«بيروت 6:07»... سلسلة أفلام قصيرة تكرم ضحايا انفجار المرفأ

تنقل وقائع وأحداث استوحيت من قصص حقيقية

بادرة «بيروت 6:07» تتضمن 15 فيلماً قصيراً استوحيت من قصص حقيقية
بادرة «بيروت 6:07» تتضمن 15 فيلماً قصيراً استوحيت من قصص حقيقية
TT

«بيروت 6:07»... سلسلة أفلام قصيرة تكرم ضحايا انفجار المرفأ

بادرة «بيروت 6:07» تتضمن 15 فيلماً قصيراً استوحيت من قصص حقيقية
بادرة «بيروت 6:07» تتضمن 15 فيلماً قصيراً استوحيت من قصص حقيقية

ترك انفجار بيروت أثره الكبير على اللبنانيين من دون استثناء. وهم لا يزالون يتذكرونه حتى اليوم رغم مرور أكثر من 100 يوم عليه. فالكارثة التي تسبب بها هذا الانفجار الذي يُعد ثالث أكبر انفجار في العالم، نتج عنه آلاف القصص والحكايات التي يمكنها أن تتحول إلى مجلدات ومسلسلات أو أفلام سينمائية.
وانطلاقا من فكرة تكريم ضحايا الانفجار، وكل من ساهم في إنقاذ المصابين، إضافة إلى تحيات ولفتات تخص أطفال وصيادي سمك وأمهات وفوج إطفاء بيروت وغيرهم، عمدت شركتا «مجموعة أي ماجيك» و«بيغ بيكتشير ستوديوز» إلى إطلاق مبادرة بعنوان «بيروت 6:07». ورغبة منها في مساندة هذه المبادرة، وضعت قناة «إم بي سي» ومنصة «شاهد» الإلكترونية التابعة لها إمكانيتها في مجال العرض، تحت تصرف الشركتين.
وتتألف هذه المبادرة من 15 فيلماً قصيراً لكل منها عنوانه وقصته وأبطاله ومخرجه. وكل فيلم منها يروي حكاية ضحية أو ناج وشاهد حي. قدمت بأسلوب منفذها الذي اختارها بناء على مدى تفاعله مع هذه القصة أو تلك، وليس على أساس شهرة واسعة حققتها. 15 مخرجاً لبنانياً وضعوا جميع إمكانياتهم الإبداعية في خدمة رسالة إنسانية أرادوها تخليدا لذكرى أبطال أفلامهم. فشدوا أحزمتهم وحملوا كاميراتهم وانتقلوا إلى مكان الانفجار مرة وإلى شوارع تزلزلت بفعل الحادثة مرة أخرى. فبنوا أحداث أعمالهم من رحم واقع مؤلم وموجع واسترجعوا معها لحظات ما بعد الكارثة، وما خلفته من آثار معنوية ونفسية على أصحابها.
وتحت عناوين مختلفة «175» و«عماد» و«تروبيل» و«ميرا» و«لا يموت» و«يوم عادي» و«عازفة البيانو» و«بترون» و«أجمل يوم في حياتي» وغيرها، نقل فريق العمل من مخرجين وممثلين ومنتجين قصصا حقيقية عن الانفجار. فاستنبطوا حواراتها من الناجين أنفسهم ومن أهالي الضحايا.
ومن المخرجين المشاركين في هذه الأفلام إميل سليلاتي ومازن فياض وإنعام العطار وكريم الرحباني ووسيم سكر وكارولين لبكي وكارل حديفي وغيرهم. ولم تتوان مجموعة من نجوم الشاشة اللبنانية أمثال ريتا حايك وكارول عبود ورودريغ سليمان وفادي أبو سمرا عن المشاركة في هذه الأعمال، مندفعين وراء ضرورة إنجاز هذه اللفتة وإنجاحها.
بدأ تنفيذ الفكرة في منتصف سبتمبر (أيلول) الفائت، أي بعد مضي أيام قليلة على الكارثة. وتقول هبة محمود مسؤولة عن عملية الإبداع الإنتاجي، إن هدف الفكرة هو تكريم ضحايا الانفجار، وكذلك تحميل اللبناني مسؤولية مساعدة بلده وأهله. «لا نستطيع أن ندير ظهرنا لأهلنا ووطنا ونغادر غير آبهين. هناك مسؤولية علينا تحملها، وهذا الأمر لمسناه عن قرب بعد التفاعل الكبير الذي أبداه كل من فريق العمل والفنانين الذين شاركوا في ولادته وتنفيذه وتجسيد شخصياته. حتى أهالي الضحايا أنفسهم أبدوا تجاوبا كبيرا معنا وأفادونا بكل تفصيل، إيمانا منهم بضرورة تكريم ضحاياهم وحفظ ذكرى بطولاتهم. لا نزال حتى اليوم نتلقى اتصالات من أهالٍ يعتبون علينا لعدم ذكر أحبائهم في هذه الأفلام، مطالبين بتنفيذ سلسلة أخرى تحكي عنهم، فتكون بمثابة تعزية لهم». وتتابع: «ليس لدينا الإمكانيات المادية والميزانيات المطلوبة لتنفيذ عدد أكبر من الأفلام، سيما أننا لم نتلق دعما في هذا الشأن من أي جهات تذكر».
