نهاية خطابات «الإخوان» و«السرورية» وأدواتهم في السعودية

رموزهم غائبون وحراكهم تحطّم... والمملكة تحصّن التعليم بقرارات تاريخية ومناهج جديدة

نهاية خطابات «الإخوان» و«السرورية» وأدواتهم في السعودية
TT

نهاية خطابات «الإخوان» و«السرورية» وأدواتهم في السعودية

نهاية خطابات «الإخوان» و«السرورية» وأدواتهم في السعودية

في الأسبوع الماضي، أصدرت هيئة كبار العلماء السعودية، وهي المؤسسة الدينية الرسمية في المملكة العربية السعودية، بياناً بلغة قوية، حذرت فيه من لبّ الإرهاب الملتصق بالدين الإسلامي، وقالت الهيئة «إن جماعة الإخوان المسلمين إرهابية ولا تمثل منهج الإسلام، وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين».
وتابعت «منذ تأسيس هذه الجماعة لم يظهر منها عناية بالعقيدة الإسلامية، ولا بعلوم الكتاب والسنة، وإنما غايتها الوصول إلى الحكم، ومن ثم كان تاريخ هذه الجماعة مليئاً بالشرور والفتن، ومن رحمها خرجت جماعات إرهابية متطرفة عاثت في البلاد والعباد فساداً مما هو معلوم ومشاهد من جرائم العنف والإرهاب حول العالم». ثم اختتمت «مما تقدم يتضح أن جماعة الإخوان جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام، وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستّر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفرقة وإثارة الفتنة والعنف والإرهاب، فعلى الجميع الحذر من هذه الجماعة وعدم الانتماء إليها أو التعاطف معها».

25 سنة مرّت على أول عملية إرهابية استهدفت المملكة العربية السعودية، حين استهدف 4 إرهابيين موقعاً في حي العليّا بالعاصمة الرياض، يقطنه أجانب من جنسيات عدة، في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1995.
كان ذلك الحدث نقطة تحول كبرى، وكان أيضاً مبحثاً لاستقصاء الأسباب، وإن كانت القوى الأمنية قد أسرعت الخطى في القبض عليهم. ومع العلم أنه كانت ملامح تدل على أن متشرّبي الفكر الإرهابي جاءوا من رحم خطابات متطرفة وتنظيم «القاعدة» الإرهابي. في ذلك الحدث، وبعد 5 أشهر فقط، أمكن القبض على الفاعلين وهم أربعة من الشباب السعودي، تتراوح أعمارهم بين 24 و28 سنة، بُثت اعترافاتهم تلفزيونياً، وقد استقبلها السعوديون بالشعور بالمفاجأة؛ كونهم لم يشهدوا مثل ذلك من قبل، وإن كانت حادثة «جهيمان» في 1979 لا تزال ضمن المَرويات التاريخية التي ظنوا أنها طويت.
بالنسبة للشبان الأربعة، ثبت وفق التحقيقات التي أعلنت أنهم تلقوا تدريباتهم في أفغانستان، وكانت لهم علاقاتهم مع زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن، وحصلوا على الأسلحة عبر التهريب من اليمن.
الأربعة المغرّر بهم، تلقوا الخطاب السائد في فترة الحرب الأفغانية، وما كان قبله من خطابات مسّت مناهج التعليم، وحين كانت أمواج الخطابات السوداء تحضر عبر مجاميع استغلت المؤسسات الدينية وكذلك التعليمية للحشد والترويج. ومن الخطاب الديني المسيس عبر شخصيات ورموز عدة، بعضهم اعتلى منابر المساجد، استقت عنفها المسلح من كتب تنظيم «الإخوان» وجناح «السرورية» الذي وجد حضوره في السعودية ليكونوا وقود نار، وفي ذلك تفاصيل أُخر.
وتبعت ذلك الحدث الإرهابي الأول، عام 1995، أحداث كان تنظيم «القاعدة» هو المتبني الأول لها، ونفذها أفراد جُنّدوا عن طريق الخطاب المؤدلج، وخاصة في مرحلة ما بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول). ومن ثم، شهدت السعودية في فترات متوالية منذ 2003 و2004 أحداثاً إرهابية مدمّرة ذهب ضحيتها عشرات الأفراد من المدنيين، علاوة على عشرات من رجال الأمن.
إلا أن قوات الأمن بدأت كتابة فصول نهاية تنظيم «القاعدة» في السعودية، وأكملت عملية إنهاء وجوده. كذلك كتب القضاء الشرعي سطوراً أخيرة في عام 2016، بعدما أدان في أحكام عدة أصبحت نهائية العشرات منهم، سواءً من عمل في الجانب العسكري، أو الجانب الإعلامي، وأيضاً القلة الذين عملوا على الجانب الشرعي أو التنظيري. وما نتج من تلك الحقبة، أنه يغلب على مختلف التيارات المتطرفة «التراتبية الثلاثية» (العسكري والشرعي والإعلامي) التي غالباً ما يتأقلم بغضها مع بعضها، بل ويشوبها خلافات عدة، ولعل في تفصيل هذه القصص والسرد. لكن الخطاب المؤدلج ظل حيّز التحولات لكل أفراد التنظيمات، رغم التساؤل: هل يوجد منبع بالإمكان تجفيفه وردمه لوقف خطابات تحاول النيل من الجسد السياسي للدولة، أو تحاول غربلة المجتمعات بأفكار مسمومة؟

