فريق بايدن يكشف أسماء المرشحين لشغل مناصب إدارته

يسعى إلى التعاون مع مرشحين جمهوريين لتسيير الأمور

ويليام بيرنز مرشح لمنصب وزير الخارجية (غيتي)  -  سوزان غوردان مرشحة لمنصب مدير الاستخبارات الوطنية (أ.ب)  -  جاي إنسلي مرشح لمنصب وزير الطاقة (نيويورك تايمز)
ويليام بيرنز مرشح لمنصب وزير الخارجية (غيتي) - سوزان غوردان مرشحة لمنصب مدير الاستخبارات الوطنية (أ.ب) - جاي إنسلي مرشح لمنصب وزير الطاقة (نيويورك تايمز)
TT

فريق بايدن يكشف أسماء المرشحين لشغل مناصب إدارته

ويليام بيرنز مرشح لمنصب وزير الخارجية (غيتي)  -  سوزان غوردان مرشحة لمنصب مدير الاستخبارات الوطنية (أ.ب)  -  جاي إنسلي مرشح لمنصب وزير الطاقة (نيويورك تايمز)
ويليام بيرنز مرشح لمنصب وزير الخارجية (غيتي) - سوزان غوردان مرشحة لمنصب مدير الاستخبارات الوطنية (أ.ب) - جاي إنسلي مرشح لمنصب وزير الطاقة (نيويورك تايمز)

