وزراء الثقافة العرب يبحثون في الرياض اليوم دور اللغة العربية في التكامل الثقافي

يفتتحه اليوم نيابة عن خادم الحرمين الشريفين وزير الثقافة والإعلام السعودي ويتناول 4 محاور و15 دراسة

د. عبد الله محارب المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)
د. عبد الله محارب المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)
TT

وزراء الثقافة العرب يبحثون في الرياض اليوم دور اللغة العربية في التكامل الثقافي

د. عبد الله محارب المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)
د. عبد الله محارب المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)

نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، يفتتح الدكتور عبد العزيز الخضيري وزير الثقافة والإعلام السعودي اليوم الاثنين بالرياض، أعمال الدورة التاسعة عشرة لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي.
وسبق اجتماع الوزراء انعقاد فعاليات المؤتمر، حملت عنوان: «اللغة العربية منطلقا للتكامل الثقافي الإنساني»، وتوزعت على 4 محاور أساسية، بمشاركة باحثين وأكاديميين من أكثر من 30 دولة عربية ومنظمة ومؤسسة معنية، وتستمر لمدة 4 أيام.
وتتألف الوثيقة الأساسية لهذه الدورة، التي أعدتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)، من 15 دراسة وضعها خبراء عرب رشحتهم اللجان الوطنية للتربية والثقافة والعلوم في الدول العربية لإعدادها، وكلفتهم المنظمة بذلك.
وأوضح الدكتور عبد الله محارب المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)، أن الخطة الشاملة المحدّثة للثقافة العربية، هي ارتكاز النهضة الثقافية العربية المنشودة إلى رؤية علمية ونقدية للواقع بمستوياته المحلية والإقليمية والعالمية، مع ضرورة التفاعل مع العصر والفكر الآخر، لا الاكتفاء بالاستعارة منه وتقليده.
ولفت إلى أن المسؤولين عن الشؤون الثقافية يدركون عمق العلاقة بين اللغة والثقافة، فليس هناك ما هو أهم من اللغة في تطوير الثقافة الإنسانية، ويعتبرون اللغة عنصرا أساسيا لتطوير الثقافة العربية، الأمر الذي يستدعي مزيدا من النهوض بها وتحديث طرق تدريسها لتكون قادرة على التطوّر والصمود أمام اللغات الأجنبية.
وأكد أن هناك عملا دؤوبا للارتقاء بمستوى الجامعات العربية لتجاوز المعارف القديمة في مناهجها والتخصصات المحدودة، وجعلها تمتلك ما يلزم من مقومات إنتاج المعرفة وصناعة العلماء.
وأضاف محارب: «لا يمكن أن يكون لنا فعل في الواقع الحضاري، ولن تكون لنا مساهمة حقيقية في بناء الحضارة الإنسانية، إلا من خلال مزيد من العناية والاهتمام بلغتنا العربية، وتفعيل الاهتمام باللغات الأخرى، ونقل ما فيها من ذخائر معرفية إلى الأجيال العربية إذ تبرز أهمية التكامل بين اللغة والثقافة بوضوح من خلال دعم الركائز الأساسية التي أفرزت التقارب الثقافي والفكري والتكامل الإنساني الذي يتيح للجميع النظر للمستقبل في إطار من التعددية الفكرية والثقافية المبنية على ثوابت مشتركة ومد جسور من الحوار بين الثقافات والشعوب».
ونوه المدير العام لـ«ألكسو»، بالمنجزات السابقة، ومنها القرار المنبثق عن الدورة الثانية عشرة بالرياض 2000. الذي أقرّ فيه «دعم اللغة العربية في الصناعات المعلوماتية»، والقرار الصادر عن الدورة الرابعة عشرة بصنعاء 2004. الذي تضمن توصية «بدعم اللغة العربية تعزيزا للهوية القومية والتنمية المجتمعية».
وكانت الدورة الـ16 بدمشق 2008، قد وافقت على «مشروع النهوض باللغة العربية للتوجه نحو مجتمع المعرفة الذي أوصت به القمة العربية»، كما أكد الإعلان الصادر عن الدورة السابعة عشرة للمؤتمر بالدوحة 2010، بشأن القمة الثقافية العربية على أن «اللغة العربية عنصر أساس لتطوير ثقافتنا العربية ولا بد من النهوض بها».
وحث مؤتمر المنامة 2012 الدول العربية والمنظمة على «مواصلة الجهود في مجال الترجمة والتعريب ونشر اللغة العربية وتحديث طرائق وأساليب تدريبها والاعتناء بمعلميها وتطوير قدراتهم ليكونوا قادرين على النهوض بها، وتحديث طرق تدريسها لتكون قادرة على التطوير والصمود أمام اللغات الأجنبية».
ولفت المحارب إلى أن المنظمة تستغل حضورها في المحافل الدولية لتنضم إلى أصوات المدافعين عن «الاستثناء الثقافي»، لأنها لا ترى في المنتج الثقافي مجرّد سلعة ككل السلع؛ بل تراه تعبيرا عن روح الشعوب وإحساسها وعبقريتها.
ووفق المحارب، على هذا الأساس ساندت الاتفاقية التي أصدرتها اليونيسكو حول حماية تنوع المضامين الثقافية، وتعاونت مع الكثير من المنظمات الدولية والإقليمية ومن بينها مجموعة «الفضاءات اللغوية الثلاثة»، الفرنسية والإسبانية والبرتغالية.
وكانت «اليونيسكو»، قد نظمت سلسلة من الندوات والمؤتمرات بهدف تفعيل دور المثقف العربي، وشاركت في فعاليات أخرى أو قدمت لها الدعم دفعا للتكامل الثقافي بين البلدان العربية وبناء جسور التواصل مع بقية شعوب العالم وتحقيق التكامل الثقافي المنشود.
واستعرض المدير العام لـ«ألكسو»، أبرز نشاطات المنظمة، ومشروعاتها المستقبلية، منها إحداث جوائز مثل الجائزة العربية للتراث، والجائزة العربية للإبداع الثقافي، والبرنامج الذي تستعد المنظمة لتنفيذه بالتعاون مع الدول العربية، مشيرا إلى اعتزامها تنظيم ندوة دولية حول «الحرف العربي» خلال هذا العام.
وتناول المحور الأول «اللغة العربية: المفهوم والوظائف والاستخدامات» 4 دراسات، حملت الأولى عنوان «نحو منهاج موحد لتعليم اللغة العربية» من إعداد الدكتورة ديزيره سقال، والثانية «أثر المفردات الأجنبية في فكر النشء العربي»، من إعداد الدكتور خالد الحافي.
وتتناول الدراسة الثالثة «تعليم اللغة العربية، سنة كونية وقراءة تاريخية وواقع حداثي» من إعداد الدكتور مختار لزعر، والرابعة «المحيط اللغوي وتعليم اللغة العربية: مرحلة ما قبل المدرسة نموذجا»، من إعداد الدكتور علي الكبيسي.
وتناول المحور الثاني «إسهامات اللغة العربية في الثقافات الإنسانية» من خلال دراستين؛ الأولى تحمل عنوان «حركة الترجمة من العربية وإليها: الأهمية والواقع والطموح»، من إعداد الدكتور عادل الطويسي، والثانية «دور اللغة العربية في إثراء الاجتهاد والإبداع الثقافي الإسلامي»، من إعداد الدكتور عبد الله أبو بكر.
وجاء المحور الثالث تحت عنوان «لغة الشعوب ركن في ثقافتها وهويتها» من خلال 7 دراسات؛ الأولى حملت عنوان «لغة الشعوب ركن في ثقافتها وهويتها»، من إعداد الدكتور بلال عبد الهادي، والثانية «إسهامات اللغة العربية في الثقافات الإنسانية.. العلم والأدب»، من إعداد الدكتور جورج طراد.
وحملت الدراسة الثالثة عنوان «اللغة العربية وتأثيرها في ثقافة الشعوب غير العربية»، من إعداد الدكتور محمد بن عبد الرحمن الربيِّع، والرابعة «استخدامات اللغة العربية في الحوار الثَّقافي بين الشُّعوب»، من إعداد الدكتور وجيه فانوس.
وجاءت الدراسة الخامسة بعنوان «إسهامات اللغة العربية في الثقافات الإنسانية» من إعداد الدكتورة مريم النعيمي، والسادسة «اللّغة العربيّة ركن في ثقافة الأُمّة وهويتها الثقافية» من إعداد الدكتور يوسف بكّار، والسابعة «التكوين الثقافي في المجتمعات ودور اللغة العربية في تحديد هويتها» من إعداد الدكتورة لمياء باعشن.
وتناول المحور الرابع «اللغة العربية وإنتاج المحتوى الرقمي»، حيث حملت الدراسة الأولى عنوان «المحتوى الثقافي الرقمي باللغة العربية على شبكة الإنترنت»، من إعداد الدكتور محمد القادري، والثانية «الأدب التفاعلي؛ والتجريب النقدي العربي» من إعداد الدكتور إحسان التميمي.
يذكر أن الدكتور ناصر الحجيلان وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية في السعودية، قد عُين رئيسا للجنة الدائمة للثقافة العربية لمدة عامين، حيث ناقشت اللجنة موضوعات إحداث مجلس وزراء الثقافة العرب، ومشروعي القناة الفضائية العربية والأيام الثقافية العربية.
وبحثت اللجنة، اليوم العربي للشعر والميثاق العربي للمحافظة على التراث العمراني في الدول العربية وتنمية «المجلس الأعلى للتراث العمراني»، والمرصد العمراني والمعماري العربي، وقصر الألكسو الثقافي في مدينة القدس، وميثاق حماية التراث الثقافي البلدان العربية.
وتناولت موضوع البوابة الإلكترونية للتراث الثقافي في الدول العربية، ومشروع إنشاء الأرشيف العربي للمأثورات الشعبية، والجائزة العربية للإبداع الثقافي، وإشراك ممثلين عن الوزارات والمؤسسات والهيئات الوكالات والمنظمات.
ودعت إلى مشاركة المجالس المعنية بالتراث والسياحة والثقافة في دورات مؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي، واللجنة الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي، إضافة إلى إنجاز دراسة حول الإعلام الثقافي في الوطن العربي، وتوصيات ندوة الدراسات المستقبلية في الوطن العربي.
وكانت أول دورة لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي، قد نظمت في عام 1976 بالعاصمة الأردنية عمّان، أي بعد 6 سنوات من إنشاء المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ومنذ ذلك التاريخ تتابعت دورات المؤتمر مرة كل سنتين.



مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي
TT

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

في عددها الجديد، نشرت مجلة «القافلة» الثقافية، التي تصدرها شركة «أرامكو السعودية»، مجموعة من الموضوعات الثقافية والعلمية، تناولت مفهوم الثقافة بالتساؤل عن معناها ومغزاها في ظل متغيرات عصر العولمة، وعرّجت على الدور الذي تضطلع به وزارة الثقافة السعودية في تفعيل المعاني الإيجابية التي تتصل بهذا المفهوم، منها إبراز الهويَّة والتواصل مع الآخر.

كما أثارت المجلة في العدد الجديد لشهري نوفمبر (تشرين الثاني)، وديسمبر (كانون الأول) 2024 (العدد 707)، نقاشاً يرصد آفاق تطور النقل العام في الحواضر الكُبرى، في ضوء الاستعدادات التي تعيشها العاصمة السعودية لاستقبال مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام في الرياض».

وفي زاوية «بداية كلام» استطلعت المجلة موضوع «القراءة العميقة» وتراجعها في العصر الرقمي، باستضافة عدد من المشاركين ضمن النسخة التاسعة من مسابقة «اقرأ» السنوية، التي اختتمها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي السياق نفسه، تطرّق عبد الله الحواس في زاوية «قول في مقال» إلى الحديث عن هذه «المسابقة الكشافة»، التي تستمد حضورها من أهمية القراءة وأثرها في حياتنا.

في باب «أدب وفنون»، قدَّم قيس عبد اللطيف قراءة حول عدد من أفلام السينما السعودية لمخرجين شباب من المنطقة الشرقية من المملكة، مسلطاً الضوء على ما تتناوله من هموم الحياة اليومية؛ إذ يأتي ذلك بالتزامن مع الموسم الخامس لـ«الشرقية تُبدع»، مبادرة الشراكة المجتمعية التي تحتفي بـ«الإبداع من عمق الشرقية».

وفي «رأي ثقافي»، أوضح أستاذ السرديات وعضو جائزة «القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً»، د. حسن النعمي، دور الجائزة في صناعة مشهد مختلف، بينما حلَّ الشاعر عبد الله العنزي، والخطّاط حسن آل رضوان في ضيافة زاويتي «شعر» و«فرشاة وإزميل»، وتناول أحمد عبد اللطيف عالم «ما بعد الرواية» في الأدب الإسباني، بينما استذكر عبد السلام بنعبد العالي الدور الأكاديمي البارز للروائي والفيلسوف المغربي محمد عزيز الحبابي. أما علي فايع فكتب عن «المبدع الميّت في قبضة الأحياء»، متسائلاً بصوت مسموع عن مصير النتاج الأدبي بعد أن يرحل صاحبه عن عالم الضوء.

في باب «علوم وتكنولوجيا»، تناولت د. يمنى كفوري «تقنيات التحرير الجيني العلاجية»، وما تعِد به من إمكانية إحداث ثورة في رعاية المرضى، رغم ما تنطوي عليه أيضاً من تحديات أخلاقية وتنظيمية. وعن عالم الذرَّة، كتب د. محمد هويدي مستكشفاً تقنيات «مسرِّعات الجسيمات»، التي تستكمل بالفيزياء استكشاف ما بدأته الفلسفة.

كما تناول مازن عبد العزيز «أفكاراً خارجة عن المألوف يجمح إليها خيال الأوساط العلمية»، منها مشروع حجب الشمس الذي يسعى إلى إيجاد حل يعالج ظاهرة الاحتباس الحراري. أما غسّان مراد فعقد مقارنة بين ظاهرة انتقال الأفكار عبر «الميمات» الرقمية، وطريقة انتقال الصفات الوراثية عبر الجينات.

في باب «آفاق»، كتب عبد الرحمن الصايل عن دور المواسم الرياضية الكُبرى في الدفع باتجاه إعادة هندسة المدن وتطويرها، متأملاً الدروس المستفادة من ضوء تجارب عالمية في هذا المضمار. ويأخذنا مصلح جميل عبر «عين وعدسة» في جولة تستطلع معالم مدينة موسكو بين موسمي الشتاء والصيف. ويعود محمد الصالح وفريق «القافلة» إلى «الطبيعة»، لتسليط الضوء على أهمية الخدمات البيئية التي يقدِّمها إليها التنوع الحيوي. كما تناقش هند السليمان «المقاهي»، في ظل ما تأخذه من زخم ثقافي يحوِّلها إلى مساحات نابضة بالحياة في المملكة.

ومع اقتراب الموعد المرتقب لافتتاح قطار الأنفاق لمدينة الرياض ضمن مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام»، ناقشت «قضية العدد» موضوع النقل العام، إذ تناول د. عبد العزيز بن أحمد حنش وفريق التحرير الضرورات العصرية التي جعلت من النقل العام حاجة ملحة لا غنى عنها في الحواضر الكبرى والمدن العصرية؛ فيما فصَّل بيتر هاريغان الحديث عن شبكة النقل العام الجديدة في الرياض وارتباطها بمفهوم «التطوير الحضري الموجّه بالنقل».

وتناول «ملف العدد» موضوعاً عن «المركب»، وفيه تستطلع مهى قمر الدين ما يتسع له المجال من أوجه هذا الإبداع الإنساني الذي استمر أكثر من ستة آلاف سنة في تطوير وسائل ركوب البحر. وتتوقف بشكل خاص أمام المراكب الشراعية في الخليج العربي التي ميَّزت هذه المنطقة من العالم، وتحوَّلت إلى رمز من رموزها وإرثها الحضاري.