وتضيف هبة محمود في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «قريبا سيخرج إلى الضوء كواليس صناعة هذه الأفلام وسيتابع مشاهدها ودائما عبر منصة «شاهد في أي بي» لحظات مؤثرة عاشها فريق العمل كما الناجين وأهالي الضحايا والمفقودين».
وتشير هبة محمود إلى أن الوقت الذي يتراوح ما بين 6 و7 دقائق لكل فيلم، حدد على هذا النحو لينسجم مع توقيت الانفجار الذي حدث في السادسة وسبع دقائق مساء.
يتلون بعض هذه الأفلام بمشاهد حقيقية استعان بها فريق الإنتاج لتوثيق اللحظة.
أحد أفلام المبادرة «175» كان قد لاقى تعليقات وانتقادات كثيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لأنه يعيد لحظات انفجار المرفأ، وتدخل فوج إطفاء بيروت ضمن قصة مختلفة. وهو يبدأ بتحية مكتوبة تفيد أن الفيلم مهدى إلى أرواح سحر فارس ونجيب حتى ورالف ملاح وشربل كرم وغيرهم من فوج إطفاء بيروت الكرنتينا. فيظهرهم وكأنهم نجحوا في عملية إطفاء الانفجار، وعادوا إلى منازلهم سالمين. وتوضح هبة محمود: «وصلتنا أصداء متناقضة عن فيلم «175» وهو من إخراج كارولين لبكي. فالفكرة اقترحناها على أهالي الضحايا قبل تنفيذها، وكانوا سعيدين بها، لأنها دغدغت آمالهم وتوجت أبناءهم الضحايا أبطالا حقيقيين. فيما رأى آخرون أنه كان يجدر بنا تصوير فيلم وثائقي ليبقى ذكرى حقيقية عنهم. فالآراء تختلف، ولكننا رغبنا في قلب الأحداث ووضعها ضمن سياق مختلف، آخذين بعين الاعتبار تمنيات ذويهم».
ومن الأفلام التي تترك أثرها الكبير عند مشاهدها «عازفة البيانو» المهدى إلى مي ملكي. هي سيدة متقدمة في العمر انتشرت صورتها على وسائل التواصل الاجتماعي ومحطات تلفزة عالمية، وهي تعزف على البيانو في منزلها المحطم بفعل الانفجار. ويبين مخرج العمل إميل سليلاتي مدى تعلق مي ملكي بالأمل وتشبثها بالحياة، رغم جروح أصابتها في وجهها. أما فيلم «عباس وفاضل» لمازن فياض، فيروي قصة أب وابنه، تسبب انفجار بيروت في تقوية علاقتهما وتصويبها، بعدما استطاع الابن إنقاذ والده بين ركام الانفجار، إثر تسلله إلى المرفأ خلف سيارة إسعاف خلسة ليلة الحدث.
وفي فيلم «تروبيل» وهي كلمة يستخدمها صيادو السمك للدلالة على أصبع الديناميت الذي يستخدمونه في عملية الصيد. نتابع شريط حياة الصياد يوسف الذي لم يستطع أن ينقذه حدسه من الموت، فأنتشل جثة هامدة من سيارته الغارقة في البحر بعد 9 أيام على فقدانه. أجواء من الغرابة والسوريالية تهيمن على أفلام أخرى غامزة من قناة العبثية التي سادت بعض قصص الانفجار. فنرى في «ستارداست» إضافة إلى تصاميم غرافيكية تأخذنا إلى عالم خيالي، من خلال أب يتفجر غضباً بعد أن خسر ابنته. وفي «Undead» يأخذ الصوت مساحة أكبر من الصورة للحديث عن أشخاص لم يُعثر عليهم بعد. وضمن فكرة فلسفية عميقة تتناول المفقودين في الانفجار، نستمع إلى أصوات هؤلاء كيف يحلقون بين الحياة والموت، مجهولي المصير.
نحو 120 دقيقة من الوقت تقطع الأنفاس يمضيها مشاهد سلسلة أفلام «بيروت 6:07». فيستمتع بمتابعة كاميرا غنية ومتطورة ومشبعة بالحرفية، ويخيل له رغم قصر مدة هذه العروض، أنه تابع أفلاماً روائية طويلة تعكس وقائع كارثة شغلت العالم.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».