رغم تعثر العملية الانتقالية لتسليم وتسلم السلطة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس المنتخب جو بايدن، فإن وسائل إعلام أميركية عدة كشفت أسماء لائحة من المرشحين الذين يبحث بايدن تعيينهم في إدارته. ونقلت عنه أنه يعتزم الاستعانة بوجوه وشخصيات متنوعة، توسع قاعدة التمثيل العرقي والجندري، على عكس الإدارة التي شكلها ترمب التي كانت في غالبيتها من البيض ومن الذكور منذ ما يقرب من 40 عاما. ويحرص بايدن على القول بأن إدارته الجديدة ستعكس بشكل متزايد التغييرات التي طرأت على الولايات المتحدة. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن بايدن كتب مقالا في الصيف الماضي، قال فيه: «في جميع المجالات، من قاعات الدراسة إلى المحاكم والوزارات، علينا التأكد من أن قيادتنا ومؤسساتنا تعكس في الواقع صورة أميركا».
غير أن تشكيل بايدن لإدارته قد يصطدم بالجمهوريين الذين لا يزالون حتى الساعة يتقدمون في معركة السيطرة على مجلس الشيوخ، وباسترضاء التيارات السياسية داخل حزبه، وخصوصا التقدميين منهم. وهو ما قد يجبره على الدخول في مفاوضات ومساومات للتوافق على أسماء إدارته. وقد بات من شبه المؤكد أن بايدن سيضم في إدارته أسماء جمهورية، في الوقت الذي يتولى السيناتور السابق تيد كوفمان من ولاية ديلاوير رئيس الفريق الانتقالي، مهمة إعداد قائمة المرشحين لملء الوزارات.
ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز»، أمس، لائحة بالأسماء المحتملة أو تلك التي عبرت عن اهتمامها في الحصول على مناصب في إدارة بايدن.
- وزارة الخارجية
تشمل لائحة المرشحين لمنصب وزير الخارجية ويليام بيرنز، رئيس معهد كارنيغي وهو دبلوماسي سابق والذي خدم في عهد وزراء خارجية سابقين مثل وارن كريستوفر ومادلين أولبرايت. وكريس كونز، كبير الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الذي تربطه علاقات جيدة مع الجمهوريين أيضا. فضلا عن سوزان رايس، مستشارة الأمن القومي السابقة في عهد باراك أوباما، وسفيرة الولايات المتحدة السابقة في الأمم المتحدة، لكنها شخصية إشكالية مع الجمهوريين.
- وزارة الدفاع
تعدّ ميشال فلورنوي، نائبة سابقة لمساعد وزير الدفاع، بين الأكثر ترجيحا لشغل هذا المنصب وقد تكون أول امرأة تتولى هذا المنصب الكبير. تليها تامي داكوورث، سيناتورة من ولاية إلينوي، وعقيدة سابقة في الجيش، فقدت ساقيها عام 2004 في العراق بعد إسقاط مروحيتها، وهي من أصول تايلاندية. وجي جونسون، وزير الأمن الداخلي السابق وقد يكون أول وزير للدفاع من أصول أفريقية.
- مستشار الأمن القومي
أنتوني بلينكن هو المرشح شبه الوحيد لهذا المنصب، وخدم مع بايدن كمستشار للشؤون الخارجية، وكان نائب مساعد وزير الخارجية في عهد أوباما.
- وكالة الاستخبارات المركزية
برز اسم توم دونيلون، الذي خدم مستشارا للأمن القومي في إدارة باراك أوباما لترؤس الوكالة، كما تمّ تداول اسم أفريل هاينس، نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» السابق، ومايك موريللي مسؤول سابق في الاستخبارات الخارجية ونائب سابق لمدير «سي آي إيه».
- مدير الاستخبارات الوطنية
سوزان غوردون، مديرة نائب الاستخبارات الوطنية في عهد الرئيس باراك ترمب، التي استقالت عام 2019 بعد إحجامه عن ترقيتها كمديرة للاستخبارات الوطنية. تنافسها على المنصب ليزا موناكو، كبيرة مستشاري الأمن الداخلي لباراك أوباما.
- وزارة العدل
تشمل لائحة المرشحين لشغل منصب وزير العدل كزافييه بيشيرا، الذي خلف كامالا هاريس في منصبها كمدعية عامة في ولاية كاليفورنيا، ويتوقع أن يخلفها في منصبها كسيناتور عن الولاية أيضا. ودوغ جونز، الذي خسر مقعده في مجلس الشيوخ في ولاية ألاباما الأكثر جمهورية، بعدما فاز به بشكل مفاجئ عام 2017، وهو المدعي العام السابق.
كما يتداول اسم توم بيريز رئيس الحزب الديمقراطي، وسالي ييتس المدعية العامة السابقة في ولاية أتلانتا، التي عملت نائبة وزير العدل لأسابيع في بداية عهد ترمب وقام بطردها على خلفية قراره حظر دخول مواطني عدد من الدول.
- وزارة الخزانة
برز اسم رفاييل بوستيك، أول أميركي أسود مثلي يقود بنك احتياط فيدرالي إقليمي، وشغل مناصب رفيعة في مؤسسات مصرفية ومالية كبرى، بين الأوفر حظا لشغل منصب وزير الخزانة. إلى جانب لايل برينارد، عضوة مجلس الاحتياط الفيدرالي ونائبة سابقة لمساعد وزير الخزانة. وسارة بلوم راسكين، نائبة سابقة لوزير الخزانة وعضوة سابقة في مجلس الاحتياط الفيدرالي. وإليزابيث وارن، السيناتورة التقدمية عن ولاية ماساشوستس. وجانيت يلين، عضوة مجلس الاحتياط الفيدرالي من عام 2014 حتى 2018.
- وزارة الأمن الداخلي
يتنافس على ترؤس هذه الوزارة كل من فال ديمينغ، النائبة من ولاية فلوريدا عملت قائدة للشرطة في مدينة أورلاندو مع خبرة 27 عاما، وكانت من بين المرشحين على بطاقة بايدن كنائبة له. وأليخاندرو مايوركاس، أميركي من أصل كوبي كان مسؤولا في دائرة الجنسية والهجرة في إدارة أوباما.
- وزارة الزراعة
يتنافس على هذا المنصب كل من هايدي هيتكامب، سيناتورة سابقة من ولاية نورث داكوتا، والسيناتورة إيمي كلوباشر عن ولاية مينيسوتا.
- وزارة التعليم
تعدّ ليلي إسكيلسين غارسيا، الأستاذة السابقة والرئيسة السابقة لاتحاد المعلمين، بين الأوفر حظا للحصول على المنصب وقد شاركت في حملة هيلاري كلينتون عام 2016، كما ورد اسم راندي وينغارتن، رئيسة الاتحاد الفيدرالي للمعلمين.
- وزارة الطاقة
يعدّ جاي إنسلي من بين أبرز المرشحين لقيادة هذه الوزارة، وهو مرشح سابق للرئاسة وحاكم ولاية واشنطن للمرة الثالثة، وأحد أكبر المدافعين عن البيئة. ظهر كذلك اسم إيرنست مونيز، عالم ذرة وزيرة الطاقة في عهد أوباما، وإليزابيث شيروود راندال أستاذة جامعية ونائبة وزير الطاقة في عهد أوباما.
- وزارة الصحة والخدمات الإنسانية
برزت 4 أسماء لشغل منصب وزير الصحة، هي ماندي كوهين وزيرة الصحة في ولاية نورث كارولاينا وعملت في إدارة أوباما. وديفيد كيسلر، طبيب ومفتش سابق في إدارة الغذاء والدواء. وميشيل غريشام، الحاكمة السابقة لولاية نيومكسيكو. والدكتور فيفيك مورثي، رئيس فريق العمل الذي عينه بايدن لمواجهة وباء «كوفيد - 19».
- وزارة الإسكان
برزت كارين باس، في مقدمة المرشحين لهذه الوزارة، وهي نائبة سوداء مشهورة من ولاية كاليفورنيا، وكانت من بين المرشحات لمنصب نائبة بايدن. كما برز اسم ألفين براون، رئيس بلدية سابق لمدينة جاكسونفيل في فلوريدا، ومساعد لوزير الإسكان في عهد بيل كلينتون أندرو كومو، وموريس جونز وهو مسؤول كبير سابق في إدارة أوباما، وكيشا لانس بوتومس رئيسة بلدية أتلانتا وكانت على قائمة المرشحات لنيابة بايدن، ودايان ينتيل التي تقود تحالفا للدفاع عن منخفضي الدخل وعارضت خطط ترمب لخفض المساعدات الفيدرالية للإسكان.
- وزارة الداخلية
يعد ستيف بولوك، حاكم ولاية مونتانا الذي خسر أخيرا سباق مجلس الشيوخ أمام الجمهوري ستيف داينس، من بين أبرز المرشحين. إلى جانب ديبي هالاند، نائبة رئيس لجنة الثروات الطبيعية في مجلس النواب. ومارتن هاينريتش وتوم أودال الذي اختار عدم الترشح مرة ثالثة لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية نيومكسيكو.
- وزارة العمل
تشمل لائحة المرشحين سيث هاريس نائب سابق لوزير العمل في عهد أوباما، وآندي ليفين نائب من ولاية ميشيغان الذي عمل سابقا في وزارة العمل، وبيرني ساندرز سيناتور ولاية فيرمونت وزعيم التيار التقدمي في الحزب الديمقراطي، الذي أعرب عن رغبته في تولي المنصب. فضلا عن جولي سو، وزيرة العمل في كاليفورنيا.
- وزارة النقل
إريك غارسيتي رئيس بلدية لوس أنجليس الذي قاد خطة تطوير النقل في مدينته، هو أبرز مرشح لقيادة وزارة النقل.
- وزارة شؤون المحاربين القدامى
يتقدم بيت بوتيجيغ، المرشح الرئاسي السابق وهو ضابط سابق خدم في أفغانستان، لائحة المرشحين. يليه روبرت ماكدونالد وزير شؤون المحاربين القدامى في عهد أوباما، وكان ضابطا سابقا.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