تل أبيب خططت لنسف استاد بيروت وقتل عرفات ورفاقه

أوقفه بيغن بسبب حضور شخصيات لبنانية ودولية

الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات يتفقد تفجيراً غرب بيروت في أغسطس 1982 (أ.ب)
الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات يتفقد تفجيراً غرب بيروت في أغسطس 1982 (أ.ب)
TT

تل أبيب خططت لنسف استاد بيروت وقتل عرفات ورفاقه

الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات يتفقد تفجيراً غرب بيروت في أغسطس 1982 (أ.ب)
الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات يتفقد تفجيراً غرب بيروت في أغسطس 1982 (أ.ب)

في تقرير صحافي سمحت الرقابة العسكرية في تل أبيب بنشره، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، تفاصيل خطة لتنفيذ واحدة من أضخم عمليات الإرهاب في التاريخ، هدفت لاغتيال ياسر عرفات وخليل الوزير (أبو جهاد) وصلاح خلف (أبو إياد)، وآخرين من قادة حركة «فتح»، في شهر يناير (كانون الثاني) من سنة 1982، واستهدفت تفجير استاد بيروت خلال مهرجان لذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية. وفقط في اللحظة الأخيرة تم إلغاء العملية.
يقول الصحافي رونين بيرغمان، المتخصص في شؤون الأمن والإرهاب الذي يكتب أيضاً في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، في التقرير الذي ينشر اليوم الجمعة في إسرائيل، إن الخطة وضعت في تل أبيب نهاية عام 1981، رداً على سلسلة عمليات فلسطينية مسلحة نفذت داخل إسرائيل، وإن القشة التي قصمت ظهر البعير وأدت إلى اتخاذ القرار، عملية نهاريا التي نفذت في 22 أبريل (نيسان) من سنة 1979، عندما تسللت قوة بقيادة سمير قنطار، تابعة لـ«جبهة التحرير الفلسطينية»، عبر زورق مطاطي من لبنان إلى مدينة نهاريا الساحلية في الشمال الإسرائيلي. وكان قنطار يومها في السادسة عشرة والنصف من عمره، ولكن ذلك لم يمنع قيادته للفرقة التي ضمت أربعة مسلحين، فقتلوا شرطياً وأخذوا اثنين من عائلة هران رهينة، الأب (31 عاماً) وابنته الطفلة عنات، وقتلوهما إثر اشتباك مع القوات الإسرائيلية. وتم أسر قنطار وعضو آخر في الخلية؛ بينما قتل الاثنان الآخران.
وحسب تقرير بيرغمان، فإن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، رافائيل إيتان، وقائد المنطقة الشمالية، الجنرال يانوش بن غال، اجتمعا مباشرة عقب انتهاء مراسم الجنازة للإسرائيليين القتلى، وقررا الثأر من قادة «منظمة التحرير الفلسطينية»، «بقتلهم جميعاً»، وبدآ يضعان الخطط لذلك. وتم تسليم المهمة للجنرال مائير دغان الذي اشتهر بفرقة الاغتيالات التي أقامها في سنة 1971 في الجيش، وتولى قيادة الجيش الإسرائيلي في الجنوب اللبناني المحتل عام 1980. ودغان أصبح لاحقاً رئيساً لجهاز المخابرات الخارجية (الموساد).
ويكشف التقرير أن دغان وضع خطة لتفجير استاد بيروت، خلال المهرجان الذي خططت حركة «فتح» لتنظيمه بمناسبة انطلاق الثورة، في الأول من يناير 1982، واختار لها اسم «أولمبيا». وكان الهدف قتل جميع قادة «منظمة التحرير» المتوقع حضورهم المهرجان، ومعهم مئات وربما ألوف الفلسطينيين. وحصل على كل المصادقات اللازمة من عدد محدود من القادة في الجيش والمخابرات الذين عرفوا بأمرها. وبدأ تنفيذ الخطة حتى المرحلة الأخيرة، إذ قام مبعوثو المخابرات الإسرائيلية بدعم محلي من لبنانيين، بوضع سيارتي شحن مفخختين، قرب الاستاد، وزرع عبوات ناسفة تحت عديد من الكراسي داخل المدرج وعلى المنصة. ووفق هذه الخطة كان سيتم تفجير العبوات، وبعد دقيقة من ذلك عندما يكون الناس في هلع الهرب، يتم تفجير الشاحنتين بواسطة جهاز تحكم عن بعد، علماً بأن كل واحدة منهما كانت تحمل طناً من المتفجرات. لكن رئيس الحكومة، مناحم بيغن، تراجع عن تنفيذ العملية في اللحظات الأخيرة تماماً. ففي صباح اليوم نفسه، عندما كان طريح الفراش في البيت، استدعى قادة الجيش الذين كانوا على علم بها، وأمرهم بوقف تنفيذ العملية، وعملياً بإلغائها.
ومع أن أحداً لا يعرف لماذا قرر بيغن التراجع، فإن التقديرات تشير إلى أن السبب يعود لوجود شخصيات أخرى غير فلسطينية في المهرجان، مثل قادة الحركة الوطنية اللبنانية، وممثلين عن الاتحاد السوفياتي، وغيره من الدول الاشتراكية، وبعض المسؤولين السياسيين الأوروبيين.
ويقول التقرير، إن دغان، أصيب بخيبة أمل لم تفارقه طول حياته بسبب إلغاء العملية، وظل يقول إنه لو أتيح له تنفيذها لكان قد تم توفير حرب لبنان الأولى عام 1982، ولتغير وجه الشرق الأوسط برمته. ويقول إن «إسرائيل أضاعت فرصة ذهبية. فلو تم تنفيذها لنجحت إسرائيل في تصفية قيادة (منظمة التحرير الفلسطينية) وإخراجها من اللعبة».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».