قبل 75 عاماً... كيف انطلقت أكبر محاكمة في التاريخ في نورمبرغ؟

الزعيم النازي أدولف هتلر (أ.ف.ب)
الزعيم النازي أدولف هتلر (أ.ف.ب)
TT

قبل 75 عاماً... كيف انطلقت أكبر محاكمة في التاريخ في نورمبرغ؟

الزعيم النازي أدولف هتلر (أ.ف.ب)
الزعيم النازي أدولف هتلر (أ.ف.ب)

في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) 1945، بدأت في نورمبرغ في ألمانيا أكبر محاكمة في التاريخ، حوكم فيها 21 من كبار القادة النازيين، وبينهم هرمان غورينغ الذي سماه هتلر لخلافته، للمرة الأولى أمام العدالة الدولية.
اعتباراً من عام 1943، راح الحلفاء يفكرون بمصير مجرمي الحرب الألمان. وقبل الاستسلام حتى، اتُفق على مبدأ محاكمة لا سابق لها أمام محكمة دولية وعلنية، بحسب ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».
وبعد ستة أشهر فقط على نهاية الحرب، راح المدعون الذين يمثلون شأنهما في ذلك شأن القضاة، الدول الحليفة الأربع، يجمعون 300 ألف شهادة ونحو 6600 قرينة مدعومة بـ42 ملفاً من الأرشيف.
ونظمت المحاكمة في مدينة مدمرة صمد فيها قصر العدل الموصول بسجن. وتشكل نورمبرغ خصوصاً رمزاً للنازية؛ إذ كان هتلر ينظم فيها تجمعات ضخمة. وقد أقرت فيها أيضاً عام 1935 القوانين المناهضة لليهود.
في 20 نوفمبر 1945 عند الساعة العاشرة من قبل الظهر، افتتحت المحاكمة في القاعة 600 من المحكمة بحضور مئات الصحافيين. وأعلن المدعي العام الأميركي روبرت جاكسون «المدعي الفعلي هنا، هي الحضارة». في قفص الاتهام جلس كبار المسؤولين النازيين الذين كانوا لا يزالون على قيد الحياة بعد انتحار أدولف هتلر وجوزف غوبلز وهاينريش هيملر.
فقد جلس هيرمان غورينغ الرجل الثاني في النظام إلى جانب رودولف هيس مساعد هتلر وألفرد روزنبرغ منظّر الحزب، فضلاً عن فريتز سوكل المسؤول عن العمل القسري ويواكين فون ريبنتروب وزير الخارجية... ووجهت إليهم تهمة التآمر وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد السلام، فضلاً عن جرائم ضد الإنسانية للمرة الأولى في التاريخ.
وحددت هذه الجرائم الأخيرة على أنها «اغتيالات وإبادة واستعباد وترحيل وكل فعل غير إنساني ضد المدنيين قبل الحرب أو خلالها أو الاضطهاد بدوافع سياسية وعرقية ودينية». ومفهوم الإبادة الجماعية لن يعتمد في القانون الدولي إلا اعتباراً من عام 1948. وقد دفع جميع المتهمين ببراءتهم. إلا أن عرض أفلام صورها الحلفاء الغربيون حول معسكرات الاعتقال، أعطت سريعاً بعداً آخر للمحاكمة.
وكتب عالم النفس في السجن خلال فترة المحاكمات ج.م. غيلبرت في «يوميات نورمبرغ» (1947) «ارتجف سوكل عندما رأى فرن حرق الجثث في نورمبرغ. وعندما عرض غطاء مصباح مصنوع من جلد بشري قال شترايشر (انا لا أصدق ذلك) في حين هز (فيليم) فريك (المسؤول النازي السابق) رأسه غير مصدق عندما وصفت طبيبة العلاج المطبق قسراً على المعتقلات في بلسن والتجارب التي أجريت عليهن».
من بين شهود الادعاء الثلاثة والثلاثين، المقاومة الفرنسية ماري - كلود فايان - كونورييه الناجية من معسكري أوشفيتز ورافينسبروك. وهي قدمت رواية فظيعة امتدت على ساعتين تحدثت فيها عن نساء يلدن ليقتل المولود الجديد أمام أعينهن بإغراقه بالمياه، ومعتقلات مضطرات إلى الشرب من مياه البرك الموحلة قبل الاستحمام فيها والاستدعاءات عند الساعة الثالثة صباحاً...
وقالت لصحيفة «لومانيتيه» الفرنسية «قبل أن أتولى الكلام أمام المحكمة مررت أمام المتهمين ببطء شديد. أردت النظر إليهم عن كثب. كنت أتساءل ما عساهم يكونون هؤلاء الأشخاص القادرين على ارتكاب جرائم بهذه الفظاعة».
وعقدت الجلسة الأخيرة في هذه المحاكمات في 31 أغسطس (آب) 1946 وقد حاول خلالها المتهمون التخفيف من ضلوعهم في الجرائم. وقال غورينغ في تلك الجلسة الأخيرة «لم أصدر الأوامر بإبادة اليهود، لم أصدر الأوامر يوماً برمي طياري الدول الحليفة بالرصاص، كنت أجهل ذلك وأنا أعارض ذلك...».
وكان رودولف هيس الوحيد من بين المتهمين الذين لم ينف أن يكون ضالعاً فيما حصل وبقي وفياً لهتلر، متعهداً أن يعيد الكرّة. ونطق بالحكم في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 1946 وشمل 12 حكماً بالإعدام، وثلاثة أحكام بالسجن مدى الحياة، وحكمين بالسجن 20 عاماً، وحكماً بالسجن 15 عاماً، وآخر بالسجن 10 سنوات.
وأفلت ثلاثة متهمين من أحكام بالسجن. وفاجأت هذه التبرئات المراقبين في تلك الفترة، إلا أنها أتت رداً على منتقدي المحاكمة التي أرادها القيمون عليها «عادلة». لم تفلت نورمبرغ من الانتقاد وأُخذ عليها أنها «عدالة المنتصر» ولم تخل من بعض نقاط الغموض مثل مجزرة كاتين التي حاول الادعاء الروسي تحميل مسؤوليتها للنازيين...
في 16 أكتوبر 1946 عند الساعة الواحدة صباحاً نُفذ حكم الإعدام شنقاً بعشرة محكومين. وكان هرمان غورينغ انتحر قبل ساعات في زنزانته مبتلعاً حبة سيانيد للإفلات من الشنق الذي لا يعتبره جديراً بعسكري.
وقد حرقت كل الجثث بما في ذلك جثة غورينغ ونثر رمادها في أحد روافد نهر إيسار لتجنب أن تصبح قبورهم محجاً.
ونظمت في نورمبرغ 12 محاكمة أخرى لمسؤولين نازيين، من بينهم أطباء ووزراء وعسكريون.


مقالات ذات صلة

نتنياهو مدافعاً عن نفسه في محكمة تحت الأرض: حياتي صعبة للغاية ولا أكمل سيجارة

شؤون إقليمية نتنياهو قبل الإدلاء بشهادته في محاكمته بتهمة الفساد في المحكمة المركزية في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)

نتنياهو مدافعاً عن نفسه في محكمة تحت الأرض: حياتي صعبة للغاية ولا أكمل سيجارة

قالت المحكمة إن بنيامين نتنياهو، المتهم بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، سيدلي بشهادته ثلاث مرات في الأسبوع، رغم حرب غزة والتوتر في الشرق الأوسط.

كفاح زبون (رام الله)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ترمب يتخلص من مشكلاته القانونية قبل تنصيبه

بعد فوزه في الانتخابات، يبدو أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب سيتخلّص من مشكلاته القانونية بعد طلب الادعاء إسقاط دعوى قلب نتائج انتخابات 2020.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس دونالد ترمب خلال جلسة محاكمة ضده في نيويورك (أ.ف.ب)

وزارة العدل الأميركية تُسقط كل الدعاوى الفيدرالية ضد ترمب

أسقطت وزارة العدل الأميركية قضيتين جنائيتين رفعتا ضد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بتهم محاولته قلب نتائج انتخابات عام 2020، ونقل وثائق سرية إلى منزله في فلوريدا.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

القضاء يردّ دعوى التآمر المرفوعة ضد ترمب بتهمة محاولة قلب نتائج الانتخابات

وافقت قاضية أميركية، الاثنين، على طلب النيابة العامة ردّ الدعوى المرفوعة ضدّ الرئيس المنتخب بتهمة محاولة قلب نتائج الانتخابات الرئاسية التي خسرها قبل 4 سنوات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

قدم رئيس «الشعب الجمهوري» المرشح السابق لرئاسة تركيا كمال كليتشدار أوغلو دفاعه في قضية «إهانة رئيس الجمهورية» المرفوعة من الرئيس رجب طيب إردوغان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
TT

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)

أعلن قادة مجموعة الدول السبع الكبرى في بيان، الخميس، إنهم على استعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت مجموعة السبع أن الانتقال السياسي بعد نهاية الحكم الاستبدادي، الذي دام 24 عاماً لبشار الأسد، يجب أن يضمن «احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

وطالبت المجموعة أيضاً بضرورة «محاسبة نظام الأسد».

وأضاف البيان: «ستعمل مجموعة السبع مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير، وتكون نتاج هذه العملية، وتدعمها بشكل كامل».

كما دعا القادة «كل الأطراف» إلى «الحفاظ على سلامة أراضي سوريا، ووحدتها الوطنية، واحترام استقلالها وسيادتها».