أغاثا كريستي على الشاشة... علاقة لا تغيب

13 فيلماً جديداً من مصدر واحد

TT

أغاثا كريستي على الشاشة... علاقة لا تغيب

هناك أحد عشر فيلما جديدا في مراحل إنتاج مختلفة والجامع بينها أنها تقوم حول روايات الكاتبة البوليسية الراحلة أغاثا كريستي (1890 - 1976). وهناك 3 مسلسلات تلفزيونية جديدة سيتم اقتباسها عن أعمال الروائية البريطانية الشهيرة.
هذا لجانب نسخة جديدة من «موت على النيل» حققها البريطاني كينيث براناه الذي يؤدي دور التحري هركيول بوارو أيضا وكان أقدم على اقتباس رواية كريستي «جريمة الأوريونت إكسبرس» المأخوذ بدوره عن رواية لكريستي قبل عامين.
فيلم براناه الجديد، المؤجل عرضه من الصيف الماضي، هو الفيلم الـ50 إذا ما أحصينا اقتباسات السينما من روايات كريستي التي بدأت سنة 1928 بفيلم «وفاة مستر كوين» المقتبس عن رواية «قدوم مستر كوين».
مع هذا العدد من الاقتباسات (وهذا غير أكثر من مائة اقتباس تلفزيوني عبر أفلام مصنوعة خصيصا من قِبل المحطات أو عبر مسلسلات مختلفة) يصبح لزاما البحث عن سر هذا الهوى الذي يربط بين السينما وبين روايات كريستي تحديدا. نعم هناك رواة حكايات بوليسية آخرون (إدغار ألان بو، رايموند تشاندلر، آنا كلارك، رونالد نوكس، جيمس أندرسن ونحو 50 مؤلّفا آخرين بعضهم ما زال حيّا يُرزق) إلا أن رواياتها لا بد حملت ما هو مختلف ومتميّز عن الأعمال الروائية الأخرى. حملت ما يمكن اعتباره أسلوبا منفردا في النظر إلى الجريمة والقائم بها… أو هل نقول للقائمين بها كونها عادة ما ختمت أعمالها بالكشف عن متورطين مختلفين مرتبطين بالجريمة الرئيسة التي وقعت؟

- بطلان من خارج السرب
الروايات، كما الأفلام، يصنعها كتّاب بعضهم يتحوّل إلى أيقونات والبعض الآخر يُضيف أرقاما لما سبقه. تلك المتحوّلة إلى أيقونات خالدة (مثل أعمال ويليام شكسبير أو ليو تولستوي أو غي دو موباسان) تتميّز تلقائيا بطريقتها من أساليب الكتابة ورسم الأجواء وتقديم الشخصيات المكثّفة.
روايات أغاثا كريستي انتمت إلى هذا المنوال من الأعمال ربما بمقادير مختلفة لكنها ثابتة. كتبت في نحو 55 سنة 72 رواية (منها 6 روايات عاطفية فقط) و15 مجموعة قصصية قصيرة.
بعض الكتّاب يضيع وسط مثل هذه الأرقام. النشاط يرتفع والوحي يهبط. لكن كريستي لم تجد نفسها محصورة في هذا النطاق. أعمالها البوليسية بالتأكيد تتحدث عن الجريمة ومرتكبيها لكنها توفر نسيجا مثيرا للاهتمام، أدبيا، للشخصيات التي تكتب عنها. والحديث هنا ليس عن شخصيتيها الرئيسيتين مس ماربل (المرأة الفضولية غير المتزوّجة التي تحب كشف الأسرار) وهركيل بوارو (التحري البلجيكي الذي لا يؤمن بظواهر الأشياء) بل حتى تلك المنتشرة حول ماربل أو بوارو.
ما هو مؤكد أن قرّاء الكاتبة وجدوا في بطليها تلك الشخصيات المثيرة بصرف النظر عن لياقة كل منهما البدنية. مس ماربل في الواقع امرأة تجاوزت منتصف العمر قدّمتها كريستي في 22 قصة قصيرة و12 رواية. هركيل بوارو، التحري الخاص وهو أصلع الرأس يميل إلى البدانة شكلا والتباهي علما، ظهر في 33 رواية و50 قصة قصيرة.
كلاهما مختلف عن الأبطال الآخرين أو معظمهم على أي حال. لا مس ماربل امرأة مشهودة بجمالها وفطنتها ولا هركول بوارو يُجيد فنون القتال اليدوية ويتمتع بالوسامة التي تجذب إليه النساء. ما يتمتعان به هو الذكاء والذكاء في هذه الحالة نابع من مخيلة الكاتبة ومن دونه لا يمكن ابتكار ذكاء منفصل. هي من تبني الغموض وهي من توجه بطليها ثم هي من تطرح الأسئلة الصعبة وتحيك النهايات المناسبة.