تحطيم مشروع 40 سنة
في الواقع، لم تأتِ عملية حي العليّا في الرياض، عام 1995، بمحض الصدفة، بل الأكيد أنها كانت نتاج مشروع آيديولوجي، وما سبقه من أحداث وصعود رجال دين حركيين في خطابات ما سُمّي بـ«الصحوة». وهذا ما يؤكده الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي؛ إذ قال في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السعودية الأسبوع الماضي «خلال سنة واحدة، استطعنا أن نقضي على مشروع آيديولوجي صُنع على مدى 40 سنة. اليوم لم يعد التطرّف مقبولاً في المملكة، ولم يعد يظهر على السطح، بل أصبح منبوذاً ومتخفياً ومنزوياً. ومع ذلك سنستمر في مواجهة أي مظاهر وتصرفات وأفكار متطرفة. فقد أثبت السعوديون سماحتهم الحقيقية ونبذهم لهذه الأفكار التي كانت دخيلة عليهم من جهات خارجية تسترت بعباءة الدين، ولن يسمحوا أبداً بوجوده بينهم مرة أخرى».
وأوضح الأمير محمد، أن «ظاهرة التطرف كانت منتشرة بيننا. كنا وصلنا إلى مرحلة نهدف فيها، في أفضل الأحوال، إلى التعايش مع هذه الآفة؛ إذ لم يكن القضاء عليها خياراً مطروحاً من الأساس. ولا السيطرة عليها أمر وارد»، وأضاف «قدمت وعوداً في عام 2017 بالقضاء على التطرف فوراً، وبدأنا فعلياً حملة جادة لمعالجة الأسباب والتصدي للظواهر». ثم أكد الأمير محمد بن سلمان، أن «خطاب الكراهية هو الدافع الرئيسي لتجنيد المتطرفين، بما يشمل خطاب الكراهية الذي يستخدم حرية التعبير وحقوق الإنسان كمبرر»، مشيراً إلى أن «هذا الخطاب يستقطب خطاب كراهية مضاداً من المتطرفين، وهو مرفوض بطبيعة الحال».
هذا التصريح هو الأكبر لمسؤول سعودي، أضاء على النقاط الأساسية في مواجهة خطاب مؤدلج، صعّد «نجوم شباك» دينيين كانوا ذوي توجهات تضاد العلاقة التكاملية بين الدين والدولة السعودية المعروفة من تأسيسها، فبات لها اتجاه له مؤيدون تشرّبوا الفكر المضاد لوضع تيار تسرّب من خلاله أفراد وتشكلت تنظيمات.

جماعات إرهابية
في عام 2014، صنّفت السعودية في كيانها السياسي «الإخوان» جماعة إرهابية، وهي الجماعة التي حاولت إحداث تغيير اجتماعي بغية التأثير السياسي، لكن كل المنتجات كانت مليئة بالآلام من رجال دين اتبعوا حراكهم، أو من أخذ موجة أخرى تنبع من الآيديولوجيا الإخوانية ذاتها. والحقيقة، أن السعودية كانت بعيدة عن كل محاولات دينية مسيّسة. بل وواجهت الدولة بكيانها السياسي تلك العتبات، وحققت نجاحها، واستمر ذلك الكيان قوياً. ولعل موقف محاولات الاستقطاب الأشهر حين تصدّى الملك عبد العزيز (الملك المؤسس للكيان السعودي) في لقاء مع حسن البنا (مؤسس «الإخوان») حين طلب منه البنا فتح فرع لـ«الإخوان» في المملكة، وحينها رد الملك «كلنا إخوان ومسلمون». ومن بعدها لم تتوقف محاولات «الإخوان» تأسيس كيان لهم، لكنهم لم يجدوا موطئاً مؤسسياً، بل شكّلوا رموزاً لغايات التجنيد وفق دستورهم، وكتبهم تثبت ذلك، ومعها دلائل التاريخ.
لقد تسلل عدد من أتباع رموز من «الإخوان» إلى دول الخليج والسعودية في أواخر الخمسينات وخلال الستينات من القرن الماضي بعد مواجهة الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، ومحاولتهم اغتياله في «حادثة المنشية» (1954). وفي تلك الفترة، حاولوا إظهار ولاء مزيف، وكان حقل التعليم لهم مكان الولوج، وحقاً تمكّن كثيرون منهم من إبراز حضورهم أمام نهج وسطي سارت عليه السعودية، ثم زاد من حضورهم تسللهم إلى السعودية أيضاً مع بدء «حرب الخليج الثانية» وغزو نظام صدام حسين للكويت، وفي حينه أخذوا منهجاً تبشيرياً قائماً على نهج الحاكمية والتكفير والكراهية، قبل رحلة التحطيم لحضورهم وأدواتهم التي أحدثتها القيادة السياسية في المملكة أخيراً.
هذا، وكان مؤسس تنظيم «الإخوان» حسن البنا، قد صنّف المسلمين بناءً على موقفهم من «الإخوان»، وذكر ذلك تفصيلاً عن هذه الحركة في كتاب جيمس هيوارث دن (المخابراتي البريطاني) في كتابه «الاتجاهات الدينية والسياسية في مصر الحديثة»، الذي أصدرته دار «جداول». إذ ذكر الكتاب، أن البنا يرى، أن «الإخوان هم الأمة الإسلامية». و«المؤمن هو عضو في الإخوان، والذي يتردد في قبول مبادئ الإخوان ينصح بمراقبة تقدم الحركة ودراسة كتاباتها وينعت بالمتردد». ولم يكن لدى البنا أن يقدم للنفعيين سوى العمل الجاد والتضحية، بينما العدو المتحامل على «الإخوان» فيُرجع أمره إلى رحمة الله وهدايته!
كتاب هيوارث دن (المؤلف قبل 70 سنة) من الكتب التي ينفيها «الإخوان» بعد كشفها كثيراً من اتجاهاتهم. ولقد عرّج الكاتب - الذي عايش حسن البنا - على مبادئه السياسية، التي منها تسميته «المرشد العام»، وكذلك على «وجوب تنظيم دروس محاضرات عن الإسلام لتعزيز قضية الإخوان». كما أشار إلى «واجب على كل فرع أن يكون له مكاتب تمثل القضية وحيث يمكن لكل الأعضاء أن يلتقوا»، كما تطرّق إلى تعريف «الإخوان المسلمين» من قبل حسن البنا ليبيّن إلى أي مدى كان يدعو إلى إعادة تجارب النبوة، فاستخدام كلمة «أمة» هو الأهم، لا «الدولة»؟

لم يعد هناك صمت على «السرورية»
من ناحية ثانية، تحدث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إبان زيارته للولايات المتحدة في مارس (آذار) من 2018 مع مجلة «تايم» الأميركية المرموقة، فوصف أتباع «السرورية» بأنهم «الأكثر تطرفاً في الشرق الأوسط... وهم أعلى درجة من جماعة الإخوان المسلمين»، وأردف أن «السروريين مجرمون بموجب قوانيننا، وستجري محاكمتهم متى توافرت الأدلة الكافية ضدهم».
هذه مواجهة سعودية هي ذاتها التي كانت مع رموز «الإخوان»، لكن بطريقة أقوى.
وجدت «الحركة السرورية» استقطاباً في المجتمع السعودي سابقاً، بعدما جاء بها إلى السعودية، رجل الدين السوري محمد سرور بن نايف زين العابدين، ومزجت بين السلفية - لإرضاء التوجه الرسمي للدولة في السعودية - وبين فكر «الإخوان» القائم على تسييس الدين. وللعلم، فإن رجال «الصحوة» في معظمهم داخل المملكة ينتمون إلى هذه الحركة. وعلى الأثر، مع نشوء تيار «الصحوة» المستغلّ موجة «السرورية»، وجد «الإخوان» فرصتهم الذهبية. وبالفعل، جعلوا «السرورية» بمثابة «حصان طروادة» لهم؛ بهدف إبعاد الأعين عن نشاطاتهم واستغلال السلفية مظهراً وعباءة؛ تمهيداً للتمكن من المؤسسات الرسمية، مع الإشارة إلى أن ذلك تزامن مع صعود الثورة الإسلامية (الخمينية) الإيرانية.
ولاحقاً، وجدت دول ترعى «الإخوان» في السرورية منجم ذهب، فاستمالتهم وعززت «نجوميتهم» مبرزة إياهم في منابر إعلامية، أطلوا منها يقدمون الفتاوى وهم خارج المؤسسة الدينية الرسمية، ويأخذون في تقديم خطاب يدخل نسيج المجتمع. وبعد الانتفاضات العربية، اتجه معظم الرموز إلى تركيا، وكانت أساليب تجييشهم مولّد انجذاب إلى بلاد الثورات.
السعودية، من جهتها، أنهت «السرورية»، وهناك من عاد منهم وظهر تلفزيونياً ليتبرأ. في حين قال الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ، وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودي، عبر موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي «الإخوان اللامسلمون يمارسون الإرهاب المروّع ضد كل من يحذر من خطرهم أو يكشف منهجهم ويعريه». وأضاف «أخطر وأشر فصائلهم السرورية، وهم يشكلون حكومة عميقة في البلاد التي تبتلى بهم، وينتشرون في مفاصل الدول ويقمعون، بل يدمرون كل من يفضحهم أو يتعرض لهم، سلاحهم الكذب والتزوير والغدر والتخفي وعدم مخافة الله».

تحصين التعليم السعودي
لقد حرص «الإخوان» - ومعهم «السرورية» - على اختراق السعودية. بيد أن جهدهم تحطم، وانكشفت التوجهات التي حاولوا ممارستها، ومعها كل خططهم. ومع سقوط حكمهم في مصر، أصبحت الأرضية التي حاولوا البناء عليها من خلال التعليم، وتحويلها من المعرفية إلى الحركية في السعودية سراباً، بفعل قرارات وإصلاح في المنظومة التعليمية. وخلال العامين الماضيين، أعلنت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض أنها لن تجدد لبعض المتعاقدين السعوديين وغير السعوديين ممن هم متأثرون بالأفكار الإخوانية والداعشية وغيرها. كذلك، صدر قرار من وزير التعليم عام 2016، بسحب نحو 80 كتاباً من مكتبات ومراكز مصادر التعلم في المدارس، من بينها كتاب «الوصايا العشر» لحسن البنا، وكتاب «شبهات حول الإسلام» و«في ظلال القرآن» لسيد قطب.
وأيضاً، كانت من القرارات، قرار وزير التعليم الحالي حمد آل الشيخ، إبعاد المعلمين الذين انتهجوا مخالفات فكرية، وجاء القرار على لسان وزير التعليم نفسه الذي منح مديري التعليم حق «الإبعاد الفوري للعاملين في المدارس ممن لديهم مخالفات فكرية وتكليفهم بأعمال إدارية خارج المدارس بصفة مؤقتة لحين البت في القضية».


مقالات ذات صلة

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

حصاد الأسبوع الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد

وارف قميحة (بيروت)
حصاد الأسبوع صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في

راغدة بهنام (برلين)
حصاد الأسبوع  زارا فاغنكنيشت (رويترز)

وضع الليبراليين مُقلق في استطلاعات الرأي

يحلّ حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف راهناً في المركز الثاني في استطلاعات الرأي للانتخابات الألمانية المقبلة، وتصل درجة التأييد له إلى 18 في

حصاد الأسبوع روبيو play-circle 01:45

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل.

