رحيل حسن المنيعي رائد النقد المسرحي في المغرب

د. حسن المنيعي
د. حسن المنيعي
TT

رحيل حسن المنيعي رائد النقد المسرحي في المغرب

د. حسن المنيعي
د. حسن المنيعي

توفي أول من أمس، في مكناس، الدكتور حسن المنيعي، أحد رموز البحث الجامعي في المجال المسرحي بالمغرب والعالم العربي، بعد صراع مع المرض، وذلك عن سن ناهز الـ79 سنة.
وأكدت ردود فعل عدد من المثقفين والفنانين المغاربة على خبر موت المنيعي قيمة الرجل العلمية وخصاله الإنسانية وإسهاماته الكبيرة على مستوى إغناء الممارسة المسرحية بشكل عام، والبحث الأكاديمي بشكل خاص.
وكتب الأديب أحمد المديني، على حسابه الرسمي بـ«فيسبوك»، في وداع الراحل: «وداعاً أستاذنا وصديقنا والرائد الكبير لجيلنا حسن المنيعي. لا أملك الكلمات لنعيك، أنت من تعلمنا منه ذلاقة اللسان، وعذوبة اللفظ، ولطف الحوار، وجمال الأدب، ورقّة الطبع، والشغف بالحياة، هي ضحكة رشيقة لا تفارقك. كلية الآداب في فاس (ظهر المهراز)، منذ ستينات القرن الماضي من اليوم، ستعلن الحداد (رغم أنف الغربان)، معها الأجيال التي علمتها وتخرجت على يديك، وهي في ربوع المغرب كله تلهج بذكرك الحسن. أما الدرس المسرحي الذي كنت معلمه طرا، فهو في يتم؛ وهل تنسى مكناس، مكناسة الزيتون، كنت كعبتها، وإليك المحج، فما الطريق إلى مكناس بعد رحيلك».
وكتب الباحث الناقد فريد الزاهي أن «الكبار يتساقطون واحداً واحداً، كأنهم يعلنون نهاية زمن بكامله»؛ فيما كتب الشاعر محمد عابد أن «المسرح المغربي في حداد»، مقدماً عزاءه «لخشبات المسارح وللدرس المسرحي الجامعي» في فقدان الناقد المسرحي حسن المنيعي؛ وكتب فؤاد بوعلي، رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية: «كأنها سنة رحيل الكبار... وتصرّ أن تجعلنا غرباء بعد أن نفقد كل معارفنا... رحمك الله سي حسن... فقدنا فيك علماً من أعلام النقد المسرحي بالمغرب».
ومن جهته، كتب الفنان المسرحي عبد الكبير الركاكنة: «غادرنا اليوم إلى دار البقاء الدكتور حسن المنيعي، عميد المسرح المغربي وأستاذ الدرس المسرحي والمهتم بقضايا التنظير والتجريب والنقد، الإنسان الطيب والمحبوب من طرف الجميع»؛ فيما كتب مسعود بوحسين، رئيس النقابة الوطنية لمهنيي الفنون الدرامية: «وداعاً با حسن. رحم الله الناقد والباحث المسرحي... مؤسس الدرس المسرحي بالمغرب الدكتور حسن المنيعي». ونعى اتحاد كتاب المغرب الراحل الذي كان قد التحق بهذه المنظمة الثقافية سنة 1968، مشيراً إلى أنه تلقى بأسى وحزن بالغيْن نبأ وفاة «عضو الاتحاد وأحد مؤسسيه ورواده، الكاتب والباحث المسرحي والناقد الأدبي الكبير والمترجم وأستاذ الأجيال وأحد أعمدة المسرح المغربي»، معتبراً رحيل المنيعي «خسارة كبرى للثقافة المغربية والعربية وللدرس المسرحي العربي»، وذلك نظراً لما قدمه لهذين المجالين من «أبحاث رائدة، ومن خدمات ثقافية وأكاديمية جليلة لا تحصى».
وذكر بيان الاتحاد أنّ الأستاذ الراحل عُرف «بشخصيته الموقرة والمحترمة، وبخفة دمه ودماثة خلقه، بمثل ما عرف بمواقفه النبيلة، وبدوره الكبير في التأسيس للدرس المسرحي بالجامعة المغربية، وأيضاً بريادته في التوجيه مسارات المسرح الجامعي والمدرسي على السواء، وبحضوره الأكاديمي الوازن، وبأبحاثه المسرحية والنقدية المتميزة، على مستوى الجامعة المغربية وخارجها»، حيث «أضحت كتبه وأبحاثه حول المسرح مرجعاً أساسياً لا مناص منه، في مجال البحث في المسرح المغربي والعربي، فضلاً عن كتاباته في مجال النقد الأدبي الحديث، بمثل ما عرف الفقيد الراحل بكونه أستاذ الأجيال ومؤلف الرجال، حيث تخرج على يديه كثير الطلبة والأساتذة والدكاترة المغاربة وغيرهم، ممن يشهد للأستاذ الراحل بأفضاله الكبيرة والنبيلة، على مستوى التوجيه والإشراف على أبحاثهم الجامعية، وقد أضحوا اليوم أسماء لامعة في مجال البحث المسرحي داخل المغرب وخارجه، بحضورهم الأكاديمي والعلمي الكبير وبأبحاثهم وكتاباتهم النقدية والتحليلية المضيئة والمؤثرة».
وأغنى المنيعي الذي ولد في مكناس سنة 1941، وأكمل مسار تعليمه الجامعي بالحصول على شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون بفرنسا سنة 1983، المكتبة المغربية بعدد كبير من المؤلفات المهمة بالنسبة لمن يبحث في الشأن المسرحي، مغربياً وعربياً وعالمياً.
ومن أهم إصدارات الراحل: «أبحاث في المسرح المغربي»، و«المسرح الحديث... إشراقات واختيارات»، و«عن المسرح المغربي... المسار والهوية»، و«حركية الفرجة... الواقع والتطلعات»، و«المسرح والارتجال»، و«المسرح المغربي... من التأسيس إلى صناعة الفرجة»، و«المسرح... مرة أخرى» و«مقاربات مسرحية».