- التوليفة
حسب موسوعة غينيس فإن أغاثا كريستي باعت من الكتب 4 مليارات نسخة وأعلى رواية مبيعا كانت «ثم لم يعد هناك أحد» (And Then There Were None) التي بيع منها 100 مليون نسخة. ونتحدث هنا عن روايات تم ترجمتها إلى 100 لغة (حسب غينيس أيضا).
«ثم لم يعد هناك أحد» (المنشورة أول مرّة سنة 1939) كانت أصعب روايات الكاتبة كتابة حسبما صرّحت به. وهي تحوّلت إلى السينما عدّة مرات أولاها سنة 1945 على يدي الفرنسي رينيه كلير، ثم - وبعد 20 سنة، أقدم الأميركي جورج بولوك على تحويلها إلى فيلم بعنوان «10 هنود صغار». وفي سنة 1974 قام البريطاني بيتر كولنسون بتحقيق الرواية فيلما جديدا من بطولة رتشارد أتنبورغ، هربرت لوم، أدولفو شيلي، أورسن وَلز، ستيفن أودران وإلكي سومر.
والسينما الهندية وقعت في غرام هذه الرواية فأطلقتها (من العام 1965 حتى 2015) في 6 أفلام.
إنها حكاية حول مدعوّين تم جمع شملهم فوق جزيرة صغيرة ذات يوم عاصف. كلهم تسلموا دعوات للحضور لم يتخلّفوا عنها لكن الداعي غائب. يجد هؤلاء أنفسهم مجبرين على الالتزام بالقصر الذي جاءوا إليه قبل أن تبدأ سلسلة من أعمال القتل تشمل كلا منهم لسبب مختلف. صاحب القصر خطط ومارس عمليتي القضاء والعقاب، ما دام أن العدالة مرّت بجانب هؤلاء ولم تطالهم.
التوليفة التي حواها فيلم رنيه كلير والتي تكررت في فيلم بيتر كولينسون مثيرة للاهتمام كونها تقوم على غموض لا متناه: كلما مات أحد الضيوف مقتولا سقط تمثال لزنجي صغير من بين 10 تماثيل… هذا حتى لم يبق أي من التماثيل وأي من المدعوّين.
هذه التوليفة تلتقي ورغبة الكاتبة في الكثير مما كتبته توزيع الجريمة على أكبر عدد ممكن من الحاضرين. ربما، كما يقول بوارو في «جريمة على النيل»، هناك فاعل واحد لكن القتلة كثيرون.
فيلم «جريمة على النيل» كما أخرجه جون غيلرمن سنة 1978 هو أفضل ما تم اقتباسه من أعمال من هذه الرواية. وضع السيناريو أنطوني شافر وقام بالتصوير جاك كارديف (لاحقا كان مخرجا مشهودا) وقاد البطولة بيتر يوستينوف في دور هركيل بوارو (أداء محكم) مع بيتي ديفيز، ميا فارو، أوليفيا هوسي، جين بيركن، جورج كندي، ديفيد نيفن، ماجي سميث ومتهمين آخرين.
النيل يعني مصر والفيلم تم تصويره هناك (بالنسبة للمشاهد الخارجية) ويستينوف تحدّث لهذا الناقد عن بعض مراحل ذلك التصوير وأوضح كيف أن الدور منحه القدرة على تقديم شخصية التحري وهو في الوقت ذاته شخص مثقف ومتهكم وصارم.
تم إنجاز «جريمة على النيل» بعد 4 سنوات من قيام سيدني لومِت بتحقيق نسخته من «جريمة أورينت إكسبرس» (Murder on the Orient Express). هنا ألبرت فيناي هو من يلعب دور التحري بوارو وحوله مجموعة تضم جاكلين بيسيه وشون كونري والسير جون غيلغود من بريطانيا ومارتن بالسام وانغريد برغمن ولورين باكول وأنطوني بركنز من أميركا وجان - بيير كاسل من فرنسا.
هنا تقع جريمة الرواية - الفيلم في قطار مقابل وقوعها فوق يخت كبير في «جريمة على النيل» ومثله أيضا يحتوي الفيلم على توزيع دائرة الاتهام لتشمل شخصيات كثيرة ولو أن من قام بارتكاب الجريمة عمليا هو شخص واحد.