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا،

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
TT

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)

يأتي فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية وعودته الوشيكة إلى البيت الأبيض يوم يناير (كانون الثاني) 2025 نقطة تحوّل مهمة وسط اضطرابات غير عادية في النظام العالمي. وبديهي أن ولاية ترمب الثانية لا تشكّل أهمية كبرى في السياسة الداخلية الأميركية فحسب، بل ستؤثر إلى حد كبير أيضاً على الجغرافيا السياسية والاقتصاد في آسيا. وفي حين يتوقع المحللون أن يركز الرئيس السابق - العائد في البداية على معالجة القضايا الاقتصادية المحلية، فإن «إعادة ضبط» أجندة السياسة الخارجية لإدارته ستكون لها آثار وتداعيات في آسيا ومعظم مناطق العالم، وبالأخص في مجالات التجارة والبنية التحتية والأمن. وبالنسبة لكثيرين في آسيا، يظل السؤال المطروح هنا هو... هل سيعتمد في ولايته الجديدة إزاء كبرى قارات العالم، من حيث عدد السكان، تعاملاً مماثلاً لتعامله في ولايته الأولى... أم لا؟

توقَّع المحللون السياسيون منذ فترة أن تكون منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ في طليعة اهتمامات السياسة الخارجية عند إدارة الرئيس الأميركي السابق العائد دونالد ترمب. ومعلومٌ أن استراتيجية ترمب في فترة ولايته الأولى، إزاء حوض المحيطين الهندي والهادئ شددت على حماية المصالح الأميركية في الداخل. والمتوقع أن يظل هذا الأمر قائماً، ويرجح أن يؤثّر على نهج سياسته الخارجية تجاه المنطقة مع التركيز على دفع الازدهار الأميركي، والحفاظ على السلام من خلال القوة، وتعزيز نفوذ الولايات المتحدة.

منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ التي يقطن كياناتها نحو 65 في المائة من سكان العالم، تشكل راهناً نقطة محورية للاستراتيجية والتوترات الجيوسياسية، فهي موطن لثلاثة من أكبر الاقتصادات على مستوى العالم (الصين والهند واليابان) ولسبع من أكبر القوات العسكرية في العالم. ويضاف إلى ذلك أنها منطقة اقتصادية رئيسية تمثل 62 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتسهم بنسبة 46 في المائة من تجارة السلع العالمية.

3 محاور

ويرجّح فيفيك ميشرا، خبير السياسة الأميركية في «مؤسسة أوبزرفر للأبحاث»، أنه «في ولاية ترمب الثانية، ستوجّه استراتيجية واشنطن لهذه المنطقة عبر التركيز على ثلاثة محاور تعمل على ربط المجالات القارية والبحرية في حيّزها. وستكون العلاقات الأميركية - الصينية في نقطة مركز هذه المقاربة، مع توقع أن تعمل التوترات التجارية على دفع الديناميكيات الثنائية... إذ لا يزال موقف ترمب من الصين حازماً، ويهدف إلى موازنة نفوذها المتنامي في المجالين الاقتصادي والأمني على حد سواء».

إضافة إلى ما سبق، يرى ميشرا أن «لدى سياسة ترمب في حوض المحيطين الهندي والهادئ توقعات كبيرة من حلفاء أميركا الرئيسيين وشركائها في المنطقة، بما في ذلك اضطلاع الهند بدور أنشط في المحيط الهندي مع التزامات عسكرية أكبر من الحلفاء مثل اليابان وأستراليا». ويرجّح الخبير الهندي، كذلك، «أن تتضمن رؤية ترمب لحوض المحيطين الهندي والهادئ الجهود الرامية إلى إرساء الاستقرار في الشرق الأوسط، لا سيما من خلال تعزيز التجارة والاتصال مع المنطقة، لتعزيز ارتباطها بالمجال البحري لحوض المحيطين الهندي والهادئ».