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

عقود من الرّيادة السعودية في فصل التوائم

TT

عقود من الرّيادة السعودية في فصل التوائم

جانب من حضور الجلسات الحوارية في اليوم الأخير من «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)
جانب من حضور الجلسات الحوارية في اليوم الأخير من «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)

بينما تتواصل جلسات «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»، بالعاصمة السعودية الرياض لليوم الثاني، أظهرت ردهات المكان، والمعرض المصاحب للمؤتمر بما يحتويه، تاريخاً من الريادة السعودية في هذا المجال على مدى 3 عقود، وفقاً لردود الفعل من شخصيات حاضرة وزوّار ومهتمّين.

جانب من المعرض المصاحب لـ«المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»... (تصوير: تركي العقيلي)

 

على الجهة اليُمنى من مدخل مقر المؤتمر، يكتظ المعرض المصاحب له بالزائرين، ويعرّج تجاهه معظم الداخلين إلى المؤتمر، قُبيل توجّههم لحضور الجلسات الحوارية، وبين مَن يلتقط الصور مع بعض التوائم الموجودين ويستمع لحديثٍ مع الأطباء والطواقم الطبية، برزت كثير من المشاعر التي باح بها لـ«الشرق الأوسط» عددٌ من أشهر حالات التوائم السياميّة التي نجحت السعودية في عمليات فصلها خلال السنوات الأخيرة.

 

«أعمل في المستشفى حيث أُجريت عملية فصلنا»

السودانيتان التوأم هبة وسماح، من أوائل التوائم الذين أُجريت لهم عمليات الفصل قبل 3 عقود، وقد عبّرتا لـ«الشرق الأوسط» عن فخرهما بأنهما من أولى الحالات الذين أُجريت عملية فصلهما في السعودية.

قالت هبة عمر: «مَدّتنا عائلتنا بالقوة والعزيمة منذ إجرائنا العملية، وهذا الإنجاز الطبي العظيم ليس أمراً طارئاً على السعودية، وأرجو أن يجعل الله ذلك في ميزان حسنات قيادتها وشعبها».

 

التوأم السيامي السوداني هبة وسماح (تصوير: تركي العقيلي)

أما شقيقتها سماح عمر فتضيف فصلاً آخر من القصة :«لم نكن نعرف أننا توأم سيامي إلّا في وقت لاحق بعد تجاوزنا عمر الـ10 سنوات وبعدما رأينا عن طريق الصّدفة صورة قديمة لنا وأخبرنا والدنا، الذي كافح معنا، بذلك وعاملنا معاملة الأطفال الطبيعيين»، وتابعت: «فخورون نحن بتجربتنا، وقد واصلنا حياتنا بشكل طبيعي في السعودية، وتعلّمنا فيها حتى أنهينا الدراسة الجامعية بجامعة المجمعة، وعُدنا إلى السودان عام 2020 شوقاً إلى العائلة ولوالدتنا»، وبعد اندلاع الحرب في السودان عادت سماح إلى السعودية لتعمل في «مستشفى الملك فيصل ومركز الأبحاث»، وهو المستشفى نفسه الذي أُجريت لها ولشقيقتها فيه عملية الفصل.

ووجهت سماح عبر «الشرق الأوسط» رسالةً إلى التوائم السيامية طالبتهم فيها باستكمال حياتهم بشكل طبيعي: «اهتموا بتعليمكم وصحتكم؛ لأن التعليم على وجه الخصوص هو الذي سيقوّيكم لمواجهة صعوبة الحياة».

 

«وجدتُ العلاج في السعودية»

بوجهين تغشاهما البراءة، ويشع منهما نور الحياة، بينما لا يتوقع من يراهما أن هاتين الطفلتين قد أجرتا عملية فصل؛ إذ تظهرا بصحة جيدة جداً، تقف الباكستانيتان التوأم فاطمة ومشاعل مع أبيهما الذي يتحدث نيابةً عنهما قائلاً :«بحثت في 8 مستشفيات عن علاج للحالة النادرة لفاطمة ومشاعل، ولم أنجح في مسعاي، وعندما رفعت طلباً إلى الجهات الصحية في السعودية، جاء أمر العلاج بعد شهرين، وتوجهت إلى السعودية مع تأشيرة وتذاكر سفر بالإضافة إلى العلاج المجاني. رافقتني حينها دعوات العائلة والأصدقاء من باكستان للسعودية وقيادتها على ما قدمته لنا».

التوأم السيامي الباكستاني فاطمة ومشاعل (تصوير: تركي العقيلي)

 

«السعودية بلد الخير (...) فاطمة ومشاعل الآن بأفضل صحة، وأصبحتا تعيشان بشكل طبيعي مثل أخواتهما الثلاث الأخريات»؛ يقول الوالد الباكستاني... «أشكر القيادة السعودية والشعب السعودي الطيب والدكتور عبد الله الربيعة على الرعاية التي تلقيناها منذ كان عمر ابنتيّ عاماً واحداً في 2016».

وقبل أن تغادرا الكاميرا، فاضت مشاعر فاطمة ومشاعل بصوتٍ واحد لميكروفون «الشرق الأوسط»: «نحن فاطمة ومشاعل من باكستان، ونشكر السعودية والملك سلمان والأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، والدكتور عبد الله الربيعة».

 

عُماني فخور بالسعودية

أما محمد الجرداني، والد العُمانيتين التوأم صفا ومروة، فلم يُخفِ شعوره العارم بالفخر بما وصلت إليه السعودية من استخدام التقنيات الحديثة في المجال الطبي حتى أصبحت رائدة في هذا المجال ومجالات أخرى، مضيفاً أن «صفا ومروة وُلد معهما شقيقهما يحيى، غير أنه كان منفرداً».

الجرداني وهو يسهب في الحديث لـ«الشرق الأوسط»، وسط اختلاط المشاعر الإنسانية على وجهه، أكّد أن صحة ابنتيه اليوم «في أفضل حالٍ بعدما أُجريت لهما عملية الفصل في السعودية عام 2007، وأصبحتا تمارسان حياتهما بأفضل طريقة، ووصلتا في دراستهما إلى المرحلة الثانوية»، وأضاف: «نعزو الفضل في ذلك بعد الله إلى الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، ثم الملك سلمان، والأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، اللذين واصلا المسيرة الإنسانية للسعودية... وصولاً إلى هذا المؤتمر، وتحديد يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عامٍ (يوماً للتوائم الملتصقة)».

الجرداني أشاد بجهود الدكتور عبد الله الربيعة في قيادة الفرق الطبية المختصة، وقال إنه «مدين بالشكر والعرفان لهذا المسؤول والطبيب والإنسان الرائع».

المؤتمر الذي يُسدَل الستار على أعماله الاثنين ينتشر في مقرّه وبالمعرض المصاحب له عدد من الزوايا التي تسلّط الضوء على تاريخ عمليات فصل التوائم، والتقنيات الطبية المستخدمة فيها، بالإضافة إلى استعراضٍ للقدرات والإمكانات الطبية الحديثة المرتبطة بهذا النوع من العمليات وبأنشطة «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية».