لم يتوقف السعي في السعودية إلى مكافحة الفساد وتوابعه الكارثية على النمو الاقتصادي والبشري على محيطها الداخلي فحسب، وإنما تعدى ذلك إلى المساهمة في دورها العالمي لحماية المجتمع الدولي من آثار الآفة الخطيرة على المجتمعات. وأطلقت الرياض مبادرة عالمية تُعنى بإنشاء شبكة عمليات عالمية لسلطات إنفاذ القانون المعنية بمكافحة الفساد، التي تأتي لتكون مُكملة للمنصات والشبكات القائمة في مجال التعاون الدولي غير الرسمي، ومنها على سبيل المثال: الشبكة العالمية لإنفاذ القانون (GLEN)، وشبكة موظفي إنفاذ القانون (LEOs)، التابعتين لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وشبكة (الإنتربول).
وطرحت الرياض مبادرتها من خلال قيادتها لقمة دول مجموعة العشرين، ورئاسة مكافحة الفساد في دول أقوى عشرين اقتصاداً عالمياً. ولقيت المبادرة إشادات وترحيباً دولياً، مقدّرين الدور والأهمية الكبيرين لهذه الخطوات في حفظ أمن ومقدرات الأوطان.
السعودية لها باع طويل في الحرب على الفساد بكل أنواعه، وأرست العديد من القوانين والأنظمة التي من شأنها خلق وتوفير بيئة صحية مجتمعياً ولبيئة الأعمال. فأنشأت العديد من اللجان التابعة للوزارات المعنية لمحاربة جميع أشكال الفساد والجرائم بصورة عامة. وفي شهر مارس (آذار) من عام 2011 أُنشئت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. وهدفت إلى حماية المال العام، ومحاربة الفساد، والقضاء عليه، وتطهير المجتمع من آثاره الخطيرة، وتبعاته الوخيمة على الدولة في مؤسساتها، وأفرادها، ومستقبل أجيالها. كما قامت بأنشطة مقدّرة في سبيل مكافحة جرائم الفساد، حتى شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 2019 حين صدر أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وبتوصية من الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، بضم هيئة الرقابة والتحقيق والمباحث الإدارية إلى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
شكّلت الحقبة التي أشرف عليها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي نقطة تحول في اجتثاث الفساد، ليس على مستوى السعودية فحسب، وإنما المنطقة برمتها، إذ نُفذ الوعد الذي قطعه الأمير محمد بن سلمان بأنه «لن ينجو من الفساد أحد؛ كائناً من كان»، وهو ما طبقته الجهات المعنية وأصدرت قرارات بإجراء تحقيقات في عدة قضايا من أعلى المستويات حتى أدناها سعيا وراء إعادة حقوق الدولة والمجتمع.
ولقيت هذه الإجراءات إشادات دولية ثمّنت هذه الخطوات التي من شأنها الدفع قدماً بأحد أقوى اقتصادات العالم، وبالتالي انعكاسها على الاقتصاد الدولي.
المكانة المهمة للمملكة العربية السعودية إقليمياً ودولياً حتّمت عليها تجنب الاكتفاء بأدوار داخلية، والمضيّ قدماً نحو المساهمة في دور دولي. وفي مجال مكافحة الفساد كثفت الرياض جهوداً مضنية من خلال مشاركة تجاربها في مكافحة الفساد مع دول العالم وأبرمت العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم. ثم اختتمتها بإطلاق مبادرة عالمية. وتُعنى مبادرة السعودية بإنشاء شبكة عمليات عالمية لسلطات إنفاذ القانون المعنية بمكافحة الفساد، التي تأتي لتكون مُكملة للمنصات والشبكات القائمة في مجال التعاون الدولي غير الرسمي، ومنها على سبيل المثال: الشبكة العالمية لإنفاذ القانون (GLEN)، وشبكة موظفي إنفاذ القانون (LEOs)، التابعتين لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وشبكة (الإنتربول).
ولقيت المبادرة إشادات وترحيباً دولياً، مقدرين الدور والأهمية الكبيرتين لهذه الخطوات في حفظ أمن ومقدرات الأوطان.
السعودية استثمرت رئاستها لقمة دول مجموعة العشرين بوضع مكافحة الفساد أحد المحاور الرئيسة للقمة. واستضافت العديد من اللقاءات وورش العمل المعنية بأفضل السبل لمكافحة الفساد.
ونتيجة للجهود السعودية شدَّد وزراء مكافحة الفساد في دول مجموعة العشرين على أهمية الهيكل الدولي القائم لمكافحة الفساد، ولا سيما الالتزامات والتعهدات المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC)، بالإضافة إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود (UNTOC)، واتفاقية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بشأن مكافحة رشوة الموظفين العموميين الأجانب في المعاملات التجارية الدولية وما يتصل بها من وثائق، والمعايير المُنبثقة عن مجموعة العمل المالي (FATF). وتتضمّن جميع هذه الإجراءات مجموعة متينة من التدابير التي يجب على الدول أن تتخذها لمنع ومكافحة الفساد، وعمليات غسل الأموال، والجرائم الاقتصادية الخطيرة الأخرى ذات الصلة.
ووثقت الرياض جهودها في إصدار بيان ختامي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي صدر عن اجتماع وزاري لوزراء مكافحة الفساد في دول مجموعة العشرين استضافته السعودية، ورأسه مازن الكهموس، رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، وبمشاركة رؤساء وفود دول أعضاء المجموعة والدول المشاركة ورؤساء المنظمات الإقليمية والدولية؛ لمناقشة الالتزامات المناطة نحو استمرار دول العشرين في أن تكون مثالاً يُحتذى به في الحرب العالمية ضد الفساد.
الرياض وشركاؤها من دول العالم أكدوا ضرورة اجتثاث الفساد. ونجحت السعودية في حصد إجماع دول أقوى عشرين اقتصاداً عالمياً على رسائل كافية ووافية راعت فيه الوقت الذي يمُر فيه العالم بهشاشة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة نتيجة لجائحة فيروس «كورونا» المستجد (covid - 19)، وهو ما دعا «دول مجموعة العشرين» إلى التشديد على التهديدات المتزايدة للفساد، والتأثير الخطير الذي تُشكله هذه الآفة على النمو الاقتصادي، والتنمية المستدامة، وجودة الاستثمار والابتكار، والثقة المُتبادَلة بين الحكومات والشعوب، معربين عن تعاطفهم العميق مع الخسائر المأساوية في الأرواح، والمعاناة التي تسببت بها جائحة فيروس «كورونا المستجد».
لم يغفل الوزراء، خلال اجتماعات الرياض، تأييدهم، بما يتماشى مع خطة عمل دول مجموعة العشرين لمكافحة الفساد، المبادئ رفيعة المستوى المُنبثقة عن رئاسة المملكة لدول المجموعة خلال العام 2020، والمتمثلة في تطوير وتنفيذ استراتيجيات وطنية لمكافحة الفساد، وتوظيف تقنية المعلومات والاتصالات لتعزيز النزاهة في القطاع العام، وتعزيز النزاهة في عمليات الخصخصة والشراكات بين القطاعين العام والخاص.
كما رحّبت دول مجموعة العشرين بالنهج الجديد لتقرير المساءلة المعنيّ بمكافحة الفساد لدول مجموعة العشرين، الذي يُقدِّم للمرة الأولى، من العاصمة السعودية، استعراضاً معمقاً للتقدم الجماعي المُحرز لدول المجموعة في مجالي التعاون الدولي واسترداد الموجودات، الذي سوف يُسترشد به في تحديد مجالات العمل المستقبلية المحتمَلة في هذين المجالين. واهتمت الرياض كثيراً بالتعاون بين الدول فيما يتعلق بالتحقيقات في قضايا الفساد العابرة للحدود وملاحقة مُرتكبيها، بما في ذلك تلك القضايا التي يُتطلب فيها استرداد عائدات الجريمة. بالإضافة إلى الالتزام بتعزيز آليات التحقيق في قضايا الفساد، والاتصال وتبادل الخبرات في هذا المجال. السعودية وشركاؤها شددوا على اتخاذ التدابير الإضافية، عند الاقتضاء؛ لمنع إساءة استخدام الكيانات الاعتبارية، وغيرها من الترتيبات القانونية، في غسل الأموال أو تمويل الإرهاب، ويشمل ذلك حينما تكون جريمة الفساد هي الجريمة الأصلية.
كما تعهد الجميع بمنع المجرمين من الهروب من العدالة، بغضّ النظر عن مناصبهم أو مكانتهم الاجتماعية، والتصدي لعمليات إخفاء عائدات الفساد عبر الحدود، ومتابعة تجريم أفعال الفساد الإجرامية وملاحقة مرتكبيها، واسترداد الموجودات المسروقة التي صُودِرَت، وإعادتها، متى ما كان ذلك مُناسباً، وبما لا يتعارض مع القوانين المحلية والالتزامات الدولية.
ولم تغفل المملكة أنّ لكل دولة من دول مجموعة العشرين قانوناً وطنياً نافذاً لتجريم الرشوة، بما في ذلك رشوة الموظفين العموميين الأجانب، والعمل على تعزيز الجهود الرامية إلى منع الرشوة المحلية والأجنبية وكشفها والتحقيق فيها وملاحقة مُرتكبيها ومعاقبتهم بفاعلية. وبيّنت بالاتفاق مع دول مجموعة العشرين أن ذلك يتطلب الالتزام بتعزيز نزاهة وكفاءة القطاع العام والخاص، والمنظمات غير الحكومية،.
كما اتفقت دول المجموعة، من الرياض، على تعزيز الشراكات مع المنظمات الدولية والأفراد والجماعات خارج القطاع العام، بما يشمل المجتمع المدني، والمنظمات غير الحكومية، والمنظمات المجتمعية، ووسائل الإعلام، والقطاع الخاص. والسعودية ومن باب الحرص على متابعة التطور الدولي في مكافحة الفساد، تحصلت على اتفاق من جميع الدول الأعضاء على متابعة جدول أعمال شامل ومتكامل لمكافحة الفساد، مع مراعاة المبادئ الأساسية لسيادة القانون وحقوق الإنسان.
حرب السعودية على الفساد تتسع بمبادرة تأسيس شبكة دولية لمكافحته
حرب السعودية على الفساد تتسع بمبادرة تأسيس شبكة دولية لمكافحته
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة