من «سيول» إلى «كان»... شبح حروب العملات وملامح انهيار الاقتصادات

الاتفاق على استراتيجية عالمية للتنمية وفرص العمل وتحديد أنظمة أسعار الصرف

قمة العشرين المنعقدة في سيول 2010
قمة العشرين المنعقدة في سيول 2010
TT

من «سيول» إلى «كان»... شبح حروب العملات وملامح انهيار الاقتصادات

قمة العشرين المنعقدة في سيول 2010
قمة العشرين المنعقدة في سيول 2010

من عاصمة كوريا الجنوبية سيول وحتى كان الفرنسية لا حديث يعلو حينها على ملامح انهيارات النواتج المحلية لبعض اقتصادات الدول الأوروبية، تزامنت مع بروز شبح حروب العملات التي جاءت في وقت شكلت فيه العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) كذلك أزمة بين الأعضاء.
وخرج قادة دول مجموعة العشرين في ختام «قمة سيول» المنعقدة عام 2010 بالامتناع عن اللجوء إلى سياسات تخفيض أسعار عملات دولهم لدوافع تنافسية، محذرين من تطبيق سياسات اقتصادية غير منسقة بين الأعضاء. وقال البيان النهائي للقمة، إن ذلك «لا يمكن إلا أن يزيد الوضع سوءاً بالنسبة للجميع».
وأكد زعماء «العشرين» في نهاية القمة عن توجيههم وزراء مالية بلدانهم بوضع إجراءات إرشادية لكشف الاختلالات الكبيرة في الموازين التجارية والتي تهدد استقرار الاقتصاد العالمي. متعهدين بالمضي قدماً نحو توفير أنظمة لأسعار الصرف تحددها قوى السوق وبتعزيز مرونة العملات بما يعكس العوامل الاقتصادية الأساسية.
ووفق البيان الختامي للقمة، فإن الاقتصادات المتقدمة ستوفر الحماية من التقلبات في أسعار الصرف؛ الأمر الذي سيساعد في تخفيف مخاطر التقلبات الكبيرة في تدفقات رأس المال التي تواجه بعض الاقتصادات الناشئة.
وتابع البيان، إن «على الاقتصادات المتطورة، بما فيها تلك التي تملك احتياطات نقدية، أن تلتزم التيقظ حيال تقلبات مفرطة وغير مضبوطة لأسعار صرف عملاتها»، في وقت يخيم توتر شديد بشأن هذا الملف حينها، لا سيما بين الصين والولايات المتحدة.
ودعا البيان الختامي الدول المتطورة والصاعدة إلى «ضمان الانتعاش الاقتصادي الجاري حالياً، ونمو مستدام واستقرار الأسواق المالية، ولا سيما من خلال التوجه إلى اعتماد أنظمة أسعار صرف يكون للأسواق دور أكبر في تحديدها، وبتعزيز مرونة أسعار الصرف حتى تعكس الأسس الاقتصادية والامتناع عن تخفيض أسعار العملات لدوافع تنافسية».
ومن الشرق الآسيوي إلى الغرب الأوروبي، في عام 2011 عندما كانت فرنسا ترأس مجموعة العشرين في مدينة كان الفرنسية، حيث كان في انتظارهم أزمة أخرى عنوانها أزمة العملة الأوروبية الموحدة (اليورو)، ومخاطر انهيار اقتصاد عضوين في الاتحاد هما اليونان وإيطاليا.
ويذكر البيان النهائي لأعمال القمة، أن النمو الاقتصادي، خصوصاً في الدول النامية معطل، والبطالة ضربت أرقاماً عالية جداً، في حين استمر التوتر في الأسواق المالية بسبب المخاوف مما يحصل على المستوى الأوروبي بالتزامن مع تحولات حادة في أسعار المواد الأولية وتعميق الهوة بين العالمين الصناعي والنامي.
وأكد البيان الختامي على حاجة الدول النامية إلى إجراءات واضحة لتصحيح الحوكمة الاقتصادية والمالية في فضاء اليورو و«تنظيف» المالية العامة وإعادة التوازن إليها، والتغلب على أزمة الديون العامة وتعزيز أوضاع البنوك الأوروبية.
لكن الأهم بالنسبة للقمة جاء الاتفاق على «استراتيجية عالمية للتنمية ولفرص العمل» التي تتضمن جملة من القرارات، ومنها إصلاح الهياكل البنيوية لتعزيز الإنتاجية واعتماد سياسات مالية تساهم في استقرار الأسعار والتركيز على البعد الاجتماعي للعولمة. وبخصوص النقطة الأخيرة، فقد قرر المجتمعون إنشاء مجموعة عمل تخصص لتهتم بشكل رئيسي بتوفير فرص العمل للشباب.
وشدد البيان على أهمية السير نحو نظام نقدي عالمي أكثر استقراراً وقدرة على مواجهة الصعوبات عبر إصلاحه وإدخال مجموعة من المعايير التي من شأنها أن تعكس بأمانة الأوضاع الاقتصادية الخاصة بكل عملة.
وتوافق المجتمعون على الحاجة إلى التخلي عن السياسات الحمائية وتعزيز النظام التجاري متعدد الأطراف ومواجهة تحديات التنمية والأزمات الإنسانية، خصوصاً في البلدان الأكثر هشاشة «وقتها» في القرن الأفريقي من خلال توفير المساعدات الطارئة والتركيز الاستثمار في الزراعة من أجل الأمن الغذائي ومساعدة البلدان المحتاجة إلى تطوير بناها التحية الضرورية من أجل مواجهة تحدياتها الخاصة والالتزام بتنفيذ التعهدات التي قامت بها الدول الغنية في إطار «الألفية من أجل التنمية». أخيراً، كرّس البيان فقرة واحدة من أجل محاربة الفساد نصت على الحاجة إلى إيجاد إطار عالمي لمحاربة آفة الفساد، وقد ربط ذلك بإصلاح نظام الحوكمة العالمية للقرن الحادي والعشرين.



محضر «الفيدرالي»: المسؤولون يرون مخاطر تضخمية جديدة من جراء سياسات ترمب

مبنى مجلس الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (أ.ب)
مبنى مجلس الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (أ.ب)
TT

محضر «الفيدرالي»: المسؤولون يرون مخاطر تضخمية جديدة من جراء سياسات ترمب

مبنى مجلس الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (أ.ب)
مبنى مجلس الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (أ.ب)

أعرب مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في اجتماعهم في ديسمبر (كانون الأول) عن قلقهم بشأن التضخم والتأثير الذي قد تخلفه سياسات الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مشيرين إلى أنهم سيتحركون ببطء أكبر بشأن خفض أسعار الفائدة بسبب حالة عدم اليقين، بحسب محضر الاجتماع الذي صدر يوم الأربعاء.

ولم يذكر ملخص الاجتماع ترمب بالاسم، بل تضمن على الأقل أربع إشارات إلى التأثير الذي قد تخلفه التغييرات في سياسة الهجرة والتجارة على الاقتصاد الأميركي.

ومنذ فوز ترمب في الانتخابات في نوفمبر (تشرين الثاني)، أشار إلى خطط لفرض تعريفات جمركية عقابية صارمة على الصين والمكسيك وكندا، فضلاً عن شركاء تجاريين آخرين للولايات المتحدة. وبالإضافة إلى ذلك، يعتزم مواصلة المزيد من إلغاء القيود التنظيمية والترحيل الجماعي.

ومع ذلك، فإن مدى ما ستكون عليه تصرفات ترمب، وعلى وجه التحديد كيف سيتم توجيهها، يخلق نطاقاً من الغموض حول ما هو قادم، وهو ما قال أعضاء لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية إنه يتطلب الحذر.

وقال المحضر: «لقد حكم جميع المشاركين تقريباً بأن المخاطر الصعودية لتوقعات التضخم قد زادت. كأسباب لهذا الحكم، استشهد المشاركون بقراءات أقوى من المتوقع مؤخراً للتضخم والآثار المحتملة للتغييرات المحتملة في سياسة التجارة والهجرة».

