لبنان يضع قاموسا بأسماء العواصف التي ستجتاحه.. وينتظر «يوهان»

لا تسمى بالصدفة.. ومركز الأرصاد العالمي المبادر في إطلاقها

الثلوج الكثيفة تغطي الآثار الرومانية وقلعة بعلبك شرق لبنان إثر العاصفة {زينة} التي تسببت بشلل مناطقه أمس ({الشرق الاوسط})
الثلوج الكثيفة تغطي الآثار الرومانية وقلعة بعلبك شرق لبنان إثر العاصفة {زينة} التي تسببت بشلل مناطقه أمس ({الشرق الاوسط})
TT

لبنان يضع قاموسا بأسماء العواصف التي ستجتاحه.. وينتظر «يوهان»

الثلوج الكثيفة تغطي الآثار الرومانية وقلعة بعلبك شرق لبنان إثر العاصفة {زينة} التي تسببت بشلل مناطقه أمس ({الشرق الاوسط})
الثلوج الكثيفة تغطي الآثار الرومانية وقلعة بعلبك شرق لبنان إثر العاصفة {زينة} التي تسببت بشلل مناطقه أمس ({الشرق الاوسط})

«أولغا»، «ميشا» أو «ألكسا» وغيرها.. لماذا تطلق هذه الأسماء على العواصف؟ وهل هي نتيجة الصدفة أم ماذا؟ هذه الأسئلة يطرحها اللبنانيون حاليا في ظلّ الطقس العاصف الذي يسود المنطقة، وفي إطار زحمة الأسماء التي يسمعون بها من هنا وهناك، وكان أحدثها «زينة».
البعض كان يعتقد أنها تعود لنساء توفوا بسبب العواصف، والبعض الآخر خيّل إليه أنها مجرّد تسميات أطلقها أشخاص استوحوها من أولادهم الذين تاهوا في إحدى المرات، ووجدوا صعوبة في العودة إلى منازلهم أو حتى لاقوا حتفهم بسبب عاصفة معيّنة.
إلا أن الجواب الصحيح لهذه الأسئلة يفيد بأن هذه الأسماء ترتبط ارتباطا مباشرا بالأعاصير وليس بالعواصف، وأن تاريخها يعود إلى زمن الحرب العالمية الأولى. ويشير مدير مركز الرصد الجوي في مطار بيروت مارك وهيبة إلى أن هذا النوع من التسميات بدأ في الغرب مع رجال البحارة (الجيوش العسكرية)، الذين كانوا يواجهون أعاصير قوية أثناء رحلاتهم في البحر على متن بواخر عسكرية، مما كان يدفع بهم إلى تسميتها في كل مرة، باسم ما؛ تيمنا بأمّ أو أخت أو حبيبة أو زوجة تركوها خلفهم تنتظر عودتهم. وعندما ثارت النساء لهذه التسميات التي لا تطال غيرها وتطبعها بطابع الشؤم، تقرر أن يجري إدخال أسماء الرجال أيضا لتصبح العواصف تسمّى مرة باسم أنثوي وأخرى باسم ذكوري.
المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في العالم (WMO) كانت أول من وضع لوائح بأسماء الأعاصير للإشارة إليها عند التحدث عنها.
وعملت على تنظيمها بحيث تطبّق لمدة 6 سنوات متوالية، وهي تتضمن جداول بـ21 اسما لكل سنة. وتتنوع هذه الأسماء لتشمل النساء والرجال معا، ويجري التداول بها في التراتب الأبجدي بدءا من حرف الـ«A» وصولا إلى حرف الـ«Z»، مع إلغاء بعض الأحرف الأخرى كـ«Q»؛ كون الأسماء التي تبدأ به نادرة وحتى غير موجودة. ويجري التوقف عن التداول بهذه الأسماء مع انتهاء موسمها في كل سنة. أما أسماء الأعاصير التي تتسبب بأضرار بالغة الأهمية كـ«كاترينا» مثلا، فلا تعاد تسميتها مرة ثانية منعا لنشر الذعر بين الناس في كلّ مرة يذكر فيها الاسم.
الأخبار غير الصحيحة التي انتشرت في الفترة الأخيرة في لبنان حول نشرات الطقس، والتي أبى مخترعوها إلا أن يرسلوها على صفحات التواصل الاجتماعية من «تويتر» و«فيسبوك» في رسائل إلكترونية مكثّفة أثارت البلبلة بين الناس؛ فهي تضمنت مواصفات عشوائية عن عاصفة هوجاء ستضرب البلاد، أو عن أخرى مدمّرة ستقلب الدنيا رأسا على عقب.. الأمر الذي دفع بالبعض إلى الاختباء في منازلهم خوفا منها، ثم لم يلبثوا أن اكتشفوا أنها مجرّد شائعات ليس أكثر.
هذا الموضوع دفع بمركز الرصد الجوي في مطار بيروت، إلى التفكير بوضع حدّ نهائي لهذا الأمر من خلال اتخاذ تدبير «طقسي» منظّم، فتقرر استحداث قاموس أسماء خاص بالعواصف التي يمكن أن تجتاح لبنان ابتداء من العام الحالي 2015، على أن يجري الإعلان عنها قبيل موعد وصولها بأيام قليلة. أما الهدف من ذلك فهو الحدّ من «الفلتان الطقسي» الذي شهده لبنان في موسم الشتاء الحالي.