الحالة الهندية

هناك الكثير من الأسباب التي تسعد حكومة ناريندرا مودي اليمينية في الهند بفوز ترمب. إذ تقف الهند اليوم شريكاً حيوياً واستثنائياً بشكل خاص في الاستراتيجيتين الإقليمية والدولية للرئيس الأميركي العائد. وعلى الصعيد الشخصي، سلَّط ترمب إبان حملته الانتخابية الضوء على علاقته القوية بمودي، الذي هنأه على الفور بفوزه في الانتخابات.

وهنا يقول السفير الهندي السابق آرون كومار: «مع تأمين ترمب ولاية ثانية، تؤشر علاقته الوثيقة برئيس الوزراء مودي إلى مرحلة جديدة للعلاقات الهندية - الأميركية. ومع فوز مودي التاريخي بولاية ثالثة، ووعد ترمب بتعزيز العلاقات بين واشنطن ونيودلهي يُرتقب تكثّف الشراكة بينهما. وبالفعل، يتفّق موقف ترمب المتشدد من بكين مع الأهداف الاستراتيجية لنيودلهي؛ ولذا يُرجح أن يزيد الضغط على بكين وسط تراجع التصعيد على الحدود. ويضاف إلى ذلك، أن تدقيق ترمب في تصرفات باكستان بشأن الإرهاب قد يوسّع النفوذ الاستراتيجي الهندي في كشمير».

كومار يتوقع أيضاً «نمو التعاون في مجال الدفاع، لا سيما في أعقاب صفقة الطائرات المسيَّرة الضخمة التي بدأت خلال ولاية ترمب الأولى. ومع الأهداف المشتركة ضد العناصر المتطرّفة في كندا والولايات المتحدة، يمهّد تحالف مودي - ترمب المتجدّد الطريق للتقدم الاقتصادي والدفاعي والدبلوماسي... إذا منحت إدارة ترمب الأولوية للتعاون الدفاعي والتكنولوجي والفضائي مع الهند، وهي قطاعات أساسية تحتل مركزها في الطموحات الاستراتيجية لكلا البلدين». وما يُذكر أن ترمب أعرب عن نيته البناء على تاريخه السابق مع الهند، المتضمن بناء علاقات تجارية، وفتح المزيد من التكنولوجيا للشركات الهندية، وإتاحة المزيد من المعدات العسكرية الأميركية لقوات الدفاع الهندية. وبصفة خاصة، قد تتأكد العلاقات الدفاعية بين الهند والولايات المتحدة، في ظل قدر أعظم من العمل البيني المتبادل ودعم سلسلة الإمداد الدفاعية.

السياسة إزاء الصين

أما بالنسبة للصين، فيتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة، ويرى البعض أنه خلال ولايته الثانية يمتلك القدرة على قيادة مسار احتواء أوسع تجاه بكين. بدايةً، كما نتذكر، حمّل ترمب الحكومة الصينية مسؤولية جائحة «كوفيد - 19»، التي قتلت أكثر من مليون أميركي ودفعت الاقتصاد الأميركي إلى ركود عميق. وسواء عبر الإجراءات التجارية، أو العقوبات، أو المطالبة بالتعويضات، سيسعى الرئيس الأميركي العائد إلى «محاسبة» بكين على «الأضرار» المادية التي ألحقتها الجائحة بالولايات المتحدة والتي تقدَّر بنحو 18 تريليون دولار أميركي.

ووفقاً للمحلل الأمني الهندي سوشانت سارين، فإن دبلوماسية «الذئب المحارب» الصينية، ودعم بكين حرب موسكو في أوكرانيا، والقضايا المتزايدة ذات الصلة بالتجارة والتكنولوجيا وسلاسل التوريد، تشكل مصدر قلق كبيراً لحكومة ترمب الجديدة. ومن ثم، ستركز مقاربة الرئيس الأميركي تجاه الصين على الجانبين الاقتصادي والأمني، مع التأكيد على حاجة الولايات المتحدة إلى الحفاظ على قدرتها التنافسية في مجال التكنولوجيات الناشئة.

آسيا ... تنتظر مواقف ترمب بعد انتصاره الكبير (رويترز)

التجارة والاقتصاد

أما الخبير الاقتصادي سيدهارت باندي، فيرى أنه «يمكن القول إن التجارة هي القضية الأكثر أهمية في جدول أعمال السياسة الأميركية تجاه الصين... وقد تتصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في ظل حكم ترمب».