صوّت أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة على خفض سعر الاقتراض القياسي للبنك المركزي إلى نطاق مستهدف يتراوح بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة. ومع ذلك، فقد خفضوا أيضاً توقعاتهم بشأن التخفيضات المتوقعة في عام 2025 إلى اثنين من أربعة في التقدير السابق في اجتماع سبتمبر (أيلول)، على افتراض زيادات ربع نقطة.

خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة بنقطة كاملة منذ سبتمبر، وتشير أسعار السوق الحالية إلى تحرك واحد أو اثنين فقط إلى الأسفل هذا العام.

وأشار المحضر إلى أن وتيرة التخفيضات المقبلة من المرجح أن تكون أبطأ بالفعل.

وجاء في الوثيقة: «في مناقشة آفاق السياسة النقدية، أشار المشاركون إلى أن اللجنة كانت بالقرب من النقطة التي سيكون من المناسب عندها إبطاء وتيرة تخفيف السياسة».

وعلاوة على ذلك، اتفق الأعضاء على أن «سعر السياسة أصبح الآن أقرب بكثير إلى قيمته المحايدة مقارنة بما كان عليه عندما بدأت اللجنة تخفيف السياسة في سبتمبر. بالإضافة إلى ذلك، اقترح العديد من المشاركين أن مجموعة متنوعة من العوامل تؤكد الحاجة إلى اتباع نهج حذر في اتخاذ القرارات المتعلقة بالسياسة النقدية خلال الأرباع القادمة».

وتشمل هذه الظروف قراءات التضخم التي تظل أعلى من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي السنوي البالغ 2 في المائة، ووتيرة قوية للإنفاق الاستهلاكي، وسوق عمل مستقرة، ونشاطاً اقتصادياً قوياً، حيث كان الناتج المحلي الإجمالي ينمو بمعدل أعلى من الاتجاه حتى عام 2024.

وذكر المحضر أن «أغلبية كبيرة من المشاركين لاحظوا أنه في المرحلة الحالية، مع موقفها الذي لا يزال مقيداً بشكل كبير، كانت اللجنة في وضع جيد يسمح لها بتخصيص الوقت لتقييم التوقعات المتطورة للنشاط الاقتصادي والتضخم، بما في ذلك استجابات الاقتصاد للإجراءات السياسية السابقة للجنة».

وشدد المسؤولون على أن التحركات السياسية المستقبلية ستعتمد على كيفية تطور البيانات وليست على جدول زمني محدد.

وأظهر مقياس بنك الاحتياطي الفيدرالي المفضل أن التضخم الأساسي بلغ معدل 2.4 في المائة في نوفمبر، و2.8 في المائة عند تضمين أسعار الغذاء والطاقة، مقارنة بالعام السابق. ويستهدف بنك الاحتياطي الفيدرالي التضخم عند 2 في المائة.

في الوثائق التي تم توزيعها في الاجتماع، أشار معظم المسؤولين إلى أنه في حين يرون أن التضخم يتجه نحو الانخفاض إلى 2 في المائة، فإنهم لا يتوقعون حدوث ذلك حتى عام 2027 ويتوقعون أن المخاطر القريبة الأجل هي في الاتجاه الصعودي.

في مؤتمره الصحافي الذي أعقب قرار سعر الفائدة في 18 ديسمبر، شبّه الرئيس جيروم باول الموقف بـ«القيادة في ليلة ضبابية أو الدخول إلى غرفة مظلمة مليئة بالأثاث. عليك فقط أن تبطئ».

يعكس هذا البيان عقلية المشاركين في الاجتماع، الذين لاحظ العديد منهم أن «الدرجة العالية الحالية من عدم اليقين تجعل من المناسب للجنة أن تتخذ نهجاً تدريجياً مع تحركها نحو موقف سياسي محايد»، وفقاً للمحضر.

أظهر «الرسم البياني النقطي» لتوقعات الأعضاء الفرديين خفض أسعار الفائدة مرتين أخريين في عام 2026 وربما مرة أو مرتين أخريين بعد ذلك، مما يؤدي في النهاية إلى خفض سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية في الأمد البعيد إلى 3 في المائة.