متاحف «سميثسونيان» تُغلق أبوابها في واشنطن

مع ازدياد حالات الإصابة بـ«كورونا»

متحف «سميثسونيان» للتاريخ الأميركي في واشنطن (أ.ب)
متحف «سميثسونيان» للتاريخ الأميركي في واشنطن (أ.ب)
TT

متاحف «سميثسونيان» تُغلق أبوابها في واشنطن

متحف «سميثسونيان» للتاريخ الأميركي في واشنطن (أ.ب)
متحف «سميثسونيان» للتاريخ الأميركي في واشنطن (أ.ب)

قررت إدارة متاحف سميثسونيان إغلاق أبواب المؤسسات الثمانية في منطقة العاصمة واشنطن مرة أخرى، وبصفة مؤقتة، اعتباراً من يوم الاثنين المقبل، بسبب زيادة حالات الإصابة بفيروس «كورونا المستجد» في جميع أنحاء البلاد.
وقالت إدارة المؤسسة، في بيان صادر عنها: «تأتي حماية صحة وسلامة الزائرين والموظفين على رأس الأولويات القصوى لدى إدارة المؤسسة. ولسوف نستغل فترة الإغلاق الجديدة في إعادة التقييم والرصد، واستكشاف التدابير الأخرى الإضافية المعنية بالتخفيف من المخاطر وآثارها».
وجاء في البيان نفسه أن إدارة المؤسسة قد قررت إغلاق 7 متاحف مع حديقة الحيوانات الوطنية التي كانت قد أعيد افتتاحها أمام الجمهور منذ 25 سبتمبر (أيلول) من العام الحالي. ولم تعلن الإدارة عن مواعيد إعادة الافتتاح والعمل مرة أخرى.
وصدر ذلك القرار في الوقت الذي أعلنت فيه المتاحف الوطنية في البلاد عن بدء الموجة الثانية من الإغلاق العام لدى عدد من الولايات في أرجاء البلاد كافة. وفي الأيام الأخيرة، أعلن المسؤولون في ولايتي أوريغون وإلينوي، وغيرهم في الولايات الأميركية الأخرى، عن فرض القيود الجديدة ذات الصلة بانتشار الفيروس الفتاك التي تُلزم المتاحف بضرورة إغلاق أبوابها أمام الجمهور مرة أخرى. كما أعلنت كثير من المؤسسات البارزة في مدينة فيلادلفيا -بما في ذلك متحف فيلادلفيا للفنون- عن خططها لإغلاق أبوابها خلال الأسبوع الحالي.
وقد أغلقت متاحف مدينة نيويورك التابعة لمؤسسة سميثسونيان، ومتحف كوبر هيويت، ومتحف سميثسونيان للتصاميم، والمتحف الوطني للهنود الأميركيين، ومتحف جورج غوستاف هاي سنتر، أمام زيارات الجمهور، اعتباراً من 14 مارس (آذار) من العام الحالي، مع بدء اندلاع أزمة الوباء.
وكانت إدارة مؤسسة سميثسونيان قد أعادت افتتاح 8 من مؤسساتها في منطقة العاصمة واشنطن على نحو تدريجي خلال فصل الصيف من العام الحالي، بدءاً من حديقة الحيوانات الوطنية، ومركز ستيفن أودفار هازي الجوي والفضائي في مدينة شانتيلي بولاية فيرجينيا، اعتباراً من 24 يوليو (تموز) من العام الحالي.
واستتبع ذلك افتتاح أبواب المتحف الوطني للتاريخ والثقافة الأفريقية الأميركية، ومتحف سميثسونيان للفنون الأميركية، ومعرض الصور الوطني، ومعرض رينويك في وقت لاحق من العام نفسه، بتاريخ 18 سبتمبر (أيلول). وصرح لوني جي بانش الثالث، وهو الأمين العام لمؤسسة سميثسونيان، لصحيفة «واشنطن بوست» في ذلك الوقت، قائلاً: «لم نسجل أي إصابات بالفيروس بين الموظفين لدينا، مما يعني أن بروتوكولات السلامة المعتمدة عندنا تعمل بكفاءة عالية».
وقد أعيد افتتاح المتحف الوطني للتاريخ الأميركي، ومن ثم المتحف الوطني للهنود الأميركيين، اعتباراً من 25 سبتمبر (أيلول) من العام نفسه.
وعلى غرار بقية أنحاء البلاد، شهدت العاصمة واشنطن ارتفاعاً حاداً في حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا المستجد خلال الأسابيع القليلة الماضية، إذ سُجّلت 156 حالة جديدة للإصابة بالفيروس في العاصمة واشنطن يوم الأربعاء الماضي، مع متوسط 155 حالة إصابة جديدة بصفة يومية، أي بنسبة زيادة بلغت 75 في المائة عن الرقم الرسمي المسجل قبل أسبوعين.
واعتباراً من بعد ظهيرة يوم الخميس الماضي، أُبلغ عن 19.678 حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد على أقل تقدير، مع الإعلان عن وفاة ما لا يقل عن 667 شخصاً في العاصمة واشنطن وحدها منذ بدء انتشار الوباء، وذلك وفقاً لقواعد البيانات الخاصة بصحيفة «نيويورك تايمز».
وقرارات الإغلاق الأخيرة تُعدّ الأحدث من نوعها في خضم الانتكاسات القاتمة التي شهدتها المتاحف في البلاد. وخلص مسح أجراه التحالف الأميركي للمتاحف، ونُشر يوم الثلاثاء الماضي، إلى أن ما يقرب من واحد من كل 3 متاحف في الولايات المتحدة ما يزال مغلقاً بسبب الوباء، وأن أغلب هذه المتاحف لم يعاود افتتاح أبوابه أمام الجمهور منذ سريان قرار الإغلاق الأول في مارس (آذار) من العام الحالي.
وقالت لورا لوت، وهي الرئيسة المديرة التنفيذية لدى التحالف الأميركي للمتاحف، في بيان أعلنت فيه نتائج المسح سالف الذكر: «إن الحالة المالية للمتاحف الأميركية تتحرك من سيء إلى أسوأ».
ومن جانبها، أفادت إدارة مؤسسة سميثسونيان بأنّها ستتواصل بصفة مباشرة مع الزائرين الذين حجزوا تذاكر الدخول في الوقت المحدّد. وستظل أبواب الحدائق الخارجية مفتوحة من دون الحاجة إلى تصريح خاص للمرور.
- خدمة «نيويورك تايمز»



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».