وحقاً، في التقييم الصيني الحالي، يتوقع أن تشهد ولاية ترمب الثانية تشدداً أميركياً أكبر حيال بشأن العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية؛ ما يؤدي إلى مزيد من التنافر بين الاقتصادين. وللعلم، في وقت سابق من العام الحالي، وعد خطاب ترمب الانتخابي بتعرفات جمركية بنسبة 60 في المائة أو أعلى على جميع السلع الصينية، وتعرفات جمركية شاملة بنسبة 10 في المائة على السلع من جميع نقاط المنشأ. ومن ثم، يرجّح أيضاً أن تشجع هذه الاستراتيجية الشركات الأميركية على تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها بعيداً عن الصين؛ ما قد يؤدي إلى تسريع الشراكات مع دول أخرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ».

ما يستحق الإشارة هنا أن ترمب كان قد شن حرباً تجارية ضد الصين بدءاً من عام 2018، حين فرض رسوماً جمركية تصل إلى 25 في المائة على مجموعة من السلع الصينية. وبعدما كانت الصين عام 2016 الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة، مع أكثر من 20 في المائة من الواردات الأميركية ونحو 16 في المائة من إجمالي التجارة الأميركية، فإنها تراجعت بحلول عام 2023 إلى المرتبة الثالثة، مع 13.9 في المائة من الواردات و11.3 في المائة من التجارة.

وبالتالي، من شأن هذا التحوّل منح مصداقية أكبر لتهديدات ترمب بإلغاء الوضع التجاري للدولة «الأكثر رعاية» المعطى للصين وفرض تعرفات جمركية واسعة النطاق. ومع أن هذه الإجراءات سترتب تكاليف اقتصادية للأميركيين، فإن نحو 80 في المائة من الأميركيين ينظرون إلى الصين نظرة سلبية.

يتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة إزاء الصين

الشق العسكري

من جهة ثانية، يتوقع أن يُنهي ترمب محاولات الشراكة الثنائية السابقة، بينما يعمل حلفاء الولايات المتحدة الآسيويون على تعزيز قدراتهم العسكرية والتعاون فيما بينهم. ومن شأن تحسين التحالفات والشراكات الإقليمية، بما في ذلك «ميثاق أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة»، وميثاق مجموعة «كواد» الرباعية (أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة)، وتحسين العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية بشكل كبير، والتعاون المتزايد بين اليابان والفلبين، تعزيز موقف ترمب في وجه بكين.

شبه الجزيرة الكورية

فيما يخصّ الموضوع الكوري، يتكهن البعض بأن ترمب سيحاول إعادة التباحث مع كوريا الشمالية بشأن برامجها للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية. وفي حين سيكون إشراك بيونغ يانغ في هذه القضايا بلا شك، حذراً وحصيفاً، فمن غير المستبعد أن تجد إدارة ترمب الثانية تكرار التباحث أكثر تعقيداً هذه المرة.

الصحافي مانيش تشيبر علَّق على هذا الأمر قائلاً إن «إدارة ترمب الأولى كانت لها مزايا عندما اتبعت الضغط الأقصى الأولي تجاه بيونغ يانغ، لكن هذا لن يتكرّر مع إدارة ترمب القادمة، خصوصاً أنه في الماضي كانت روسيا والصين متعاونتين في زيادة الضغوط على نظام كوريا الشمالية». بل، وضعف النفوذ التفاوضي لواشنطن في الوقت الذي قوي موقف كوريا الشمالية. ومنذ غزو روسيا لأوكرانيا وبعد لقاء الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سبتمبر (أيلول) 2023، عمّقت موسكو وبيونغ يانغ التعاون في مجالات الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا.

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون (رويترز)

مكاسب حربية لكوريا الشمالية

أيضاً، تشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية كسبت على الأرجح 4.3 مليار دولار من شحنات المدفعية إلى روسيا خلال الحرب وحدها، وقد تكسب أكثر من 21 مليون دولار شهرياً من نشر قواتها في روسيا. وفي المقابل، تستفيد من روسيا في توفير الأسلحة والقوات والتكنولوجيا لمساعدة برامج الصواريخ الكورية الشمالية. وتبعاً لمستوى الدعم الذي ترغب الصين وروسيا في تقديمه لكوريا الشمالية، قد تواجه إدارة ترمب القادمة بيونغ يانغ تحت ضغط دبلوماسي واقتصادي متناقص وهي مستمرة في تحسين برامج الأسلحة وتطويرها.