ويقول مدير مركز الرصد الجوي في مطار بيروت مارك وهيبة في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد اختلط الأمر على اللبنانيين بفعل تداول هذه الإشاعات المتعلّقة بأحوال الطقس، وكانت تروج بسرعة في البلاد بفعل تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعية، فقررنا أن نضع حدّا لها من خلال تسميتها رسميا من قبلنا». وأضاف: «أهم ما يجب أن نقوله في هذا الصدد هو أن هذه التسميات في الغرب تطلق فقط على الأعاصير، الأمر الذي لا ينطبق على العواصف، ونحن في حوض المتوسط لا تأتينا الأعاصير، لا من قريب ولا من بعيد؛ فاقتضى التنويه». والقاموس الموضوع حديثا يتضمن أسماء للنساء وأخرى للرجال تماما كما تجري العادة في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في الغرب.
ويتضمن القاموس اللبناني عدة أسماء عواصف تمّ الإعلان عن 2 منها فقط، وهما «زينة» التي ضربت لبنان أخيرا، و«يوهان» وهو اسم مذكّر سيطلق على العاصفة المقبلة في حال تسببت أجواء الطقس التي نتأثّر بها فوق المحيط الأطلسي في وصولها.
أما المراحل التي يمرّ بها الطقس الرديء، فيبدأ بالمنخفض الجوي (depression tropicale) وتليه العاصفة الجوية (tempete tropicale)، لتتحوّل فيما بعد إلى أقصاها، ألا وهي الإعصار الجوي (cyclone tropical).
ولكن لماذا جرى اختيار اسم «زينة» على هذه العاصفة؟ يرد مارك وهيبة: «أردنا الإشارة من خلاله إلى أن جبال لبنان ستتزين بالثلوج، ولقد وفت العاصفة بالوعود التي تكهنا بها فجاءت اسما على مسمّى».
وهل هناك من مواصفات خاصة لكل عاصفة سيجري إطلاقها على حالات طقس معيّنة؟ يوضح مدير مركز الرصد الجوي في مطار بيروت: «لا، أبدا، هي مجرد تسميات أطلقناها ولكنها غير مرتبطة بأي مظهر من مظاهر عاصفة معينة أو يمكن أن تطبّق عواملها على عاصفة أخرى». وأوضح أن هذه الأسماء ستطلق فقط على حالات الطقس الاستثنائية، وليس على حالات تدور في فلك الأجواء العادية التي تمرّ مرور الكرام. وعن الأشخاص الذين وضعوا هذه اللوائح أجاب: «لقد عقدنا اجتماعا ضم عددا من المسؤولين في المركز وتشاورنا حول طبيعة الأسماء التي نرغب في إطلاقها، واعتمدنا العدّ العكسي للأحرف الأبجدية بالأجنبية أي من حرف «Z» وصولا إلى حرف «A»، ولذلك كما تلاحظون الاسم الثاني يبدأ بحرف «Y» الذي يلي مباشرة حرف «Z» بالترتيب الأبجدي المعكوس.
وعما إذا كان الأسلوب نفسه قد اتبع في بلدان عربية أخرى، كالأردن مثلا الذي أطلق اسم «هدى» على العاصفة التي ضربته أخيرا، أجاب: «لا يمكنني أن أعرف الأسباب الحقيقية التي دفعت بالأردن إلى إطلاق هذا الاسم، ولكن ما يمكنني تأكيده أن هذا الموضوع يحمل طابع الخصوصية، فيعود لأصحاب الشأن فيه أن يتبعوا الأسلوب أو الاسم الذي يريدونه، تماما كما تجري العادة عندما نرزق بطفل ونبحث عن اسم له، فيعود اختيارنا لهذا الاسم أو ذاك لأسباب تتعلّق فقط بوالديه».
أما الأسماء المتبعة في عام 2015 عالميا فهي كثيرة، مثل «آنا» و«بيل» و«كلوديت» و«داني» و«إريكا» و«فريد» و«غريس»، وإلى ما هنالك من أسماء مندرجة حسب الترتيب الأبجدي الأجنبي. أما تاريخ هذه التسميات فيعود إلى أيام الحرب العالمية الثانية عندما كان يجري التحدث بين أفراد الجيش بلغة لا سلكية، أي على طريقة «ألفا» و«بيتا» وما يشابهها.
إذن تسميات العواصف التي ستضرب لبنان أصبحت منوطة فقط بمركز الأرصاد الجوية في مطار بيروت، فهو فقط المخولّ تسمية هذه العاصفة أو تلك، وأن أي اسم آخر يجري التداول به غير صادر عنها فهو مجرّد إشاعة ليس أكثر.
وإلى أن نلتقي مع «يوهان» (اسم العاصفة التالية على جدول مركز الأرصاد الجوي في مطار بيروت)، فإننا نتمنى على هواة اختراع أسماء العواصف أن يبدأوا في البحث عن هواية أخرى توفّر علينا عناء التفكير في أخبار لا تمتّ إلى الصحة بأي صلة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».