القنبلة مرّت عبر «بيتزا هت».. هكذا خطط دبلوماسي إيراني لتفجير تجمع للمعارضة في باريس

تجمع لرموز المعارضة الإيرانية في باريس (التايمز البريطانية)
تجمع لرموز المعارضة الإيرانية في باريس (التايمز البريطانية)
TT

القنبلة مرّت عبر «بيتزا هت».. هكذا خطط دبلوماسي إيراني لتفجير تجمع للمعارضة في باريس

تجمع لرموز المعارضة الإيرانية في باريس (التايمز البريطانية)
تجمع لرموز المعارضة الإيرانية في باريس (التايمز البريطانية)

بدت هيئة أمير السعدوني، 40 عاما، وزوجته نسيمة نعمي، 36 عاما، وهما من أصل إيراني، خلال تجولهما، العام قبل الماضي، في أحد المولات التجارية بمدينة لوكمبورغ القديمة، كأي زوجين يتسوقان، كحال آلاف غيرهم من رواد المكان.
غير أن التحاق دبلوماسي إيراني يُدعى أسد الله أسدي (48 عاما)، بالزوجين بعدما دخلا أحد فروع سلسلة المطاعم الشهيرة «بيتزا هت»، أثار الشكوك حول طبيعة هذا اللقاء الذي كانت تراقبه أفراد الشرطة بلباس مدنية منذ خروجهما من المنزل، والتي تحققت من الدوافع الخفية وراء هذا اللقاء، بحسب ما نقلته صحيفة «التايمز» البريطانية.
وبحسب رواية الشرطة، فقد سلم الدبلوماسي الإيراني الذي كان عضوا في المخابرات الإيرانية، طردا صغيرا احتوى على قنبلة لزوجة السعدوني، التي وضعتها في حقيبة يدها، قبل أن يعودا سريعا إلى سيارتهما المرسيدس الرمادية المتوقفة في مكان قريب.
وتوصلت أجهزة التحقيق إلى أن الدافع وراء هذا اللقاء الثلاثي هو التخطيط لتنفيذ عملية إرهابية في تجمع لرموز المعارضة الإيرانية في باريس انعقد في 30 من يونيو (حزيران) العام قبل الماضي، بحضور المئات من الشخصيات الدولية وعشرات الآلاف من الإيرانيين.
كانت مريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية «مجاهدي خلق»، المنظمة المعارضة للنظام الإيراني، هي الوجه الأبرز الذي يريد الدبلوماسي الإيراني التخلص منها من وراء تنفيذ هذه العملية، في ضوء نشاطها بدول الغرب لكشف انتهاكات النظام الحالي.
ويمثل المشتبه بهم الـ3 مع رجل رابع، الأسبوع المقبل، أمام المحكمة في مدينة أنتويرب البلجيكية، حيث يعيش الزوجان، بتهمة ارتكاب جرائم إرهابية، بعد تحقيق دام عامين كاملين، بينما أكد المحققون البلجيكيون أن تصرفات الـ3 متهمين تمت الموافقة عليها من جانب سلطة عليا في طهران، مما يجعل إدانتهم المحتملة مصدر إحراج للنظام الإيراني.
وخدم أسدي، وهو مستشار ثالث في سفارة إيران في فيينا، كضابط في وزارة المخابرات والأمن التابعة لها مديرية الأمن الداخلي، التي يعتبرها الاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، بينما بدأت صلته بالسعدوني، لأول مرة، عام 2012 باتصال تليفوني قدم خلاله الدبلوماسي الإيراني نفسه باسم دانيال، وطلب منه مساعدته في الوصول لمعلومات حول طبيعة مهام منظمة مجاهدي خلق المعارضة، قبل أن تتوطد صلاتهما في السنوات اللاحقة.
وكشفت رسالة لجاك رايس، رئيس جهاز أمن الدولة البلجيكي، إلى المدعي العام الفيدرالي، في رسالة إلى المدعي الفيدرالي، التفاصيل غير العادية للكيفية التي تمت بها عملية التخطيط لهذا الهجوم الإرهابي الذي استهدف رموز المعارضة الإيرانية.
وتشمل هذه الوقائع قيام الأسدي، الذي عمل سابقا في العراق، وكان على دراية بالمتفجرات، بعدة رحلات من النمسا إلى إيران خلال الأشهر الأولى من عام 2018 للتخطيط للعملية، بعدما نجح في تجنيد السعدوني وزوجته لمهمة زرع القنبلة في تجمع المعارضة بباريس.
كما عقد الرجلان عدة اجتماعات أخرى في مدن أوروبية كسالزبورغ وفيينا وميلانو والبندقية ولوكسمبورغ، حيث دفع الأسدي مبالغ متفاوتة لسعدوني – تراوحت بين 3500 يورو و4000 يورو؛ حسب نوع المعلومات التي قدمها الأخير للأسدي.



قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
TT

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و«ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.

ودعا سلامي إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة إلى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة؛ لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».

وصرح سلامي في مراسم تقديم جائزة قاسم سليماني: «لم نذهب لضم جزء من أراضي سوريا إلى أراضينا، ولم نذهب لنجعلها ميداناً لتحقيق مصالحنا الطموحة».

وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية التي طالت مواقع الجيش السوري في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقال: «حين سقط النظام السوري، رأينا ما يحدث من أحداث مؤسفة. الصهاينة أصبحوا قادرين على رؤية ما بداخل بيوت أهل دمشق من دون الحاجة إلى أسلحة؛ وهذا أمر لا يمكن تحمله».

وقال: «الآن ندرك أنه إذا لم يصمد الجيش ولم تقاوم القوات المسلحة، فإن البلاد بأكملها قد تُحتل في لحظة»، وأعرب عن اعتقاده بأن «الناس في دمشق يفهمون قيمة رجال المقاومة، ويدركون كم هم أعزاء عندما يكونون موجودين، وكيف ستكون الكارثة إذا غابوا».

وأشار سلامي إلى تصريحات المرشد علي خامنئي بشأن سوريا قبل أيام، وقال: «كما قال قائدنا، فإن سوريا ستحرر على يد شبابها الأبطال، وستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً، وستدفن في هذه الأرض».

ورأى أن هذا الأمر «يتطلب وقتاً وصموداً عظيماً وعزماً راسخاً وإيماناً جميلاً»، عاداً ذلك من صفات من وصفهم بـ«الشباب المجاهدين في العالم الإسلامي».

وقال سلامي: «نحن ندافع بحزم عن أمننا واستقلالنا ونظامنا ومصالحنا وتاريخنا وديننا. هذه الأرض ليست أرضاً يمكن للغرباء أن ينظروا إليها بنظرة غير لائقة».

وتحدث سلامي الأسبوع الماضي مرتين إلى نواب البرلمان وقادة قواته. وكان أول ظهور لسلامي الثلاثاء أمام المشرعين الإيرانيين في جلسة مغلقة، لم يحضرها إسماعيل قاآني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، ونقل نواب إيرانيون قوله إن إيران «لم تضعف» إقليمياً.

أما الخميس، فقد تحدث سلامي أمام مجموعة من قادة قواته، وقال: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وتباينت رواية سلامي مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي تحدث بدوره الخميس، عن «الاختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، رغم أنه توقع أن يتمكن «حزب الله» من التكيف مع الظروف الجديدة.

جاءت تصريحات سلامي، الأحد، في وقت ركزت وسائل إعلام «الحرس الثوري» على حملتها في تبرير الوجود الإيراني خلال الحرب الداخلية السورية، وكذلك سقوط نظام بشار الأسد وتداعياته على إيران وأذرعها الإقليمية.

بعد صمت دام أكثر من 48 ساعة من قبل الإعلام الإيراني إزاء الاحتفالات التي عمت سوريا، وخصوصاً دمشق، بسقوط النظام، كما لم تنشر أي من الصحف الإيرانية صوراً على صفحاتها الأولى من الاحتفالات، أبرزت عدد من الصحف في المقابل آثار القصف الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية، وصوراً من كبار المسؤولين في تركيا، والمعارضة السورية.

على المستوى الرسمي ألقت إيران منذ أولى لحظات سقوط الأسد، اللوم على الجيش السوري، وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سقوط حليفها.