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

نجم بوليوود عامر خان يصرف النظر عن الاعتزال ويواصل التمثيل والإنتاج

نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)
نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)
TT

نجم بوليوود عامر خان يصرف النظر عن الاعتزال ويواصل التمثيل والإنتاج

نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)
نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)

خطرت فكرة اعتزال السينما في بال نجم بوليوود، عامر خان، في خضمّ فترة التأمل التي أمضاها خلال جائحة كوفيد-19، لكنّ الممثل والمنتج الهندي بدّل رأيه مذّاك ويعتزم مواصلة مسيرته المهنية الغنية التي بدأت في سبعينات القرن العشرين.

وقال خان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، خلال مقابلة أجرتها معه في لندن، إنه مرّ قبل بضع سنوات بمرحلة إعادة نظر ذاتية.

وأضاف: «كان ذلك خلال أزمة كوفيد، وكنت أفكر في كثير من الأمور، وأدركت أنني قضيت حياتي بأكملها في عالم السينما السحري هذا منذ أن أصبحت بالغاً».

وتولى عامر خان بطولة عدد كبير من الأفلام التي حققت نجاحاً تجارياً واسعاً في بلده، ومنها «3 بلهاء» و«دانغال»، و«نجوم على الأرض»، كما اشتهر عامر خان بإنتاج وبطولة فيلم «لاغان Lagaan» الذي كان بين الأعمال المرشحة لجائزة الأوسكار للأفلام الأجنبية عام 2002.

وتابع خان الذي بدأت مسيرته التمثيلية منذ الطفولة في السبعينات، وأصبح لاسمه ارتباط وثيق ببوليوود: «لقد أدركت أنني لم أعطِ حياتي الشخصية الأهمية التي كنت أرغب فيها».

وزاد: «واجهتُ صعوبة في التغلب على الشعور بأنني أهدرت الكثير من الوقت، وكنت أشعر بالكثير من الذنب... كان رد فعلي الأول القول إنني اكتفيت من السينما».

لكنّ عائلته، وخصوصاً ابنه وابنته، أقنعته بالعدول عن الاعتزال. وقال: «في رأسي كنت أقول سأتوقف. ثم لم أفعل ذلك».

والآن، مع اقتراب عيد ميلاده الستين في مارس (آذار)، يريد عامر خان، الذي يعيش في مومباي، «مواصلة التمثيل والإنتاج لبعض الوقت».

«أحب أن أفاجئ جمهوري»

ويعتزم النجم الهندي أيضاً جعل شركته للإنتاج «عامر خان بروداكشنز» منصة «لتشجيع المواهب الجديدة التي تكون أحاسيسها قريبة» من أحساسيسه و«تريد أن تروي القصص» التي تهمه.

ومن ذلك مثلاً فيلم «لاباتا ليديز» Laapataa Ladies الكوميدي عن شابتين من منطقة ريفية في الهند، يطرح موضوع الزواج ووضع المرأة في بلده، وقد شارك في إنتاجه مع زوجته السابقة كيران راو، وحضر أخيراً إلى لندن للترويج له.

ويتناول عدد من أفلام عامر خان قضايا اجتماعية، مثل حقوق المرأة في المناطق الريفية، أو الصناعة الرياضية، أو الضغط المفرط في التعليم العالي أو حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

لكن خان يرفض أن يحبس نفسه في نوع واحد فقط من الأفلام أو الأدوار، وقال في هذا الصدد: «أحب التنويع والتطرق إلى قصص مختلفة. أحب أن أفاجئ نفسي وجمهوري».

ولم يتردد النجم البوليوودي في انتقاد نفسه أيضاً، مشيراً إلى أنه «غير راضٍ» عن أدائه في فيلم «لا سينغ شادا» Laal Singh Chaddha الهندي المقتبس من فيلم «فورست غامب» تم إنتاجه عام 2022، لكنه لم يحظَ بالاستحسان المألوف الذي تُقابَل به أعماله.

وأما في «أن يكون هذا الفيلم أفضل»، في إشارة إلى عمله الجديد «سيتار زامين بار» Sitaare Zameen Par الذي يُطرَح قريباً.

ورغم فوزه بالعشرات من الجوائز السينمائية في الهند بالإضافة إلى ثالث أعلى وسام مدني في بلده، فإن عامر خان يحرص على تقويم كل فيلم من أفلامه.

وشدّد على أن «إخراج فيلم أمر بالغ الصعوبة». وقال: «عندما أنظر إلى الفيلم الذي أخرجناه، ثم إلى السيناريو الذي كتبناه، أتساءل هل حقق الفيلم الأهداف التي حددناها».

وأضاف: «إذا وصلنا إلى ما أردناه، وصنعنا الفيلم الذي أردناه، فيشكّل ذلك ارتياحاً كبيراً».