تجربة سفر متطورة... الافتراضية والواقعية وما بينهما

TT

تجربة سفر متطورة... الافتراضية والواقعية وما بينهما

كانت الرّحلات المصحوبة بالمرشدين السّياحيين في صميم أعمال السّفر على مستوى العالم، بيد أنّ التعطيل والتوقف التام قد نالها أيضاً كما غيرها، بسبب الوباء الراهن، فانتقل العديد منها إلى قلب العالم الافتراضي بعيداً عن الواقعي الذي بات موبوءاً.
في الآونة الأخيرة مع بدء عودة الحياة إلى السفر والرحلات من جديد، شرعت شركات السياحة في التأقلم مع معايير التباعد الاجتماعي وإنما بطرق أخرى مختلفة وربما مبتكرة.
بعض من هذه الشركات تنظر في أمر الرحلات الافتراضية - على سبيل المثال، تجارب تذوق الشوكولاته الموجهة مع الشوكولاته التي تُشحن قبل بدء الجولة السياحية - وتصميم المغامرات السياحية الفعلية القريبة من المنزل، مثل التجديف في المياه أو المشي لمسافات طويلة. وهناك شركات أخرى تنظّم المجموعات المصغرة أو هي توفر الرحلات الخاصة في الهواء الطلق.
وخلال خريف العام الحالي، وثبت شركة أمازون الأميركية إلى النموذج الافتراضي الكامل للسفر والرّحلات من خلال طرح منصة «أمازون إكسبلور» الجديدة، التي توفر كل شيء للمستخدمين، بدءاً من جولات التسوق عبر الإنترنت في بيرو إلى دروس رقصات التانغو الجميلة من الأرجنتين.
وحتى في الوجهات التي أعيد افتتاحها من جديد أمام رحلات السياحة الدولية، تنتظر بعض الشركات عودة الحياة إلى طبيعتها في عالم السفر والسياحة قبل الانتقال تماماً من الواقع الافتراضي إلى الواقع الفعلي مرّة أخرى. ومنذ إعادة افتتاح أجواء بنما أمام السفر الدّولي اعتباراً من الشهر الماضي، نظّم السيد جيرين تيت، صاحب شركة «بنما داي تريبس» السياحية في بنما، عدداً قليلاً من الجولات السياحية الشّخصية، وهو يخطّط للاستمرار في عرض الجولات الافتراضية المجانية لمراقبة الطيور في حديقة «سوبيرانيا» الوطنية التي تقع بالقرب من مدينة بنما العاصمة في ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي.
وعن ذلك قال تيت: «إننا نحبس أنفاسنا ونواصل الأمل لتعود بعض مظاهر الحياة إلى طبيعتها خلال الفترة المقبلة». وفي الأثناء ذاتها، تعكس الاتجاهات الحالية سلسلة غير منقطعة من الواقع الافتراضي إلى الواقع الفعلي، على النحو الموضح أدناه.
- التسوق الافتراضي والرّقص وصنع الصلصة
تعمل شركة تجارة التجزئة العملاقة أمازون على استغلال براعتها في التسوق الإلكتروني من أجل الحصول على الهدايا التذكارية من خلال منصة «أمازون إكسبلور» الجديدة. وفي الجلسات الفردية، يمكن للمسافرين من أماكنهم زيارة شركة لصناعة الجلود في مدينة سياتل مقابل 20 دولاراً فقط، أو زيارة المتاجر الكبيرة في النرويج مقابل 90 دولاراً، وكل ذلك برفقة من المرشدين السياحيين المحليين. وفي كثير من الحالات، تتوافر العناصر ذات الصلة بالشراء أثناء التجربة السياحية الافتراضية من خلال شركة أمازون بكل تأكيد.
ولا تتعلق كل تجربة سياحية بالتسوق والشراء. إذ توفر «أمازون» فرصة الحصول على دروس لرقصة التانغو رفقة المدرب الخاص في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيريس لقاء 90 دولاراً فقط. وهناك فئة أخرى مخصصة للإبداع، بما في ذلك الفصول الدراسية لإعداد طبق الصلصة المكسيكي مقابل 39 دولاراً، ودروس أخرى في أسلوب الصباغة اليابانية المعروف باسم «شيبوري» مقابل 40 دولاراً، وهي الخدمات التي غالباً ما تتضمن قائمة بالعناصر المطلوبة المتوفرة للعمل جنباً إلى جنب مع أحد المدربين الموثوق فيهم.
وقالت «أمازون» في بيان صادر عنها مؤخراً: «إن منصة (أمازون إكسبلور) الجديدة مصممة لاستكمال تجارب السفر التقليدية بدلاً من استبدالها بالكامل».
ورغم أنّ الشركة كانت تشكل تهديداً طويل الأمد لشركات تجارة التجزئة الصغيرة، فإن منصة «أمازون إكسبلور» الجديدة، تستعين بحجمها وقوتها للربط ما بين العملاء وبين الشركات الصغيرة حول أرجاء العالم. وفي الآونة الراهنة، تقدم منصة «أمازون إكسبلور» 175 تجربة سياحية جديدة تتراوح أسعارها بين 10 إلى 168 دولاراً. وقالت إنّه «يمكن لأصحاب المتاجر، والمرشدين السياحيين، والمعلمين، والطهاة، وفناني التجميل، والفنانين، والحرفيين الوصول إلى العملاء المختلفين على موقع أمازون مع تحديد أسعار خدماتهم الخاصة والساعات المتاحة لتقديم تلك الخدمات».
ولاختبار النظام، قمت بالاشتراك في جولة تسوق في شارع كاباباشي في العاصمة اليابانية طوكيو مقابل 25 دولاراً، وتعتبر «مدينة المطبخ» اليابانية في طوكيو مليئة بالمتاجر التي تعرض وتبيع مختلف أنواع أدوات المطبخ. وفي غضون 45 دقيقة فقط، تمكنت المرشدة السياحية غيوليا ماغليو، التي تعمل لدى شركة «نينجا فوود تور» باستخدام كاميرا محمولة باليدين والتجوال معي في ثلاثة من المتاجر في الحي الياباني حيث استطعنا مناقشة مختلف أنماط عيدان تناول الطعام اليابانية الشهيرة (الدهنية، والمسطحة، والمضلعة)، وكيفية الإمساك بطبق الأرز من قاعدته، فضلاً عن هيمنة مطاعم الأطعمة البلاستيكية النابضة بالحياة التي تستعين بالإشارة في لفت الأنظار إلى ما هو موجود على قائمة الطعام لديهم.
لكن، احذر من طلب الأطعمة عبر الإنترنت. طلبت طبقين من الأرز الياباني مقابل 20 دولاراً ثم فوجئت بتكلفة أخرى بنفس السّعر كلفة الشّحن. غير أن شركة «أمازون» قد جعلت الأمور سلسة تماماً عبر المنصة الجديدة - فلقد فرضت رسوماً على البطاقة الائتمانية التي استخدمها للجولة السياحية في غضون ثوان معدودة بحلول نهاية الجولة.
- إجازات بالقرب من المنزل
مع الإقلال من السفر والرحلات في الفترة الماضية، سعى الأميركيون إلى التحولات الحقيقية في تجارب حياتهم خارج المنازل، وذلك وفقاً لمنصة «بيك» المعنية بحجز السفريات للشركات الصغيرة التي تقدم مختلف التجارب السياحية من جولات في المزارع وحتى تأجير قوارب الكاياك للتّجديف.
وفي فصل الصيف من العام الحالي، شهدت المنصة تحولاً فيما يُطلق عليه «الإجازات النهارية» أو الرحلات القريبة للغاية من المنازل. وبين شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز)، كانت نسبة 70 في المائة من طلبات الحجز تأتي من أشخاص يقطنون على مسافة لا تزيد على 150 ميلاً من مقر الشركة، مقارنة بنسبة 50 في المائة منهم في نفس الفترة من العام السابق.
واشتملت الأنشطة الرائجة تجارب البحث عن عيش الغراب البري في منطقة سانتا كروز بولاية كاليفورنيا مقابل 90 دولاراً للجولة الواحدة، وجولات الزوارق المسائية في سانتا أوغسطين بولاية فلوريدا مقابل 31 دولاراً. ورتّبت إحدى الشركات العميلة لدى منصة «بيك» وهي شركة «تاناكا فارمز» في مدينة إيرفين بولاية كاليفورنيا جولات المزرعة التي تنظمها ضمن فعاليات التجول بالسيارة، بما في ذلك مهرجان أضواء العطلات مقابل 49 دولاراً للسيارة الواحدة.
عملت شركة «داندليون» لصناعة الشوكولاته في سان فرانسيسكو، وهي من عملاء منصة «بيك»، بترتيب جولاتها السياحية عبر الإنترنت، وتقدّم حالياً تجارب تذوّق الشوكولاته مقابل 70 دولاراً وصناعة الكمأة مقابل 100 دولار، ويشتمل على شحنات من الشوكولاته للمشاركين مسبقاً، من أجل مزيج من العناصر الافتراضية والحقيقية.
تقول السيد سينثيا جوناسون، مديرة قسم التعليم في شركة «داندليون»: «نحن قادرون على الوصول إلى المزيد من الأشخاص عبر الإنترنت الآن»، وتضيف، أنّ طلبات الحجز الخاصة دائماً ما تتعلق بأعياد الميلاد أو فعالية أخرى مهمة مع عدد من الشّخصيات الحاضرة من أماكن مختلفة.
- خدمة: «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

دبي تستقبل 16.79 مليون سائح دولي خلال 11 شهراً

الاقتصاد بلغ عدد الغرف الفندقية المتوفرة في دبي بنهاية نوفمبر 153.3 ألف غرفة ضمن 828 منشأة (وام)

دبي تستقبل 16.79 مليون سائح دولي خلال 11 شهراً

قالت دبي إنها استقبلت 16.79 مليون سائح دولي خلال الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بزيادة بلغت 9 في المائة.

«الشرق الأوسط» (دبي)
سفر وسياحة كازينو مونتي كارلو يلبس حلة العيد (الشرق الأوسط)

7 أسباب تجعل موناكو وجهة تستقبل فيها العام الجديد

لنبدأ بخيارات الوصول إلى إمارة موناكو، أقرب مطار إليها هو «نيس كوت دازور»، واسمه فقط يدخلك إلى عالم الرفاهية، لأن هذا القسم من فرنسا معروف كونه مرتعاً للأغنياء

جوسلين إيليا (مونتي كارلو)
يوميات الشرق تنقسم الآراء بشأن إمالة المقعد في الطائرة (شركة ليزي بوي)

حق أم مصدر إزعاج؟... عريضة لحظر الاستلقاء على مقعد الطائرة

«لا ترجع إلى الخلف عندما تسافر بالطائرة» عنوان حملة ساخرة أطلقتها شركة الأثاث «ليزي بوي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق افتتاح تلفريك جديد في جبال الألب (إ.ب.أ)

سويسرا تفتتح أشد عربات التلفريك انحداراً في العالم

افتُتح تلفريك جديد مذهل في جبال الألب البرنية السويسرية. ينقل تلفريك «شيلثورن» الركاب إلى مطعم دوار على قمة الجبل اشتهر في فيلم جيمس بوند.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق سياح يتجولون في أحد شوارع طوكيو (إ.ب.أ)

33 مليون زائر هذا العام... وجهة شهيرة تحطم رقماً قياسياً في عدد السياح

يسافر الزوار من كل حدب وصوب إلى اليابان، مما أدى إلى تحطيم البلاد لرقم قياسي جديد في قطاع السياحة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».