قاآني خلال تشييع الجنرال عباس نيلفروشان في طهران 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

خالي الوفاض

قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الملف العسكري في لجنة الأمن القومي، إن «بشار الأسد كان خالي الوفاض ولم يتمكن من كسب رضا الجيش».

وصرح كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، بأن بشار الأسد «فشل في كسب دعم الجيش بسبب افتقاره للموارد وضعف الدعم، ما أدى إلى انهيار الجيش». وأكد أن الاتصال مع إيران استمر حتى اللحظة الأخيرة، لكن بعض المحيطين بالأسد، مثل رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش، عرقلوا هذا التواصل.

وأوضح كوثري أن سوريا كانت نقطة عبور وطريقاً مهماً لدعم «حزب الله»، ولكن بعد رفض الحكومة السورية السماح بالدخول، لم تتمكن إيران من التدخل بالقوة. وأضاف أنه خلال فترة «داعش»، دخلت إيران سوريا بناءً على طلب رسمي وساهمت في القضاء على التنظيم، ما حال دون تمدده نحو الحدود الإيرانية.

وتحدث عن الوضع الحالي، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت تحت سيطرة «الكيان الصهيوني وأميركا وعملائهم». وبشأن المستقبل، توقع ظهور خلافات «بين القوى التي اجتمعت بأموال أميركية»، مما سيدفع الشعب السوري إلى إدراك الخداع والبحث عن جهات قادرة على تحقيق الأمن وتحسين الاقتصاد.

ملصقات تحمل صورة زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي خلال مجلس عزاء في السفارة الإيرانية بدمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب)

خسائر «الحرس الثوري»

في سياق متصل، قال الجنرال مهدي فرجي، الذي شارك في الحرب السورية، في حديث لوكالة «فارس»، إن إيران بدأت في إرسال القوات «الاستشارية» منذ 2011، مشدداً على ضرورة «تفسير الأوضاع التي كانت في سوريا حينذاك».

وبرر فرجي وجود إيران بظهور تنظيم «داعش» ومنع وصولها إلى حدود إيران. وأشار إلى دور مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، الذي قضى في ضربة أميركية مطلع 2020، وقال: «تنسيق الجيش السوري كان عملاً ذا قيمة كبيرة، حينها لم يكن الجيش السوري ملوثاً إلى هذا الحد، ولكن خلال هذه السنوات العشر، أصبح تأثير العدو على الجيش السوري كاملاً».

كما أشار فرجي إلى الدعم الذي قدمه الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى طهران، في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات قرن الماضي. وقال: «لقد أرسلت ذخائر بناء على أمر حافظ الأسد»، ونقل عن بشار الأسد قوله: «حافظ الأسد أوصى ابنه بشار قائلاً: طالما أنكم مع إيران، فأنتم موجودون».

وقال فرجي إن الشباب تحت الـ30 شكلوا 90 في المائة من القوات الإيرانية، ونحو 10 في المائة من المحاربين القدامى في حرب الثمانينات؛ في إشارة إلى قادة «الحرس».

وقال إن «الشباب شكلوا أكثر من 90 في المائة من 540 قتيلاً في الدفاع عن الأضرحة».

وهذه أول مرة قيادي من «الحرس الثوري» يشير إلى مقتل أكثر 500 إيراني في الحرب السورية. وهي نسبة أقل بكثير مما أعلنه نائب إيراني الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من ستة آلاف.

وقال النائب محمد منان رئيسي، وهو مندوب مدينة قم، إن إيران خسرت 6000 من قواتها في الحرب الداخلية السورية. وهي أعلى إحصائية يكشف عنها مسؤول إيراني لعدد قتلى القوات التي أطلق عليها مسؤولون إيرانيون اسم «المدافعين عن الأضرحة».

وتعود أعلى إحصائية إلى 2017، عندما أعلن رئيس منظمة «الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي، مقتل 2100 عنصر من القوات الإيرانية في سوريا والعراق.

ويرفض «الحرس الثوري» تقديم إحصائيات واضحة عن خسائره البشرية والمادية.