«عاصفة السيتوكين» المناعية ليست السبب الوحيد للأعراض الخطيرة

باحثون وثقوا غيابها في معظم حالات فشل الجهاز التنفسي

«عاصفة السيتوكين» المناعية ليست السبب الوحيد للأعراض الخطيرة
TT

«عاصفة السيتوكين» المناعية ليست السبب الوحيد للأعراض الخطيرة

«عاصفة السيتوكين» المناعية ليست السبب الوحيد للأعراض الخطيرة

عادة ما تأتي نقطة التحول للأشخاص المصابين بفيروس كوفيد - 19 في الأسبوع الثاني من الأعراض، فعندما يبدأ معظم المرضى في التعافي، يجد البعض الآخر صعوبة متزايدة في التنفس، وينتهي بهم الأمر في المستشفى. وكانت أغلب الافتراضات العلمية ترى أن هؤلاء الذين تبدأ رئتهم بالفشل هم ضحايا «عاصفة السيتوكين»، وهي فرط نشاط جهاز المناعة الذي يهاجم نفسه مسبباً أعراضا خطيرة.
لكن دراسة أميركية جديدة من كلية الطب بجامعة واشنطن، ومستشفى سانت جود لأبحاث الأطفال في ممفيس بولاية تينيسي، تنفي هذا الافتراض. وتقول الدراسة، التي نشرت أول من أمس في دورية «ساينس أدفانسيس»، إن «الاستجابة المناعية الخارجة عن السيطرة ليست المشكلة الرئيسية للغالبية العظمى من مرضى كوفيد – 19 في المستشفى، حيث عانى 4 في المائة فقط من مستويات عالية جداً من الجزيئات المناعية التي تدل على ما يسمى بـ«عاصفة السيتوكين المناعية»، وكان الباقي مصاباً بالتهاب، ولكن ليس بنفس النسبة العالية مثل الأشخاص الذين لديهم مؤشرات على العاصفة المناعية، وهو ما يساعد في تفسير أسباب استفادة جزء صغير جدا من مرضى كوفيد – 19 بالأدوية المضادة للالتهابات مثل «الديكساميثازون». كما يشير ذلك أيضا إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد أسباب فشل الجهاز التنفسي في هؤلاء المرضى».
ويقول فيليب مود الباحث الرئيسي بالدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة واشنطن بالتزامن مع نشر الدراسة «واحدة من أولى الأوراق البحثية التي نُشرت عن مرضى كوفيد – 19 في الصين أفادت بوجود مستويات عالية من السيتوكينات (الجزيئات المناعية التي تدل على وجود عاصفة السيتوكين) في الأشخاص بالعناية المركزة، وأردنا في هذه الدراسة الحصول على فكرة أفضل عن الشكل الذي تبدو عليه هذه العاصفة الخلوية، لذلك بدأنا في البحث عنها في مرضانا، وفوجئنا جداً عندما لم نعثر عليها في أغلب المرضى».
ويضيف: «وجدنا أن عاصفة السيتوكينات تحدث، لكنها نسبيا نادرة، حتى في مرضى كوفيد - 19 الذين يعانون من فشل في التنفس ويحتاجون إلى جهاز التنفس الصناعي، وهذا يفسر لماذا لا تبدي العديد من العلاجات التي تقمع عاصفة السيتوكين فعالية في العلاج».
وكان فيليب مود، قد بدأ قبل وباء كورونا، في دراسة الاستجابة المناعية لعدوى الإنفلونزا، باستخدام عينات الدم التي تم الحصول عليها بموافقة من مرضى الإنفلونزا الذين يسعون للحصول على الرعاية في أقسام الطوارئ، وفي أواخر شهر مارس (آذار) الماضي، عندما بدأ المرضى في ملء أقسام الطوارئ، أدرك أنه يمكنه استخدام نفس النهج في التحقيق في كيفية انحراف الاستجابة المناعية في الحالات الشديدة من المرض. وقام مود بمساعده فريقه البحثي الباحثون بتحليل الخلايا والجزيئات المناعية في عينات دم من 168 مريضاً بكورونا و26 مريضاً بالإنفلونزا و16 شخصا سليما. وتم سحب العينات من مرضى الإنفلونزا في 2019 أو 2020. ومن مرضى كورونا كما قاموا بجمع معلومات حول حالة كل مريض - سواء انتهى الأمر بالمريض إلى العناية المركزة أو التهوية الميكانيكية - وما إذا كان قد نجا. كان عدد الخلايا الالتهابية في دم مرضى كورونا ومرضى الأنفلونزا متماثلا تقريبا، وأظهر 4 في المائة من مرضى كورونا علامات عاصفة خلوية، مع مستويات عالية للغاية من السيتوكينات حتى عند مقارنتها بالمرضى الآخرين المصابين بأمراض خطيرة، ولم يكن لدى غالبية مرضى كورونا الذين يعانون من فشل تنفسي حاد عاصفة خلوية. والمفارقة التي كشفت عنها الدراسة، هي أن نسبة كبيرة ممن لقوا حتفهم بسبب المرض، كانوا من المجموعة التي لم يحدث لديها عاصفة خلوية. ويقول مود: «هذه النتائج تفسر كيف أن بعض التجارب السريرية أظهرت استفادة مرضى كوفيد – 19 المصابين بأمراض خطيرة من أدوية الستيرويد مثل الديكساميثازون الذي يثبط الالتهاب، في حين لا يبدو الدواء مفيدا للآخرين». ويضيف: «يمكن أن يكون 4 في المائة من الأشخاص الذين يعانون من عاصفة السيتوكين هم من يستفيدون من تلك الأدوية، ولا يبدو وفق نتائجنا أن معظم المرضى يحتاجون إليها».
ومن جانبه، يرى د. سامح عبد المجيد، استشاري المناعة بجامعة المنوفية، دلتا النيل بمصر، أن هذه النتائج ستكون مفيدة في تعديل بروتوكول التعامل مع المصابين بمرض كورونا الشديد، إذ يمكن أن يتضمن فحصا للتمييز بين من يعاني من عاصفة مناعية يمكن تهدئتها بأدوية مناسبة، وأولئك الذين لا تستحق حالتهم مثل هذه المعاملة التي قد تكون ضارة وليست مفيدة».
ويقول عبد المجيد في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك جزءا لم تجب عليه الدراسة، ونتمنى أن نجد إجابة عليه في دراسات لاحقة، وهو المتعلق بالسبب الذي أدى لفشل رئة من لم يصب بالعاصفة المناعية، لأنه وفقا لما كشفت عن الدراسة قد يساعد التوصل إلى هذا السبب في تقليل عدد الوفيات».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
TT

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)

ضرب الإعصار «شيدو» صباح اليوم السبت أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي حيث أُعلنت حالة التأهب القصوى مع توقع اشتداد الرياح المصاحبة له والتي تجاوزت سرعتها 180 كيلومترا في الساعة.

وضرب الإعصار جزيرة بوتيت تير في شرق الأرخبيل حيث يخشى أن تصل سرعة الرياح «إلى 200 و230 كلم/ساعة»، بحسب آخر نشرة للأرصاد الجوية الفرنسية، متوقعة رياحا مدمرة أشد من تلك التي صاحبت الإعصار «كاميسي» عام 1984.

وتسببت الرياح بانقطاع الكهرباء مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل مصنوعة من الصفيح.

غيوم في سماء مايوت (أ.ف.ب)

وفي مدينة أوانغاني، قال رئيس البلدية يوسف أمبدي إنه يخشى «الأسوأ... لا يمكننا الخروج ولكن ما نشاهده يفوق الوصف».

ومنذ الصباح الباكر، أصدرت السلطات تحذيرا أرجوانيا وهو ما يعني لزوم جميع السكان منازلهم وعدم الخروج بما يشمل أجهزة الطوارئ والأمن وجميع عناصر الإنقاذ.

وقالت فاطمة التي تعيش في ماجيكافو-كوروبا وما زالت تذكر الإعصار الذي ضرب جزر القمر المجاورة عندما كانت طفلة «نحن خائفون جدا».

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية أمطارا شديدة الغزارة مع خطر تشكل السيول والفيضانات وارتفاع أمواج البحر التي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الساحل.

وحُظرت حركة المرور على الطرق العامة في جزيرتي غراند تير وبوتيت تير، وأغلق مطار دزاوودزي منذ مساء الجمعة.

ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية الفرنسية تحسنا في الأحوال الجوية خلال اليوم، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.