ذات صلة

يومياً... 3 من بين كل 5 أطفال يتعرضون للعنف الأسري

يوميات الشرق العنف يشمل الضرب من قبل أفراد الأسرة والتعرض للترهيب في المدرسة (أ.ف.ب)

يومياً... 3 من بين كل 5 أطفال يتعرضون للعنف الأسري

أعلنت منظمة الصحة العالمية، اليوم (الخميس)، أن هناك مئات الملايين من الأطفال، وفي سنِّ المراهقة بأنحاء العالم يواجهون العنف يومياً في منازلهم ومدارسهم.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شؤون إقليمية نساء يرفعن لافتات تطالب ابلعودة إلى اتفاقية إسطنبول لمنع العنف ضد المرأة في مظاهرة في إسطنبول (إعلام تركي)

تركيا تحجب منصة «ديسكورد» بعد الإشادة بجريمة قتل بشعة لشابتين

حجبت السلطات التركية الوصول إلى منصة الدردشة الأميركية «ديسكورد»، بعد انتقادات شديدة بسبب تعبير مستخدمين لها عن فرحتهم بجريمة قتل مزدوجة ارتكبها شاب في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
صحتك غالباً ما يشعر الآباء بالمسؤولية عن سلوك أطفالهم ورفاهيتهم حتى في مرحلة البلوغ (ياهو نيوز)

لماذا يسمح بعض الآباء لأبنائهم بـ«عدم احترامهم»؟

قد يقبل الآباء والأمهات سلوكاً غاضباً وعنيفاً من أبنائهم... فما هو التفسير النفسي؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق إدراك أهمية دور الوالد في فهم معاناة أطفاله يمكن أن يساعد على اجتياز المحادثات الصعبة (رويترز)

5 اتهامات «جارحة» يقولها الأطفال لآبائهم... وكيفية الرد عليها

قد يكون الانتقال إلى مرحلة البلوغ أمراً صعباً، خصوصاً بالنسبة إلى أولئك الذين يعانون عدم الاستقرار المالي أو النكسات الشخصية أو مشكلات الصحة العقلية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم العربي العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

اتهام امرأة بحرق زوجها يُعيد الحديث عن «جرائم العنف الأُسري» في مصر

جددت حادثة اتهام سيدة مصرية بحرق زوجها بـ«الزيت المغلي» وهو نائم، عقاباً على «خيانته لها»، الحديث عن «جرائم العنف الأُسري» في مصر.

محمد عجم (القاهرة)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.