جيليان أندرسون: مارغريت ثاتشر شخصية بارزة ومهمة للغاية... لكن مع القليل من الحب

تلعب دورها في الجزء الجديد من مسلسل «ذا كراون»

الممثلة جيليان أندرسون أثناء حفل إطلاق الجزء الثالث من مسلسل «ذا كراون - التاج» في لندن العام الماضي (رويترز)
الممثلة جيليان أندرسون أثناء حفل إطلاق الجزء الثالث من مسلسل «ذا كراون - التاج» في لندن العام الماضي (رويترز)
TT

جيليان أندرسون: مارغريت ثاتشر شخصية بارزة ومهمة للغاية... لكن مع القليل من الحب

الممثلة جيليان أندرسون أثناء حفل إطلاق الجزء الثالث من مسلسل «ذا كراون - التاج» في لندن العام الماضي (رويترز)
الممثلة جيليان أندرسون أثناء حفل إطلاق الجزء الثالث من مسلسل «ذا كراون - التاج» في لندن العام الماضي (رويترز)

تعد السيدة مارغريت ثاتشر، أول رئيسة للوزراء في المملكة المتحدة، واحدة من الشخصيات الأكثير أهمية وتأثيراً في المملكة المتحدة في القرن العشرين – ومع ذلك، تبدو شخصيتها العامة المميزة للغاية مثيرة للكثير من الجدل على القدر نفسه الذي أثارته سياساتها اليمينية غير المتسمة بالمرونة إبان فترة حكمها البلاد.
ما بين عامي 1979 و1990، كانت السيدة ثاتشر تلقي الخطابات الرسمية على الجمهور البريطاني مستعينة بنبرة صوتها البطيئة، والمتعالية، والمصحوبة بالتعبيرات الصارمة، تحت هالة كبيرة ومؤثرة من شعرها الكثيف. وكانت تتميز بطريقة خاصة للغاية في المشي، وكانت تستمتع أيما استمتاع بالصفة اللازمة التي أطلقت عليها في الداخل والخارج: «المرأة الحديدية». وكانت في المعتاد تفضل ارتداء التنانير مع السترات التي تخبئ وسادات الأكتاف، فضلاً عن حقيبة اليد ذات التصاميم الصارمة التي بدت وأنها امتداد طبيعي لذراعيها الطويلتين.
كانت تلك العادات الغريبة، مع الدور السياسي المحوري للغاية الذي اضطلعت به في المملكة المتحدة في القرن العشرين، تعني أن الكثير من الناس قد قاموا بتأدية شخصية السيدة مارغريت ثاتشر في كل وسائل الإعلام المعروفة، من الأفلام، والمسرحيات، والبرامج التلفزيونية، وغير ذلك من البرامج الإعلامية. وفي الموسم الرابع من مسلسل «ذا كراون - التاج»، والذي من المقرر إذاعته على شبكة «نيتفليكس» ابتداءً من يوم غد (الأحد)، تقوم الممثلة الأميركية الشهيرة جيليان أندرسون بمواجهة التحدي الكبير المتمثل في القيام بدور السيدة مارغريت ثاتشر على شاشات التلفاز، ومحاولة ملء المحتوى الكبير الذي تمثله تلك الشخصية السياسية الكبيرة. ولقد تحدثنا إلى السيدة أندرسون بهذا الخصوص، وفيما يلي بعض المقتطفات من أجوبة أندرسون.
إنها واحدة من أبرز الشخصيات التاريخية الحائزة الصيت الكبير والشهرة الواسعة. ومن الصعوبة البالغة رفض الطلب بتأدية دور السيدة مارغريت ثاتشر، لا سيما في مسلسل من الحجم الكبير مثل «ذا كراون - التاج».
لقد تطرقت إلى دور تلك الشخصية استناداً إلى الكثير من الافتراضات المسبقة القائمة بدورها على آراء ووجهات نظر شخصيات أخرى. ولقد وجدت – لا سيما فيما يتصل بشخصية مثيرة الكثير من الجدل والانقسام مثل شخصية السيدة ثاتشر – إنه من المهم للغاية النأي النفس تماماً عن آرائي الشخصية المسبقة حول تلك الشخصية. ولا يتعلق الأمر بما أعتقده أو لا أعتقده إزاء مارغريت ثاتشر، بل إنه يتعلق في المقام الأول بمحاولة تفسير كينونة تلك الشخصية وماهيتها، بما في ذلك آراؤها، ومعتقداتها، ودوافعها، على أقصى نحو مقنع قدر الإمكان.
هناك الكثير من التجهيزات المسبقة لمثل هذا العمل. ولقد أردت أن أحصل على الفرصة كاملة في التجوال حول الشخصية، وليس ما يتعلق بنوعية الأحذية التي يمكن أن ترتديها، وإنما في السترة المبطنة التي لا بد أن أرتديها حتى أقترب الشيء القليل من حجم الشخصية، والجوارب المناسبة للحذاء والسترة والتنورة، فضلاً عن الفستان. وعندما تمكنت من التجوال حول تلك الشخصية في أوقاتي الخاصة، كان الأمر مفيداً للغاية. ومن حسن الحظ، أنه لم يحاول أحد إزعاجي على الإطلاق في أوقاتي الخاصة التي كنت أجهّز نفسي فيها لأداء تلك الشخصية المهمة للغاية.
أشعر على الدوام بأن تفادي التقليد والمحاكاة على قدر الإمكان هو أفضل ما لدى المرء من قدرات؛ ذلك لأن المحاكاة المباشرة قد تشعر المشاهد بنوع من السطحية في الشخصية في بعض الأحيان. ولقد كنت أحاول العثور على موضع يستقر فيه صوت مارغريت ثاتشر داخل أحبالي الصوتية، ومن ثم لا يشعر أحد على الإطلاق بأن نبرة الصوت كانت ممددة للغاية أو مرتفعة للغاية، أو أن تكون كمن يبعث بانطباع معين لدى المشاهد، أو محاكاة ساخرة للشخصية. يمكنك فقط كممثل أن تفعل ما يتعين عليك القيام به ثم تترك الأمور تسير على منوالها الطبيعي كما هو معتاد.
عندما أرى ممثلات أخريات يقمن بتأدية شخصية مارغريت ثاتشر، أعتقد أنهم قد فاتتهم تيمة «التأييد» البالغ الذي اتسمت به شخصيتها. ونبرة الصوت التي كانت تستعين بها في الحديث إلى المحاورين في المقابلات الإعلامية، سيما عندما تريد توضيح وجهة نظرها من دون الوقوع في الخطأ، كانت نبرة تتسم بالتأني والتؤدة. ولكن عندما تستمع إليها وهي تتحدث مع الناس في الأحيان المعتادة، فإن نبرة الصوت تتسم بالسرعة الظاهرة.
ليس بمقدوري القول إنني أشعر بالمودة الحقيقية تجاهها. فهي بالنسبة لي أشبه ما تكون بالفستان من الطراز القديم. ذلك الفستان الذي لم أعد أحاول ارتداءه الآن، ولكنه لم يبرح مكانه في خزانة ملابسي رغم ذلك، تحسباً لأي شيء.
إنني من سكان الشمال، وبالتالي فإن تصويري شخصية سياسية لا يحظى بالقدر الكبير من الاهتمام لدى شعبي كان يعد من التحديات المرحب بها.
بعد أن ارتديت زي مارغريت في حفلة عيد الهالوين وأدركت أنها شخصية ذات نزعة ذكورية للغاية، قلت لنفسي «حسناً، إنها شخصية بارزة ومهمة للغاية من نواحٍ كثيرة، ولكن مع القليل من الحب». ولقد قامت الممثلة الأميركية الشهيرة ميريل ستريب بتأدية دور مارغريت ثاتشر في فيلم «المرأة الحديدية» من إنتاج عام 2011، بظهر مستقيم للغاية، وإتقان بالغ للدور في هدوء وتؤدة، في حين أنه في واقع الأمر كانت شخصية السيدة ثاتشر مثل العنكبوت، تلك التي تنطلق من اجتماع إلى آخر، وتشعر برعب بالغ من وقوع أمر ما في أي وقت ليست على علم ودراية به، وترغب بشدة في معرفة وثيقة لما يدور على كافة أطراف شبكة العنكبوت التي تديرها. ومن ثم، حاولت جهدي كي أقوم بذلك. وكان السر يكمن في حقيبة اليد وعقد اللؤلؤ حول العنق: بمجرد الحصول على مثل هذه الحقيبة العجيبة، من المدهش الإحساس بكم الإتقان، والتقمص، وربما الامتداد الذي توحي به إلى شخصيتك.
خرج مسلسل «ذا كراون - التاج»، لمؤلفه وكاتب السيناريو البريطاني بيتر مورغان، من بين طيات مسرحيته التي تحمل عنوان «ذا أوديانس - الجمهور»، والتي قمت فيها بدور مارغريت ثاتشر، لم أستطع أبداً مقاومة تأدية ذلك الدور.
يحاول الجميع الشروع في تأدية الشخصية بالتركيز على نبرة صوت مارغريت ثاتشر؛ ذلك لأنها تملك نبرة صوت مميزة للغاية، وهذه نعمة ونقمة في آن واحد. ولكن الأمر بالنسبة إلى شخصية السيدة ثاتشر لا يتعلق بنبرة الصوت وحدها، فلقد كانت تحظى ببنية جسدية متميزة، وطريقة خاصة في تأدية الحركات المختلفة. لقد كانت أشبه ما تكون بالطائر: كانت تقود بمنقارها!
عندما ظهرت في شخصية مارغريت ثاتشر في مسرحية «ذا أوديانس - الجمهور»، لم أكن لأظهر على خشبة المسرح حتى الفصل الثاني من المسرحية. نظراً لأنها رئيسة وزراء شهيرة للغاية، كان لزاماً على الجمهور أن ينتظر كثيراً ظهورها أمامهم. ومع لحظة ظهوري على المسرح، سوف يلاحظون عن كثب طريقة المشي ويشرعون في الضحك.
كنت أقوم بتأدية دور السيدة ثاتشر على خشبة المسرح عندما وافتها المنية. وعندما صعدت إلى المسرح في تلك الليلة، لم أشهد من الجمهور ردود الفعل المعتادة من الضحك والتصفيق. كانت هناك حالة غالبة من الصمت المطبق المميت. فمن المحرمات المجتمعية الضحك بصوت مرتفع في لحظات الموت الرهيبة. ولقد كنت رفقة الممثلة الإنجليزية هيلين ميرين – التي كانت تقوم بتأدية دور الملكة إليزابيث الثانية في المسرحية – ننظر إلى بعضننا بعضاً ونقول لأنفسنا «فلنأخذ نفساً عميقاً الآن. لا بد أن نظهر للجمهور أن كل شيء على ما يُرام». وفكرت في تلك الليلة أننا قد نجحنا في إنجاز ذلك. ولكنها كانت تجربة بالغة الغرابة للغاية.
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

بعد توقفها... عودة خدمة «نتفليكس» لمعظم المستخدمين في أميركا

يوميات الشرق شعار منصة البث المباشر «نتفليكس» (رويترز)

بعد توقفها... عودة خدمة «نتفليكس» لمعظم المستخدمين في أميركا

كشف موقع «داون ديتيكتور» لتتبع الأعطال، عن أن منصة البث المباشر «نتفليكس» عادت إلى العمل، اليوم (السبت)، بعد انقطاع استمرّ نحو 6 ساعات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الممثل كيليان مورفي يعود إلى شخصية تومي شلبي في فيلم «The Immortal Man» (نتفليكس)

عصابة آل شلبي عائدة... من باب السينما هذه المرة

يعود المسلسل المحبوب «Peaky Blinders» بعد 6 مواسم ناجحة، إنما هذه المرة على هيئة فيلم من بطولة كيليان مورفي المعروف بشخصية تومي شلبي.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق مسلسل «Monsters» يعيد إلى الضوء جريمة قتل جوزيه وكيتي مينينديز على يد ابنَيهما لايل وإريك (نتفليكس)

قتلا والدَيهما... هل يُطلق مسلسل «نتفليكس» سراح الأخوين مينينديز؟

أطلق الشقيقان مينينديز النار على والدَيهما حتى الموت عام 1989 في جريمة هزت الرأي العام الأميركي، وها هي القصة تعود إلى الضوء مع مسلسل «وحوش» على «نتفليكس».

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق ليلي كولينز بطلة مسلسل «إميلي في باريس» (رويترز)

لماذا تفجر «إميلي في باريس» مواجهة دبلوماسية بين فرنسا وإيطاليا؟

انفتحت جبهة جديدة في التاريخ الطويل والمتشابك والمثير للحقد في بعض الأحيان للعلاقات بين إيطاليا وفرنسا، والأمر يدور هذه المرة حول مسلسل «إميلي في باريس».

«الشرق الأوسط» (باريس- روما)
يوميات الشرق His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

يخرج فيلم «His Three Daughters» عن المألوف على مستوى المعالجة الدرامية، وبساطة التصوير، والسرد العالي الواقعية. أما أبرز نفاط قوته فنجماته الثلاث.

كريستين حبيب (بيروت)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».