الموت يغيِّب الفنان المصري فايق عزب بعد صراع مع «مارسا» و«كورونا»

عن عمر يناهز 77 عاماً

الفنان الراحل فايق عزب
الفنان الراحل فايق عزب
TT

الموت يغيِّب الفنان المصري فايق عزب بعد صراع مع «مارسا» و«كورونا»

الفنان الراحل فايق عزب
الفنان الراحل فايق عزب

غيَّب الموت، أمس، الفنان المصري فايق عزب، عن عمر يناهز 77 عاماً، بعد صراع مع مرض «مارسا» وفيروس «كورونا المستجد». وتم دفن الراحل في مقابر العائلة بمدينة الإسماعيلية مسقط رأسه. وحرصت أسرته على إقامة صلاة الجنازة بالمقابر، وسط إجراءات احترازية بسبب «كورونا المستجد». وقال خالد عزب، نجل الفنان الراحل، إن «الأسرة تلقت العزاء بمنزل العائلة في الإسماعيلية مساء أمس».
عُرف الراحل بأدائه الجهوري الرخيم الذي يميز ملامح وجهه المصرية اللافتة، التي جعلته مرشحاً من قبل عديد من المخرجين البارزين لأداء أدوار درامية وتاريخية لافتة، منها عمله مع الراحل عاطف الطيب في فيلمي «ضد الحكومة»، و«كتيبة الإعدام»، وأدواره في مسلسلات تعد علامات في الدراما العربية، مثل «رأفت الهجان»، و«ليالي الحلمية»، فضلاً عن عديد من الأدوار التي تعدت مائتي عمل، ما بين السينما والتلفزيون والمسرح؛ خصوصاً مع جمع الراحل بين التراجيديا واللون الكوميدي، تاركاً محطات من الضحك بارزة، كما في عدد من أفلام النجم عادل إمام، منها «حنفي الأبهة»، و«بخيت وعديلة»، مروراً بعديد من المحطات في مشوراه الفني، مثل أفلام: «غبي منه فيه»، و«الباشا تلميذ»، و«تيتا رهيبة» وغيرها.
وتحول خبر وفاة عزب أمس إلى «تريند» بسبب طبيعة المرض النادر الذي أصابه، وهو مرض «مارسا» المُصنف بالمرض المعدي النادر. وكانت تطورات صحية قد لحقت بالفنان الراحل بشكل متصاعد، حتى فارق الحياة في أحد المستشفيات بالعاصمة القاهرة، بعد أن أعلن نجله في تصريحات صحافية أن «والده كانت تجرى له عملية جراحية لتوسيع الحبل الشوكي، بسبب سقوطه على رقبته ما تسبب في وقف حركة يده ورجله»، موضحاً أنه «عقب العملية أصيب بالتهاب رئوي بكتيري في الصدر، وتم إجراء تحليل لمعرفة نوع البكتيريا، ظهر أنها (مارسا)».
وتضاعفت المشكلات الصحية للفنان الراحل، بعد أن ثبتت إيجابية إصابته أيضاً بـ«كورونا المستجد»، وقد وردت تلك التطورات الصحية في تصريحات نجله في مداخلة هاتفية له للتلفزيون المصري؛ حيث قال إن «والده يخضع للعلاج منذ أكثر من أسبوعين ويحتاج معاملة خاصة، وتم تخصيص غرفة عناية مركزة له داخل أحد مستشفيات العزل الحكومي بمنطقة العجوزة بالقاهرة».
ووفق الناقد الفني محمد عبد الرحمن، فإن «الراحل ينتمي لفئة كبيرة من الفنانين الذين لم يحققوا نجومية، رغم امتلاكهم أدوات الأداء التمثيلي المميزة»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «بدأ الراحل مشواره الفني مبكراً على مسرح الجامعة، الأمر الذي منحه ثقافة وخلفية ودراية بالعمل الفني بشكل كبير. وينتمي الراحل لجيل الفنان نور الشريف كما صرح من قبل»، موضحاً: «ربما لم تؤهله ملامحه لأدوار البطولة المطلقة؛ لكن إمكانياته وضعته على قائمة الفنانين القادرين على جذب الانتباه في أي عمل فني يشاركون فيه»، مضيفاً: «عرف الجمهور عزب عن قرب مع انتعاش الإنتاج السينمائي بعد عام 1998. فبدأ يبرز حضوره في عديد من الأفلام، ربما بمشاهد قليلة؛ لكنها مؤثرة، علاوة على أدواره الإذاعية التي برز فيها بسبب صوته المميز».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».