خبر فقدان مادة «البوتوكس» في لبنان نزل كالصاعقة على رأس بعض اللبنانيات اللاتي عبرن عن حزنهن الكبير عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفي مقاطع فيديو مصورة. فغياب قدرة الوكلاء على شراء هذه المادة المستخدمة بشكل كبير في لبنان، بسبب أزمة الدولار وتراجع سعر صرف الليرة، أدى إلى فقدان «البوتوكس» من عيادات أطباء التجميل وعيادات صحية أخرى تستخدمه لأمراض بعينها.
وعادة ما يتم استيراد هذه المادة عبر وزارة الصحة التي تؤمنها بدورها للوكلاء. فـ«البوتوكس» يندرج على لائحة الأدوية التي تستوردها الوزارة، كونه لا يقتصر استعماله على التجميل فقط. وفي ظل أزمة أدوية مقطوعة ومفقودة من الصيدليات، ينضم «البوتوكس» إليها ليصبح مادة نادرة من الصعب الحصول عليها في ظل عدم تأمين اعتمادات مصرفية للوزارة لشرائه. والمعروف أن حقن «البوتوكس» تستخدم دواء يشفي من أمراض كثيرة، وقد يحتاجه الشخص كأي دواء آخر، كمرضى العضلات المتشنجة في الحنك والرقبة، إضافة إلى من يعانون من آلام الصداع وغيرها.
«شو هالخبرية؟»، «يعني إيمتى الفرج؟»، «لا أصدق أننا وقعنا في هذه الأزمة!»، «كيف يمكن أن تمر الأعياد من دون بوتوكس؟»... وهذه التعليقات وتعليقات أخرى انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي إثر ذيوع الخبر. فبعض النساء لم يستطعن تحمل فكرة ظهور التجاعيد على وجههن من جديد، فينكشف عمرهن الحقيقي، بعدما كن مستفيدات من حقن «البوتوكس» لإخفائه. ونساء أخريات لم يتوانين عن الاتصال بأطباء التجميل في ساعة متأخرة من الليل بعد انتشار الخبر، يستفهمن عن حقيقة الأمر، حتى أن أحد أطباء التجميل (دكتور رولان طعمة) نشر مقطع فيديو تداوله ناشطون عبر صفحات «تويتر» و«إنستغرام»، يؤكد فيه أن المشكلة وقعت، وهي حقيقة وليست شائعة، كي يقلل من كثافة الاتصالات التي يتلقاها. ويوصي دكتور طعمة زبائنه، عبر هذا المنشور المصور، أن يتحلوا بالصبر والجمال الداخلي إلى حين تأمين حقن «البوتوكس». وتقول دوريس، المساعدة في عيادة طبيب تجميل: «الخبر انتشر الأحد الفائت. وعندما استيقظت الاثنين، تفاجأت بكم الاتصالات والرسائل الإلكترونية المسجلة الموجودة على جهازي الخلوي». وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «النساء بالعشرات كن يسألن عن حقيقة الموضوع، بعضهن يبكي وأخريات يصرخن غير مصدقات وكأنهن أصيبن بفاجعة أو كارثة ما، حتى أن إحدى السيدات تركت لي رسالة عند الرابعة فجراً، مفادها أنها لم تستطع النوم إثر معرفتها بالخبر، وأنها لا تتخيل حياتها من دون (بوتوكس)».
حالة من الهرج والمرج سادت أحاديث النساء في صالونات التزيين، وفي صباحيات زمن التباعد الاجتماعي على الشرفات والمقاهي المفتوحة. وبات العنوان الأول خلال الاتصالات الهاتفية وفي الجلسات الضيقة يدور حول موضوع واحد: «شو الحل؟»، حتى أن بعض النسوة أصبحن يفكرن بالسفر إلى فرنسا أو كندا أو تركيا. فبرأيهن، لكل طريقته وأسلوبه في العيش، ولذلك يعتبرن هذه الحقن من الأولويات في حياتهن، ما دمن قادرات على تأمين مبالغ المال لشرائها، ولو في السوق السوداء، وبأضعاف سعرها الحقيقي.
