«إم بي سي»: استوديو في الرياض ينضم لـ«صباح الخير يا عرب»

خليل الفهد وغادة موصلي في «صباح الخير يا عرب» (الشرق الأوسط)
خليل الفهد وغادة موصلي في «صباح الخير يا عرب» (الشرق الأوسط)
TT

«إم بي سي»: استوديو في الرياض ينضم لـ«صباح الخير يا عرب»

خليل الفهد وغادة موصلي في «صباح الخير يا عرب» (الشرق الأوسط)
خليل الفهد وغادة موصلي في «صباح الخير يا عرب» (الشرق الأوسط)

قالت مجموعة «إم بي سي» الإعلامية إنّ برنامج «صباح الخير يا عرب» انطلق بصيغة مختلفة عبر إطلالة مغايرة وحلّة متجددة، واستوديو مجهز بأفضل الإمكانات والتجهيزات من العاصمة السعودية الرياض لينضمّ إلى استوديو دبي الذي يبث البرنامج صباح كل يوم في قناة «إم بي سي 1».
وأوضحت «إم بي سي» أنّه على امتداد ساعتين يومياً، من الأحد إلى الخميس يتناوب مقدمو البرنامج الخمسة على التقديم وهم: هاني الحامد، وسارة مراد وهدى الخريف من دبي، وغادة مصلي وخليل الفهد من الرياض، فضلاً عن مقدمي الفقرات الثابتة الأسبوعية ومنهم الشيف هلا عياش (المطبخ)، وهند بو مشمر، ولين أبو شعر، ودانا أبو لبن، وديانا نعمة، ورأفت درزي، وهيا ياسمين ناصر، وميمي رعد. وقال مقدم البرنامج هاني الحامد إنّ «البرنامج شهد أخيراً تغييرات كثيرة جعلته أكثر مرونة وحيوية، وحاولنا عدم الوقوع في الروتين الذي يشعر المشاهد بالملل»، مشيراً إلى أنّ «الحلقات صارت نوافذها أشمل، وباتت تتناول موضوعات تهمّ مختلف الأجيال والفئات». ويعتبر أنّ «هدفنا الأساسي أن نكون أقرب إلى المشاهدين من خلال قالب رشيق، يتضمن باقة من الموضوعات التي تهمّ المشاهد، ولا نغفل أنّنا في صدد تقديم برنامج صباحي، لذلك لا بد أن مواضيعنا منوعة وتقدم بالتالي بأسلوب سلس يصل للمشاهدين بعفوية».
وعن الفئة المستهدفة من البرنامج قال الحامد: «إنّنا نعمل لمواكبة المشاهد في السعودية، وخطابنا موجه للأسرة عموماً، وموضوعاتنا تهم المرأة والرجل».
وقالت المجموعة الإعلامية إنّ أكاديمية «إم بي سي» أطلقت مسابقة أداء لاختيار 4 سعوديين وسعوديات من مختلف الأعمار لبطولة فيلم سينمائي عالمي من المزمع أن تبدأ «إم بي سي» استوديو بإنتاجه خلال السنة المقبلة. وأوضحت جنى يماني، الرئيسة التنفيذية لأكاديمية ومواهب «إم بي سي» في مجموعة «إم بي سي»، أنّ هذه المبادرة التي أطلقتها الأكاديمية لا تقتصر فقط على إيجاد واستقطاب المواهب السعودية واختبارها ضمن تجارب أداء لمنحها أدواراً رئيسية في الفيلم العالمي المزمع إنتاجه، بل تتعدّى ذلك إلى تدريب تلك المواهب على كيفية التقدّم إلى مسابقات تجارب الأداء، وتزويدهم بالتقنيات اللازمة لإبراز طاقاتهم وقدراتهم التمثيلية وفق أحدث المعايير العالمية المتبعة في هذا النوع من الفرص التي تجريها كبرى استوديوهات الإنتاج في هوليوود والعالم. وفي أداء المتقدمين إلى الاختبارات ومستوياتهم، قالت يماني: «أشادت لجنة التحكيم الخاصة المشرفة على تلك التجارب بمستوى الأداء العالي الذي أظهرته مجموعة جيدة من المتقدمين، ولمسنا بِدَورنا، مقدار الإمكانيات الهائلة التي يختزنها المتقدّمون من الشّبان والشّابات، لذا لن نبخل عليهم بتقديم كل ما يلزم من أجل إعدادهم ورفع إمكاناتهم وتحفيزهم للتفوق وإثبات أنفسهم في هذا القطاع الحيوي، والوصول إلى العالمية التي يستحقونها، ونسعى معهم لبلوغها». وكانت تجارب الأداء لاختبار أربعة أدوار رئيسية لبطولة الفيلم العالمي المرتقب قد أجريت تحت إشراف لجنة متخصّصة من المحترفين في صناعة المحتوى السينمائي، تعاونت معها أكاديمية «إم بي سي».
ودرست اللجنة طلبات أكثر من 800 متقدم ومتقدمة وفق الشّروط الموضوعة بهدف اختيار أنسبهم لتجارب الأداء. وبعد الفرز والتّدقيق، أجرت اللجنة أكثر من 150 تجربة أداء للأدوار الأربعة المطلوبة، منها نحو 50 تجربة أداء للأدوار النسائية، و100 للأدوار الرجالية، وذلك حسبما تقتضيه الأدوار الرئيسية في الفيلم الذي سيبدأ تصويره قريباً في السعودية، حيث من المزمع أن تعكس المشاهد الخارجية جمال طبيعة المملكة وتنقلها للعالم.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)