مصر: اكتشافات سقارة تعد بكنوز أثرية كبيرة (صور)

جانب من الآثار المكتشفة بمنطقة آثار سقارة في محافظة الجيزة المصرية
جانب من الآثار المكتشفة بمنطقة آثار سقارة في محافظة الجيزة المصرية
TT

مصر: اكتشافات سقارة تعد بكنوز أثرية كبيرة (صور)

جانب من الآثار المكتشفة بمنطقة آثار سقارة في محافظة الجيزة المصرية
جانب من الآثار المكتشفة بمنطقة آثار سقارة في محافظة الجيزة المصرية

بعد شهر من الإعلان عن اكتشاف 59 تابوتاً بمنطقة آثار سقارة بمحافظة الجيزة المتخمة للعاصمة المصرية القاهرة. أعلنت مصر، أمس، «اكتشاف أكثر من 100 تابوت خشبي ملون، و40 تمثالاً في المنطقة»، التي أكد أثريون أنها «ما زالت تخفي الكثير من الأسرار، وأن هذه الاكتشافات هي مقدمة لاكتشافات أخرى سيعلن عنها في السنوات المقبلة».
ضم الكشف الجديد «ما يزيد على 100 تابوت عمرها أكثر من 2500 سنة، و40 تمثالاً تعود للعصر المتأخر، بداية من الأسرة 26 وحتى الأسرة 30 ويمتد إلى العصر البطلمي»، بحسب الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار المصري.

وقال العناني خلال مؤتمر صحافي عقده أمس أمام هرم زوسر المدرج بسقارة، إن «المنطقة غنية بالآثار، وهذا الكشف ما هو إلا استكمال لاكتشافات سابقة، وبداية لاكتشافات مقبلة». ويعود تاريخ الاكتشافات الحديثة في سقارة إلى بداية عام2017 حيث تم الكشف عن مقبرة أوسرحات، وتوالت الاكتشافات الأثرية، وكان من أهمها «جبانة الحيوانات المقدسة، وورشة التحنيط، ومقبرة واح تي».
وأكد الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر: «استطعنا أن نبهر العالم على مدى أربع سنوات، وكشفنا عن هذه التوابيت، في منطقة مر عليها أكثر من 40 بعثة أجنبية»، مشيراً إلى أن «البعثة كشفت في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عن 59 تابوتاً أثرياً، وأمس كشفت عن أكثر من 100 تابوت، في ثلاثة آبار بعمق 12 متراً، بعد رفع أكثر من 9 أمتار من (الرديم)، وما زالت الأرض تخفي المزيد من الأسرار، التي سنكشف عنها في الفترة المقبلة»، متوقعاً أن «تسفر الحفائر في العام المقبل للكشف عن ورشة لتصنيع التوابيت الخشبية للمومياوات، أسوة بورشة التحنيط الخاصة بجبانة الحيوانات المقدسة التي تم الكشف عنها من قبل».

وترجع تسمية منطقة سقارة إلى إله الجبانة «سوكر»، وهي إحدى المناطق الموجودة على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو منذ العام 1979، ومن أشهر آثارها هرم زوسر المدرج أول بناء حجري في التاريخ.
وتعتبر سقارة بمثابة «أقصر الشمال»، بحسب الدكتور الحسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «سقارة هي الجبانة الشمالية الموازية لجبانة طيبة (الأقصر) في الجنوب، ولا تزال مليئة بالأسرار، باعتبارها مكان الدفن الأساسي لجبانة منف»، لافتاً أن «منف كانت عاصمة مصر لعصور طويلة، حتى عندما انتقلت عاصمة مصر إلى اللشت أو طيبة، ظلت منف العاصمة الإدارية لمصر عبر العصور، واستمرت طقوس الدفن بها في كل تلك العصور، لذلك من المتوقع الكشف عن المزيد من الآثار المبهرة في سقارة».
وعلى عكس التوابيت في الكشف السابق، ظهرت التوابيت الجديدة بألوان زاهية ونقوش مذهبة. وفسر وزيري ذلك بـ«اختلاف الطبقة الاجتماعية لأصحاب التوابيت»، مشيراً إلى أنه «خلال الحفائر تم اكتشاف تمثالين من الخشب في مقبرة بنو ميس، وهو قاض من الأسرة السادسة (4300-4400) سنة قبل الميلاد، وهما لشخص يدعى حتب كا أو المبجل لدى الملك، ومصنوعان من خشب السنط المحلي».
ووفق العناني: «من المقرر نقل التوابيت والتماثيل المكتشفة للعرض في المتحف الكبير، ومتحف الحضارة، والمتحف المصري بميدان التحرير بالقاهرة»، مضيفاً أن «الوزارة تعلن للعالم الثالث على التوالي اكتشافات أثرية في المنطقة التي لم تبح حتى الآن، سوى بواحد في المائة من أسرارها».

و«تتميز طقوس الدفن في العصر المتأخر، وحتى اليوناني الروماني، بالمقابر البئرية، حيث اعتاد المصري القديم حفر آبار دفن يصل عمقها إلى 30 متراً في بعض الأحيان، وساعدته طبيعة الأرض في سقارة على ذلك، وكانت هذه الآبار تستخدم مقابر جماعية سواء لطوائف أو كهنة، أو أسرة معينة، وتوجد هذه المقابر البئرية في منطقة أبو صير، ويرجع تاريخ هذا النوع من المدافن إلى العصر الصاوي في الفترة من 664 وحتى 525 عند غزو قمبيز لمصر، وتحول مصر إلى ولاية من الإمبراطورية الفارسية»، وفقاً لعبد البصير.
ويشار إلى أنه للمرة الأولى، أجريت أشعة مقطعية (إكس راي) على إحدى المومياوات المكتشفة على الهواء مباشرة. وكشفت الأشعة عن أن «المومياء لرجل توفي في سن 40 أو 45 سنة، ويصل طوله لنحو 164 سم، وتم وضع اليدين بالوضع الأوزيري، وتم نزع أحشائه باستثناء عضلة القلب، وإزالة مخه بالكامل بواسطة كسر في الجمجمة تم خلال عملية التحنيط».
وقال وزيري إن «هذه تجربة تتم للمرة الأولى على الهواء»، مشيراً إلى أنه «يبدو أن المومياء تعرضت للانكماش بعد الوفاة ليصبح طولها حالياً نحو 159 سم، بعدما كان طول صاحبها في حليته يصل إلى 164 سم، وتم حشو الأعضاء الداخلية بالكتان، ومواد التحنيط»، موضحاً أنه «تم كسر عظم الأنف عن عمد لصب مادة التحنيط في الجمجمة، وهذه إحدى طرق التحنيط المتعارف عليها في مصر القديمة، التي تثبت خطأ النظرية القديمة، التي كانت تقول إن توت عنخ آمون مات بضربة بالبلطة على الرأس، تسببت في كسر في الجمجمة، والصحيح أن هذا الكسر كان يتم عن عمد أثناء عملية التحنيط»، مرجحاً أن «المومياء التي تمت دراستها على الهواء، تعود للعصر البطلمي، مما يؤكد استمرار العبادات في منطقة سقارة على مر العصور المختلفة».

و«تكمن أهمية الكشف الأخير في سقارة إلى أنه يكشف عن طبيعة الحياة في مصر القديمة خلال العصر المتأخر، الذي يعتبر فترة مجهولة من تاريخ مصر»، وفقاً لعبد البصير، الذي أشار إلى أن «دراسة التوابيت المكتشفة سوف تعطينا لمحة عن طبيعة الشخصيات وعقائد لدفن وفن التحنيط والكتابات الدينية والرسوم والفنون في تلك الفترة، كما أن دراسة المومياوات ستوضح علاقتها ببعضها البعض، وطبيعة الحياة ونظام التغذية، وسن المتوفى وسبب والوفاة، مما يعد إضافة لعلم المصريات، على حد تعبيره». وأكد عبد البصير أن «العصر المتأخر هو البطل، وآثاره تؤرخ لفترة مهمة من تاريخ مصر القديمة».


مقالات ذات صلة

الوجبة الأخيرة القاتلة: أسرار حياة ونفوق تمساح مصري محنّط

يوميات الشرق المومياء تعود إلى فترة تتراوح بين 2000 و3000 سنة حينما كان تحنيط الحيوانات في مصر القديمة في ذروته (جامعة مانشستر)

الوجبة الأخيرة القاتلة: أسرار حياة ونفوق تمساح مصري محنّط

كشف الباحثون، أخيراً، رؤى جديدة ومثيرة حول حياة ونفوق تمساح مصري قديم محنّط، مسلطين الضوء على وجبته الأخيرة وتفاصيل أخرى مذهلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا إحدى القطع الأثرية التي عرضت بمزادات خارجية (الدكتور عبد الرحيم ريحان)

مصر: تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين»

عادت قضية الاتجار في الآثار المصرية إلى الواجهة من جديد، بعد تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين» عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

محمد الكفراوي (القاهرة )
سفر وسياحة تلسكوب برج القاهرة يمنحك رؤية بانورامية للقاهرة (الهيئة العامة للاستعلامات)

من أعلى نقطة... إطلالات بانورامية على القاهرة

تتمتع القاهرة بمزيج فريد من التاريخ العريق والحياة العصرية النابضة، ما يجذب إليها ملايين الزوار من حول العالم، الذين يبحثون ويفتشون عن سحرها كل من منظوره الخاص.

محمد عجم (القاهرة )
يوميات الشرق يقول أحد العلماء إنه حل لغز «لعنة توت عنخ آمون» بعد أكثر من 100 عام (رويترز)

بعد 100 عام... دراسة تقدم تفسيراً لـ«لعنة مقبرة توت عنخ آمون»

مستويات الإشعاع السامة المنبعثة من اليورانيوم والنفايات السامة ظلت موجودة داخل المقبرة منذ أن تم إغلاقها قبل أكثر من 3000 عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق أيقونات البشارة في متحف شرم الشيخ بمصر (وزارة السياحة والآثار المصرية)

معرض مصري للأيقونات القبطية يوثّق أحداث «عيد البشارة»

بجوار الركن البيزنطي في قاعة الحضارات بمتحف شرم الشيخ (شرق مصر)، نظمت إدارة المتحف معرضاً للأيقونات القبطية.

محمد الكفراوي (القاهرة)

مارسيل خليفة يضيء مسرح الساحة الرئيسية في جرش

مارسيل خليفة في جرش (المهرجان)
مارسيل خليفة في جرش (المهرجان)
TT

مارسيل خليفة يضيء مسرح الساحة الرئيسية في جرش

مارسيل خليفة في جرش (المهرجان)
مارسيل خليفة في جرش (المهرجان)

استعاد مهرجان جرش روح درويش في أمسية فنية تألق بها الموسيقار اللبناني مارسيل خليفة، وسط حضور جماهيريّ كبير، ليكون حفلاً لكل محب للفن الأصيل بصوت خليفة، وللشعر الجميل بقصائد الشاعر الفلسطيني محمود درويش.

وفي ثالث ليالي مهرجان جرش في نسخته الـ38، عاش الجمهور على خشبة مسرح الساحة الرئيسية ليلةً مع الفن الملتزم والكلمة المعبِّرة، التي قدمها الموسيقار مارسيل خليفة واسترجع بها ذكرياته مع كلمات الشاعر محمود درويش والشاعر سميح القاسم والشاعر علي فودة، وغيرهم من شعراء المقاومة والشعراء الذين كتبوا للوطن.

حضرت الحفل رئيسة اللجنة العليا لمهرجان جرش وزيرة الثقافة هيفاء النجار، والمدير التنفيذي لمهرجان جرش أيمن سماوي والشاعر اللبناني زاهي وهبي.

ووسط تفاعل كبير قدَّم خليفة نخبة من أجمل ما غنى، منها: «أيها المارون» وردَّد الأبيات الأولى من القصيدة قبل أن ينشدها بصوته العذب، و«منتصب القامة أمشي» للشاعر الفلسطيني سميح القاسم التي تعالت معها أصوات الجمهور ليشاركه الغناء.

واستكمل خليفة أمسيته الفنية بغناء «إني اخترتك يا وطني» للشاعر الفلسطيني علي فودة، و«تانغو لعيون حبيبتي»، وختم أمسيته الفنية بتوجيه رسالة صمود لشعب غزة بأغنية «شدو الهمة الهمة قوية».