أما عندما يتعلق الأمر بكوريا الجنوبية، فيلاحظ المحللون أن فصلاً جديداً مضطرباً قد يبدأ للتحالف الأميركي - الكوري الجنوبي مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. ويحذر المحللون من أن سياسة «جعل أميركا عظيمة مجدداً» التي ينتهجها الحزب الجمهوري قد تشكل مرة أخرى اختباراً صعباً للتحالف بين سيول وواشنطن الذي دام عقوداً من الزمان، مذكرين بالاضطرابات التي شهدها أثناء فترة ولايته السابقة من عام 2017 إلى عام 2021. ففي ولايته السابقة، طالب ترمب بزيادة كبيرة في المساهمة المالية لسيول في دعم القوات الأميركية في شبه الجزيرة الكورية. وأثناء حملته الانتخابية الحالية، وصف كوريا الجنوبية بأنها «آلة للمال» بينما يناقش مسألة تقاسم تكاليف الدفاع، وذكر أن موقفه بشأن القضية لا يزال ثابتاً. وفي سياق متصل، قال الصحافي الكوري الجنوبي لي هيو جين في مقال نشرته صحيفة «كوريان تايمز» إنه «مع تركيز الولايات المتحدة حالياً على المخاوف الدولية الرئيسية كالحرب في أوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط، يشير بعض المحللين إلى أن أي تحولات جذرية في السياسة تجاه شبه الجزيرة الكورية في ظل إدارة ترمب قد تؤجل. لكن مع ذلك؛ ونظراً لنهج ترمب الذي غالباً يصعب التنبؤ به تجاه السياسة الخارجية، يمكن عكس هذه التوقعات».

حقائق

أميركا والهند... و«اتفاقية التجارة الحرة»

في كي فيجاياكومار، الخبير الاستثماري الهندي، يتوقع أن يعيد الرئيس الأميركي العائد دونالد ترمب النظر مجدداً بشأن المفاوضات حول «اتفاقية التجارة الحرة»، وكانت قد عُرفت مفاوضات مكثفة في الفترة 2019 - 2020 قبل أن يفقد السلطة، والتي لم يبدِ الرئيس السابق جو بايدن أي اهتمام باستكمالها.وعوضاً عن الضغط على نيودلهي بشأن خفض انبعاثات الكربون، «من المرجح أن يشجع ترمب الهند على شراء النفط والغاز الطبيعي المسال الأميركي، على غرار مذكرة التفاهم الخاصة بمصنع النفط والغاز الطبيعي المسال في لويزيانا لعام 2019، والتي كانت ستجلب 2.5 مليار دولار من الاستثمارات من شركة (بترونيت إنديا) إلى الولايات المتحدة، لكنها تأجلت لعام لاحق».ثم يضيف: «بوجود شخصيات مؤثرة مثل إيلون ماسك، الذي يدعو إلى الابتكار في التكنولوجيا والطاقة النظيفة، ليكون له صوت مسموع في دائرة ترمب، فإن التعاون بين الولايات المتحدة والهند في مجال التكنولوجيا يمكن أن يشهد تقدماً ملحوظاً. ومن شأن هذا التعاون دفع عجلة التقدم في مجالات مثل استكشاف الفضاء، والأمن السيبراني، والطاقة النظيفة؛ ما يزيد من ترسيخ مكانة الهند باعتبارها ثقلاً موازناً للصين في حوض المحيطين الهندي والهادئ».في المقابل، لا يتوقع معلقون آخرون أن يكون كل شيء على ما يرام؛ إذ تواجه الهند بعض التحديات المباشرة على الأقل، بما في ذلك فرض رسوم جمركية أعلى وفرض قيود على التأشيرات، فضلاً عن احتمال المزيد من التقلبات في أسواق صرف العملات الأجنبية. وثمة مخاوف أيضاً بشأن ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة في أعقاب موقفها المالي والتخفيضات الأقل من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما قد يخلف تأثيراً غير مباشر على قرارات السياسة النقدية في بلدان أخرى بما في ذلك الهند.