ويوضح اختصاصي في جراحة التجميل (دكتور مروان نصر) عن أسباب هذه الأزمة، والوقت الذي ستستغرقه، فيقول: «نعم، الأزمة موجودة، فعدم توفر اعتمادات مصرفية لوزارة الصحة تخولها شراء هذه الأدوية من الخارج أدى إلى ولادة هذه المعضلة التي تخص الأدوية ككل». ولكن متى يمكن أن تنتهي هذه الأزمة؟ يرد دكتور نصر: «من المتوقع، كما أفادنا وكلاء هذه المادة، أن يحمل شهر يناير (كانون الثاني) من عام 2021 طاقة الفرج، وتصبح هذه المادة متوفرة، بعد استيرادها عبر وزارة الصحة. ومن الممكن أن تزول بتاتاً، ابتداء من هذه اللحظة، في حال قرر الوكلاء المعتمدون لـ(بوتوكس) شراءها بشكل مباشر، وليس عبر وزارة الصحة. ولكن الأمر سينعكس عليهم كلفة أعلى لأن الدولارات مفقودة من ناحية، وسعر صرف الليرة تراجع كثيراً، بينما وزارة الصحة لا تزال تحاسبهم على السعر القديم للدولار؛ أي بما يوازي الـ1500 ليرة». ويشير بعض أطباء التجميل إلى أن الأزمة بدأت منذ نحو 3 أشهر، وأن ما يستخدمونه اليوم من هذه المادة يقتصر على الكمية المخزنة لديهم. «بعد اليوم سيصبح الـ(بوتوكس) عملة نادرة، وقد يضطر بعض الأطباء إلى اللجوء إلى (بوتوكس) صنع في كوريا أو الصين، وليس في أميركا وبريطانيا، كما اعتادوا في السابق».. يقول دكتور نصر في معرض حديثه لـ«الشرق الأوسط».
وما يروج حالياً في لبنان هو تأمين حقن «بوتوكس» في السوق السوداء، أي من دون مرورها عبر وكلائها الأصليين. وتزدهر التركية المنشأ منها لأنها نسخة طبق الأصل -كما يتردد- عن «بوتوكس» أميركا وبريطانيا. وفي هذه الحالة، يستطيع طبيب التجميل شراءها مباشرة من بائعها، وبأسعار تلك المستوردة من بلدان أوروبية وأميركية نفسها، لأنها تحتوي على التركيبة الأصلية ذاتها. ويعلق على ذلك دكتور نصر قائلاً: «سننتظر النتائج التي ستتركها البضاعة التركية على الزبائن، ومن بعدها سنعقد الأمر على إمكانية شرائها أو العكس».
ومن ناحيته، يؤكد دكتور روي مطران أن تراجعاً ملحوظاً تشهده نسبة جلسات التجميل بمادتي «الفيلر» و«البوتوكس»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الحقن أصبحت غير متوفرة كما في الماضي، وما هو موجود اليوم يقتصر على حقن من صنع كوريا والصين. ولا يرغب بعض الأطباء المعروفين في فقدان مصداقيتهم لدى زبائنهم من خلال استعمال (بوتوكس) غير مكفول النتائج». وعن نسبة تراجع الإقبال على إجراء هذه الحقن، يقول: «هناك نسبة تراجع ملحوظة وصلت إلى نحو 50 في المائة عن النسب التي اعتدنا عليها في الماضي، ولكننا نتفاءل خيراً في الأيام القليلة المقبلة، علها تحمل حلاً لهذه الأزمة».
أما أسعار حقنة «البوتوكس» الواحدة، فقد ارتفعت بشكل كبير لتصل إلى مبلغ مليون و700 ألف ليرة، بعد أن كانت تكلف الزبون نحو 200 دولار؛ أي ما يوازي 300 ألف ليرة في الماضي، قبل انهيار سعر الصرف.
أزمة «بوتوكس» في لبنان والنساء يعانين من الإحباط
أزمة «بوتوكس» في لبنان والنساء يعانين من الإحباط
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة