روبوتات «الوجود عن بعد» تزيد واقعية المدرسة الافتراضية

نظم لمؤتمرات الفيديو تُشعر الطلاب البعيدين بالحضور داخل الصفوف

روبوتات «الوجود عن بعد» تزيد واقعية المدرسة الافتراضية
TT

روبوتات «الوجود عن بعد» تزيد واقعية المدرسة الافتراضية

روبوتات «الوجود عن بعد» تزيد واقعية المدرسة الافتراضية

كان هذا العام مليئاً بأمور غير متوقعة للعائلات التي اضطرت إلى التأقلم سريعاً مع أقنعة الوجه والحجر الصحي والتعلم الافتراضي والهجين، بسبب جائحة فيروس كورونا.
روبوتات «حضورية»
وفي حالات كثيرة أخذ طلاب المدارس الثانوية الأميركيون يحضرون، من داخل منازلهم، صفوف الدراسة البعيدة بواسطة روبوت «حضوري» (Telepresence) يجعلهم يبدون داخل الصف المدرسي. كما توظف روبوتات مماثلة للاتصال بالأساتذة والطلاب الآخرين.
ويستخدم بعض الطلاب روبوتاً اسمه «سويفل» (Swivl)، بينما يستخدم آخرون روبوت «أول» (Owl)، وتنتمي الآلتان إلى نوع روبوتات «الوجود عن بعد»، أو ما يُعرف بالكومبيوترات الذكية المخصصة لمؤتمرات الفيديو المزودة بميكروفونات ومكبرات صوت متصلة. وبعض هذه الآلات يستقر على المكاتب، بينما تقف أخرى في غرفة الصف أو تتجول في الأرجاء.
وقد ازدادت شعبية هذه التقنية في جميع الصفوف المدرسية خلال الجائحة، في ظل تطبيق نماذج التعليم الهجين التي يكون فيها بعض الطلاب في الصف، بينما يشارك آخرون فيها من منازلهم.
تفاعل طبيعي
ويختلف الروبوت عن الكاميرا التقليدية بعامل أساسي، هو أنه يتبع الحركة والصوت، ويدور بزاوية 360 درجة؛ أي أنه يزود الطلاب الموجودين في المنزل بأكثر من مجرد لقطات ثابتة لقاعة الصف. ويقول مديرو المدارس الأميركية التي ابتاعت خلال الصيف عدداً من روبوتات «أول» لخدمة 11 صفاً إنهم وجدوا هذه الروبوتات أكثر جاذبية من الكاميرا التقليدية لأنها تمنح شعوراً بمزيد من الجوانب الطبيعية، إذ إن العمل معها يشبه الجلوس في غرفة الصف، وتحريك الرأس لسماع من يتكلم.
ويتفاعل الطلاب في الصف بشكل طبيعي جداً مع الطلاب الآخرين في المنزل. ويساعد الروبوت الطلاب البعيدين على الاتصال والشعور بأنهم في الصف فعلاً.
ويلاحظ الآباء والأمهات الفرق الذي يحدثه هذا الروبوت في حياة أولادهم ويقدرونه. ويشير بعضهم إلى أن المدرسة الافتراضية ما كانت لتستمر دون هذه التقنية. فمثلاً، يمنح الروبوت «سويفل» الطالب قدرة أكبر بعشر مرات على التفاعل مع الصف، إذ يشعر أنه موجود هناك، بدل أن يكون مجرد مشاهد، لأنه يستطيع رؤية الأولاد الآخرين وما يفعلونه.
روبوتات الجائحة
تحتوي الأسواق على أكثر من نوع من روبوتات الوجود عن بعد. وقبل الجائحة، كان استخدام هذه الآلة شائعاً في مراحل التعليم العالي، ولتدريب الأساتذة والمعلمين. ولكن صانعي هذه الأجهزة يقولون إنه منذ يونيو (حزيران) الماضي، حلقت المبيعات بسبب زيادة استخدام هذه الآلات في جميع الصفوف المدرسية.
تقول كريستين سيلانو، المتحدثة باسم مختبرات «أول»، في حديث لوسائل إعلام أميركية، إن الشركة شهدت ارتفاعاً بمعدل 13 ألفاً في المائة في استخدام هذه الأجهزة في الصفوف المدرسية، من الحضانة إلى الصف الثاني عشر، منذ ظهور الجائحة.
وتشير «كساندكس»، وهي شركة أخرى مصنعة لهذا النوع من الروبوتات، إن الشهور التي تلت انتشار الجائحة شهدت ارتفاعاً في مبيعات روبوتها «كيوبي» (Kubi) بمعدل 100 في المائة، في مقابل الفترة نفسها من العام الماضي، بالإضافة إلى نمو إنتاجها بمعدل 50 في المائة نتيجة الوباء.
ولكن هذه الروبوتات لا تخلو من التحديات التقنية، وأبرزها الانقطاع المتكرر عن العمل، والحاجة إلى إعادة تشغيلها، فضلاً عن كلفتها التي تشكل عائقاً كبيراً أمام استخدامها على نطاق واسع، إذ يبدأ سعر الجهاز من 600 دولار للقطعة الواحدة، ويرتفع ليصل إلى الآلاف، ما يجعلها أكثر شيوعاً في المدارس الخاصة، ولو أن بعض المدارس الحكومية بدأت تستخدمها أيضاً.
طريقة العمل
يتحرك هذا الروبوت بطرق مختلفة، فبعضها يأتي مع أجهزة تعقب يرتديها الأساتذة حول عنقهم، أو يضعونها في مكان ما من غرفة الصف ليتمكن الروبوت من تحديد اتجاه الكاميرا، بينما تتبع روبوتات أخرى الأصوات العالية في الغرفة. ويتحكم الطلاب بروبوت «كيوبي» من المنزل من خلال برنامج صغير يتم تحميله على «آيباد» أو «لابتوب».
وتقول إحدى الطالبات، وهي الوحيدة التي تستخدم الروبوت «كيوبي» في صفها، إنها تستطيع تعديل الرؤية بشكل يتيح لها قراءة ما يُكتب على اللوح وما يحصل بشكل أفضل بكثير. وتضيف أنها ليست مضطرة لسؤال الحاضرين عن ما يحصل في الصف.
قد يبدو الأمر غريباً جداً، ولكن الأهل يقولون إنهم اكتشفوا مع الوقت أن الروبوتات تساهم أيضاً في تخفيف أحاسيس العزلة والبعد التي يشعر بها أولادهم. ويقول الآباء والأمهات الذين يتعلم أولادهم في مدارس تستخدم هذه الروبوتات إنهم يشعرون بالامتنان لهذه التقنية الجديدة، ويعتقدون أن الروبوتات تعلم الطلاب دروساً مهمة حول المرونة.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»